مرة أخرى تعود مشكلة الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم إلى الواجهة بعد أن قررت الصحف الدنماركية إعادة نشرها وهذا يعني الإصرار والتكرار والاجتراء على الله ورسوله. وباسم الدفاع عن حرية الصحافة دعا وزير الداخلية الألماني فولفغانغ شوبيل الأسبوع الماضي جميع الصحف الأوروبية إلى نشر الرسوم المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم.
تعنت بعض الصحف الغربية وبعض الدول الغربية في إعادة النشر والإصرار على ممارسة حرية الصحافة بالإساءة إلى الأنبياء والرسل والديانات والمعتقدات يضع الدول العربية والإسلامية أمام تحديات كبيرة جداً للتصرف بعقلانية وانضباط ومنطق وهذا من خلال الدفاع عن الإسلام وتصحيح صورته وإصلاح البيت من الداخل. فالعمل يتوجب تفنيد الأكاذيب وشرح وتوضيح حقيقة الإسلام وسماحته وليس الرد بانفعال وتعصب وعنف.
مشكلة الإساءة للإسلام والمسلمين والعرب ليست وليدة البارحة ولا تعود للرسوم الكاريكاتورية التي نشرتها صحف في الدنمارك والنرويج ودول أوروبية أخرى، بل المشكلة لها جذور في التاريخ. فهناك أفلام ومقالات وكتابات وقصص عديدة وحتى كتب مدرسية في بعض الدول الغربية شوّهت الإسلام والدين الحنيف وأساءت للرسول صلى الله عليه وسلم.
هوليود لها تاريخ طويل مع تشويه صورة المسلم والعربي والإسلام، فغالباً ما تُقدم هذه الصورة في شخص الماكر والمجرم وزير النساء. وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي جاءت ظاهرة الإسلاموفوبيا لتجعل من الإسلام العدو الكبير للغرب والخطر الدائم على أمنه وسلامته واستقراره وديمقراطيته وحريته.
والقضية كلها تتمثل في صراع حضاري ثقافي ديني. فالغرب بعد انهيار الشيوعية والكتلة الشرقية جعل من الإسلام العدو الجديد، الخصم الذي يجب أن يُطوق ويُحاصر ويُحتوى من كل الزوايا والجهات، العدو اللدود الذي يجب استئصاله والقضاء عليه نهائياً. فبعد مرور ثلاث سنوات على الرسوم الكاريكاتورية التي نشرتها الصحيفة الدنماركية ومن بعدها صحف أوروبية عديدة والتي أساءت للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، تعيد الصحف الدنماركية نشر نفس الرسوم الكاريكاتورية بحجة التمسك بحرية التعبير الأمر الذي أثار موجة من الاستياء والغضب في الشارع العربي والإسلامي من الخرطوم إلى جاكرتا.
وما زال التعنت الدنماركي قائماً حيث عدم الاعتراف بالخطأ والاعتذار، بل التعنت وتكرار نفس الخطأ ونفس الإساءة والتطاول. والتبرير حسب المتلاعبين بالعقول والمنظرين الأوروبيين هو حرية التعبير وقدسيتها وضرورة عدم المساس بها. لكن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام هو: هل باسم حرية التعبير نسمح لأنفسنا أن نسيء إلى الآخرين ومعتقداتهم ورموزهم الدينية؟ وهل تعني حرية التعبير عدم الأخذ بعين الاعتبار خصوصية الآخر وثقافته ودينه؟
وهل باسم حرية التعبير نفرض قيمنا وأفكارنا على الآخر؟ وهل باسم حرية التعبير نقصي ثقافة الآخر وعاداته وتقاليده ونفرض عليه قيمنا ونظرتنا؟ وأي حرية هذه التي تسيء إلى الآخر وإلى دينه ومعتقداته؟ مع الأسف الشديد ما زال الغرب ينظر للآخر على أنه متخلف وجاهل ولا يملك مقومات النجاح والتفوق، وما زالت مشاعر الاستعلاء والاحتقار والازدراء والاستهزاء مسيطرة على وجدان العديد من صانعي الرأي العام والنخب المثقفة والشعوب في الشمال. ما الفائدة من حوار الحضارات وحوار الثقافات وحوار الأديان في غياب احترام خصوصية الآخر، وفرض قيم معينة ومعايير محددة قد تصلح لثقافة معينة ولا تصلح لثقافة أخرى. فمنطق حرية التعبير وحرية الفكر وحرية الصحافة لا يسمح بالإساءة للآخر ولا يسمح بالتجريح والتشويه والتضليل والاستهزاء وعدم احترام الرموز المقدسة ومعتقدات وديانات الشعوب.
عندما صرح الرئيس الإيراني أحمدي نجاد بأن الهولوكوست أكذوبة وفبركة صهيونية شنت وسائل الإعلام والحكومات الغربية حرباً شعواء على الرئيس الإيراني ووصفته بكل النعوت والصفات السلبية. المفارقة هنا هي لماذا لا يعتبر المنطق الغربي تصريحات الرئيس الإيراني حقاً من حقوقه في التعبير والرأي. وإذا انطلقنا من مبدأ حرية التعبير الذي يتغنى به الدنماركيون وغيرهم من المنظرين وفلاسفة الغرب، أين كانوا وأين كان هذا المبدأ؟ مبدأ حرية التعبير عندما تمت محاكمة الكاتب الفرنسي المسلم رجاء جارودي لأنه كتب كتاباً كشف فيه الأساطير المؤسسة لإسرائيل وأكذوبة المحرقة ـ الهولوكوست ـ بالأدلة والأرقام والحجج والبراهين؟
وأين كان مبدأ حرية التعبير في أرض ـ الحرية والمساواة والأخوة ـ عندما تم طرد طالبتين مغربيتين من ثانوية بفرنسا بسبب لباسهما الإسلامي المحتشم؟ ومن منا لا يتذكر قضية سلمان رشدي وكتابه (الآيات الشيطانية) ومن منا لا يتذكر قضية الكاتبة البنغالية تسليمه نسرين. آليات الإساءة للإسلام وإلى الرموز الدينية والمقدسات الدينية باسم حرية التعبير وحرية الصحافة والكيل بمكيالين والتلاعب بالمصطلحات والكلمات من أجل فرض صور نمطية وآليات التشويه والتضليل والفبركة والتلاعب، تعتبر من الطرق والسبل التي تستعملها الآلة الإعلامية الغربية والصهيونية منذ زمن طويل من خلال مخرجات ومنتجات الصناعات الإعلامية والثقافية الضخمة التي تنتشر في جميع أنحاء المعمورة.
فتصرف الصحافة الدنماركية وغيرها ليس بالأمر الجديد وأنه غير مرشح للزوال في ظل هيمنة مجموعة من المنظرين المتطرفين الحاقدين على الآخر، والذين يؤمنون بصراع الحضارات ونهاية التاريخ والذين يؤمنون بأن الإسلام هو الخطر القادم وهو الدين الذي يدمر كل من لا يؤمن به. أحسن وأنجع طريقة لمواجهة التضليل والتشويه والإساءات للإسلام والمسلمين والصور النمطية هي التعريف بالإسلام ونبي الرحمة لدى المسلمين وغير المسلمين وذلك بمختلف اللغات. والأولوية هنا يجب أن تعطى في المقام الأول للعدد الكبير من المسلمين في الغرب وربوع العالم وفي ديار الإسلام، الذين يجهلون الكثير عن دينهم مما يعني واجب إصلاح البيت من الداخل. الإسلام هو دين الحوار والتسامح ودين العلم والعقل والمنطق.
الإسلام دين يرفض الإرهاب ويقاوم الظلم والعدوان بكل أشكاله وصوره. تجدر الإشارة أن الهدف من الإساءات والتضليل والتشويه هو تأليب الشعوب الأوروبية على الوجود الإسلامي المتنامي بداخلها وعلى استمرار العدوان على أرض المسلمين. تكرار الإساءة لا يواجه بالصمت ولا بالحرق والقتل والتخريب وبغيرها من السبل والطرق التي تخالف الشريعة والمنطق والعقل والقيم والمبادئ الإنسانية، وهذا ما يبحث عنه أعداء الإسلام والمسيئون إليه.
حملات الإساءة وتكرارها يجب أن تُواجه بالتوضيح وبإيصال رسالة الإسلام الحقيقية إلى الذين يجهلون الكثير عن هذا الدين العظيم وعن رسوله خاتم الأنبياء. والواقع أن المسؤول عن هذا الجهل بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم والإسلام هم المسلمون الذين أخفقوا وفشلوا في محاورة الآخر وإبصاره بحقيقة الإسلام وبعبقرية محمد.
هل يعي المسلمون أن الرأي العام الغربي ليس كله معادياً للإسلام وإنما هناك من يرفضون الإساءة للإسلام والتطاول على الرسول محمد خاتم الأنبياء، وهؤلاء هم العقلاء الذين يجب التحاور معهم والعمل معهم من أجل تطهير عقول الشعوب المغلوبة على أمرها في الدول الغربية وتخليصها من التلوث الإعلامي والثقافي والفكري وسموم الدعاية والحرب النفسية.
*نقلا عن جريدة "البيان" الإماراتية |
اليوم في 16:14 من طرف nadia
» نقل عفش الكويت عمالة امينة تشمل خدمات النقل - الدليل
اليوم في 15:38 من طرف nadia
» شراء اثاث مستعمل الكويت - بأعلى سعر - الدليل
اليوم في 14:45 من طرف nadia
» وتوفر شركة الياسمين لبناء وبيع المقابر نماذج مرخصة باقل الاسعار - شركة الياسمين
اليوم في 12:08 من طرف ندا عمر
» افضل موقع مقابر للبيع بافضل الاسعار - شركة الياسمين
اليوم في 12:01 من طرف ندا عمر
» مقابر للبيع بطريق العين السخنة من شركة الياسمين لبيع وشراء المدافن
اليوم في 11:27 من طرف ندا عمر
» كيفية الحصول على مقابر القاهرة الجديدة بخصم 30% | الياسمين لبيع المقابر
اليوم في 11:20 من طرف ندا عمر
» شركة الياسمين لبيع وشراء المقابر بأفضل الأسعار
اليوم في 11:11 من طرف ندا عمر
» افضل موقع مقابر للبيع بـ 6 اكتوبر من شركة الياسمين لبيع وبناء المقابر
اليوم في 11:04 من طرف ندا عمر
» مقابر وادي الراحة للبيع بخصومات تصل إلى 15% | الياسمين
اليوم في 10:56 من طرف ندا عمر
» مقابر طريق الفيوم للبيع بأقل الاسعار و تسجيل ملكية فوري | الياسمين للمقابر
اليوم في 10:46 من طرف ندا عمر
» مقابر طريق الواحات في الجيزة بخصم 30% | الياسمين لبناء المقابر
اليوم في 10:36 من طرف ندا عمر
» مقابر للبيع و مدافن للبيع جاهزة من شركة الياسمين
اليوم في 10:25 من طرف ندا عمر
» افضل فني سباك الرياض - خبرة وكفاءة عالية لحل جميع مشاكل السباكة
اليوم في 10:12 من طرف ندا عمر
» شركة تركيب بلاط بالرياض بافضل الاسعار
اليوم في 10:03 من طرف ندا عمر
» افضل مبلط بالرياض بخصم 20%
اليوم في 9:53 من طرف ندا عمر
» افضل معلم دهانات بالرياض 30% خصم
اليوم في 9:41 من طرف ندا عمر
» افضل صباغ بالكويت
اليوم في 9:22 من طرف omnia10
» مراتب اشلي
اليوم في 4:48 من طرف نوران نور
» اسعار مراتب وايت بد
أمس في 21:14 من طرف نوران نور