السفر الى الحاضر المستحيل

السفر إلى الحاضر المستحيل

للأمانه منقول عن العضو ابو جعفر الجزيرة

لا بد لنا قبل الخوض في موضوع الزمن الحاضر لا بد من تعريفه
تعريف الزمن الحاضر:
هو آخر لحظة من الزمن الماضي وأول لحظة من المستقبل – إن وجد المستقبل بعده –
بمعنى آخر هو الحظة التي حدثت فيها آخر الأشياء في الكون
وأنا أؤكد على تعبير "اللحظة" لأن هذا الزمن متنقل وليس له إستمرارية ومحصور تماماً بالماضي المتوسع باستمرار والمستقبل المتقلص باستمرار
ولكن بالتمعن بالحوادث وآلية حصولها نجد أنها جميعاً تستغرق وقتاً – فترة زمنية – لحدوثها ولفترة أخرى لإنتقالها وأخرى لإدراكها.
فمثلاً الصوت يحتاج إصداره لوقت ويحتاج إنتقاله لوقت ويحتاج إدراكه لوقت .
حتى أسرع شيء مكتشف – الضوء - يحتاج لزمن لإصداره وانتقاله وإدراكه
ولكن إذا تمعنا قليلاً بكيفية حدوث الأشياء وإدراكنا لها سوف نكتشف أن الحوادث التي تتم في الزمن الحاضر لا ندركها إلا بالمستقبل !!!!
نعم ... هذا ما يحدث
فمثلاً : إن صدور الضوء من نجم ما قد يحتاج أحياناً لمئات السنين لوصوله إلى الأرض
فإذا اعتبرنا أن لحظة صدور الضوء هو الزمن الحاضر فإننا لا ندرك هذا الحدث إلا بعد فترة معينة التي قد تمتد لمئات السنين كما في مثالنا السابق مما يحول دون إدراكنا للحدث أصلاً
كما يضاف للفترة السابقة – فترة إنتقال المؤثر – فترة إدراكنا للمؤثر
أي فترة تلقي المؤثر من العضو الحسي ثم انتقال السيالة العصبية إلى الدماغ الذي يتم فيه إدراك المؤثر
إن الفترات السابقة تحول دون تمكن الإنسان من إدراك الزمن الحاضر أصلاً
فالزمن الحاضر يكون قد انقضى ريثما يتمكن الإنسان من إدراك ما قد حدث فيه
ولكن إذا نظرنا نظرة أوسع سنجد أن الأمر أعقد
فالإنسان في كل لحظة يتعرض لأكثر من مؤثر ...
ولكل مؤثر زمن معين لحدوثه وإنتقاله من المنبع إلى الإنسان ومن ثم إدراكه مع مراعاة عدم تساوي سرعات السيالات العصبية في الإنتقال في الأعصاب مع إختلاف المؤثر – ومع إختلاف موضع التأثير في الجسم ..... –
ولتبسيط الأمر نأخذ المثال التالي :
شخص ينظر إلى ضوء آت من بعيد في حين أنه يستمع لشخص آخر بجواره يكلمه
إن هذا الشخص يدرك مؤثرين – الضوء وكلام الذي بجواره – معاً ولكن المؤثرين يختلفان في لحظة صدورهما من المنبعين رغم أن لحظة إدراكهما واحدة!!!
وبما أن المؤثرين صدرا في لحظتين مختلفتين فإنهما صدرا في زمنين حاضرين مختلفين ..!!
والخلاصة أن هذا الشخص يدرك زمنين حاضرين في نفس اللحظة!!
وهذا على مستوى مؤثرين فقط
بينما الإنسان يتعرض أحياناً لعشرات المؤثرات في آن معاً وبعضها صادر من منبعه منذ زمن طويل جداً قد يتجاوز آلاف السنين مثل الضوء الصادر عن نجم بعيد جداً
وعلى هذا نجد أنه لا يمكن للإنسان أن يدرك الزمن الحاضر أبداً حتى لو كانت المؤثرات ملامسة تماماً لأعضائه الحسية
وإن إدراك الحاضر يتطلب السفر إلى الماضي وبأزمنه مختلفة موافقة للحظة صدور الحدث بالإضافة إلى تحويل الأعضاء الحسية إلى أعضاء تدرك آنياً وهذا مستحيل قطعاً
والخلاصة : أننا نعيش في الزمن الحاضر الذي لا ندركه إلا بالمستقبل