هكــذا أوصاني صديقـــي

كان لي صديق من خيرة الأصدقاء وكان لايألوا جهدا ً في مناصحتي إذا أخطأت فكان يذكرني دائما ً
بالله سبحانه وتعالى .
وفي يوم من الأيام تشاجرت مع أحد الجيران , فتعالت أصواتنا حتى اجتمع علينا الناس ومن الذين حضروا صديقي وقام على الفور بفض النزاع وإصلاح ذات البين ثم قال لي : هل تعلم بأن المسلم أخوالمسلم ؟ فقلت له بلى أعلم , فقال لي : ألا تعلم بأن الله قدأوصانا بالصبر في كتابه العزيز ؟ فقلت بلى , فقال لي إذا كنت تعلم فلماذا تعديت على أخوكـ المسلم ؟ وإذا كنت تعلم لماذا لم تصبر عليه وبذالك تلقم السيطان حجرا ً ؟ فطأطأت رأسي وقلت : سأفعل ذالك إن شاء الله .
ثم مرت الأيام تلو الأيام وفي أحد الأيام تشاجرت مع أحد البائعين المتجولين وأسمعته كلاما ً فاحشا ً ــ واستغفرت الله العضيم ــ وذهب المسكين إلى حاله وعندما علم صديقي أتاني فقال لماذا نسيت كلامي الذي مضى أنسيت إن المسلمين إخوة ؟ فرددت عليه وأنا في غاية الغضب لم أنس ويكفي موعظة كلما رأيتني فأنا لست طفلا ً , ولم أعرف مالذي ساقني لقول مثل ذلك لمن ؟ لأعز صيق لدي .
ثم نظر إلي وتحدرت تلك الدموع الطاهرة من مقلتيه ثم قال لي وهو ذاهب : في أمان الله ياصديقي ولا تنس كلامي لك .
عندها أظلمت الدنيا في وجهي وكان الوقت قد دخل على الساعة الحادية عشر مساءا ً فقلت في نفسي : ماذا فعلت أخذت ألعن الشيطان وأستغفر الله على مابدر مني .
ولم أستطع النوم لأني أغضبت صديقي الوفـــي الذي كان يذكرني بالله دائما ً بالله , لم أستطع النوم لأنني جعلته يبكي وهو الذي كان يدخل الأمل إلى قلبي بكلماته الطيبة , ما أقساني من إنسان ! فأقسمت بالله ألا أنام حتى أعتذر منه وأسأله أن يسامحني ويدعو الله لي فأنتظرت حتى صلاة الفجر فتوظأت ثم ذهبت إلى المسجد فصليت السنة ,اخذت أتلفت يمينا ًوشمالا ًوأراقب القادمين إلى المسجد حتى أقيمت الصلاة , وصديقي لم يأت فهو لا يتأخر عن الصف الأول مطلقا ً , فقلت : ربما تأخر في نومه وسوف يأتي بعد قليل .
وبعد انتهاءالصلاة نظرت إلى الخلف ولكنه ليس في المسجد فقمت متوجها ً إلى منزله وعندما قربت كان على باب منزله الكثير من الناس فقلت :ماالأمر ؟ قالوا : محمد قد مات , فقلت : ماذا ؟قالوا محمد قد مات , فأخذتني نوبة شديدة من البكاء وأوصبح الكل يذكرني بالله فقلت : لا هو الذي فقط يذكرني بالله , هو صديقي وظللت أبكي وأردد: هو من كان ينصحني , هو من كان ينصحني , حتى سمعت ذلكـ الصوت من خلف الباب صوت أم محمد أعز صديق في قلبي تقول : أحسن الله عزاءك في صاحبكـ , ثم قالت لي : يقول لك محمد : لاتنس ماقاله لك , فقلت : لن أنسى ,وضللت أقسم أنني لن أنسى , ومن يومها والحمد لله ما تعرضت لأحد ولا أغضبت أحد , وأصبحت من السائرين على صراط الله المستقيم , فأسأل الله أن يرحمه رحمة واسعة وأن يسكنه الفردوس الأعلى مع النبين والشهداء , اللهم آمــــــين .