خربشة بسيطة 7

من طرف مرتاح الثلاثاء 25 مارس - 20:50

يشرب قهوته المفضلة بعد الأكل ولفافة في يده ,يصعد دخانها ليخفي وجهها ,فيسألها من أين قدمت إلى هنا؟... لهجتك غريبة, يقولها في استحياء وخجل , ردت عليه بنبرة حزن , وقلب مكسور , أتيت من كل الأمكنة , لم يعد لي وطن , لم يعد لي مكان يحاصرني , كل قيود وحدود علاقاتي تكسرت , بدأت تحكي قصتها العجيبة وتستريح , تقص وتستريح , وهو في مكانه ينضر إلى لغة أخرى وكلام آخر ينبعث من عينيها , ينضر على حركات شفتيها , إلى انحناءة رأسها عندما تصل إلى ممر الخطيئة.
ينجذب إليها أكثر , سهم يخترق صدره في أول إبحار في عينيها , هي تحكي ببراءة وبدون تردد وكأنما تنسج خيطا رفيعا بينها وبينه , خيط قد يقوى وقد يتلاشى, قاطعها في منتصف الكلام , كم عمرك؟ترد عليه دون حرج أنها في ربيعها الخامس بعد العشرين, تأخذه رهبة ودهشة لما حكته كما أنها في عقدها الخامس , وهو الذي لو يرى من الدنيا إلا والديه وأخيه الأصغر والحياة الجميلة الوتيرة كلها دفء وحب وسلام , يجلس الآن أمام كومة حوادث تتكسر لها الجبال , فبالأحرى جسم نحيل في مقتبل العمر ...يسألها عن مقر مبيتها , وليته لم يفعل فكل العناوين بيوتها .خرجا من المطعم وتوجها إلى بيت أسرته , رفضت بشدة فألح عليها بنضرة عين فانساقت معه ...
تدخل بيتا ليس كالبيوت السابقة, وليس كعشها المهجور , تطل والدته بابتسامة عريضة وترحب بضيف ابنها ,وتغرق هي في خجلها , إحساس ذنب وفرح ولهفة بأن تحيى مسارا جديدا , يخرجها من عتمة الظلمة , وتتخلص من ممرات غابة ذئاب المتعة المسروقة .
تجلس والدته أمامها لتتفحصها من رأسها حثي قدميها , وهي في عالم حلم اليقظة , بمجرد السؤال الأول تنهمر دموعها , كمن يندم على فعلته , كمن يجد نفسه في مكان ليس له ,كمن يبكي عن تأخير مقصود في موعد اللقاء ,تبكي وتجهش في البكاء , والأم المصدومة لهول الموقف ولهول الدموع المتدفقة دون حراك . لكن بلمسة الأم التي لم تفرح بابنة في حياتها تضمها إلى صدرها , وبصوت شجي حنون تقول لها لا تذرفي دموعك , كفى يا ابنتي كفى يا صغيرتي فهمت كل شيء ... كل شيء
يحل المساء في البيت الجديد , تقوم بجولة في أرجائه و وتقف على كل صغيرة وكبيرة , تقف عند نضام وترتيب , وذوق أم وسيدة بيت بامتياز , وعن نظافة لم تشهدها من قبل , وعن رائحة لبست ككل العطور , رائحة عطر لم تأتي بها اكبر محلات العطور في العالم شهرة , رائحة حب وود أسري .ثم تدخل غرفة من أسرها بقيود نظراته , تقف أمام صورته وهو صغير على رأس سريره , تحضر صورة ابنها الراحل وتضعه في نفس المكان والصورة , لم يبقى لها إلا العيش في خيال وقصور الرمال الوهمية لتراه يكبر ويكبر .
ينادي, ينادي وهي غارقة في بحر الخيال لن تستفيق إلا وهو يضع يديه على كتفها... يأخذها على شرفة البيت المطل على الشارع ليجلسا سويا, ليقول لها أول الكلام, ولتقول له كلمة لم تألفها , لتقول له شكرا على استضافتك , شكرا لأنك فتحت لي مكانا نظيفا , إلى سرير أنظف, إلى غرفة حيث استرحت من عويل الذئاب .لم يرد عليها إلا بنضرة عينيه الساحرتين, ترتمي على يديه لتقبلهما, فيسحبها باستحياء,
نطق وتكلم كما حزام ناسف انفجر في زحمة محطة قطار , كزلزال أو بركان انفجر بعد خمود عصور ...تتزوجيني ؟.... هدوء وسكون يعم الشرفة وتقف من مكانها وتريد الانسحاب, تريد الهروب منه, تريد الانفلات من قبضة سؤاله وسجن كلامه , لقد أصابها وآلمها بل احرقها , تشتت كل كيانها , أيقضها من سبات مند أن فقدت صغيرها وهجرها زوجها .
كيف تتزوجني ؟ كيف وأنت ألف سيدة تتمناك؟و كيف وأنت تستحق حرثا لم تطأه سكة فلاح , وخنجر محارب ومخالب ذئاب ؟كيف تغرق في جوفي المدنس؟ كيف تتحمل أثقال ذكرياتي ؟وأوراق ضياعي ؟ بين ماضي متوحش وحاضر كله خطيئة ؟كيف تضع يدك في يدي لتخرج بي إلى ضوء الحياة ؟وأنا التي تعودت مصابيح الطرقات وسراديب وكهوف .
ملاكي الصغير , سأغير ملامح بشرتك, سأبحر بك إلى شط مرصع باللآلئ , إلى شط الصدفات المرجانية , سأغير إخراج شريط حياتك, دعيني , اتركيني أصنع منك عنوان مسلسل لم يشهده مسرح الحياة , أريد أن أكسر قوانين ألعاب المجتمع , أريد أن أكتب قانون جديد ...دعيني ...
هاتي يدك اليمنى , بل اليسرى لتكون بداية المشوار باليسرى ضدا في اليمنى ...
يتبع[b]

الأخ العزيز مرتاح

كما تعودنا عليك

مــبــد*ع فــــ؛ــي الــكــ , ــلــ , ـــمة

واســــ ’ ــــع فـــ , ـــي ؛ خـــــ،يـــــالك

أمنيتي × لــ /ك بالتوفيق

أنــــ , ــــــت , تـــــــبـــدع وــــــ ـفــفرح مــــ، ــن هــــم { حولك َ {