صفحة الماضي

**هــــــــــــل طـــــويـــنــا صفحة الماضي ؟**

*معلوم أن بداية التسعينيات شهدت إطلاق سراح مجموعة ممن حالفهم الحظ ونجوا من جحيم الأقبية والتعذيب ... لكن تقرير الهيئة(اجو ننساو الماضي) لم يشر لمن قام بالخرق السافر لحقوق الإنسان سواء كأشخاص أو كجهاز أو كجهة معينة في الدولة كما انه لم يتطرق للأسباب الكامنة وراء ماجرى وكيف جرى . وهي أسئلة تؤدي الإجابة عنها إلى تصفية النفوس والمصالحة الحقيقية ... إضافة الى أن العديد من الملفات لم تجد حلا ً ولا أجوبة في تقرير الهيئة منها ملف المهدي بنبركة وملف عمر بنجلون وملف العديد من المختفيين والمقاومين ...

وإحقاقا للحق لايمكن إنكار المجهود الذي بدلته الهيئة وتوجته بالتقرير الذي كان جريئا ً في توصياته على الخصوص كما أن الهيئة تركت الملف مفتوحا ً للمزيد من التنقية في سبيل خلق مصالحة نموذجية تجعل المغاربة يتقدمون نحو المستقبل دون ضغائن ولا أحقاد وأيضا ً دون عقد

لكن بعد صدور التقرير النهائي للهيئة وتثمين توصياتها . هل يمكن الحديث عن أن المغرب صفى حساباته مع ماضيه وأن مسيرة التقدم نحو المستقبل قد حان ؟ وهل هناك ضمانات على التأكد من أن ماجرى لت يتكرر في يوم من الأيام ...؟؟ إن القول الأن بأن المغرب تصالح مع ماضيه . وطوى بشكل نهائي صفحة الماضي هو قول فيه الكثير من التسرع . وربما يفسد ماقامت به هيئة الإنصاف والمصالحة في تحقيق تلك المصالحة . والإعتبارات التي تم ذكرها من قبل تعلل ذلك فما جرى في حقبة زمنية في بلادنا من هدر للكرامة الانسانية ومس حقوق المواطنين والإعتداء على حرماتهم . واحتقارهم وتمريغ أنوفهم في التراب ، لايمكن تجاوزه بالديماغوجية فمن الصعب مثلا أن نطلب من ضحايا سنوات الرصاص أن يستفيقوا اليوم وقد دفنوا الماضي ونطلب منهم ببساطة أن ينظروا للمستقبل . و"عفا الله عما سلف "... وهم يشاهدون على شاشة التلفاز الوطنية وفي المنتديات والمؤسسات وجوها ً كانت تشكل جزءًا من ذلك الماضي البئيس

إن الدعوة الى نسيان الماضي تتطلب قرارات سياسية جريئة . أقلها أن نطلب من رموز الماضي والانتهاكات الجسيمة لحقوق اللإنسان أن يتوارو عن الحياة العامة ، وذلك احتراماً لمشاعر المغاربة

إن شوائب الماضي ليست بالهينة وماوقع كان له أثر سلبي ومخزي على حياة المغرب كبلد عربي إسلامي

إن المغرب قام بخطوة جيدة وهدا مالايمكن نكرانه والتحفظ عليه بل بالعكس هيا مبادرة جديدة ورائدة على عالمنا العربي فيصبح نمودجا ً يحتدى به مما أقره من حق وأبطل من باطل وحقق المصالحة

إن التوجه إلى المستقبل والإقبال عليه بأمل وتفائل يتطلب تصفية الحساب مع الماضي ، ليس بالمفهوم السلبي ولكن بالمفهوم التحليل النفسي وهذا لن يتم إلا بإعادة أحياء ماجرى بحيثياته من أجل دفته بصفة نهائية ، لانه لايمكن طي صفحة دون قراءتها وتصفحها بما تملك الكلمة من معنى

فإذا كان العهد الجديد قد عبر عن إرادته في تجاوز ماض لم تكن له يد في ماجرى فيه فإن الطريقة الأسلم هي أن يعطى لتحقيق المصالحة شروطها

تحيات شاكر البستاني

flower