خصوصيات النظام السياسي في المغرب

خصوصية النظام السياسي في المغرب

لكل نظام سياسيمقومات ومبادئ تحكم مسيرته وتحدد إطاره ، وترسم له أهدافه وغاياته ، ووضوح هذه المقومات والمبادئ يفسر كثيرا من غوامض المواقف ، ويجيب عن الكثير من التساؤلات ،ويساعد الباحثين والدارسين على حسن الاستنتاج ودقة التحليل وسلامة التوقع .

والنظام السياسي الذي يجهل هويته المتمثلة في وضوح مبادئه وأهدافه ، سرعان مايسقط في منزلقات التناقض والتيه ، وهذا مؤشر على هشاشة النظام وضعف خبرته وضآله تجربته .
والنظام السياسي في المغرب ، من أكثر النظم السياسية في العصر الحديث وضوحا في مبادئه ، لأنه وليد تراث سياسي يمتد لمدة اثنى عشر قرنا ، منذ بداية الحكم الاسلامي في المغرب ، وخلال هذه الفترة الزمنية الطويلة ، كان النظام السياسي في المغرب بالرغم من تعدد العصبيات التي حكمت المغرب ، وتنافس الأسر الحاكمة ، يرسي دعائم الدولة المغربية ذات الهوية الإسلامية، وذات الإشعاع الثقافي والفكري ، الذي يجسد انتماء المغرب إلى الحضارة الإسلامية .

ولو تتبعنا تاريخ المغرب السياسي ،لوجدنا أن كل دولة كانت تمثل امتدادا للدولة السابقة ، وهذا الامتداد التاريخي عمق شعور المواطن المغربي بأهمية التلاحم بين العرش والشعب في مواجهة الأخطار الخارجية ، التي كانت متلاحقة ومستمرة وقاسية ، وهذا هوالسر في قدرة المغرب على الصمود وعلى إبرازهذا التلاحم في كل موقف يتطلب إظهار وحدة كلمته .

ومن اليسير على أي متتبع لنظام المغرب السياسي ، أن يلاحظ خصوصيته المتميزة ، التي ضمنت لهذا النظام الاستقرار والاستمرار ، وكفلت له تلاحما بين العرش والشعب ، وأضفت عليه من مظاهر الأصالة ماجعلته من الأنظمة العريقة ذات الجدور الراسخة في الوجدان المغربي .

وتبرز عظمة هذه الخصوصية في مواطن الشدة ، وأيام الأزمات ، حيث يجتاز المغرب أقصى الأزمات بفضل وحدة كلمته ، وتضامن شعبه ، ومواجهة التحديات بموقف وطني موحد ، يبرز قوة المغرب وتضج تجربته السياسية ، وتكافله في المواقف الوطنية.

--------------------------------------------------------------------------------

محمد فاروق النبهان(( خصوصية النظام السياسي في المغرب ))

مجلة دعوة الحق . العدد288.مارس1992.ص:67ومابعدها (بتصرف

--------------------------------------------------------------------------------