تــــــــحت المـــطر....

تحت المطر ....



الإهداء..

لنا ..حين يصبح الخوف رفيقا لنا في الحياة..



قطرة..تتبعها أخرى..تحمل أولى خيبة وأخرى املا ...

أي جنون يحمل لنا المطر؟ أي حرية يحملها على في شفافية قطراته التي تجعلنا نبدو نحن البشر بكل أمزجتنا وعقولنا وأحلامنا كرهائن به..

.....................................

تمشي تلك الفتاة تحت قطراته ..فتشعر بطعم حرية غاب عنها مدة طويلة..تشعر بأن في وسعها أن تكسر كل القوانين والأحكام..والخيبات..تشعر بأنها تريد,,وبأنها هي أخرى...

ما زالت تفكر بطريقة تفسر بها تأخرها غير المتعمد اليوم..تأخرها في مدرستها ..ووسط كتبها وأقلامها..تفكر..وتفكر..تريد أن تستمع للمطر..تريد أن تهيم فيه.لكن التفكير يمنعها من ذلك..تتنهد:آآآه لو تصبح الحياة أقل تعقيدا مما هي عليه..

تمشي..وتمشي..وتبتل أكثر فأكثر..ينخر البرد عظامها فلا يشغلها عن التفكير في حل لمأزق تأخرها اليوم..يستبد بها الخوف..يتحول قلبها لعصفور مرتعش تحت المطر..ترتعش يداها بينما يتأخر الوقت لا بردا بل خوفا..تكره الساعة هي ..حين تتحول لوحش مفترس يحمل لنا في دقائقه وساعاته الويل والثبور..تتمتم لنفسها بكل كلمات اللعنة في العالم ..تلعن نفسها..وتأخرها..وتلعن الخوف والزمن الذي هي فيه..زمن الخوف ...

تغمض عينيها قليلا ..محاولة يائسة للاسترخاء ..تلعق شفتها بطرف لسانها..فتتذكر..أن عليها أيضا أن تعض شفتها السفلى حتى تدميها..لتنتقم من نفسها..تحادث عقلها..لم أفعل سوءا تأخرت في ظرف طارئ في المدرسة..ليس علي أن أخاف..ثم تفكر في هذا الظرف الطارئ والذي كان إعداد حفل تخرجها من الثانوية..تعرف أن أهلها لم ولن يحبوا مشاركتها كمتحدثة في تلك الحفلات..وأنهم يبدون تضجرهم دوما منه..ها هي فرصة للنيل منها ..تهمس لنفسها بكل أمل الدنيا:آآه رباه..لقد أنقذتني دوما ..أنقذني هذه المرة..تشعر بطمأنينة تسكن حناياها..ها هي تقترب من المنزل ..وها هو قلبها يعاود الدق من جديد..تهمس لقلبها بابتسامة يائسة:لكم تحملت..فاصبر اليوم يا عزيزي ..اصبر..

تدق على الباب بيد مرتعشة..تحاول استعادة ثباتها وتوازنها..وتحاول التفكير في شيء آخر..في المطر الذي ما يزال ينهمر كالأحلام..لا تريد أن تفكر فيه بعد قليل كانهمار دموع..ترجو بأن يمر اليوم بسلام..بلا دموع..ولا أوجاع مؤلمة..

تجيب أحدى أخواتها على الجرس،تحاول هي استشفاف نبرة الصوت..هل هي متوترة..عادية..لم تستطع استشفاف شيء..فالخوف يفقدنا قدرتنا على التفكير حتى..يفتح الباب ..فتحاول الدخول بهدوء..تدخل لغرفة المعيشة حيث جلست أختها تتابع التلفاز بعينيين مركزتين تسألها دون أن تحول النظر: لم التأخير...؟

تتمتم هي بكلمات غير مرتبة: حفل التخرج..أصلا كان علينا..أأ..تدريب..و..لم أستطع..الرحيل..أصلا..سوف ..ألقي خطابا في الحفل..وماذا كانت ردة فعلهم..هل غضبوا لتأخري؟

أجابت: لا،اليوم هم في مزاج جيد..لم يتساءلوا...

تنهدت بعمق هي..شعرت بالأرض تدور حولها...وكان آخر ما فكرت فيه قبل أن تسقط..(كم أن المطر جميل اليوم)..لم تسمع سوى لصرخات أختها..وهي تراها تتهاوى أمامها..فلقد كان الخوف أكبر من أن تتحمله هي...