مرحبا بكم في منتديات الصويرة يمكنكم وضع إعلاناتكم التجارية هـــــنــــا للطلب المرجو التواصل عبر الرسائل أو WhatsApp +212695161780
المواضيع الأخيرة
الصلاة عـلى النبي صلى الله عليه وسلم
2 مشترك
الصويرة مدينتنا ESSAOUIRA Notre Ville :: صور ومقاطع فيديو :: صورIMAGE :: قسم للمقترحات الجديدة والشكاوي
صفحة 1 من اصل 1
الصلاة عـلى النبي صلى الله عليه وسلم
قال سبحانه وتعالى: (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً).
بعض معاني لفظة الصلاة:
- اختلف العلماء في اشتقاق لفظة الصلاة فهي تحمل معاني كثيرة: فقيل:
- الصلاة لغة: الدعاء، وقيل للداعي مصل تشبيها له في تخشعه بالراكع الساجد. قال تعالى: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلواتك سكن لهم) [التوبة: 104]. أي أدع لهم، ومنها الصلاة على الجنازة أي الدعاء للميت. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا دعي أحدكم فليجب فإن كان صائماً فليصل وإن كان مفطراً فليطعم) [رواه مسلم، كتاب النكاح، 2/1054، برقم: 1431].
- وقيل اشتقاقها من الصلا بالقصر وهي النار من صليت العصا إذا قومتها بالنار فالمصلي كأنه يسعى في تعديل ظاهره وباطنه كمن يحاول تقويم العود بالنار.
- وقيل الصلاة: الملازمة (تصلى نارا حامية) [الغاشية: 4]. (سيصلى نارا ذات لهب) [المسد: 3].
- وقيل أصل الصلاة: الترحم. - وقيل أصلها التعظيم قاله الحليمي.
- وقيل إسم مشترك لمعان حكاه الماوردي.
– وذكر الفيروز أبادي صاحب كتاب الصلات والبشر ص: 20-21: << أن مادة (ص ل و) و(ص ل ي) موضوعة لأصل واحد وملحوظة لمعنى مفرد وهو الضم والجمع وجميع تفاريعها راجعة إلى هذا المعنى وكذلك سائر تقاليبها كيفما تصرفت وتقلبت كان مرجعها إلى هذا المعنى (.......) فسميت الأفعال المشروعة المخصوصة صلاة لما فيها من اجتماع الجوارح الظاهرة والخواطر الباطنة، وإراحة المصلي إلى الله عن جميع المفرقات والمكدرات، وجمعُه جميع المهمات المجمعات للخاطر المسكنات، أو لاشتمالها على جميع المقاصد والخيرات وكونها أصل العبادات وأم الطاعات.
وأما الدعاء فسميت صلاة أيضا لأن قصد الداعي جمع المقاصد الحسنة الجميلة والمواهب السنية الرفيعة أولا وآخرا باطنا وظاهرا دينا ودنيا بحسب اختلاف أحوال السائلين ففيها معنى الجمعية أبلغ من فلق الصبح ولله الحمد >>.
- وتستعمل الصلاة بمعنى الاستغفار قال أبو حاتم ومنه الحديث (على كل منسَم من الإنسان صلاة، فقال رجل: ما أشد ما أتيتنا به يا رسول الله فقال: (إن أمرك بالمعروف صلاة ونهيك عن المنكر صلاة وكل خطوة إلى الصلاة صلاة) حديث آخر (كل عمل المؤمن صلاة، حتى إماطته الأذى عن الطريق صلاة) ومنه قوله صلى الله عليه وسلم (إني بعثت إلى أهل البقيع لأصلي عليهم) أي أستغفر لهم، ويؤيده الرواية الأخرى (يا أبا مويهبة إني قد أمرت أن استغفر لأهل البقيع فانطلق معي، فخرج فخرجت معه حتى جاء البقيع فاستغفر لأهله طويلا).
– وتستعمل بمعنى البركة.
- ومنه قوله تعالى: (ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها) [الإسراء: 110]. أي لا تجهر بقرائتك القرآن ولا تخافت.
– كما تستعمل بمعنى الرحمة.
بعض معاني الصلاة في الآية الكريمة (إن الله وملائكته يصلون على النبي...) الآية:
وتختلف حال الصلاة بحسب حال المصلي والمصلى له والمصلى عليه فإذا كان المصلي الإنسان وهو محل التغير فتختلف صلاته لاختلاف أحواله، وأما اختلاف حال المصلى من أجله فمثل صلاة الكسوف والاستسقاء، وأما اختلافها باختلاف المصلى عليه فمثل صلاة الحق على عباده كما في الآية الكريمة (إن الله وملائكته يصلون على النبي). قال أبو بكر القشيري: [الصلاة لمن دون النبي صلى الله عليه وسلم رحمة، وللنبي صلى الله عليه وسلم تشريف وزيادة تكريم]. وعن أبي العالية: [صلاة الله ثناؤه عليه عند الملائكة، وصلاة الملائكة الدعاء].
- وذكر ابن القيم في كتابه جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام: أن تفسير معنى الصلاة منه سبحانه على عباده بمعنى: الرحمة والمغفرة ضعيفان لوجوه: أحدهما: أن الله سبحانه فرق بين صلاته على عباده ورحمته فقال: (وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالواْ إنا لله وإنا إليه راجعون: أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون)، فعطف الرحمة على الصلاة فاقتضى ذلك تغايرهما، هذا أصل العطف. والوجه الثاني: أن صلاة الله سبحانه خاصة بأنبيائه ورسله وعباده المؤمنين، وأما رحمته فوسعت كل شيء، فليست الصلاة مرادفة للرحمة، لكن الرحمة من لوازم الصلاة وموجباتها وثمراتها، فمن فسرها بالرحمة فقد فسرها ببعض ثمرتها ومقصودها (....) وذكر وجوها كثيرة منها انه (تعالى) أمر بالصلاة عليه عقب إخباره بأنه وملائكته يصلون عليه، والمعنى أنه إذا كان الله وملائكته يصلون على رسوله فصلوا أنتم أيضا عليه، فأنتم أيضا أحق بأن تصلواْ عليه وتسلمواْ تسليماً لما نالكم ببركة رسالته ويمن سفارته من خير شرف الدنيا والآخرة. ومن المعلوم أنه لو عبر عن هذا المعنى بالرحمة لم يحسن موقعه ولم يحسن النظم، فينقض اللفظ والمعنى، فيصير التقدير إلى أن الله وملائكته ترحم ويستغفرون لنبيه، فادعوا أنتم له وسلموا، وهذا ليس مراد الآية قطعا بل الصلاة المأمور بها فيها الطلب من الله ما أخبر به عن صلاته وصلاة ملائكته، وهي ثناء عليه وإظهار لفضله وشرفه وإرادة تكريمه وتقريبه. فهي تتضمن الخبر والطلب وسمي هذا : السؤال والدعاء منا نحن صلاة عليه لوجهين:
- أحدهما أنه يتضمن ثناء المصلي عليه والإشارة بذكر شرفه، وفضله والإرادة والمحبة كذلك من الله تعالى، فقد تضمنت الخبر والطلب.
– والوجه الثاني: أن ذلك سمي منا صلاة لسؤالنا من الله أن يصلي عليه. فصلاة الله عليه ثناؤه وإرادته لرفع ذكره وتقريبه، وصلاتنا نحن عليه سؤالنا الله تعالى أن يفعل ذلك به (...). [جلاء الأفهام:86].
- وقال أبو حاتم في كيفية الصلاة التي أمر الله بها: أن فيها معنى لطيف غير ما فسرها المفسرون من معنى البركة والرحمة والدعاء، لأنه قد أمرنا أن نقول في الدعاء: (اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد وارحم سيدنا محمدا وآل سيدنا محمد). فلو لم يكن فيها معنى غير الرحمة والبركة والدعاء لما ذكر معها الرحمة والبركة والدعاء.
قلت وذلك موافق لما ورد في صفة صلاة الملائكة في الحديث بلفظ مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: (... فإذا دخل المسجد كان في الصلاة ما كانت الصلاة هي التي تحبسه، والملائكة يصلون على أحدكم ما دام في مجلسه الذي صلى فيه، يقولون: اللهم ارحمه، اللهم اغفر له، اللهم تب عليه...) وفي رواية: (الملائكة يصلون على أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه تقول: اللهم صل عليه، اللهم ارحمه، اللهم اغفر، له ما لم يحدث أو يخرج من المسجد) متفق عليه.
وقال ابن عطية: (صلوات الله على عباده عفوه ورحمته وبركته وتشريفه إياهم في الدنيا والآخرة) وقال: في قوله تعالى: (هو الذي يصلي عليكم وملائكته) [الأحزاب:الآية:143]. (صلاة الله على العبد هي: رحمته له، وبركته لديه، ونشره الثناء الجميل عليه، وصلاة الملائكة: دعاؤهم). وقيل: الصلاة من الله تعالى: إشاعة الذكر الجميل له في عباده. وقيل: صلاة الملائكة تبريكهم عليه حكاه الماوردي عن ابن عباس. وقال الزمخشري: (فيها لِمَا كان من شأن المصلي أن ينعطف في ركوعه وسجوده أُسْتُعِيرَ لِمن ينعطف على غيره حُنواً عليه وترؤفاً كعائد المريض في انعطافه عليه، والمرأة في حنوها على ولدها ثم كثر حتى استعمل في الرحمة والترؤف، ومنه قولهم* صلى الله عليك * أي * ترحم وترأف *، فإن قلت: (هو الذي يصلي عليكم) إن فسرته: بترأف وترحم، فما تصنع بقوله تعالى: (وملائكته) قلت: هي من قولهم: اللهم صل على المومنين، جعلوا لكونهم مستجابي الدعوة كأنهم فاعلين للرحمة والرأفة). وقال الماوردي: (إسم مشترك لمعان، فمن الله في أظهر الوجوه الرحمة ومن الملائكة الإستغفار ومن المومنين الدعاء. وقال: إنما أكدها بالعطف مع اختلاف اللفظ لأنه أبلغ والله أعلم).
- جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه يرفعه قالت بنو إسرائيل لموسى صلى الله عليه وسلم هل يصلي ربك ؟ فتكايد موسى لذلك فقال الله تعالى: ما قالوا لك يا موسى؟ فقال: قالوا الذي سمعت، قال: (فأخبرهم أني أصلي وأن صلاتي تطفىء غضبي). وإسناده جيد ورجاله ثقات محتج بهم في الصحيحين. قال الفيروز أبادي: فإن قلت: فما معنى صلاة الله ؟ معناه: الثناء والرحمة، ومعناه: أرحم وأغفر وأستر. وكذلك في جميع ما ورد من هذا النمط من الأحاديث كحديث عبد الله بن الزبير يرفعه [قال له جبريل ليلة أسري به: إن ربك يصلي، قال يا جبريل كيف يصلي ؟ قال يقول: سبوح قدوس رب الملائكة والروح سبقت رحمتي غضبي].
في تفسير قوله تعالى: (إن الله وملائكته يصلون على النبي...)
قال الإمام الحافظ شمس الدين محمد السخاوي الشافعي في كتابه القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع ص: 26-27: هذه الآية مدنية والمقصود منها أن الله تعالى أخبر عباده بمنزلة نبيه صلى الله عليه وسلم عنده في الملإ الأعلى بأنه يثني عليه عند ملائكته المقربين وأن الملائكة يصلون عليه ثم أمر أهل العالم السفلي بالصلاة عليه والتسليم ليجتمع الثناء عليه من أهلي العالمين العلوي والسفلي جميعا (....) والآية بصيغة المضارعة الدالة على الدوام والإستمرار لتدل على أنه سبحانه وتعالى وجميع ملائكته يصلون على نبينا صلى الله عليه وسلم دائما أبدا وغاية مطلوب الأولين والآخرين صلاة واحدة من الله تعالى وأنى لهم بذلك بل لو قيل للعاقل ايما أحب إليك أن تكون أعمال جميع الخلائق في صحيفتك أو صلاة من الله تعالى عليك ؟ لما اختار غير الصلاة من الله تعالى، فما ظنك بمن يصلي عليه ربنا سبحانه وجميع ملائكته على الدوام والإستمرار ؟! فكيف يحسن بالمؤمن أن لا يكثر من الصلاة عليه أو يغفل عن ذلك قاله الفاكهاني.... وأفاد أيضا أنه ليس في القرآن ولا غيره فيما علم صلاة من الله على غير نبينا صلى الله عليه وآله وسلم فهي خصوصية اختصه الله بها دون سائر الأنبياء.
وقال: وقد ذكرواْ في هذه الآية الشريفة فوائد منها ما رواه الواحدي عن أبي عثمان الواعظ سمعت الإمام سهل بن محمد يقول: التشريف الذي شرف الله تعالى به محمدا صلى الله عليه وسلم بقوله: (إن الله وملائكته يصلون على النبي...) الآية. أتم من تشريف آدم عليه السلام بأمر الملائكة له بالسجود لأنه لا يجوز أن يكون الله مع الملائكة في ذلك التشريف، وقد أخبر الله سبحانه عن نفسه بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم عن الملائكة، فتشريف يصدر عنه أبلغ من تشريف يختص به الملائكة من غير أن يكون الله تعالى معهم في ذلك.انتهى.
الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم:
- قال ابن الجوزي في بستان الواعظين ص: 338-339: اعلمواْ عباد الله وأحباب الله رحمكم الله ! أن الله تبارك وتعالى لطف بعباده المؤمنين وأمرهم بالصلاة على سيد المرسلين، ليستنقذهم بها من العذاب الدائم المهين فصلى عليه ربنا ومولانا تشريفا وتكريما، وصلت عليه ملائكته تفضيلا وتعظيما، وأمر عباده أن يصلوا عليه ليبيح لهم الجنة مقاما كريما، فقال من لم يزل سميعا عليما عليا عظيما: (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) الأحزاب: 56. فاجتهدوا بنا يا معاشر الإسلام في الصلاة والسلام على محمد خير الأنام فعسى أن يشفعه فينا يوم تشقق السماء بالغمام.
ذكر في بعض الأخبار أن ما من ملك ولا نبي، ولا ولي ولا صفي، ولا صديق ولا شهيد، ولا شقي ولا سعيد إلا وهو يقول يوم القيامة: بحرمة محمد أن تنجيني من عذابك، وما من عبد صلى عليه وسأل الله مولاه حاجة له فيها رضا عنه، إلا قضى الله حاجته، وصرف عنه عند صلاته على محمد صلى الله عليه وسلم سبعين نوعا من البلاء في بدنه وفي دينه وفي ماله وفي أهله. ورفع له سبعين درجة في الجنة، اللهم صل على النبي محمد المختار، وسيد الأنبياء والأبرار، وزين المرسلين الأخيار، وأكرم من أظلم عليه الليل وأشرق النهار، أبي القاسم الأواب المختار.
وقال: وذكر في بعض الأخبار أن ما من بقعة يكثر فيها الصلاة على محمد إلا تصير روضة من رياض الجنة، وحصنا وحجابا بين المصلين وبين حجاب النار. فاجتهدوا في الصلاة على محمد يا معشر المؤمنين والمؤمنات، وتحصنوا بها من العذاب الشديد.
- وقال الفيروز أبادي صاحب كتاب الصلات والبشر: وقال الإقليشي "أي علم أرفع؟ وأي وسيلة أشفع؟ وأي عمل أنفع من الصلاة على من صلى عليه الله وجميع ملائكته وخصه بالقربة العظيمة منه في دنياه وآخرته، فالصلاة عليه أعظم نور، وهي التجارة التي لا تبور، وهي كانت هجيرة الأولياء في الإمساء والبكور".
- وروى النميري وابن بشكوال موقوفا على أبي بكر الصديق رضي الله عنه: "الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمحق للخطايا من الماء للنار، والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم: أفضل من عتق الرقاب، وحب الرسول صلى الله عليه وسلم: أفضل من مهج الأنفس أو من ضرب السيف في سبيل الله".
وذكر الحافظ أبو النعيم في الحلية عن كعب قال: أوحى الله إلى موسى عليه السلام: (لولا من يحمدني ما أنزلت من السماء قطرة ولا أنبت من الأرض حبة، وذكر أشياء كثيرة إلى أن قال: يا موسى أتريد أن أكون أقرب إليك من كلامك إلى لسانك؟ ومن وساوس قلبك إلى قلبك ؟ ومن روحك إلى بدنك ؟ ومن نور بصرك إلى عينك ؟ قال: نعم يا رب، قال: فأكثر الصلاة على (حبيبي) محمد صلى الله عليه وسلم).
ويروى: يا موسى أتحب أن لا ينالك من عطش يوم القيامة ؟ قال: إلهي نعم، قال: فأكثر الصلاة على – صفيي- محمد صلى الله عليه وسلم.
وروى التميمي عن زيد العابدين أنه قال: "علامة أهل السنة كثرة الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم".
بعض معاني لفظة الصلاة:
- اختلف العلماء في اشتقاق لفظة الصلاة فهي تحمل معاني كثيرة: فقيل:
- الصلاة لغة: الدعاء، وقيل للداعي مصل تشبيها له في تخشعه بالراكع الساجد. قال تعالى: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلواتك سكن لهم) [التوبة: 104]. أي أدع لهم، ومنها الصلاة على الجنازة أي الدعاء للميت. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا دعي أحدكم فليجب فإن كان صائماً فليصل وإن كان مفطراً فليطعم) [رواه مسلم، كتاب النكاح، 2/1054، برقم: 1431].
- وقيل اشتقاقها من الصلا بالقصر وهي النار من صليت العصا إذا قومتها بالنار فالمصلي كأنه يسعى في تعديل ظاهره وباطنه كمن يحاول تقويم العود بالنار.
- وقيل الصلاة: الملازمة (تصلى نارا حامية) [الغاشية: 4]. (سيصلى نارا ذات لهب) [المسد: 3].
- وقيل أصل الصلاة: الترحم. - وقيل أصلها التعظيم قاله الحليمي.
- وقيل إسم مشترك لمعان حكاه الماوردي.
– وذكر الفيروز أبادي صاحب كتاب الصلات والبشر ص: 20-21: << أن مادة (ص ل و) و(ص ل ي) موضوعة لأصل واحد وملحوظة لمعنى مفرد وهو الضم والجمع وجميع تفاريعها راجعة إلى هذا المعنى وكذلك سائر تقاليبها كيفما تصرفت وتقلبت كان مرجعها إلى هذا المعنى (.......) فسميت الأفعال المشروعة المخصوصة صلاة لما فيها من اجتماع الجوارح الظاهرة والخواطر الباطنة، وإراحة المصلي إلى الله عن جميع المفرقات والمكدرات، وجمعُه جميع المهمات المجمعات للخاطر المسكنات، أو لاشتمالها على جميع المقاصد والخيرات وكونها أصل العبادات وأم الطاعات.
وأما الدعاء فسميت صلاة أيضا لأن قصد الداعي جمع المقاصد الحسنة الجميلة والمواهب السنية الرفيعة أولا وآخرا باطنا وظاهرا دينا ودنيا بحسب اختلاف أحوال السائلين ففيها معنى الجمعية أبلغ من فلق الصبح ولله الحمد >>.
- وتستعمل الصلاة بمعنى الاستغفار قال أبو حاتم ومنه الحديث (على كل منسَم من الإنسان صلاة، فقال رجل: ما أشد ما أتيتنا به يا رسول الله فقال: (إن أمرك بالمعروف صلاة ونهيك عن المنكر صلاة وكل خطوة إلى الصلاة صلاة) حديث آخر (كل عمل المؤمن صلاة، حتى إماطته الأذى عن الطريق صلاة) ومنه قوله صلى الله عليه وسلم (إني بعثت إلى أهل البقيع لأصلي عليهم) أي أستغفر لهم، ويؤيده الرواية الأخرى (يا أبا مويهبة إني قد أمرت أن استغفر لأهل البقيع فانطلق معي، فخرج فخرجت معه حتى جاء البقيع فاستغفر لأهله طويلا).
– وتستعمل بمعنى البركة.
- ومنه قوله تعالى: (ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها) [الإسراء: 110]. أي لا تجهر بقرائتك القرآن ولا تخافت.
– كما تستعمل بمعنى الرحمة.
بعض معاني الصلاة في الآية الكريمة (إن الله وملائكته يصلون على النبي...) الآية:
وتختلف حال الصلاة بحسب حال المصلي والمصلى له والمصلى عليه فإذا كان المصلي الإنسان وهو محل التغير فتختلف صلاته لاختلاف أحواله، وأما اختلاف حال المصلى من أجله فمثل صلاة الكسوف والاستسقاء، وأما اختلافها باختلاف المصلى عليه فمثل صلاة الحق على عباده كما في الآية الكريمة (إن الله وملائكته يصلون على النبي). قال أبو بكر القشيري: [الصلاة لمن دون النبي صلى الله عليه وسلم رحمة، وللنبي صلى الله عليه وسلم تشريف وزيادة تكريم]. وعن أبي العالية: [صلاة الله ثناؤه عليه عند الملائكة، وصلاة الملائكة الدعاء].
- وذكر ابن القيم في كتابه جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام: أن تفسير معنى الصلاة منه سبحانه على عباده بمعنى: الرحمة والمغفرة ضعيفان لوجوه: أحدهما: أن الله سبحانه فرق بين صلاته على عباده ورحمته فقال: (وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالواْ إنا لله وإنا إليه راجعون: أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون)، فعطف الرحمة على الصلاة فاقتضى ذلك تغايرهما، هذا أصل العطف. والوجه الثاني: أن صلاة الله سبحانه خاصة بأنبيائه ورسله وعباده المؤمنين، وأما رحمته فوسعت كل شيء، فليست الصلاة مرادفة للرحمة، لكن الرحمة من لوازم الصلاة وموجباتها وثمراتها، فمن فسرها بالرحمة فقد فسرها ببعض ثمرتها ومقصودها (....) وذكر وجوها كثيرة منها انه (تعالى) أمر بالصلاة عليه عقب إخباره بأنه وملائكته يصلون عليه، والمعنى أنه إذا كان الله وملائكته يصلون على رسوله فصلوا أنتم أيضا عليه، فأنتم أيضا أحق بأن تصلواْ عليه وتسلمواْ تسليماً لما نالكم ببركة رسالته ويمن سفارته من خير شرف الدنيا والآخرة. ومن المعلوم أنه لو عبر عن هذا المعنى بالرحمة لم يحسن موقعه ولم يحسن النظم، فينقض اللفظ والمعنى، فيصير التقدير إلى أن الله وملائكته ترحم ويستغفرون لنبيه، فادعوا أنتم له وسلموا، وهذا ليس مراد الآية قطعا بل الصلاة المأمور بها فيها الطلب من الله ما أخبر به عن صلاته وصلاة ملائكته، وهي ثناء عليه وإظهار لفضله وشرفه وإرادة تكريمه وتقريبه. فهي تتضمن الخبر والطلب وسمي هذا : السؤال والدعاء منا نحن صلاة عليه لوجهين:
- أحدهما أنه يتضمن ثناء المصلي عليه والإشارة بذكر شرفه، وفضله والإرادة والمحبة كذلك من الله تعالى، فقد تضمنت الخبر والطلب.
– والوجه الثاني: أن ذلك سمي منا صلاة لسؤالنا من الله أن يصلي عليه. فصلاة الله عليه ثناؤه وإرادته لرفع ذكره وتقريبه، وصلاتنا نحن عليه سؤالنا الله تعالى أن يفعل ذلك به (...). [جلاء الأفهام:86].
- وقال أبو حاتم في كيفية الصلاة التي أمر الله بها: أن فيها معنى لطيف غير ما فسرها المفسرون من معنى البركة والرحمة والدعاء، لأنه قد أمرنا أن نقول في الدعاء: (اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد وارحم سيدنا محمدا وآل سيدنا محمد). فلو لم يكن فيها معنى غير الرحمة والبركة والدعاء لما ذكر معها الرحمة والبركة والدعاء.
قلت وذلك موافق لما ورد في صفة صلاة الملائكة في الحديث بلفظ مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: (... فإذا دخل المسجد كان في الصلاة ما كانت الصلاة هي التي تحبسه، والملائكة يصلون على أحدكم ما دام في مجلسه الذي صلى فيه، يقولون: اللهم ارحمه، اللهم اغفر له، اللهم تب عليه...) وفي رواية: (الملائكة يصلون على أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه تقول: اللهم صل عليه، اللهم ارحمه، اللهم اغفر، له ما لم يحدث أو يخرج من المسجد) متفق عليه.
وقال ابن عطية: (صلوات الله على عباده عفوه ورحمته وبركته وتشريفه إياهم في الدنيا والآخرة) وقال: في قوله تعالى: (هو الذي يصلي عليكم وملائكته) [الأحزاب:الآية:143]. (صلاة الله على العبد هي: رحمته له، وبركته لديه، ونشره الثناء الجميل عليه، وصلاة الملائكة: دعاؤهم). وقيل: الصلاة من الله تعالى: إشاعة الذكر الجميل له في عباده. وقيل: صلاة الملائكة تبريكهم عليه حكاه الماوردي عن ابن عباس. وقال الزمخشري: (فيها لِمَا كان من شأن المصلي أن ينعطف في ركوعه وسجوده أُسْتُعِيرَ لِمن ينعطف على غيره حُنواً عليه وترؤفاً كعائد المريض في انعطافه عليه، والمرأة في حنوها على ولدها ثم كثر حتى استعمل في الرحمة والترؤف، ومنه قولهم* صلى الله عليك * أي * ترحم وترأف *، فإن قلت: (هو الذي يصلي عليكم) إن فسرته: بترأف وترحم، فما تصنع بقوله تعالى: (وملائكته) قلت: هي من قولهم: اللهم صل على المومنين، جعلوا لكونهم مستجابي الدعوة كأنهم فاعلين للرحمة والرأفة). وقال الماوردي: (إسم مشترك لمعان، فمن الله في أظهر الوجوه الرحمة ومن الملائكة الإستغفار ومن المومنين الدعاء. وقال: إنما أكدها بالعطف مع اختلاف اللفظ لأنه أبلغ والله أعلم).
- جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه يرفعه قالت بنو إسرائيل لموسى صلى الله عليه وسلم هل يصلي ربك ؟ فتكايد موسى لذلك فقال الله تعالى: ما قالوا لك يا موسى؟ فقال: قالوا الذي سمعت، قال: (فأخبرهم أني أصلي وأن صلاتي تطفىء غضبي). وإسناده جيد ورجاله ثقات محتج بهم في الصحيحين. قال الفيروز أبادي: فإن قلت: فما معنى صلاة الله ؟ معناه: الثناء والرحمة، ومعناه: أرحم وأغفر وأستر. وكذلك في جميع ما ورد من هذا النمط من الأحاديث كحديث عبد الله بن الزبير يرفعه [قال له جبريل ليلة أسري به: إن ربك يصلي، قال يا جبريل كيف يصلي ؟ قال يقول: سبوح قدوس رب الملائكة والروح سبقت رحمتي غضبي].
في تفسير قوله تعالى: (إن الله وملائكته يصلون على النبي...)
قال الإمام الحافظ شمس الدين محمد السخاوي الشافعي في كتابه القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع ص: 26-27: هذه الآية مدنية والمقصود منها أن الله تعالى أخبر عباده بمنزلة نبيه صلى الله عليه وسلم عنده في الملإ الأعلى بأنه يثني عليه عند ملائكته المقربين وأن الملائكة يصلون عليه ثم أمر أهل العالم السفلي بالصلاة عليه والتسليم ليجتمع الثناء عليه من أهلي العالمين العلوي والسفلي جميعا (....) والآية بصيغة المضارعة الدالة على الدوام والإستمرار لتدل على أنه سبحانه وتعالى وجميع ملائكته يصلون على نبينا صلى الله عليه وسلم دائما أبدا وغاية مطلوب الأولين والآخرين صلاة واحدة من الله تعالى وأنى لهم بذلك بل لو قيل للعاقل ايما أحب إليك أن تكون أعمال جميع الخلائق في صحيفتك أو صلاة من الله تعالى عليك ؟ لما اختار غير الصلاة من الله تعالى، فما ظنك بمن يصلي عليه ربنا سبحانه وجميع ملائكته على الدوام والإستمرار ؟! فكيف يحسن بالمؤمن أن لا يكثر من الصلاة عليه أو يغفل عن ذلك قاله الفاكهاني.... وأفاد أيضا أنه ليس في القرآن ولا غيره فيما علم صلاة من الله على غير نبينا صلى الله عليه وآله وسلم فهي خصوصية اختصه الله بها دون سائر الأنبياء.
وقال: وقد ذكرواْ في هذه الآية الشريفة فوائد منها ما رواه الواحدي عن أبي عثمان الواعظ سمعت الإمام سهل بن محمد يقول: التشريف الذي شرف الله تعالى به محمدا صلى الله عليه وسلم بقوله: (إن الله وملائكته يصلون على النبي...) الآية. أتم من تشريف آدم عليه السلام بأمر الملائكة له بالسجود لأنه لا يجوز أن يكون الله مع الملائكة في ذلك التشريف، وقد أخبر الله سبحانه عن نفسه بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم عن الملائكة، فتشريف يصدر عنه أبلغ من تشريف يختص به الملائكة من غير أن يكون الله تعالى معهم في ذلك.انتهى.
الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم:
- قال ابن الجوزي في بستان الواعظين ص: 338-339: اعلمواْ عباد الله وأحباب الله رحمكم الله ! أن الله تبارك وتعالى لطف بعباده المؤمنين وأمرهم بالصلاة على سيد المرسلين، ليستنقذهم بها من العذاب الدائم المهين فصلى عليه ربنا ومولانا تشريفا وتكريما، وصلت عليه ملائكته تفضيلا وتعظيما، وأمر عباده أن يصلوا عليه ليبيح لهم الجنة مقاما كريما، فقال من لم يزل سميعا عليما عليا عظيما: (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) الأحزاب: 56. فاجتهدوا بنا يا معاشر الإسلام في الصلاة والسلام على محمد خير الأنام فعسى أن يشفعه فينا يوم تشقق السماء بالغمام.
ذكر في بعض الأخبار أن ما من ملك ولا نبي، ولا ولي ولا صفي، ولا صديق ولا شهيد، ولا شقي ولا سعيد إلا وهو يقول يوم القيامة: بحرمة محمد أن تنجيني من عذابك، وما من عبد صلى عليه وسأل الله مولاه حاجة له فيها رضا عنه، إلا قضى الله حاجته، وصرف عنه عند صلاته على محمد صلى الله عليه وسلم سبعين نوعا من البلاء في بدنه وفي دينه وفي ماله وفي أهله. ورفع له سبعين درجة في الجنة، اللهم صل على النبي محمد المختار، وسيد الأنبياء والأبرار، وزين المرسلين الأخيار، وأكرم من أظلم عليه الليل وأشرق النهار، أبي القاسم الأواب المختار.
وقال: وذكر في بعض الأخبار أن ما من بقعة يكثر فيها الصلاة على محمد إلا تصير روضة من رياض الجنة، وحصنا وحجابا بين المصلين وبين حجاب النار. فاجتهدوا في الصلاة على محمد يا معشر المؤمنين والمؤمنات، وتحصنوا بها من العذاب الشديد.
- وقال الفيروز أبادي صاحب كتاب الصلات والبشر: وقال الإقليشي "أي علم أرفع؟ وأي وسيلة أشفع؟ وأي عمل أنفع من الصلاة على من صلى عليه الله وجميع ملائكته وخصه بالقربة العظيمة منه في دنياه وآخرته، فالصلاة عليه أعظم نور، وهي التجارة التي لا تبور، وهي كانت هجيرة الأولياء في الإمساء والبكور".
- وروى النميري وابن بشكوال موقوفا على أبي بكر الصديق رضي الله عنه: "الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمحق للخطايا من الماء للنار، والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم: أفضل من عتق الرقاب، وحب الرسول صلى الله عليه وسلم: أفضل من مهج الأنفس أو من ضرب السيف في سبيل الله".
وذكر الحافظ أبو النعيم في الحلية عن كعب قال: أوحى الله إلى موسى عليه السلام: (لولا من يحمدني ما أنزلت من السماء قطرة ولا أنبت من الأرض حبة، وذكر أشياء كثيرة إلى أن قال: يا موسى أتريد أن أكون أقرب إليك من كلامك إلى لسانك؟ ومن وساوس قلبك إلى قلبك ؟ ومن روحك إلى بدنك ؟ ومن نور بصرك إلى عينك ؟ قال: نعم يا رب، قال: فأكثر الصلاة على (حبيبي) محمد صلى الله عليه وسلم).
ويروى: يا موسى أتحب أن لا ينالك من عطش يوم القيامة ؟ قال: إلهي نعم، قال: فأكثر الصلاة على – صفيي- محمد صلى الله عليه وسلم.
وروى التميمي عن زيد العابدين أنه قال: "علامة أهل السنة كثرة الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم".
يتبع
رد: الصلاة عـلى النبي صلى الله عليه وسلم
قال الشيخ ماء العينين: قال بعض العلماء إن فيها "يعني الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم" ثلاث خصال ما اجتمعت في غيرها: وهي ذكر الله وذكر نبيه وكونها دعاء، واعلم أن زيادة الصلاة على النبي لفاعلها أمر مشهور وفضلها ظاهر ومذكور.
نكت لطيفة في فوائد الصلاة عليه صلى الله وسلم عليه لابن الجوزي:
قال في البستان ص: 364: واعلموا رحمكم الله أن في الصلاة على نبي الهدى محمد صلى الله عليه وسلم إشارات جميلة ونكتا كثيرة، وذلك أن الله تعالى أجرى الصلاة على النبي الرشيد، السيد السديد، مجرى شهادة التوحيد، قال تعالى: "شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة" آل عمران: 18. وهكذا قال رب القريب والبعيد، وفي الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم الصادق الرشيد: "إن الله وملائكته يصلون على النبي" الأحزاب: 56.
إشارة حسنة ونكتة مليحة. قال الله تعالى: "فاذكروني أذكركم" البقرة: 152. ولم يقل: أذكركم عشر مرات، وقال تعالى وجل وعلا: "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا" الحشر: 7. وقد قال صلى الله عليه وسلم: (من صلى علي مرة صلى الله عليه عشرا). فكأن الله سبحانه وتعالى يقول: عبدي إذا أثنيت علي مرة أثنيت عليك مرة، وإذا أثنيت على حبيبي مرة أثنيت عليك عشراً، لأنه أكرم الخلق علي وأجلهم عندي.
- ثانية: قال الله تبارك وتعالى: "إن الله وملائكته يصلون على النبي". وقال في المؤمنين: "هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور" الأحزاب: 43. بصلاتكم على النبي المحبوب.
وأنشدوا:
فأكثروا التسليم بعد صـلاتكم *** للسيد المختار ذاك الأمجد
ومن يك ذا بخل شديد بذكره *** فذاك عن الحق المنير مبعد
إشارات وبشارات:
قال ابن الجوزي في البستان ص: 371: إشارة حسنة: وذلك أن الصلاة من الملك الجبار رحمة ونجاة من عذاب النار، لأن الله إذا صلى على المؤمنين فقد رحمهم.
إشارة أخرى: قال الله تعالى: "إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض" يونس: 24. وقوله: "كأن لم تغن بالأمس" يونس: 24. فإذا جاءت الساعة بعذابها وأهوالها ذهب نبات الأرض وتلاشى في جنب العذاب، حتى تبقى الأرض كأن لم يكن فيها نبات قط، وإذا كان هذا فعل العذاب فرحمة الله أولى وأكثر إذا جاءت تلاشت ذنوب المؤمنين في جنبها كأن لم تكن قط، هذا في رحمة الله الكريم مرة واحدة فكيف في عشر مرات ؟ !. فهذه بشارة حسنة للمؤمنين والمؤمنات بكثرة صلاتهم على سيد السادات، وخير البريات. روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: [ ما جلس قوم مجلسا يذكرون الله تعالى ولم يذكرواْ النبي صلى الله عليه وسلم، إلا كان ذلك المجلس عليهم وبالا وحسرة يوم القيامة ]. فتزينواْ يا أمته وزينواْ مجالسكم بالصلاة على نبيكم صلى الله عليه وسلم.
طيب المجلس الذي صلي فيه على النبي صلى الله عليه وسلم:
قال ابن الجوزي في بستان الواعظين ص:353: روي عن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أنه قال: (ما جلس قوم مجلساً فتفرقواْ عن غير صلاة علي إلا تفرقواْ عن أنتن من جيفة حمار)، فإذا كان المجلس الذي لا يصلى فيه على النبي صلى الله عليه وسلم تفرق أهله عن أنتن من جيفة حمار، فلا غرو أن يتفرق المصلون عليه من مجلسهم عن أطيب من خزامة العطار. وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أطيب الطيبين وأطهر الطاهرين، وكان إذا تكلم امتلأ المجلس بريح المسك، فكذلك مجلس يذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم نمت فيه رائحة تخترق السماوات السبع حتى تنتهي إلى العرش ويجد كل من خلق الله ريحها في الأرض غير الإنس والجن فإنهم لو وجدوا تلك الرائحة اشتغل كل منهم بلذته عن معيشته، ولا يجد تلك الرائحة ملك أو خلق من خلق الله تعالى إلا استغفر لأهل المجلس، ويكتب لهم بعدد هذا الخلق كلهم حسنات، ويرفع لهم درجات، سواء كان بالمجلس واحد أو ألف كل واحد يأخذ من الأجر مثل هذا العدد، وما عند الله تعالى أكثر. فيا أحباب رسول الله صلى الله عليه وسلم صلوا على حبيب غُذي بماء الوصال، وكُسي ثوب الجمال والكمال، وزين بكتاب الكريم المتعال. "...."
وأنشدوا:
نـــور النبي عـلا على الأنـوار *** فهو الدلـيل لسبل دار قـرار
صلـوا علـيه لعـلكم تنـجوا بـه *** يوم الحساب وكشفه الأسـرار
صلـوا على القمر الـمنير إذا بـدا *** فهـو الحبـيب لربنا الجـبار
صـلوا على نـور تكـون بالهـدى *** فهو الشـفيع لصاحب الأوزار
عباد الله ارغبوا فيما رغبكم فيه الملك القهار، من فضل الصلاة على نبيه المختار ولا تغفلوا عن الصلاة عليه بالليل والنهار، فإن الله ينجيكم بها من عذاب النار، ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار، الصلاة على النبي فضيلة جزيلة، والصلاة على أصحابه سنة وفضيلة، والصلاة على الملائكة قربة ووسيلة، صلوا رحمكم الله على النبي الرفيع، والنور البديع والحبيب الشفيع، أكرم من ولد، وأعز من فقد،
وانشدوا:
صـلاة رب مـاجـد وهـاب *** على النبي الصـادق الأواب
صلوا على المختار أنوار الهدى *** صلوا عليه معـشر الأحباب
صلوا على النـور البهي محمد *** صلوا عليه جماعة الأصحاب
عـجيبـة:
ذكرها ابن الجوزي في بستان الواعظين ص:341: (قلت: ولدي أكثر من رواية لمثل هذا الحديث) روي عن محمد بن النعمان رضي الله عنه أنه قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه فتى من الأنصار في حاجة فوسع له رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أبا بكر لعلك يشق عليك أن أجلست هذا الفتى بيني وبينك؟ فقال أبو بكر رضي الله عنه: إي والله يا رسول الله إنه ليشق علي أن يكون بيني وبينك أحد.
فضل المصلي وأبو بكر:
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أبا بكر هذا الفتى يصلي علي صلاة، ما يصليها علي أحد من أمتي، فقال أبو بكر رضي الله عنه: كيف يقول يا رسول الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول: اللهم صل على محمد عدد من صلى عليه، وصل على محمد عدد من لم يصل عليه، وصل على محمد كما أمرت بالصلاة عليه، وصل على محمد كما تحب أن يصلى عليه، وصل على محمد كما ينبغي أن يصلى عليه). واعلم يا أخي علما يقينا لا شك فيه أنه ليس أحد أحظى عند نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولا عند ربنا سبحانه بعد النبيين من أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ثم عمر بعده كذلك، ثم عثمان، ثم علي رضي الله عنهم أجمعين، وصلوات الله ورحمته عليهم وعلى العشرة وجميع الصحابة، ولكن خص النبي صلى الله عليه وسلم الفتى بإقعاده بينه وبين أبي بكر لما ألهمه الله من تلك الصلاة فأكرمه النبي كذلك، صلوات الله وسلامه عليه، ما حن مشتاق إليه."..." ص: 343:
وأنشدواْ:
لهـجت بذكـرك مهجتي ولساني *** وحللت من قلـبي بكل مـكان
فـأنا بذكـرك في البـرية كـلها *** علـم وحـبك آخـذ بعـناني
سلطان حبك في الهوى عين الهوى *** وبه تعزز في الهوى سلطاني
أنـت النـبي الهاشـمي محــمد *** صلى الإله عليك في القـرآن
أنـت الحبـيب لأهل ديـنك كلهم *** يـوم المعاد وموقف الخسران
أنـت الشفيع لمن عصى رب العلا *** أنـت الـدليل لجنة الرضوان
فلأ ذكـرنك ما بقـيـت معـمرا *** حتى الممات ولا يـمل لساني
فصـلاة ربي ماجـد ومهـيـمن *** تترى عليك تعاقـب المـلوان
يتبع
نكت لطيفة في فوائد الصلاة عليه صلى الله وسلم عليه لابن الجوزي:
قال في البستان ص: 364: واعلموا رحمكم الله أن في الصلاة على نبي الهدى محمد صلى الله عليه وسلم إشارات جميلة ونكتا كثيرة، وذلك أن الله تعالى أجرى الصلاة على النبي الرشيد، السيد السديد، مجرى شهادة التوحيد، قال تعالى: "شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة" آل عمران: 18. وهكذا قال رب القريب والبعيد، وفي الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم الصادق الرشيد: "إن الله وملائكته يصلون على النبي" الأحزاب: 56.
إشارة حسنة ونكتة مليحة. قال الله تعالى: "فاذكروني أذكركم" البقرة: 152. ولم يقل: أذكركم عشر مرات، وقال تعالى وجل وعلا: "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا" الحشر: 7. وقد قال صلى الله عليه وسلم: (من صلى علي مرة صلى الله عليه عشرا). فكأن الله سبحانه وتعالى يقول: عبدي إذا أثنيت علي مرة أثنيت عليك مرة، وإذا أثنيت على حبيبي مرة أثنيت عليك عشراً، لأنه أكرم الخلق علي وأجلهم عندي.
- ثانية: قال الله تبارك وتعالى: "إن الله وملائكته يصلون على النبي". وقال في المؤمنين: "هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور" الأحزاب: 43. بصلاتكم على النبي المحبوب.
وأنشدوا:
فأكثروا التسليم بعد صـلاتكم *** للسيد المختار ذاك الأمجد
ومن يك ذا بخل شديد بذكره *** فذاك عن الحق المنير مبعد
إشارات وبشارات:
قال ابن الجوزي في البستان ص: 371: إشارة حسنة: وذلك أن الصلاة من الملك الجبار رحمة ونجاة من عذاب النار، لأن الله إذا صلى على المؤمنين فقد رحمهم.
إشارة أخرى: قال الله تعالى: "إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض" يونس: 24. وقوله: "كأن لم تغن بالأمس" يونس: 24. فإذا جاءت الساعة بعذابها وأهوالها ذهب نبات الأرض وتلاشى في جنب العذاب، حتى تبقى الأرض كأن لم يكن فيها نبات قط، وإذا كان هذا فعل العذاب فرحمة الله أولى وأكثر إذا جاءت تلاشت ذنوب المؤمنين في جنبها كأن لم تكن قط، هذا في رحمة الله الكريم مرة واحدة فكيف في عشر مرات ؟ !. فهذه بشارة حسنة للمؤمنين والمؤمنات بكثرة صلاتهم على سيد السادات، وخير البريات. روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: [ ما جلس قوم مجلسا يذكرون الله تعالى ولم يذكرواْ النبي صلى الله عليه وسلم، إلا كان ذلك المجلس عليهم وبالا وحسرة يوم القيامة ]. فتزينواْ يا أمته وزينواْ مجالسكم بالصلاة على نبيكم صلى الله عليه وسلم.
طيب المجلس الذي صلي فيه على النبي صلى الله عليه وسلم:
قال ابن الجوزي في بستان الواعظين ص:353: روي عن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أنه قال: (ما جلس قوم مجلساً فتفرقواْ عن غير صلاة علي إلا تفرقواْ عن أنتن من جيفة حمار)، فإذا كان المجلس الذي لا يصلى فيه على النبي صلى الله عليه وسلم تفرق أهله عن أنتن من جيفة حمار، فلا غرو أن يتفرق المصلون عليه من مجلسهم عن أطيب من خزامة العطار. وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أطيب الطيبين وأطهر الطاهرين، وكان إذا تكلم امتلأ المجلس بريح المسك، فكذلك مجلس يذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم نمت فيه رائحة تخترق السماوات السبع حتى تنتهي إلى العرش ويجد كل من خلق الله ريحها في الأرض غير الإنس والجن فإنهم لو وجدوا تلك الرائحة اشتغل كل منهم بلذته عن معيشته، ولا يجد تلك الرائحة ملك أو خلق من خلق الله تعالى إلا استغفر لأهل المجلس، ويكتب لهم بعدد هذا الخلق كلهم حسنات، ويرفع لهم درجات، سواء كان بالمجلس واحد أو ألف كل واحد يأخذ من الأجر مثل هذا العدد، وما عند الله تعالى أكثر. فيا أحباب رسول الله صلى الله عليه وسلم صلوا على حبيب غُذي بماء الوصال، وكُسي ثوب الجمال والكمال، وزين بكتاب الكريم المتعال. "...."
وأنشدوا:
نـــور النبي عـلا على الأنـوار *** فهو الدلـيل لسبل دار قـرار
صلـوا علـيه لعـلكم تنـجوا بـه *** يوم الحساب وكشفه الأسـرار
صلـوا على القمر الـمنير إذا بـدا *** فهـو الحبـيب لربنا الجـبار
صـلوا على نـور تكـون بالهـدى *** فهو الشـفيع لصاحب الأوزار
عباد الله ارغبوا فيما رغبكم فيه الملك القهار، من فضل الصلاة على نبيه المختار ولا تغفلوا عن الصلاة عليه بالليل والنهار، فإن الله ينجيكم بها من عذاب النار، ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار، الصلاة على النبي فضيلة جزيلة، والصلاة على أصحابه سنة وفضيلة، والصلاة على الملائكة قربة ووسيلة، صلوا رحمكم الله على النبي الرفيع، والنور البديع والحبيب الشفيع، أكرم من ولد، وأعز من فقد،
وانشدوا:
صـلاة رب مـاجـد وهـاب *** على النبي الصـادق الأواب
صلوا على المختار أنوار الهدى *** صلوا عليه معـشر الأحباب
صلوا على النـور البهي محمد *** صلوا عليه جماعة الأصحاب
عـجيبـة:
ذكرها ابن الجوزي في بستان الواعظين ص:341: (قلت: ولدي أكثر من رواية لمثل هذا الحديث) روي عن محمد بن النعمان رضي الله عنه أنه قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه فتى من الأنصار في حاجة فوسع له رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أبا بكر لعلك يشق عليك أن أجلست هذا الفتى بيني وبينك؟ فقال أبو بكر رضي الله عنه: إي والله يا رسول الله إنه ليشق علي أن يكون بيني وبينك أحد.
فضل المصلي وأبو بكر:
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أبا بكر هذا الفتى يصلي علي صلاة، ما يصليها علي أحد من أمتي، فقال أبو بكر رضي الله عنه: كيف يقول يا رسول الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول: اللهم صل على محمد عدد من صلى عليه، وصل على محمد عدد من لم يصل عليه، وصل على محمد كما أمرت بالصلاة عليه، وصل على محمد كما تحب أن يصلى عليه، وصل على محمد كما ينبغي أن يصلى عليه). واعلم يا أخي علما يقينا لا شك فيه أنه ليس أحد أحظى عند نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولا عند ربنا سبحانه بعد النبيين من أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ثم عمر بعده كذلك، ثم عثمان، ثم علي رضي الله عنهم أجمعين، وصلوات الله ورحمته عليهم وعلى العشرة وجميع الصحابة، ولكن خص النبي صلى الله عليه وسلم الفتى بإقعاده بينه وبين أبي بكر لما ألهمه الله من تلك الصلاة فأكرمه النبي كذلك، صلوات الله وسلامه عليه، ما حن مشتاق إليه."..." ص: 343:
وأنشدواْ:
لهـجت بذكـرك مهجتي ولساني *** وحللت من قلـبي بكل مـكان
فـأنا بذكـرك في البـرية كـلها *** علـم وحـبك آخـذ بعـناني
سلطان حبك في الهوى عين الهوى *** وبه تعزز في الهوى سلطاني
أنـت النـبي الهاشـمي محــمد *** صلى الإله عليك في القـرآن
أنـت الحبـيب لأهل ديـنك كلهم *** يـوم المعاد وموقف الخسران
أنـت الشفيع لمن عصى رب العلا *** أنـت الـدليل لجنة الرضوان
فلأ ذكـرنك ما بقـيـت معـمرا *** حتى الممات ولا يـمل لساني
فصـلاة ربي ماجـد ومهـيـمن *** تترى عليك تعاقـب المـلوان
يتبع
رد: الصلاة عـلى النبي صلى الله عليه وسلم
فائدة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم:
قال ابن الجوزي 367-368: توسلواْ بالصلاة على النبي الرفيق، والحبيب الشفيق، يغفر لكم مولاكم ما عملتم من الآثام، ويدخلكم برحمته دار الخلد والسلام، توسلواْ بالصلاة على النبي المختار، يكن شفيعكم من عذاب دار البوار، وينجيكم مولاكم من سموم النار، ويدخلكم برحمته جنات تجري من تحتها الأنهار، توسلواْ بالصلاة على النبي الصادق الأواب، ينجيكم مولاكم من أليم العذاب، ويدخلكم الجنة وحسن المآب. توسلواْ بالصلاة على النبي الرشيد، ينجيكم مولاكم من العذاب الشديد، ويدخلكم برحمته النعيم الذي لا يبيد. توسلواْ بالصلاة على النبي البر الرؤوف الرحيم، يدخلكم مولاكم جنات النعيم، وينجيكم برحمته من سموم الجحيم.
روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال: [ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أمحق للذنوب من الماء البارد للنار، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من عتق الرقاب، فاسمعواْ وعواْ يا أولي العقول والألباب ]. وأنشدواْ:
تواترت الخيرات شرقاً ومغربـاً *** بذكر رسول الله في السر والجهـر
فـذكرك للمختار فخر ورفعـة *** وذكرك للمختار من أفضـل الذكـر
ذكر في بعض الأخبار أنه إذا كان يوم القيامة وضعت حسنات بعض المؤمنين وسيئاتهم في الميزان، فترجح سيئاتهم على حسناتهم، فيشفق المؤمنون لذلك، فتنزل صحائف بيض من عند الله تبارك وتعالى على حسناتهم فترجح حسناتهم على سيئاتهم فيقول الرب جل جلاله: (هذه صلاتكم على النبي محمد صلى الله عليه وسلم ثقلت بها موازينكم، وجعلتها لكم ذخيرة وقربة). فهذا يا إخواني فضل الله العظيم، بالصلاة على الرسول الرؤوف الرحيم.
الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لا تذهب في الديْن يوم القيامة:
سمعت من أحد العلماء رحمه الله قوله: أنه من الأسرار التي أخذناها بالسند عن بعض علمائنا أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لا تذهب في الدين يوم القيامة كما تذهب الحسنات التي كسبها العبد لِما ورد في الحديث أن العبد يأتي يوم القيامة وقد سب هذا وشتم هذا وأكل مال هذا...فيعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته حتى تنفذ كل حسناته، فتبقى صلاته على النبي محفوظة له لا تذهب في الدين.. كما في الأثر السابق.
في بعض الآداب في لفظة الصلاة والسلام على سيد الأنام:
قال السيد محمد حقي النازلي في خزينة الأسرار ص: 203- 204: قال أهل الحديث والتفسير أن الصلاة والسلام على سيد الأنام أفضل العبادات وأحسن الحالات وأعظم القربات وأشرف المقامات لقوله تعالى: (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنواْ صلواْ عليه وسلمواْ تسليما). اعلم أن آداب لفظة الصلاة والسلام على سيد الأنام أن يذكر المصلي فيها اسما من أسماء الله حقيقة أو حكماً فمن لم يسند الصلاة إلى الله تعالى فلا يعد منها ويجوز الصلاة والسلام على سيدنا محمد أي ليصل الله على محمد وليكن صلاة الله على محمد على طريق الإنشاء، وأما السلام فهو من أسماء الله تعالى، وأفضل أسمائه وأعظمها هو اسم الله تعالى، وأصل اللهم: يا الله فحذف حرف النداء وجعل الميم بدلا منه (....).[ قلت: وقيل: إن أصل اللهم: يا الله وأن الميم المفتوحة المشددة زيدت لتشعر بأن هذا الاسم الأعظم اجتمعت فيه أسماء الله كلها، فالاسم الأعظم *الله* هو المستغرق لجميع الأسماء الحسنى والصفات العلى، والميم مشعرة ومعينة على كمال استحضار ذلك الاستغراق، لأنها هي المستغرقة لجميع الأسماء فافهم ذلك ]. وأيضا يذكر فيها اسم محمد فهو أفضل أسمائه وإن جازت الصلاة بذكر صفته كالنبي والرسول لكن اسم محمد وقع التعبد به دون غيره، وفي ذكر اسم محمد في أثناء الصلاة فوائد كثيرة منها أن الملائكة تنادي بالصلاة على المصلي لما أخرجه ابن أبي الدنيا: (من قال: صلى الله عليك يا محمد سبعين مرة ناداه ملك: صلى الله عليك يا فلان لم تسقط لك حاجة) أي إلا قضيت. ومنها مزيد من التفخيم والتعظيم وللإيذان بأنه الاسم الأعظم الذي أسس عليه الدين المحمدي وبه فسر قوله (هل تعلم له سميا). ومنها التبرك والتشرف به والتوصل إلى ذاته المحمدية. وأيضا يذكر في أثناء الصلاة اسم آله وأصحابه لما ورد من الأمر بالتعميم، وأخرج أبو سعيد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تصلوا علي الصلاة البتراء، قالوا وما الصلاة البتراء يا رسول الله ؟ قال: تقولون: اللهم صل على محمد وتسكتون بل قولوا: اللهم صل على محمد وآل محمد). ليدخل جميع أمته تحت ذكر الآل. [ قلت: قيل: لكن لا بد من لحظ آله صلى الله عليه وسلم بمزيد تعظيم وتشريف وتكريم كما لا يخفى على ذي العقل السليم، فلا بد فيه بعد التعميم بجميع أمته من التخصيص لآله ]. فإن الصلاة امتثال لأمر الله تعالى وتبع للملائكة وتعظيم وتوقير لرسول الله صلى الله عليه وسلم وثناء عليه ودعاء لأمته جميعاً حتى نفس المصلي، وفي ذكر الآل فائدة أخرى: سرعة الإجابة وحصول المطلوب لقوله صلى الله عليه وسلم: (إن أسرع الدعاء إجابة دعوة غائب لغائب) وغيرها من الفوائد كما بيناه وأيضا يذكر المصلي في أثناء الصلاة مطلوبه ومقصوده ومحذوره (....) وفيه إشارة إلى قوله تعالى: (يسأله من في السماوات والأرض) وإلى قوله صلى الله عليه وسلم: (من لم يسأل الله يغضب عليه) ويجوز ذكر الصلاة الواحدة أو السلام الواحد مكرراً بل هو أفضل من ذكر الصلوات المتعددة كما قال بعض الخواص: خذ حرفاً قل ألفاً، فإن مفتاح الأسرار ذكر الورد بالتكرار.... ويكون ذلك الورد اسما أعظم من حقك لدوامك بالتكرار إليه ولقوله عليه الصلاة والسلام: (إن الله يحب الملحين في السؤال والمكررين في الطلب) (...) وأيضاً في أثناء ذكر الصلاة اسم العدد لتكثير الثواب والأجور على طريق إحاطة كل شيء علماً في خزائن رحمة الله وراجيا إحسانه بالزيادات على نبيه وعلى أمته أجمعين وعلى نفس المصلي، ولا يبخل أثناء صلاته وسلامه وتوحيده وتهليله وتسبيحه فضل الله وكرمه وإحسانه لعباده المؤمنين بعدم ذكر العدد لما أخرج النسائي وابن حبان والحاكم عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر به وهو يحرك شفتيه فقال: ماذا تقول يا أبا أمامة ؟ قال: أذكر ربي، قال: ألا أخبرك بأكثر وأفضل من ذكرك الليل مع النهار: أن تقول: سبحان الله عدد ما خلق، سبحان الله ملء ما خلق، سبحان الله عدد ما في الأرض والسماء، سبحان الله ملء الأرض والسماء، وسبحان الله عدد ما أحصى كتابه، وسبحان الله عدد كل شيء، وسبحان الله ملء كل شيء، والحمد لله مثل ذلك، ولا إله إلا الله مثل ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله مثل ذلك) وغيرها مثل ذلك، ولا إله إلا الله محمد رسول الله في كل لمحة ونفس بعدد كل معلوم الله (...)
وأخرج الطبراني والترمذي والبزار عن صفية أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها أنها جمعت عندها أربعة آلاف نواة لتعد بها تسبيحاً، فجاء صلى الله عليه وسلم ووقف عند رأسها فقال: (قد سبحت منذ وقفت على رأسك أكثر من هذا، أي أكثر من مجموع هذا العدد من غير طي اللسان أو بسط الزمان فقالت: علمني يا رسول الله في زمان يسير تسبيحي بعدد كثير، فقال: سبحان الله عدد ما خلق) أي تصوري جميع أفراد مخلوقاته. ثم إن العلماء والمشايخ رحمهم الله تعالى أجروا ذكر العدد في التهليلات والتسبيحات والصلوات لكثير الثواب والأجور. انتهى
- وقال الأستاذ المرشد عبد السلام ياسين في كتاب الإحسان ج1ص: 300-301 : قال صلى الله عليه وسلم في رواية أحمد والنسائي بإسناد حسن عن زيد بن خارجة: (صلوا علي، فاجتهدوا في الدعاء وقولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد). اللهم شكرا على نعمتك العظمى وتعرضا لوعدك الكريم نقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، عدد خلقك ورضى نفسك وزنة عرشك ومداد كلماتك، كلما ذكرك وذكره الذاكرون، وغفل عن ذكرك وذكره الغافلون، سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين ''.
(حكاية): قال عبد الله بن الحكم: رأيت الشافعي في النوم فقلت: ما فعل الله بك ؟ قال: رحمني وغفر لي وزفني إلى الجنة كما تزف العروس، ونثر علي كما ينثر على العروس. فقلت: بم بلغت هذه الحال ؟ فقال لي قائل: يقول لك: بما في كتاب الرسالة من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. قلت: فكيف ذلك ؟ قال: وصلى الله على محمد عدد ما ذكره الذاكرون وعدد ما غفل عن ذكره الغافلون. قال: فلما أصبحت نظرت إلى الرسالة فوجدت الأمر كما رأيت صلى الله عليه وسلم.(قلت: ويروي أصحاب الحديث روايات كثيرة من أمثال هذه الرواية).
قال صاحب التحفة المرضية ص: 10: اختلف فيمن قال: اللهم صل على سيدنا محمد عدد ما خلق وشبه ذلك، هل يحصل له أجر واحد أو بعدد ما ذكره ؟ ذهب الإمام التلمساني إلى أنه يحصل له الأجر بعدد ما ذكر ولا حرج على فضل الله، ويؤيد ذلك ما ذكره الإمام الجزري في الحصن الحصين عن الإمام أبي داود وصحيح المستدرك للحاكم: (دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على صفية وبين يديها أربعة آلاف نواة تسبح الله بهن فقال: قد سبحت منذ وقفت على رأسك أكثر من هذا، قالت: علمني، قال: قولي سبحان الله عدد ما خلق).
يتبع
قال ابن الجوزي 367-368: توسلواْ بالصلاة على النبي الرفيق، والحبيب الشفيق، يغفر لكم مولاكم ما عملتم من الآثام، ويدخلكم برحمته دار الخلد والسلام، توسلواْ بالصلاة على النبي المختار، يكن شفيعكم من عذاب دار البوار، وينجيكم مولاكم من سموم النار، ويدخلكم برحمته جنات تجري من تحتها الأنهار، توسلواْ بالصلاة على النبي الصادق الأواب، ينجيكم مولاكم من أليم العذاب، ويدخلكم الجنة وحسن المآب. توسلواْ بالصلاة على النبي الرشيد، ينجيكم مولاكم من العذاب الشديد، ويدخلكم برحمته النعيم الذي لا يبيد. توسلواْ بالصلاة على النبي البر الرؤوف الرحيم، يدخلكم مولاكم جنات النعيم، وينجيكم برحمته من سموم الجحيم.
روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال: [ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أمحق للذنوب من الماء البارد للنار، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من عتق الرقاب، فاسمعواْ وعواْ يا أولي العقول والألباب ]. وأنشدواْ:
تواترت الخيرات شرقاً ومغربـاً *** بذكر رسول الله في السر والجهـر
فـذكرك للمختار فخر ورفعـة *** وذكرك للمختار من أفضـل الذكـر
ذكر في بعض الأخبار أنه إذا كان يوم القيامة وضعت حسنات بعض المؤمنين وسيئاتهم في الميزان، فترجح سيئاتهم على حسناتهم، فيشفق المؤمنون لذلك، فتنزل صحائف بيض من عند الله تبارك وتعالى على حسناتهم فترجح حسناتهم على سيئاتهم فيقول الرب جل جلاله: (هذه صلاتكم على النبي محمد صلى الله عليه وسلم ثقلت بها موازينكم، وجعلتها لكم ذخيرة وقربة). فهذا يا إخواني فضل الله العظيم، بالصلاة على الرسول الرؤوف الرحيم.
الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لا تذهب في الديْن يوم القيامة:
سمعت من أحد العلماء رحمه الله قوله: أنه من الأسرار التي أخذناها بالسند عن بعض علمائنا أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لا تذهب في الدين يوم القيامة كما تذهب الحسنات التي كسبها العبد لِما ورد في الحديث أن العبد يأتي يوم القيامة وقد سب هذا وشتم هذا وأكل مال هذا...فيعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته حتى تنفذ كل حسناته، فتبقى صلاته على النبي محفوظة له لا تذهب في الدين.. كما في الأثر السابق.
في بعض الآداب في لفظة الصلاة والسلام على سيد الأنام:
قال السيد محمد حقي النازلي في خزينة الأسرار ص: 203- 204: قال أهل الحديث والتفسير أن الصلاة والسلام على سيد الأنام أفضل العبادات وأحسن الحالات وأعظم القربات وأشرف المقامات لقوله تعالى: (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنواْ صلواْ عليه وسلمواْ تسليما). اعلم أن آداب لفظة الصلاة والسلام على سيد الأنام أن يذكر المصلي فيها اسما من أسماء الله حقيقة أو حكماً فمن لم يسند الصلاة إلى الله تعالى فلا يعد منها ويجوز الصلاة والسلام على سيدنا محمد أي ليصل الله على محمد وليكن صلاة الله على محمد على طريق الإنشاء، وأما السلام فهو من أسماء الله تعالى، وأفضل أسمائه وأعظمها هو اسم الله تعالى، وأصل اللهم: يا الله فحذف حرف النداء وجعل الميم بدلا منه (....).[ قلت: وقيل: إن أصل اللهم: يا الله وأن الميم المفتوحة المشددة زيدت لتشعر بأن هذا الاسم الأعظم اجتمعت فيه أسماء الله كلها، فالاسم الأعظم *الله* هو المستغرق لجميع الأسماء الحسنى والصفات العلى، والميم مشعرة ومعينة على كمال استحضار ذلك الاستغراق، لأنها هي المستغرقة لجميع الأسماء فافهم ذلك ]. وأيضا يذكر فيها اسم محمد فهو أفضل أسمائه وإن جازت الصلاة بذكر صفته كالنبي والرسول لكن اسم محمد وقع التعبد به دون غيره، وفي ذكر اسم محمد في أثناء الصلاة فوائد كثيرة منها أن الملائكة تنادي بالصلاة على المصلي لما أخرجه ابن أبي الدنيا: (من قال: صلى الله عليك يا محمد سبعين مرة ناداه ملك: صلى الله عليك يا فلان لم تسقط لك حاجة) أي إلا قضيت. ومنها مزيد من التفخيم والتعظيم وللإيذان بأنه الاسم الأعظم الذي أسس عليه الدين المحمدي وبه فسر قوله (هل تعلم له سميا). ومنها التبرك والتشرف به والتوصل إلى ذاته المحمدية. وأيضا يذكر في أثناء الصلاة اسم آله وأصحابه لما ورد من الأمر بالتعميم، وأخرج أبو سعيد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تصلوا علي الصلاة البتراء، قالوا وما الصلاة البتراء يا رسول الله ؟ قال: تقولون: اللهم صل على محمد وتسكتون بل قولوا: اللهم صل على محمد وآل محمد). ليدخل جميع أمته تحت ذكر الآل. [ قلت: قيل: لكن لا بد من لحظ آله صلى الله عليه وسلم بمزيد تعظيم وتشريف وتكريم كما لا يخفى على ذي العقل السليم، فلا بد فيه بعد التعميم بجميع أمته من التخصيص لآله ]. فإن الصلاة امتثال لأمر الله تعالى وتبع للملائكة وتعظيم وتوقير لرسول الله صلى الله عليه وسلم وثناء عليه ودعاء لأمته جميعاً حتى نفس المصلي، وفي ذكر الآل فائدة أخرى: سرعة الإجابة وحصول المطلوب لقوله صلى الله عليه وسلم: (إن أسرع الدعاء إجابة دعوة غائب لغائب) وغيرها من الفوائد كما بيناه وأيضا يذكر المصلي في أثناء الصلاة مطلوبه ومقصوده ومحذوره (....) وفيه إشارة إلى قوله تعالى: (يسأله من في السماوات والأرض) وإلى قوله صلى الله عليه وسلم: (من لم يسأل الله يغضب عليه) ويجوز ذكر الصلاة الواحدة أو السلام الواحد مكرراً بل هو أفضل من ذكر الصلوات المتعددة كما قال بعض الخواص: خذ حرفاً قل ألفاً، فإن مفتاح الأسرار ذكر الورد بالتكرار.... ويكون ذلك الورد اسما أعظم من حقك لدوامك بالتكرار إليه ولقوله عليه الصلاة والسلام: (إن الله يحب الملحين في السؤال والمكررين في الطلب) (...) وأيضاً في أثناء ذكر الصلاة اسم العدد لتكثير الثواب والأجور على طريق إحاطة كل شيء علماً في خزائن رحمة الله وراجيا إحسانه بالزيادات على نبيه وعلى أمته أجمعين وعلى نفس المصلي، ولا يبخل أثناء صلاته وسلامه وتوحيده وتهليله وتسبيحه فضل الله وكرمه وإحسانه لعباده المؤمنين بعدم ذكر العدد لما أخرج النسائي وابن حبان والحاكم عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر به وهو يحرك شفتيه فقال: ماذا تقول يا أبا أمامة ؟ قال: أذكر ربي، قال: ألا أخبرك بأكثر وأفضل من ذكرك الليل مع النهار: أن تقول: سبحان الله عدد ما خلق، سبحان الله ملء ما خلق، سبحان الله عدد ما في الأرض والسماء، سبحان الله ملء الأرض والسماء، وسبحان الله عدد ما أحصى كتابه، وسبحان الله عدد كل شيء، وسبحان الله ملء كل شيء، والحمد لله مثل ذلك، ولا إله إلا الله مثل ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله مثل ذلك) وغيرها مثل ذلك، ولا إله إلا الله محمد رسول الله في كل لمحة ونفس بعدد كل معلوم الله (...)
وأخرج الطبراني والترمذي والبزار عن صفية أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها أنها جمعت عندها أربعة آلاف نواة لتعد بها تسبيحاً، فجاء صلى الله عليه وسلم ووقف عند رأسها فقال: (قد سبحت منذ وقفت على رأسك أكثر من هذا، أي أكثر من مجموع هذا العدد من غير طي اللسان أو بسط الزمان فقالت: علمني يا رسول الله في زمان يسير تسبيحي بعدد كثير، فقال: سبحان الله عدد ما خلق) أي تصوري جميع أفراد مخلوقاته. ثم إن العلماء والمشايخ رحمهم الله تعالى أجروا ذكر العدد في التهليلات والتسبيحات والصلوات لكثير الثواب والأجور. انتهى
- وقال الأستاذ المرشد عبد السلام ياسين في كتاب الإحسان ج1ص: 300-301 : قال صلى الله عليه وسلم في رواية أحمد والنسائي بإسناد حسن عن زيد بن خارجة: (صلوا علي، فاجتهدوا في الدعاء وقولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد). اللهم شكرا على نعمتك العظمى وتعرضا لوعدك الكريم نقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، عدد خلقك ورضى نفسك وزنة عرشك ومداد كلماتك، كلما ذكرك وذكره الذاكرون، وغفل عن ذكرك وذكره الغافلون، سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين ''.
(حكاية): قال عبد الله بن الحكم: رأيت الشافعي في النوم فقلت: ما فعل الله بك ؟ قال: رحمني وغفر لي وزفني إلى الجنة كما تزف العروس، ونثر علي كما ينثر على العروس. فقلت: بم بلغت هذه الحال ؟ فقال لي قائل: يقول لك: بما في كتاب الرسالة من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. قلت: فكيف ذلك ؟ قال: وصلى الله على محمد عدد ما ذكره الذاكرون وعدد ما غفل عن ذكره الغافلون. قال: فلما أصبحت نظرت إلى الرسالة فوجدت الأمر كما رأيت صلى الله عليه وسلم.(قلت: ويروي أصحاب الحديث روايات كثيرة من أمثال هذه الرواية).
قال صاحب التحفة المرضية ص: 10: اختلف فيمن قال: اللهم صل على سيدنا محمد عدد ما خلق وشبه ذلك، هل يحصل له أجر واحد أو بعدد ما ذكره ؟ ذهب الإمام التلمساني إلى أنه يحصل له الأجر بعدد ما ذكر ولا حرج على فضل الله، ويؤيد ذلك ما ذكره الإمام الجزري في الحصن الحصين عن الإمام أبي داود وصحيح المستدرك للحاكم: (دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على صفية وبين يديها أربعة آلاف نواة تسبح الله بهن فقال: قد سبحت منذ وقفت على رأسك أكثر من هذا، قالت: علمني، قال: قولي سبحان الله عدد ما خلق).
يتبع
رد: الصلاة عـلى النبي صلى الله عليه وسلم
في صيغ الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
صيغ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كثيرة ومتعددة ولكن نكتفي ببعض الصيغ الواردة، قال الأستاذ عبد السلام ياسين في المنهاج النبوي ص 163: نكتفي بالصيغ الواردة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وهي كثيرة. والصلاة الإبراهيمية في التشهد وغيره هي العمدة.
ومن أفضل الصيغ الواردة التي أوصى بها الأستاذ المرشد كذلك صلاة المكيال الأوفى:
- فعن أبي هريرة رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من سره أن يكال له بالمكيال الأوفى [ وفي رواية أخرى لأبي هريرة: من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى ] إذا صلى علينا أهل البيت فليقل: اللهم صل على محمد النبي وأزواجه أمهات المومنين وذريته وأهل بيته كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد). رواه أبو داود والنسائي [ صحيح البخاري، مسلم، موطأ مالك، الترمذي، ابن ماجة. نزل الأبرار] .
إشارة : نضيف لفظ السيادة تأدباً مع المصطفى صلى الله عليه وسلم عند صلاتنا عليه .
ويوصي الأستاذ عبد السلام ياسين حفظه الله بالإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والأحسن بصيغة المكيال الأوفى قال في المنهاج النبوي ص 50 تحت عنوان عمل اليوم والليلة: الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم { 300 مرة على الأقل يومياً}، وتخصيص ليلة الجمعة ويومها للصلاة عليه.
- قال أحد العلماء: واعلم أن إكثار الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مطلوب مرغب فيهما فينبغي الحرص عليه كل حين ولو بأقل الصلاة وهو: اللهم صل على محمد وآله وسلم. ولا يسمع أحد بعظم فضلها ولا يتركها إلا متهاون بالدين. قال أبو طالب المكي في قوت القلوب: ينبغي ألا ينقص صلاته عليه عن الثلاثمائة. وقال الشيخ الكبير قطب الدوائر أبو الحسن البكري ينبغي للمرء أن لا تنقص صلاته على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو بأقل الصلاة عن الخمسمائة.
- قال الشيخ ماء العينين في فاتق الرتق ص 299:{ قال بعض العلماء} رضي الله عنهم وأقل الإكثار سبعمائة وخمسون كل يوم وثلاثمائة وخمسون كل ليلة.
بعض الوصايا والآداب التي ذكرها الأستاذ عبد السلام ياسين مجملة:
قال في كتاب المنهاج النبوي 163-64 : روى مسلم وأصحاب السنن عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشراً). فإن كان هذا فضل الصلاة على الحبيب، فكيف لا يستكثر منها المؤمن، وإنه لشح ما له مثيل أن يكتب المؤمن ذاكراً رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكتب بين قوسين صاداً صماء، ويحرم نفسه من ذلك الفضل العظيم.
نكتفي بالصيغ الواردة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وهي كثيرة. والصلاة الإبراهيمية في التشهد وغيره هي العمدة .{....}
''صلاتنا على الرسول الكريم على الله عز وجل تبلغه ويبلغه سلامنا، كما جاء في الحديث، فلنتأدب مع إمام الأنبياء وخيرة الخلق صلى الله عليه وسلم، وأول هذه الآداب تعظيمه في أنفسنا، ومحبته الموصولة بمحبة الله لا تنفك، ومن الآداب أن نهدي ثواب صلاتنا لروحه الشريفة، ومنها أن نكثر من الصلاة عليه يوم الجمعة.
ولنحذر أن نبعد عن رحمة الله إن ذكر عندنا اسمه الحبيب فبخلنا عن الصلاة عليه، ومن هذا البخل الشنيع صاد بعضهم الصماء [ يقصد أن يكتب – ص - أو – صلعم - بدل صلى الله عليه وسلم].
التأدب والمحبة المقرونة بالتعظيم مطلوبة في حضرة الصلاة والسلام على سيد الأنام:
عن مجاهد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إنكم تعرضون علي بأسمائكم وسيماكم، فأحسنوا الصلاة علي) رواه الحافظ أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمان النميري في كتاب الأعلام هكذا مرسلا، رواه السيوطي في جمع الجوامع 7575 وقال رواه عبد الرزاق عن مجاهد مرسلا.
قال ابن الجوزي ص 351: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( تباهواْ بالصلاة علي فإنها تبلغني) فبلغوا صلاتكم على سيدكم ونبيكم وصفيكم، وارغبواْ إلى مولاكم أن يتوفاكم على سنته، وأن يجعلكم من أمته، وأن يجعله شفيعكم من النار، وقائدكم إلى دار الراحة والقرار، إلى جنات عدت تجري من تحتها الأنهار. {....} .
وأنشدوا :
صلواْ بـنا فـي اللـيل والنهـار ***** على النبي الصادق المختار
أسرى به الرحمان في جنح الدجى ***** قد جاء في القرآن والآثـار
الهاشمي المصطفى خير الـورى ***** الطـائـع الأواب للجبـار
صلوا على المبعوث يا أهل النهى ***** من جاء بالتنزيل والأخبـار
قال صاحب خزينة الأسرار ص 205:
فاعلم أن للمؤمنين مقامين عند ذكر الصلاة والسلام على سيد الأنام لكل مقام مقال ولكل نعمة سؤال. فالمقام الأول: أن يعد المصلي والمسلم نفسه عند حضرة الجناب وبذكر الصلاة والسلام عليه بطرق الخطاب مع التعظيم والتوقير والآداب مستشفعاً ومستمداً ومتوسلاً به إلى الله الوهاب فيناسب له في ذلك المقام أن يقول: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ويكررها مائة مرة {.....}.
والمقام الثاني: أن يتوجه المصلي والمسلم بكمال التوجه إلى ذات الله تعالى ويقول: يا رب إني آمنت بك وبرسولك وعملنا بكتابك وسنة حبيبك محمد صلى الله عليه وسلم، وأمرتنا بالصلاة والسلام عليه فلم نقدر على الصلاة والسلام كما يليق على ذاته المحمدية مع عجزنا وقصورنا يا رب فصل أنت وكالة عنا صلاةً كاملةً وسلاماً تاماً لائقاً على حقيقة ذاته المحمدية وينوي امتثالا لأمره تعالى وتعظيما لحق نبيه{...}.
الصلاة صلة ونور يهتدي به العبد في الدنيا والآخرة:
قال ابن الجوزي في بستان الواعظين ص 352: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ليردن علي أقوام يوم القيامة عند حوضي ما أعرفهم إلا بكثرة الصلاة علي). عباد الله أنتم ترون نبيكم وحبيبكم وصفيكم، فأكثروا من الصلاة عليه فعسى يعرفكم بكثرة الصلاة عليه لأن الصلاة عليه نور لصاحبه يوم القيامة، فعلى قدر الصلاة على الهاشمي القرشي التهامي الأمي الأبطحي يكون النور المضيء الذي يعرف به المؤمن التقي، ومن لا يكثر الصلاة على هذا النبي صلى الله عليه وسلم فهو مبعد مطرود شقي، يا إخواني في الله صلوا على شجرة غرسها الملك الجليل، وجعل أصلها الخليل، وجعل خلالها التفضيل، وزينها بالتنزيل، وجعل رفيقها جبريل، وخضع لها كل كبير وكل عزيز وذليل، أصولها عربية، وأغصانها مُضرية، وأوراقها قرشية، وثمرتها تهامية، وغرسها الملك الديان، وأخضع لها جميع الإنس والجان، فصلوا عليه يا معشر الإخوان.
وأنشدوا :
الله فضل خير الخلق بالكرم ***** وأفضل الناس من عرب ومن عجم
هو النبي الذي فاقت فضائله ***** وخـصه الله بالتـنـزيل والحـكم
اختـصه بكـتاب بين علـم ***** هدى العـباد به من غـمة الظـلم
الله فـضله الله أكـرمـــه ***** الله أرسله من جمــلة الأمـــم
صلوا عليه عباد الله كلـكمواْ ***** إن الصلاة له تنـجي من النقـــم
عباد الله طيبوا مجالسنا بالصلاة على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
التحذير لمن سمع ذكره ولم يصل عليه صلى الله وسلم عليه:
قال ابن الجوزي في البستان ص 347: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( حسب المؤمن من البخل إذا ذكرت عنده فلم يصل علي) أعوذ بالله من اللئيم البخيل، الذي يبخل بالصلاة على رسول الملك الجليل، الذي خصه بالكرامة والتفضيل، وائتمنه على الإيضاح عن بيان التأويل في جميع التنزيل.
وأنشدوا :
صلوا على القمر المـنير إذا بدا ***** في موكب من حسنه وجمالـه
لم يخلـق الرحمان خلـقا مثله ***** في فضلـه وبهائـه وكمالـه
ختم النـبوة طيـبه فخــتامه ***** مسك تكون من نسيـم جلالـه
صلوا عـلى العلم الذي من أمه ***** نال المنى وجرى السرور بباله
صلـوا بـدر التـمام محـبـة ***** وكرامة وجـلالـة لجـلالـه
إن الصلاة علـى النبي سلامـة ***** وتفـضل وتوسـل بجـمالـه
وتـودد وتـحـنـن وتشـوق ***** وتوسـل وتـقـرب لنـوااـه
عباد الله صلوا على رسول الله، صلوا على سيدنا وحبيبنا محبة وكرامة، فهو الشفيع لنا يوم القيامة.
وعن الحسن بن علي رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قال: ( البخيل من ذكرت عنده ولم يصل علي) رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن حبان والحاكم وصححه.
قال صاحب درة الواعظين: قال عليه السلام {البخيل} أي الكامل في البخل كما يفيده تعريف المبتدأ، {من ذكرت عنده} أي من سمع اسمي بمسمع منه {فلم يصل علي} لأنه بخل على نفسه حيث حرمها صلاة الله عليه عشراً إذا صلى عليه، صلى الله تعالى عليه وسلم، واحدة. قال: {كذا في الجامع الصغير}.
وفي الجامع عن جابر رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم: ( من ذكرت عنده فلم يصل علي فقد شقي) وقال رواه ابن السني وحسنه، وفي رواية: ( فقد أبعد ) يعني عن رحمة الله.
وفيه عن ابن عباس: ( من نسي {أي ترك} الصلاة علي خطىء طريق الجنة) أي فلم يبق له إلا طريق النار، ورمز لابن ماجة وحسنه دون شارحه.
وفي الجامع برمز الترمذي والحاكم عن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قال: ( رغم أنف رجل {أي لصق بالتراب وأذل} ذكرت عنده ولم يصل علي، ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له، ورغم أنف رجل أدرك عنده أبواه الكبر فلم يدخلاه الجنة).
وروي مرفوعا: ( لا يرى وجهي ثلاثة أنفس: العاق لوالديه، والتارك لسنتي، ومن لم يصل علي إذا ذكرت بين يديه).
وعن أبي هريرة رضي الله أنه صلى الله عليه وسلم قال: ( من ذكرت عنده فلم يصل علي فدخل النار فأبعده الله فلا يلومن إلا نفسه) رواه ابن خزيمة وابن حبان. قال صاحب السنن والمبتدعات: وهو صريح من الكبائر لأنه صلى الله عليه وسلم ذكر وعيدا شديدا كدخول النار وتكرار الدعاء من جبريل عليه السلام والنبي صلى الله عليه وسلم بالبعد والسحق، ومن النبي صلى الله عليه وسلم بالذل والهوان والوصف بالبخل، بل يكون أبخل الناس، وهذا كله وعيد شديد جدا، فاقتضى أن يكون كبيرة.
يتبع
صيغ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كثيرة ومتعددة ولكن نكتفي ببعض الصيغ الواردة، قال الأستاذ عبد السلام ياسين في المنهاج النبوي ص 163: نكتفي بالصيغ الواردة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وهي كثيرة. والصلاة الإبراهيمية في التشهد وغيره هي العمدة.
ومن أفضل الصيغ الواردة التي أوصى بها الأستاذ المرشد كذلك صلاة المكيال الأوفى:
- فعن أبي هريرة رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من سره أن يكال له بالمكيال الأوفى [ وفي رواية أخرى لأبي هريرة: من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى ] إذا صلى علينا أهل البيت فليقل: اللهم صل على محمد النبي وأزواجه أمهات المومنين وذريته وأهل بيته كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد). رواه أبو داود والنسائي [ صحيح البخاري، مسلم، موطأ مالك، الترمذي، ابن ماجة. نزل الأبرار] .
إشارة : نضيف لفظ السيادة تأدباً مع المصطفى صلى الله عليه وسلم عند صلاتنا عليه .
ويوصي الأستاذ عبد السلام ياسين حفظه الله بالإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والأحسن بصيغة المكيال الأوفى قال في المنهاج النبوي ص 50 تحت عنوان عمل اليوم والليلة: الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم { 300 مرة على الأقل يومياً}، وتخصيص ليلة الجمعة ويومها للصلاة عليه.
- قال أحد العلماء: واعلم أن إكثار الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مطلوب مرغب فيهما فينبغي الحرص عليه كل حين ولو بأقل الصلاة وهو: اللهم صل على محمد وآله وسلم. ولا يسمع أحد بعظم فضلها ولا يتركها إلا متهاون بالدين. قال أبو طالب المكي في قوت القلوب: ينبغي ألا ينقص صلاته عليه عن الثلاثمائة. وقال الشيخ الكبير قطب الدوائر أبو الحسن البكري ينبغي للمرء أن لا تنقص صلاته على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو بأقل الصلاة عن الخمسمائة.
- قال الشيخ ماء العينين في فاتق الرتق ص 299:{ قال بعض العلماء} رضي الله عنهم وأقل الإكثار سبعمائة وخمسون كل يوم وثلاثمائة وخمسون كل ليلة.
بعض الوصايا والآداب التي ذكرها الأستاذ عبد السلام ياسين مجملة:
قال في كتاب المنهاج النبوي 163-64 : روى مسلم وأصحاب السنن عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشراً). فإن كان هذا فضل الصلاة على الحبيب، فكيف لا يستكثر منها المؤمن، وإنه لشح ما له مثيل أن يكتب المؤمن ذاكراً رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكتب بين قوسين صاداً صماء، ويحرم نفسه من ذلك الفضل العظيم.
نكتفي بالصيغ الواردة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وهي كثيرة. والصلاة الإبراهيمية في التشهد وغيره هي العمدة .{....}
''صلاتنا على الرسول الكريم على الله عز وجل تبلغه ويبلغه سلامنا، كما جاء في الحديث، فلنتأدب مع إمام الأنبياء وخيرة الخلق صلى الله عليه وسلم، وأول هذه الآداب تعظيمه في أنفسنا، ومحبته الموصولة بمحبة الله لا تنفك، ومن الآداب أن نهدي ثواب صلاتنا لروحه الشريفة، ومنها أن نكثر من الصلاة عليه يوم الجمعة.
ولنحذر أن نبعد عن رحمة الله إن ذكر عندنا اسمه الحبيب فبخلنا عن الصلاة عليه، ومن هذا البخل الشنيع صاد بعضهم الصماء [ يقصد أن يكتب – ص - أو – صلعم - بدل صلى الله عليه وسلم].
التأدب والمحبة المقرونة بالتعظيم مطلوبة في حضرة الصلاة والسلام على سيد الأنام:
عن مجاهد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إنكم تعرضون علي بأسمائكم وسيماكم، فأحسنوا الصلاة علي) رواه الحافظ أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمان النميري في كتاب الأعلام هكذا مرسلا، رواه السيوطي في جمع الجوامع 7575 وقال رواه عبد الرزاق عن مجاهد مرسلا.
قال ابن الجوزي ص 351: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( تباهواْ بالصلاة علي فإنها تبلغني) فبلغوا صلاتكم على سيدكم ونبيكم وصفيكم، وارغبواْ إلى مولاكم أن يتوفاكم على سنته، وأن يجعلكم من أمته، وأن يجعله شفيعكم من النار، وقائدكم إلى دار الراحة والقرار، إلى جنات عدت تجري من تحتها الأنهار. {....} .
وأنشدوا :
صلواْ بـنا فـي اللـيل والنهـار ***** على النبي الصادق المختار
أسرى به الرحمان في جنح الدجى ***** قد جاء في القرآن والآثـار
الهاشمي المصطفى خير الـورى ***** الطـائـع الأواب للجبـار
صلوا على المبعوث يا أهل النهى ***** من جاء بالتنزيل والأخبـار
قال صاحب خزينة الأسرار ص 205:
فاعلم أن للمؤمنين مقامين عند ذكر الصلاة والسلام على سيد الأنام لكل مقام مقال ولكل نعمة سؤال. فالمقام الأول: أن يعد المصلي والمسلم نفسه عند حضرة الجناب وبذكر الصلاة والسلام عليه بطرق الخطاب مع التعظيم والتوقير والآداب مستشفعاً ومستمداً ومتوسلاً به إلى الله الوهاب فيناسب له في ذلك المقام أن يقول: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ويكررها مائة مرة {.....}.
والمقام الثاني: أن يتوجه المصلي والمسلم بكمال التوجه إلى ذات الله تعالى ويقول: يا رب إني آمنت بك وبرسولك وعملنا بكتابك وسنة حبيبك محمد صلى الله عليه وسلم، وأمرتنا بالصلاة والسلام عليه فلم نقدر على الصلاة والسلام كما يليق على ذاته المحمدية مع عجزنا وقصورنا يا رب فصل أنت وكالة عنا صلاةً كاملةً وسلاماً تاماً لائقاً على حقيقة ذاته المحمدية وينوي امتثالا لأمره تعالى وتعظيما لحق نبيه{...}.
الصلاة صلة ونور يهتدي به العبد في الدنيا والآخرة:
قال ابن الجوزي في بستان الواعظين ص 352: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ليردن علي أقوام يوم القيامة عند حوضي ما أعرفهم إلا بكثرة الصلاة علي). عباد الله أنتم ترون نبيكم وحبيبكم وصفيكم، فأكثروا من الصلاة عليه فعسى يعرفكم بكثرة الصلاة عليه لأن الصلاة عليه نور لصاحبه يوم القيامة، فعلى قدر الصلاة على الهاشمي القرشي التهامي الأمي الأبطحي يكون النور المضيء الذي يعرف به المؤمن التقي، ومن لا يكثر الصلاة على هذا النبي صلى الله عليه وسلم فهو مبعد مطرود شقي، يا إخواني في الله صلوا على شجرة غرسها الملك الجليل، وجعل أصلها الخليل، وجعل خلالها التفضيل، وزينها بالتنزيل، وجعل رفيقها جبريل، وخضع لها كل كبير وكل عزيز وذليل، أصولها عربية، وأغصانها مُضرية، وأوراقها قرشية، وثمرتها تهامية، وغرسها الملك الديان، وأخضع لها جميع الإنس والجان، فصلوا عليه يا معشر الإخوان.
وأنشدوا :
الله فضل خير الخلق بالكرم ***** وأفضل الناس من عرب ومن عجم
هو النبي الذي فاقت فضائله ***** وخـصه الله بالتـنـزيل والحـكم
اختـصه بكـتاب بين علـم ***** هدى العـباد به من غـمة الظـلم
الله فـضله الله أكـرمـــه ***** الله أرسله من جمــلة الأمـــم
صلوا عليه عباد الله كلـكمواْ ***** إن الصلاة له تنـجي من النقـــم
عباد الله طيبوا مجالسنا بالصلاة على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
التحذير لمن سمع ذكره ولم يصل عليه صلى الله وسلم عليه:
قال ابن الجوزي في البستان ص 347: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( حسب المؤمن من البخل إذا ذكرت عنده فلم يصل علي) أعوذ بالله من اللئيم البخيل، الذي يبخل بالصلاة على رسول الملك الجليل، الذي خصه بالكرامة والتفضيل، وائتمنه على الإيضاح عن بيان التأويل في جميع التنزيل.
وأنشدوا :
صلوا على القمر المـنير إذا بدا ***** في موكب من حسنه وجمالـه
لم يخلـق الرحمان خلـقا مثله ***** في فضلـه وبهائـه وكمالـه
ختم النـبوة طيـبه فخــتامه ***** مسك تكون من نسيـم جلالـه
صلوا عـلى العلم الذي من أمه ***** نال المنى وجرى السرور بباله
صلـوا بـدر التـمام محـبـة ***** وكرامة وجـلالـة لجـلالـه
إن الصلاة علـى النبي سلامـة ***** وتفـضل وتوسـل بجـمالـه
وتـودد وتـحـنـن وتشـوق ***** وتوسـل وتـقـرب لنـوااـه
عباد الله صلوا على رسول الله، صلوا على سيدنا وحبيبنا محبة وكرامة، فهو الشفيع لنا يوم القيامة.
وعن الحسن بن علي رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قال: ( البخيل من ذكرت عنده ولم يصل علي) رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن حبان والحاكم وصححه.
قال صاحب درة الواعظين: قال عليه السلام {البخيل} أي الكامل في البخل كما يفيده تعريف المبتدأ، {من ذكرت عنده} أي من سمع اسمي بمسمع منه {فلم يصل علي} لأنه بخل على نفسه حيث حرمها صلاة الله عليه عشراً إذا صلى عليه، صلى الله تعالى عليه وسلم، واحدة. قال: {كذا في الجامع الصغير}.
وفي الجامع عن جابر رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم: ( من ذكرت عنده فلم يصل علي فقد شقي) وقال رواه ابن السني وحسنه، وفي رواية: ( فقد أبعد ) يعني عن رحمة الله.
وفيه عن ابن عباس: ( من نسي {أي ترك} الصلاة علي خطىء طريق الجنة) أي فلم يبق له إلا طريق النار، ورمز لابن ماجة وحسنه دون شارحه.
وفي الجامع برمز الترمذي والحاكم عن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قال: ( رغم أنف رجل {أي لصق بالتراب وأذل} ذكرت عنده ولم يصل علي، ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له، ورغم أنف رجل أدرك عنده أبواه الكبر فلم يدخلاه الجنة).
وروي مرفوعا: ( لا يرى وجهي ثلاثة أنفس: العاق لوالديه، والتارك لسنتي، ومن لم يصل علي إذا ذكرت بين يديه).
وعن أبي هريرة رضي الله أنه صلى الله عليه وسلم قال: ( من ذكرت عنده فلم يصل علي فدخل النار فأبعده الله فلا يلومن إلا نفسه) رواه ابن خزيمة وابن حبان. قال صاحب السنن والمبتدعات: وهو صريح من الكبائر لأنه صلى الله عليه وسلم ذكر وعيدا شديدا كدخول النار وتكرار الدعاء من جبريل عليه السلام والنبي صلى الله عليه وسلم بالبعد والسحق، ومن النبي صلى الله عليه وسلم بالذل والهوان والوصف بالبخل، بل يكون أبخل الناس، وهذا كله وعيد شديد جدا، فاقتضى أن يكون كبيرة.
يتبع
رد: الصلاة عـلى النبي صلى الله عليه وسلم
الصلاة عليه عند كتابة أو قراءة اسمه والحذر من كتابة صاد بعضهم الصماء
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قال : ( من صلى علي في كتاب لم تزل الملائكة يستغفرون له ما بقي اسمي في ذلك الكتاب ) قال العراقي: رواه الطبراني في الأوسط ، وأبو الشيخ في الثواب ، والمستغفري في الدعوات من حديث أبي هريرة بسند ضعيف . وعن عامر بن ربيعة سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( من صلى علي صلاة صلت عليه الملائكة ما صلى علي فليقلل عبد أو ليكثر ) رواه البيهقي بإسناد ضعيف والطبراني في الأوسط بإسناد حسن . وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة ) أخرجه الترمذي وحسنه وابن عاصم .
قال الفيروز أبادي : وفيه بشارة لأصحاب الحديث ، لأنهم يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا ، نهاراً وليلاً ، وعند القراءة والكتابة ، فهم أكثر الناس صلاة لذلك ، واختصوا بهذه المنقبة من بين سائر فروق العلماء ، قال أبو اليمن ابن عساكر: فليهنأ أهل الحديث كثرهم الله ، بهذه البشرى وأتم الله عليهم نعمة هذه الفضيلة الكبرى، فإنهم أولى الناس بنبيهم صلى الله عليه وسلم ، وأقربهم إلى الله وسيلة يوم القيامة إلى رسولهم ، فإنهم يخلدون ذكره في طروسهم ، ويجددون الصلاة والتسليم عليه في معظم الأوقات في مجالس مذاكراتهم وتحديثهم ومعارضاتهم ودروسهم ، والثناء عليه صلى الله عليه وسلم شعارهم ودثارهم ، وبحسن نشرهم لآثاره الرفيعة تحسن آثارهم ، مع ما وفقوا له من الوقوف عند نصوص الأخبار ، واقتفائهم آثار الآثار التي هي إذا أظلم ليل الرائي { أشرقت كأنها شمس نهار } . فهم إن شاء الله الفرقة الناجية ، والعصبة المؤملة لخصوصية الراحة والجماعة الحافة به يوم النشور اللائذة اللاجئة جعلنا الله منهم وأعاد علينا من بركاتهم ورضي عنهم وصلى الله على نبينا وسلم وشرف وكرم .
وروى سليمان بن الربيع ، يرفعه ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من صلى علي في كتاب لم تزل الصلاة جارية له ما دام اسمي في ذلك الكتاب ) . وعن جعفر بن علي الزعفراني قال : سمعت خالي الحسن ابن محمد يقول : رأيت أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى في النوم فقال لي : يا أبا علي لو رأيت صلاتنا على النبي صلى الله عليه وسلم في الكتاب كيف تزهر بين أيدينا ؟
وقال بعض أهل الحديث : كان لي جار، فمات فرؤي في المنام فقيل له : ما فعل الله بك ؟ قال : غفر لي . قيل : بم ذاك ؟ قال : كنت إذا كتبت ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث كتبت [ صلى الله عليه وسلم ] . والروايات كثيرة في هذا الصدد .
وقد روى الحافظ أبو موسى في كتابه عن جماعة من أهل الحديث أنهم رؤوا بعد موتهم وأخبروا أن الله غفر لهم بكتابتهم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كل حديث .
فضل الصلاة عليه في ليلة الجمعة ويومها
عن زيد بن وهب قال : قال لي ابن مسعود : يا زيد لا تدع إذا كان يوم الجمعة أن تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ألف مرة تقول : اللهم صل على محمد النبي الأمي .
وقال الشافعي: أحب كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كل حال ، وأنا يوم الجمعة وليلتها أشد استحباباً .
وفي الجامع أنه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قال : ( أكثرواْ من الصلاة علي في يوم الجمعة فإنه يوم مشهود ، تشهده الملائكة ، وإن أحدا لن يصلي علي إلا عرضت علي صلاته حتى يفرغ منها ) وتمامه كما في شرح الجامع الكبير : قال أبو الدرداء : قلت وبعد الموت يا رسول الله ؟ قال : ( وبعد الموت إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء ، فنبي الله حي يرزق ) قال شارحه ورجاله ثقات . وفيه أيضا أنه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قال : ( أكثروا الصلاة علي في الليلة الغراء واليوم الأزهر فإن صلاتكم تعرض علي ) قال شارحه : رواه الطبراني وبتعدد طرقه صار حسنا.
وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أكثروا علي من الصلاة في كل يوم جمعة ، فإن صلاة أمتي تعرض علي في كل يوم جمعة ، فمن كان أكثرهم علي صلاة كان أقربهم مني منزلة ) إسناده جيد ورجاله ثقات وخرجه البيهقي وجماعة .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا كان يوم الخميس بعث الله تعالى ملائكة معهم صحف من فضة وأقلام من ذهب يوم الخميس وليلة الجمعة يكتبون أكثر الناس صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ) ذكره الحافظ ابن بشكوال ، والحديث في جمع الجوامع2483 مجمع البحوث الإسلامية وعزاه السيوطي فيه لابن عساكر.
وعن جعفر الصادق : إذا كان الخميس عند العصر أهبط الله عز وجل ملائكة من السماء إلى الأرض ، ومعها صحائف من فضة ، وبأيديها أقلام من ذهب ، تكتب الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم ، في ذلك اليوم وتلك الليلة ، ومن الغد إلى غروب الشمس .
وفي بستان الواعظين لأبن الجوزي ص:340 : روي عن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم انه قال : ( من صلى علي في يوم الجمعة مائة مرة غفر الله له خطيئة ثمانين سنة ) [ قال محققه: رواه الدارقطني وابن شاهين كما ذكره الألباني في الضعيفة ] . فالله الله يا معشر المؤمنين والمؤمنات ، أكثروا من الصلاة على حبيبكم محمد في جميع الأيام والأوقات ، والأحايين والساعات ، عسى الله أن يخلصكم من الأهوال والآفات ، والعذاب والعقوبات ، ويدخلكم الجنات العاليات ، يوم تبدل الأرض والسماوات . وأنشدوا :
صلوا على المصطفى زلفى تقربكم ***** إن الصلاة عليه خير ما اكتسبـا
أعلا الأنام علـى فـي جلالتـه ***** وأشرف الخلق منسوبا إذا انتسبا
وأسرع الناس يوم العرض مغفرة ***** إذا العقاب بدا للخلـق وانتصـبا
حكي عن الشبلي رحمه الله تعالى أنه قال : مات رجل من جيراني فرأيته في المنام ، فسألته عن حاله ، فقال : يا شبلي مرت بي أهوال عظام ، وذلك أنه لما سئلت تلجلج لساني عند السؤال منه جاءني الملكان وأراد أحدهما أن يبادرني بالعذاب ، إذ أنا بشخص جميل ما رأيت أجمل منه وجها فحال بيني وبينهما ، فقلت له : من أنت ؟ - من بعد ما لقنني حجتي – فقال : أنا ملك خلقني الله من ثواب الصلاة على محمد ، وأنت كنت تكثر من الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم ، لأخلصنك بإذن الله من جميع الأحزان ، ومن عذاب النيران ، ولا أبارحك حتى أدخلك الجنة برحمة الله .
فالله الله عباد الله لا تملوا من الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم زين العباد ، الذي خلصنا به حر جهنم وبئس المهاد . وأنشدوا :
من كان يكثر بالصلاة ***** مؤملا فضـل النبـي
أعطاه رب محـمـد ***** عونا من اللطف الخفـي .
تواب من أكثر الصلاة عليه
قال ابن الجوزي في البستان ص : 354-355 : روي عن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أنه قال : ( من صلى علي مرة صلى الله عليه بها عشرا ، ومن صلى علي عشراً صلى الله عليه مائة مرة ، ومن صلى علي مائة ، صلى الله عليه بها ألفاً ، ومن صلى علي ألفاً ، حرمه الله على النار وأدخله الجنة وثبته بالقول الثابت في القبر عند المسألة ، وجاءت صلاته علي نوراً يضيء له الصراط مسيرة خمسمائة عام ، وبنا الله له بكل صلاة صلاها علي قصراً في الجنة قل ذلك أو كثر ) . {.....}
عباد الله خففوا عن ظهوركم الذنوب الثقال ، وفكوا رقابكم من السلاسل والأغلال ، وارغبوا في نعيم الخلد والإجلال ، بصلاتكم على النبي محمد رسول الكبير المتعال .
روي عن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أنه قال : ( من صلى علي ألف مرة لم يخرج من الدنيا حتى يبشر بالجنة ) . فارغبوا عباد الله أن تكونوا من أهل الجنان ، بإدمان الصلاة على محمد رسول الملك الرحمان ، فعسى الله أن يكفر عنكم ما سلف من الذنوب والعصيان ، نعوذ بالله من لسان يابس من الصلاة على محمد ، وإذا أراد الله بعبد خيراً بل لسانه بذكره ، وبالصلاة على محمد حبيبه ونبيه ووليه وصفيه صلى الله عليه ، صلواتنا على محمد المبعوث من تهامة ، الآمر بالمعروف والاستقامة ، الشفيع لأهل الذنوب في عرصات القيامة . اللهم صل على محمد الزاهد ، رسول الملك الصمد الواحد صلى الله عليه صلاة دائمة منتهى الآباد ، طيبة باقية بلا انقطاع ولا نفاد ، صلاة تنجينا بها من جهنم وبئس المهاد . وأنشدواْ :
صلوا على هذا النبي الأوضح ***** الهاشمي الأبطحـي الأفصـح
إن الصلاة على الشفيع محمد ***** تبدي الفلاح مع النجاح الأنجح
فأكثروا من ذكره أهل النهـى ***** لا تبـتغوا بدلا بذكـر الأرجح
قال ابن الجوزي في بستان الواعظين ص :365-366 : روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( أكثركم علي صلاة أقربكم مني مجلسا ) ، وفي هذا الحديث إشارة حسنة ، وهي أن من قرب في الآخرة من النبي {صلى الله عليه وسلم } نظر إلى وجه العزيز الجبار، ومن نظر إلى وجه العزيز الجبار ، وقرب من النبي المختار، زحزح جسمه عن النار، وأسكن دار الراحة والقرار، في جنات عدن تجري من تحتها الأنهار،لا يذوقون فيها طعم الحمام ،ولا يجدون ضر الأسقام ، ولا تلحقهم فتور الآلام ، وقد أمنوا من الزوال والانتقال ، ورضي عنهم الكبير المتعال سبحانه وتعالى جل ذلك الجلال .
وأنشدوا :
صلى الإله ومن يحف بعرشــه ***** والطيبون على المبارك أحمد
فما حملت من ناقة فوق رحــلها ***** أبر وأوفى ذمـة من محـمد
ولا طلعت شمس النهار على امرئ ***** تـقي نـقي كالنـبي محـمد
ولا لاحت الجوزاء شرقا ومغـربا ***** بأطيب من طيب النبي محـمد
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( أكثروا من الصلاة علي فإنها تطفيء غضب الجبار ) ، فأولى أن تطفئ عن المصلي عليه صلى الله عليه وسلم في الدنيا كيد الشيطان الفرار. عبا د الله الزموا هذه الفضائل ، وارغبوا في هذه المنازل ، وتقربوا إلى الله بهذه الوسائل ، بالصلاة على النبي المختار من أشرف القبائل ، الذي أوضح الله به الدلائل ، وجعله إليه أكبر الوسائل . وأنشدوا :
حب النبي على الأنام فريضة ***** لا تنس ذكر الهاشمي الأكرم
إن الصلاة على النبي وسيلة ***** فيها النـجاة لكل عبد مسـلم
صلوا على القمر المنير فإنه ***** نـور تبدى في الغمام المظلم
رحـم العباد به عزيز قادر ***** فـالشكر للـه العلي المنـعم
المداومة على الصلاة عليه
قال ابن الجوزي في بستان الواعظين ص : 369 : واعلموا عباد الله أن الواجب على كل مسلم ومسلمة ألا يدع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم حينا ولا وقتا ، ولا يذكرها في الشدائد ويدعها في الرخاء ، فيكون كمن يعمل للدنيا دون الآخرة ، إنما يجب عليك أن تصلي عليه في صلاتك وعند قيامك وقعودك ولباسك ، وأكلك وشرابك ، وسائر تصرفاتك ، فتعود عليك بركتها ، وتقبل عليك خيراتها ، وتقضي بذلك حق نفسك وحق نبيك محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا تقدر أن تبلغ حق نبيك أبدا ولو كان لك ألف لسان تصلي به عليه ، لأن الله تبارك وتعالى جعله سببا لخلاصك من النار ، ولمعرفتك بمولاك العزيز الجبار .
يتبع
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قال : ( من صلى علي في كتاب لم تزل الملائكة يستغفرون له ما بقي اسمي في ذلك الكتاب ) قال العراقي: رواه الطبراني في الأوسط ، وأبو الشيخ في الثواب ، والمستغفري في الدعوات من حديث أبي هريرة بسند ضعيف . وعن عامر بن ربيعة سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( من صلى علي صلاة صلت عليه الملائكة ما صلى علي فليقلل عبد أو ليكثر ) رواه البيهقي بإسناد ضعيف والطبراني في الأوسط بإسناد حسن . وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة ) أخرجه الترمذي وحسنه وابن عاصم .
قال الفيروز أبادي : وفيه بشارة لأصحاب الحديث ، لأنهم يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا ، نهاراً وليلاً ، وعند القراءة والكتابة ، فهم أكثر الناس صلاة لذلك ، واختصوا بهذه المنقبة من بين سائر فروق العلماء ، قال أبو اليمن ابن عساكر: فليهنأ أهل الحديث كثرهم الله ، بهذه البشرى وأتم الله عليهم نعمة هذه الفضيلة الكبرى، فإنهم أولى الناس بنبيهم صلى الله عليه وسلم ، وأقربهم إلى الله وسيلة يوم القيامة إلى رسولهم ، فإنهم يخلدون ذكره في طروسهم ، ويجددون الصلاة والتسليم عليه في معظم الأوقات في مجالس مذاكراتهم وتحديثهم ومعارضاتهم ودروسهم ، والثناء عليه صلى الله عليه وسلم شعارهم ودثارهم ، وبحسن نشرهم لآثاره الرفيعة تحسن آثارهم ، مع ما وفقوا له من الوقوف عند نصوص الأخبار ، واقتفائهم آثار الآثار التي هي إذا أظلم ليل الرائي { أشرقت كأنها شمس نهار } . فهم إن شاء الله الفرقة الناجية ، والعصبة المؤملة لخصوصية الراحة والجماعة الحافة به يوم النشور اللائذة اللاجئة جعلنا الله منهم وأعاد علينا من بركاتهم ورضي عنهم وصلى الله على نبينا وسلم وشرف وكرم .
وروى سليمان بن الربيع ، يرفعه ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من صلى علي في كتاب لم تزل الصلاة جارية له ما دام اسمي في ذلك الكتاب ) . وعن جعفر بن علي الزعفراني قال : سمعت خالي الحسن ابن محمد يقول : رأيت أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى في النوم فقال لي : يا أبا علي لو رأيت صلاتنا على النبي صلى الله عليه وسلم في الكتاب كيف تزهر بين أيدينا ؟
وقال بعض أهل الحديث : كان لي جار، فمات فرؤي في المنام فقيل له : ما فعل الله بك ؟ قال : غفر لي . قيل : بم ذاك ؟ قال : كنت إذا كتبت ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث كتبت [ صلى الله عليه وسلم ] . والروايات كثيرة في هذا الصدد .
وقد روى الحافظ أبو موسى في كتابه عن جماعة من أهل الحديث أنهم رؤوا بعد موتهم وأخبروا أن الله غفر لهم بكتابتهم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كل حديث .
فضل الصلاة عليه في ليلة الجمعة ويومها
عن زيد بن وهب قال : قال لي ابن مسعود : يا زيد لا تدع إذا كان يوم الجمعة أن تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ألف مرة تقول : اللهم صل على محمد النبي الأمي .
وقال الشافعي: أحب كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كل حال ، وأنا يوم الجمعة وليلتها أشد استحباباً .
وفي الجامع أنه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قال : ( أكثرواْ من الصلاة علي في يوم الجمعة فإنه يوم مشهود ، تشهده الملائكة ، وإن أحدا لن يصلي علي إلا عرضت علي صلاته حتى يفرغ منها ) وتمامه كما في شرح الجامع الكبير : قال أبو الدرداء : قلت وبعد الموت يا رسول الله ؟ قال : ( وبعد الموت إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء ، فنبي الله حي يرزق ) قال شارحه ورجاله ثقات . وفيه أيضا أنه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قال : ( أكثروا الصلاة علي في الليلة الغراء واليوم الأزهر فإن صلاتكم تعرض علي ) قال شارحه : رواه الطبراني وبتعدد طرقه صار حسنا.
وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أكثروا علي من الصلاة في كل يوم جمعة ، فإن صلاة أمتي تعرض علي في كل يوم جمعة ، فمن كان أكثرهم علي صلاة كان أقربهم مني منزلة ) إسناده جيد ورجاله ثقات وخرجه البيهقي وجماعة .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا كان يوم الخميس بعث الله تعالى ملائكة معهم صحف من فضة وأقلام من ذهب يوم الخميس وليلة الجمعة يكتبون أكثر الناس صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ) ذكره الحافظ ابن بشكوال ، والحديث في جمع الجوامع2483 مجمع البحوث الإسلامية وعزاه السيوطي فيه لابن عساكر.
وعن جعفر الصادق : إذا كان الخميس عند العصر أهبط الله عز وجل ملائكة من السماء إلى الأرض ، ومعها صحائف من فضة ، وبأيديها أقلام من ذهب ، تكتب الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم ، في ذلك اليوم وتلك الليلة ، ومن الغد إلى غروب الشمس .
وفي بستان الواعظين لأبن الجوزي ص:340 : روي عن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم انه قال : ( من صلى علي في يوم الجمعة مائة مرة غفر الله له خطيئة ثمانين سنة ) [ قال محققه: رواه الدارقطني وابن شاهين كما ذكره الألباني في الضعيفة ] . فالله الله يا معشر المؤمنين والمؤمنات ، أكثروا من الصلاة على حبيبكم محمد في جميع الأيام والأوقات ، والأحايين والساعات ، عسى الله أن يخلصكم من الأهوال والآفات ، والعذاب والعقوبات ، ويدخلكم الجنات العاليات ، يوم تبدل الأرض والسماوات . وأنشدوا :
صلوا على المصطفى زلفى تقربكم ***** إن الصلاة عليه خير ما اكتسبـا
أعلا الأنام علـى فـي جلالتـه ***** وأشرف الخلق منسوبا إذا انتسبا
وأسرع الناس يوم العرض مغفرة ***** إذا العقاب بدا للخلـق وانتصـبا
حكي عن الشبلي رحمه الله تعالى أنه قال : مات رجل من جيراني فرأيته في المنام ، فسألته عن حاله ، فقال : يا شبلي مرت بي أهوال عظام ، وذلك أنه لما سئلت تلجلج لساني عند السؤال منه جاءني الملكان وأراد أحدهما أن يبادرني بالعذاب ، إذ أنا بشخص جميل ما رأيت أجمل منه وجها فحال بيني وبينهما ، فقلت له : من أنت ؟ - من بعد ما لقنني حجتي – فقال : أنا ملك خلقني الله من ثواب الصلاة على محمد ، وأنت كنت تكثر من الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم ، لأخلصنك بإذن الله من جميع الأحزان ، ومن عذاب النيران ، ولا أبارحك حتى أدخلك الجنة برحمة الله .
فالله الله عباد الله لا تملوا من الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم زين العباد ، الذي خلصنا به حر جهنم وبئس المهاد . وأنشدوا :
من كان يكثر بالصلاة ***** مؤملا فضـل النبـي
أعطاه رب محـمـد ***** عونا من اللطف الخفـي .
تواب من أكثر الصلاة عليه
قال ابن الجوزي في البستان ص : 354-355 : روي عن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أنه قال : ( من صلى علي مرة صلى الله عليه بها عشرا ، ومن صلى علي عشراً صلى الله عليه مائة مرة ، ومن صلى علي مائة ، صلى الله عليه بها ألفاً ، ومن صلى علي ألفاً ، حرمه الله على النار وأدخله الجنة وثبته بالقول الثابت في القبر عند المسألة ، وجاءت صلاته علي نوراً يضيء له الصراط مسيرة خمسمائة عام ، وبنا الله له بكل صلاة صلاها علي قصراً في الجنة قل ذلك أو كثر ) . {.....}
عباد الله خففوا عن ظهوركم الذنوب الثقال ، وفكوا رقابكم من السلاسل والأغلال ، وارغبوا في نعيم الخلد والإجلال ، بصلاتكم على النبي محمد رسول الكبير المتعال .
روي عن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أنه قال : ( من صلى علي ألف مرة لم يخرج من الدنيا حتى يبشر بالجنة ) . فارغبوا عباد الله أن تكونوا من أهل الجنان ، بإدمان الصلاة على محمد رسول الملك الرحمان ، فعسى الله أن يكفر عنكم ما سلف من الذنوب والعصيان ، نعوذ بالله من لسان يابس من الصلاة على محمد ، وإذا أراد الله بعبد خيراً بل لسانه بذكره ، وبالصلاة على محمد حبيبه ونبيه ووليه وصفيه صلى الله عليه ، صلواتنا على محمد المبعوث من تهامة ، الآمر بالمعروف والاستقامة ، الشفيع لأهل الذنوب في عرصات القيامة . اللهم صل على محمد الزاهد ، رسول الملك الصمد الواحد صلى الله عليه صلاة دائمة منتهى الآباد ، طيبة باقية بلا انقطاع ولا نفاد ، صلاة تنجينا بها من جهنم وبئس المهاد . وأنشدواْ :
صلوا على هذا النبي الأوضح ***** الهاشمي الأبطحـي الأفصـح
إن الصلاة على الشفيع محمد ***** تبدي الفلاح مع النجاح الأنجح
فأكثروا من ذكره أهل النهـى ***** لا تبـتغوا بدلا بذكـر الأرجح
قال ابن الجوزي في بستان الواعظين ص :365-366 : روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( أكثركم علي صلاة أقربكم مني مجلسا ) ، وفي هذا الحديث إشارة حسنة ، وهي أن من قرب في الآخرة من النبي {صلى الله عليه وسلم } نظر إلى وجه العزيز الجبار، ومن نظر إلى وجه العزيز الجبار ، وقرب من النبي المختار، زحزح جسمه عن النار، وأسكن دار الراحة والقرار، في جنات عدن تجري من تحتها الأنهار،لا يذوقون فيها طعم الحمام ،ولا يجدون ضر الأسقام ، ولا تلحقهم فتور الآلام ، وقد أمنوا من الزوال والانتقال ، ورضي عنهم الكبير المتعال سبحانه وتعالى جل ذلك الجلال .
وأنشدوا :
صلى الإله ومن يحف بعرشــه ***** والطيبون على المبارك أحمد
فما حملت من ناقة فوق رحــلها ***** أبر وأوفى ذمـة من محـمد
ولا طلعت شمس النهار على امرئ ***** تـقي نـقي كالنـبي محـمد
ولا لاحت الجوزاء شرقا ومغـربا ***** بأطيب من طيب النبي محـمد
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( أكثروا من الصلاة علي فإنها تطفيء غضب الجبار ) ، فأولى أن تطفئ عن المصلي عليه صلى الله عليه وسلم في الدنيا كيد الشيطان الفرار. عبا د الله الزموا هذه الفضائل ، وارغبوا في هذه المنازل ، وتقربوا إلى الله بهذه الوسائل ، بالصلاة على النبي المختار من أشرف القبائل ، الذي أوضح الله به الدلائل ، وجعله إليه أكبر الوسائل . وأنشدوا :
حب النبي على الأنام فريضة ***** لا تنس ذكر الهاشمي الأكرم
إن الصلاة على النبي وسيلة ***** فيها النـجاة لكل عبد مسـلم
صلوا على القمر المنير فإنه ***** نـور تبدى في الغمام المظلم
رحـم العباد به عزيز قادر ***** فـالشكر للـه العلي المنـعم
المداومة على الصلاة عليه
قال ابن الجوزي في بستان الواعظين ص : 369 : واعلموا عباد الله أن الواجب على كل مسلم ومسلمة ألا يدع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم حينا ولا وقتا ، ولا يذكرها في الشدائد ويدعها في الرخاء ، فيكون كمن يعمل للدنيا دون الآخرة ، إنما يجب عليك أن تصلي عليه في صلاتك وعند قيامك وقعودك ولباسك ، وأكلك وشرابك ، وسائر تصرفاتك ، فتعود عليك بركتها ، وتقبل عليك خيراتها ، وتقضي بذلك حق نفسك وحق نبيك محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا تقدر أن تبلغ حق نبيك أبدا ولو كان لك ألف لسان تصلي به عليه ، لأن الله تبارك وتعالى جعله سببا لخلاصك من النار ، ولمعرفتك بمولاك العزيز الجبار .
يتبع
رد: الصلاة عـلى النبي صلى الله عليه وسلم
أثر الصلاة على النبي صلى الله عله وسلم في السلوك والتربية:
قال السيد محمد علوي المالكي في أبواب الفرج: قال الشيخ عبد العزيز بن علي المكي الزمزمي صاحب منظومة التفسير التي شرحها سيدي الوالد السيد علوي المالكي في كتابه فيض الخير:
الصلاة على سيد السادات من أهم المهمات في جميع الأوقات لمن يريد القرب من رب الأراضين والسماوات. وإنها تجلب الأسرار والفتوحات. وتصفي البواطن من جميع الكدورات. وأنها تتأكد في حق أهل البداية، وأرباب الإرادات، وأصحاب النهايات. ويستوي في الاحتياج إليها الطالب، والسالك، والمريد المقارب. فالطالب تربيه والعارف تبقيه بعدما تفنيه.
وإن شئت قلت: الطالب تعينه على السلوك، والمريد ترفعه عن الشكوك، والعارف تقول له: ها أنت وربك.
وإن شئت قلت: الطالب تزيده قوة، والمريد تكسبه الفُتُوَة، والعارف تمسكه في مقام الهيبة.
وإن شئت قلت: الطالب تحمله، والمريد تكمله، والعارف تلونه.
وإن شئت قلت: الطالب تحبب إليه الأعمال، والمريد تكسبه الأحوال، والعارف تُثبته في مقامات الرجال.
وإن شئت قلت: الطالب تكسبه استنارة، والمريد تمده بالعبارة، والعارف تغنيه عن الإشارة
وإن شئت قلت: الطالب يقوى بها إيقانه، والمريد يكثرمنها إيمانه، والعارف يزداد بها عيانه
وإن شئت قلت: الطالب تثبته، والمريد تزينه، والعارف تعينه.
وإن شئت قلت: الطالب تكسبه الإطراق، والمريد تفيض عليه الإشراق، والعارف تؤيده عند التلاق.
وإن شئت قلت: الطالب تزداد بها أنواره، والمريد تفيض منها أسراره، والعارف يستوي لربه ليله ونهاره.
وإن شئت قلت: الطالب تحبب إليه الأعمال، والمريد تصحح لديه الأحوال، والعارف تؤيده عند الوصال.
وإن شئت قلت: الطالب تزيده تشوقا، والمريد تطربه تملقا، والعارف يستمد منها تحققا.
وإن شئت قلت: الطالب تكسبه النشاط، والمريد تحميه من الإنحطاط، والعارف يتأدب بها على البساط.
وإن شئت قلت: الطالب تكسبه الأنوار، والمريد تكشف له الستار، والعارف تلزمه الإضطرار، ولا يكون له مع غير الله قرار.
وإن شئت قلت: الطالب تشوقه بالمنامات، والمريد تحققه بالكرامات، والعارف تحوله في المقامات.
وإن شئت قلت: الطالب تؤيده بالثبوت، والمريد تطلعه على غيب الملكوت، والعارف تهيمه بالجبروت.
وإن شئت قلت: الطالب تشوقه إلى اللقا، والمريد تدعوه للملتقى، والعارف تزيده تحققا.
< سعادة الدارين، للنبهاني ص: 97 >.
- الصلاة تنور القلب:
قال ابن الجوزي في بستان الواعظين ص: 358-359: وأما تنوير الظواهر والأسرار: فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أنه قل: (من أكثر الصلاة علي نور الله قلبه) وذلك أن الذنوب تسود القلوب، لأن العبد إذا عمل ذنباً صار نكتة سوداء في قلبه، فإذا تمادى على الذنوب نمت تلك النكتة حتى يسود بها القلب كله، وإذا رطب الله لسان العبد بالصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم غفر الله له ذنوباً ولو كانت مثل وزن الجبال، فإذا غفرت ذنوبه زال السواد عن قلبه وبدا فيه النور، لأن الإسلام لا يتم إلا بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك أنه لو قال العبد: لا أرى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم واجبة لكان كافراً وراداً على الله، وخرج عن دين الإسلام وزال نور الهدى عن قلبه، قال تعالى: "أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه" الزمر:22. فهذا بيان واضح.
وأنشدوا:
نـور القلوب يزيد عند صـلاتنا *** للهاشـمي فنـوره لا ينجـلي
فضـياؤنا من ضوء نور محمـد *** صلوا على ذاك النبي الأفضل
وقال: واعلمواْ أنه ما من عبد مسلم أكثر الصلاة على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام إلا نور الله قلبه، وغفر ذنبه، وشرح صدره، ويسر أمره، فأكثروا من الصلاة لعل الله يجعلكم من أهل ملته، ويستعملكم بسنته، ويجعله رفيقنا جميعا في جنته، فهو المتفضل علينا برحمته
وذكر حكاية: روي عن عبد الواحد بن زيد أنه قال: خرجت مع حجاج إلى بيت الله الحرام فصحبني رجل في الطريق كان لا يقوم ولا يقعد، ولا يجيء ولا يذهب، ولا يأكل ولا يشرب، ولا يتطهر ولا ينام، ولا يتصرف في شيء إلا أكثر من الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم، فسألته عن ذلك فقال: أحدثك بعجب عجيب، خرجت مرة إلى مكة معي والدي فنزلنا منزلا في موضع من منازل الطريق فنمت فإذا أنا بهاتف يهتف بي وهو يقول: يا فلان قم فقد أمات الله والدك وقد سود وجهه، فانتبهت فزعاً مرعوباً مما سمعت، فإذا هو راقد وقد غطي وجهه، فكشفت الثوب عن وجهه فإذا هو ميت ووجهه أسود، فاشتد حزني لذلك وتحيرت في أمره، فغلب علي النوم، فإذا أنا بأربعة سودان عند رأسه، وأربعة عند رجليه، بأيديهم أعمدة من حديد من نار، وهم يريدون عذابه، فبينما أنا أنظر فيما يكون من أمر والدي مع السودان إذا برجل قد جاء فأشرق من نور وجهه الموضع كله الذي كنا فيه، وأقبل على السودان فانتهرهم وقال: تنحو عنه، فتنحى السودان عنه من ساعتهم، وغابوا عني فلم أرهم، ثم أقبل على والدي فمسح بيده على وجهه فإذا هو أشد بياضا من الثلج، والنور قد علا وجهه، ثم أقبل علي فقال لي: بيض الله وجه أبيك وزال عنه السواد فقلت له: من أنت فجزاك الله عنه خيراً ؟ قال: أنا محمد رسول الله {صلى الله عليه وسلم}، فقلت له: يا رسول الله ! ما كان السبب في مجيئك إليه ؟ فقال صلى الله عليه وسلم: أما والدك فكان مسرفاً على نفسه غير أنه كان يكثر من الصلاة علي، فلما نزل به ما نزل استغاث بي وأنا غياث لمن أكثر الصلاة علي، فقمت من نومي فكشفت الثوب عن وجهه فإذا هو قد ابيض، فأخذت في أمره وشرعت في دفنه، فما تركت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك.
فإذا كانت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تورث تنوير الوجه بعد الممات، فأولى أن تورث تنوير القلوب في الحياة، وذلك أن الله تعالى جعل شخصه صلى الله عليه وسلم نوراً، وقد سماه في كتابه سراجاً منيراً قوله تعالى:{يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً }الأحزاب:45-46، ووصف من اتبع أمره وسنته وأحبه بنور القلب، قال الله تعالى: { أمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه } الزمر:22. ووصف من خالف دينه ومن لم يؤمن به بظلمة القلب، قال تعالى: { ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور} النور:40. فما لكم عباد الله غافلون عن هذه الفضيلة، والنعمة الدائمة الجزيلة ؟
وأنشدوا:
صلوا على نـور تزايد فـخره *** يعلوا على الأنوار والألبـاب
محمد زين الخلق شرقا ومغرباً *** وخير شفيع ناطـق بصـواب
وخـير حبـيب للإله نـبـينا *** وخير رسول عامـل بكتـاب
أتى الخلق والأصنام تعبد جهرة *** وبوأهم إبلـيس شـر مـآب
فصلوا على خير الخلائق كلهم *** لتستوجبوا يا قـوم خير ثواب
عباد الله تعاهدوا على الصلاة على حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم لأن الله تعالى إذا أراد بعبده خيرا يسر لسانه للصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم، وإذا أراد بعبده شراً حبس لسانه عن الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم، فيكون ذلك سببا لسواد وجهه، كما أن الصلاة { سبب} لتنوير القلب.
- المقصود والثمرة من الصلاة عليه والتسليم هو صحبته ومحبته والصلة الدائمة به:
قال الأستاذ المرشد عبد السلام ياسين في المنهاج النبوي ص: 164: ولا يفوتنا كما يفوت الكثيرين أن المقصود من الصلاة عليه والتسليم والإكثار منهما هو صحبته ومحبته، فإننا إن أكثرنا من ذكره كما أمرنا أصبحت صورته ومعناه في قلوبنا بمثابة النور الذي نهتدي به إلى ذكر الله ومحبته، نتيجة الصلاة على المحبوب المجتبى صلى الله عليه وسلم وصلتنا الدائمة به''. وقال أيضاً: "الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم مفتاح الخير، لذلك أوصى بعض سلفنا الصالح أن يبتدئ المؤمن دعاءه ويختمه بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: فإن الله تعالى أكرم من أن يقبل الصلاتين ولا يقبل ما بينهما".
فبكثرة الصلاة عليه والتسليم صلى الله وسلم عليه يتنور القلب وتزداد محبته صلى الله عليه وسلم في قلوبنا، فهي للقلب كالماء للزرع، وبصحبته وذكره وكثرة الصلاة عليه تقوى صلته بنا لأن الصلاة صلة وتنطبع صورته ومعناه في قلوبنا ونفوسنا، فيكون ذلك بمثابة النور الذي نهتدي به إلى ذكر الله ومحبته.
يقول الأستاذ المرشد عبد السلام ياسين في كتاب الإحسان 1 ص: 300: من أعظم الأذكار فضلاً، وأجلها قدراً، وأوفاها بمقصود المريدين المحبين المتقربين، الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: هي شيخ من لا شيخ له. هي وسيلتنا إلى ربنا، إذ هي ميثاق وفاء ومحبة، تلتقي صلاتنا عليه بصلاة الله عليه وصلاة ملائكته، فأي فضل أعظم من أن يكون موضوع صلاتنا مطابقا موافقا ؟...
يتبع
قال السيد محمد علوي المالكي في أبواب الفرج: قال الشيخ عبد العزيز بن علي المكي الزمزمي صاحب منظومة التفسير التي شرحها سيدي الوالد السيد علوي المالكي في كتابه فيض الخير:
الصلاة على سيد السادات من أهم المهمات في جميع الأوقات لمن يريد القرب من رب الأراضين والسماوات. وإنها تجلب الأسرار والفتوحات. وتصفي البواطن من جميع الكدورات. وأنها تتأكد في حق أهل البداية، وأرباب الإرادات، وأصحاب النهايات. ويستوي في الاحتياج إليها الطالب، والسالك، والمريد المقارب. فالطالب تربيه والعارف تبقيه بعدما تفنيه.
وإن شئت قلت: الطالب تعينه على السلوك، والمريد ترفعه عن الشكوك، والعارف تقول له: ها أنت وربك.
وإن شئت قلت: الطالب تزيده قوة، والمريد تكسبه الفُتُوَة، والعارف تمسكه في مقام الهيبة.
وإن شئت قلت: الطالب تحمله، والمريد تكمله، والعارف تلونه.
وإن شئت قلت: الطالب تحبب إليه الأعمال، والمريد تكسبه الأحوال، والعارف تُثبته في مقامات الرجال.
وإن شئت قلت: الطالب تكسبه استنارة، والمريد تمده بالعبارة، والعارف تغنيه عن الإشارة
وإن شئت قلت: الطالب يقوى بها إيقانه، والمريد يكثرمنها إيمانه، والعارف يزداد بها عيانه
وإن شئت قلت: الطالب تثبته، والمريد تزينه، والعارف تعينه.
وإن شئت قلت: الطالب تكسبه الإطراق، والمريد تفيض عليه الإشراق، والعارف تؤيده عند التلاق.
وإن شئت قلت: الطالب تزداد بها أنواره، والمريد تفيض منها أسراره، والعارف يستوي لربه ليله ونهاره.
وإن شئت قلت: الطالب تحبب إليه الأعمال، والمريد تصحح لديه الأحوال، والعارف تؤيده عند الوصال.
وإن شئت قلت: الطالب تزيده تشوقا، والمريد تطربه تملقا، والعارف يستمد منها تحققا.
وإن شئت قلت: الطالب تكسبه النشاط، والمريد تحميه من الإنحطاط، والعارف يتأدب بها على البساط.
وإن شئت قلت: الطالب تكسبه الأنوار، والمريد تكشف له الستار، والعارف تلزمه الإضطرار، ولا يكون له مع غير الله قرار.
وإن شئت قلت: الطالب تشوقه بالمنامات، والمريد تحققه بالكرامات، والعارف تحوله في المقامات.
وإن شئت قلت: الطالب تؤيده بالثبوت، والمريد تطلعه على غيب الملكوت، والعارف تهيمه بالجبروت.
وإن شئت قلت: الطالب تشوقه إلى اللقا، والمريد تدعوه للملتقى، والعارف تزيده تحققا.
< سعادة الدارين، للنبهاني ص: 97 >.
- الصلاة تنور القلب:
قال ابن الجوزي في بستان الواعظين ص: 358-359: وأما تنوير الظواهر والأسرار: فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أنه قل: (من أكثر الصلاة علي نور الله قلبه) وذلك أن الذنوب تسود القلوب، لأن العبد إذا عمل ذنباً صار نكتة سوداء في قلبه، فإذا تمادى على الذنوب نمت تلك النكتة حتى يسود بها القلب كله، وإذا رطب الله لسان العبد بالصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم غفر الله له ذنوباً ولو كانت مثل وزن الجبال، فإذا غفرت ذنوبه زال السواد عن قلبه وبدا فيه النور، لأن الإسلام لا يتم إلا بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك أنه لو قال العبد: لا أرى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم واجبة لكان كافراً وراداً على الله، وخرج عن دين الإسلام وزال نور الهدى عن قلبه، قال تعالى: "أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه" الزمر:22. فهذا بيان واضح.
وأنشدوا:
نـور القلوب يزيد عند صـلاتنا *** للهاشـمي فنـوره لا ينجـلي
فضـياؤنا من ضوء نور محمـد *** صلوا على ذاك النبي الأفضل
وقال: واعلمواْ أنه ما من عبد مسلم أكثر الصلاة على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام إلا نور الله قلبه، وغفر ذنبه، وشرح صدره، ويسر أمره، فأكثروا من الصلاة لعل الله يجعلكم من أهل ملته، ويستعملكم بسنته، ويجعله رفيقنا جميعا في جنته، فهو المتفضل علينا برحمته
وذكر حكاية: روي عن عبد الواحد بن زيد أنه قال: خرجت مع حجاج إلى بيت الله الحرام فصحبني رجل في الطريق كان لا يقوم ولا يقعد، ولا يجيء ولا يذهب، ولا يأكل ولا يشرب، ولا يتطهر ولا ينام، ولا يتصرف في شيء إلا أكثر من الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم، فسألته عن ذلك فقال: أحدثك بعجب عجيب، خرجت مرة إلى مكة معي والدي فنزلنا منزلا في موضع من منازل الطريق فنمت فإذا أنا بهاتف يهتف بي وهو يقول: يا فلان قم فقد أمات الله والدك وقد سود وجهه، فانتبهت فزعاً مرعوباً مما سمعت، فإذا هو راقد وقد غطي وجهه، فكشفت الثوب عن وجهه فإذا هو ميت ووجهه أسود، فاشتد حزني لذلك وتحيرت في أمره، فغلب علي النوم، فإذا أنا بأربعة سودان عند رأسه، وأربعة عند رجليه، بأيديهم أعمدة من حديد من نار، وهم يريدون عذابه، فبينما أنا أنظر فيما يكون من أمر والدي مع السودان إذا برجل قد جاء فأشرق من نور وجهه الموضع كله الذي كنا فيه، وأقبل على السودان فانتهرهم وقال: تنحو عنه، فتنحى السودان عنه من ساعتهم، وغابوا عني فلم أرهم، ثم أقبل على والدي فمسح بيده على وجهه فإذا هو أشد بياضا من الثلج، والنور قد علا وجهه، ثم أقبل علي فقال لي: بيض الله وجه أبيك وزال عنه السواد فقلت له: من أنت فجزاك الله عنه خيراً ؟ قال: أنا محمد رسول الله {صلى الله عليه وسلم}، فقلت له: يا رسول الله ! ما كان السبب في مجيئك إليه ؟ فقال صلى الله عليه وسلم: أما والدك فكان مسرفاً على نفسه غير أنه كان يكثر من الصلاة علي، فلما نزل به ما نزل استغاث بي وأنا غياث لمن أكثر الصلاة علي، فقمت من نومي فكشفت الثوب عن وجهه فإذا هو قد ابيض، فأخذت في أمره وشرعت في دفنه، فما تركت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك.
فإذا كانت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تورث تنوير الوجه بعد الممات، فأولى أن تورث تنوير القلوب في الحياة، وذلك أن الله تعالى جعل شخصه صلى الله عليه وسلم نوراً، وقد سماه في كتابه سراجاً منيراً قوله تعالى:{يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً }الأحزاب:45-46، ووصف من اتبع أمره وسنته وأحبه بنور القلب، قال الله تعالى: { أمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه } الزمر:22. ووصف من خالف دينه ومن لم يؤمن به بظلمة القلب، قال تعالى: { ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور} النور:40. فما لكم عباد الله غافلون عن هذه الفضيلة، والنعمة الدائمة الجزيلة ؟
وأنشدوا:
صلوا على نـور تزايد فـخره *** يعلوا على الأنوار والألبـاب
محمد زين الخلق شرقا ومغرباً *** وخير شفيع ناطـق بصـواب
وخـير حبـيب للإله نـبـينا *** وخير رسول عامـل بكتـاب
أتى الخلق والأصنام تعبد جهرة *** وبوأهم إبلـيس شـر مـآب
فصلوا على خير الخلائق كلهم *** لتستوجبوا يا قـوم خير ثواب
عباد الله تعاهدوا على الصلاة على حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم لأن الله تعالى إذا أراد بعبده خيرا يسر لسانه للصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم، وإذا أراد بعبده شراً حبس لسانه عن الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم، فيكون ذلك سببا لسواد وجهه، كما أن الصلاة { سبب} لتنوير القلب.
- المقصود والثمرة من الصلاة عليه والتسليم هو صحبته ومحبته والصلة الدائمة به:
قال الأستاذ المرشد عبد السلام ياسين في المنهاج النبوي ص: 164: ولا يفوتنا كما يفوت الكثيرين أن المقصود من الصلاة عليه والتسليم والإكثار منهما هو صحبته ومحبته، فإننا إن أكثرنا من ذكره كما أمرنا أصبحت صورته ومعناه في قلوبنا بمثابة النور الذي نهتدي به إلى ذكر الله ومحبته، نتيجة الصلاة على المحبوب المجتبى صلى الله عليه وسلم وصلتنا الدائمة به''. وقال أيضاً: "الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم مفتاح الخير، لذلك أوصى بعض سلفنا الصالح أن يبتدئ المؤمن دعاءه ويختمه بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: فإن الله تعالى أكرم من أن يقبل الصلاتين ولا يقبل ما بينهما".
فبكثرة الصلاة عليه والتسليم صلى الله وسلم عليه يتنور القلب وتزداد محبته صلى الله عليه وسلم في قلوبنا، فهي للقلب كالماء للزرع، وبصحبته وذكره وكثرة الصلاة عليه تقوى صلته بنا لأن الصلاة صلة وتنطبع صورته ومعناه في قلوبنا ونفوسنا، فيكون ذلك بمثابة النور الذي نهتدي به إلى ذكر الله ومحبته.
يقول الأستاذ المرشد عبد السلام ياسين في كتاب الإحسان 1 ص: 300: من أعظم الأذكار فضلاً، وأجلها قدراً، وأوفاها بمقصود المريدين المحبين المتقربين، الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: هي شيخ من لا شيخ له. هي وسيلتنا إلى ربنا، إذ هي ميثاق وفاء ومحبة، تلتقي صلاتنا عليه بصلاة الله عليه وصلاة ملائكته، فأي فضل أعظم من أن يكون موضوع صلاتنا مطابقا موافقا ؟...
يتبع
رد: الصلاة عـلى النبي صلى الله عليه وسلم
وثق علاقتك بالرسول صلى الله عليه وسلم بالإكثار من الصلاة عليه
جاء في مختارات الأستاذ المرشد عبد السلام ياسين: الآخرة اتباع واستعداد ص 13-14-15 : قول الإمام الشعراني رحمه الله: فاعمل يا أخي على جلاء مرآة قلبك من الصدأ والغبار، وعلى تطهيرك من سائر الرذائل حتى لا يبقى فيك خصلة واحدة تمنعك من دخول حضرة الله تعالى، أو حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإن أكثرت من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم فربما تصل إلى مقام مشاهدته صلى الله عليه وسلم، وهي طريق الشيخ نور الدين الشوني، والشيخ أحمد الزواوي، والشيخ محمد بن داود المنزلاوي، وجماعة من مشايخ اليمن، فلا يزال أحدهم يصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويكثر منها حتى يتطهر من كل الذنوب، ويصير يجتمع به يقظة أي وقت شاء ومشافهة. ومن لم يحصل له هذا الاجتماع فهو إلى الآن لم يكثر من الصلاة والتسليم على رسول الله صلى الله عليه وسلم الإكثار المطلوب ليحصل له هذا المقام.
وسمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول: لا يكمل عبد في مقام العرفان حتى يصير يجتمع برسول الله صلى الله عليه وسلم أي وقت شاء، وممن بلغنا أنه كان يجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم يقظة ومشافهة من السلف: الشيخ أبو مدين شيخ الجماعة، والشيخ عبد الرحيم القناوي، والشيخ موسى الزولي، والشيخ أبو الحسن الشاذلي، والشيخ أبو العباس المرسي، والشيخ أبو السعود بن أبي العشائر، وسيدي ابراهيم المتبولي، والشيخ جلال الدين السيوطي، كان يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم واجتمعت به نيفاً وسبعين مرة.
وأما سيدي إبراهيم المتبولي فلا يحصى اجتماعه به لأنه كان في أحواله كلها ويقول: ليس لي شيخ إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان الشيخ أبو العباس المرسي يقول: لو احتجب عني رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة ما عددت نفسي من جملة المؤمنين.
واعلم أخي أن مقام مجالسة رسول الله صلى الله عليه وسلم عزيزة جداً، وقد جاء شخص إلى سيدي علي المرصفي وأنا حاضر فقال: يا سيدي قد وصلت إلى مقام صرت أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقظة أي وقت شئت، فقال له: يا ولدي بين العبد وبين هذا المقام مائتا ألف مقام وسبعة وأربعون ألف مقام، ومرادنا تتكلم لنا يا ولدي على عشر مقامات منها! فما درى ذلك المدعي ما يقول وافتضح. فاعلم ذلك (والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم).
وفي وصية للأستاذ المرشد عبد السلام ياسين حفظه الله (يوليوز 2001): ووثق علاقتك بالرسول صلى الله عليه وسلم بالإكثار من الصلاة عليه، ودعاؤك مخ العبادة، إذا كان ما بين الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم بدايته وآخره يقبل.
وقال أيضاً في كتاب الإحسان ج 1 ص 180: إن تولي رسول الله صلى الله عليه وسلم، والصلاة عليه الدائمة، وحب آل البيت المطهرين، وتولي صحابته، لَمِما يقرب المسافات للمريد الطالب.
وفي القطوف 1 للأستاذ المرشد عبد السلام ياسين:
افـهـم إذا أسـمعت فـطـ *** ـرتـك العـمـيـقـة يا بـنـي
ما في الوجــود مـعـظـم *** بـعـد الإلاه أجــــل شـيء
إلا الـرســول محــمـد *** أنـشـاه مـن نـسـل قـصـي
ثـم اصـطـفـاه لـنـوره *** رواه مــنــــه أبـــل ري
فـإذا مـحـضـت لـذاتـه *** حـبـا سـقـيـت علـى يـدي
وغـدوت مـن أحـبـابـه *** وبــرأت مـن ريــن وغــي
صـلى عـلـيـه إلاهـنـا *** مـا دام في الأكــوان حـــي
قبول العبادات بحضور الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
لا بد من الإشارة هنا إلى خصوصيتين خصت بهما الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم دون غيرها من العبادات:
قال العلامة الحافظ الشرجي وغيره: (أن جميع الأذكار لا تفيد ولا تقبل إلا مع حضور الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فإنها تقبل مع عدم حضور القلب).
قال الشيخ عبد المجيد العدوي في التحفة المرضية ص 10: وقال بعض الصحابة لرسول صلى الله عليه وسلم: صلاة الله عشراً لمن صلى عليك مرة واحدة، هل ذلك لمن كان حاضر القلب؟ قال: لا، بل هو لكل مصل علي غافل، ويعطيه الله أمثال الجبال والملائكة تدعو له وتستغفر له، وأما إذا كان حاضر القلب وقت الصلاة عليه فلا يعلم قدر ذلك إلا الله تعالى.
وقال السيد محمد علوي المالكي في أبواب الفرج ص 312: (الصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ذكر من الأذكار التي يثاب العبد على لفظها ومعناها. فالمشتغل بها يثاب على مجرد ترديد ألفاظها كما يثاب من يردد لفظ التهليل والتكبير والتحميد والتسبيح، وليس كلامنا في مقدار الثواب بالمقارنة بين هذا وهذا وإنما مقصودنا هو أن نقول: أن المشتغل بالصلاة على المصطفى مثاب على مجرد تكرار ألفاظ الصلاة والسلام كما يثاب من يردد ألفاظ التهليل والتسبيح والتحميد فهو ذكر تعبدي بلفظه ومعناه..)
وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [لا صلاة لمن لم يصل على نبيه صلى الله عليه وسلم] رواه الدارقطني، وفيه عبد المهيمن ليس بالقوي. وفي لفظ من عند الحاكم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: [لا صلاة لمن لم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته] وقال: أخرجه على شرطهما فإنهم لم يخرجا عن عبد المهيمن، قال الفيروز أبادي: وقد وقع لنا هذا الحديث من طريق صحيحة ذكرها أبو موسى المديني في الترغيب والترهيب من حديث أبي عياش بن سهل المديني، وحديثه مخرج في صحيح البخاري وأثنى عليه غير واحد من الأئمة ولله الحمد.
عن ابن مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [من صلى صلاة لم يصل علي فيها ولا على أهل بيتي لم تقبل منه] رواه الدارقطني وفيه جابر الجعفي واختلف فيه. وعن ابن مسعود موقوفا: (ما صليت صلاة لا أصلي فيها على النبي صلى الله عليه وسلم إلا ظننت أن صلاتي لم تتم).
وفي رواية عن سهل [لا وضوء لمن لم يصل على النبي] رواه الطبراني وضعفه في الجامع
وعن عائشة رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: [لا تقبل صلاة إلا بطهور وبالصلاة علي] رواه الدارقطني من حديث عمرو بن سمرة.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [كل أمر ذي بال لم يبدأ فيه بذكر الله تعالى ثم بالصلاة علي فهو أقطع ممحوق من كل بركة] أخرجه السيوطي في الجامع الصغير.
والدعاء بدون الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لا يصعد ولا يقبل ففي حديث سيدنا علي رضي الله عنه [ما من دعاء إلا بينه وبين الله حجاب حتى يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم فإذا صلى على النبي صلى الله عليه وسلم انخرق الحجاب واستجيب الدعاء، وإذا لم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم لم يستجب الدعاء].
قال ابن الجوزي في البستان ص 366: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن العبد يسأل الحاجة فلا يصلي علي عقيب سؤاله، فترجع الحاجة على سحابة، فإذا صلى علي قضيت حاجته، واستجيبت دعوته، وتفتحت له أبواب السماء)، فإذا كانت الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم تقضي في الدنيا الحاجات، فالأولى أن تنجي صاحبها في الآخرة من العذاب والعقوبات، وتدخله الجنات العاليات.
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كل دعاء محجوب دون السماء، فإذا جاءت الصلاة علي صعد الدعاء )، يا أحبائي والله إذا صعد الدعاء، ارتفع البلاء ورضي إله الأرض والسماء).
- (حكاية): حكي أن واحداً من الصلحاء جلس للتشهد ونسي الصلاة على النبي عليه السلام، فرأى رسول الله في نومه فقال له النبي عليه السلام: لم نسيت الصلاة علي؟ فقال : يا رسول الله اشتغلت بثناء الله تعالى وعبادته فنسيت، فقال عليه الصلاة والسلام: ما سمعت قولي الأعمال موقوفة والدعوات محبوسة حتى يصلى علي، وقال : لو جاء عبد يوم القيامة بحسنات أهل الدنيا ولم تكن فيها صلاة علي ردت ولم تقبل. [درة الواعظين عن زبدة الواعظين].
الفوائد والثمرات الحاصلة بالصلاة عليه صلى الله وسلم عليه
قال الإمام الحافظ محمد بن أبي بكر السخاوي الشافعي في القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع ص 101 – 102: ففي ثواب الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمن صلى عليه من صلاة الله عز وجل وملائكته ورسوله وتكفير الخطايا وتزكية الأعمال ورفع الدرجات ومغفرة الذنوب، واستغفارها لقائلها وكتابة قيراط مثل أحد من الأجر والكيل بالمكيال الأوفى وكفاية أمر الدنيا والآخرة لمن جعل صلاته كلها صلاة عليه، ومحو الخطايا وفضلها على عتق الرقاب، والنجاة بها من الأهوال وشهادة الرسول بها، ووجوب الشفاعة ورضى الله عنه ورحمته والأمان من سخطه والدخول تحت العرش، ورجحان الميزان وورود الحوض والأمان من العطش والعتق من النار، والجواز على الصراط ورؤية المقعد المقرب من الجنة قبل الموت، وكثرة الأزواج في الجنة ورجحانها على أكثر من عشرين غزوة، وقيامها مكان الصدقة للمعسر، وأنها زكاة وطهارة، وينمو المال ببركتها، وتنقضي بها من الحوائج مائة بل أكثر، وأنها عبادة، وأحب الأعمال إلى الله، وتزين المجالس، وتنفي الفقر وضيق العيش ويلتمس بها مظان الخير، وأن فاعلها أولى الناس به وينتفع هو وولده وولد ولده بها، ومن اهديت في صحيفته بثوابها، وتقرب إلى الله عز وجل وإلى رسوله، وأنها نور وتنصر على الأعداء وتطهر القلب من النفاق والصدأ وتوجب محبة الناس ورؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، وتمنع من اغتياب صاحبها وهي من أبرك الأعمال وأفضلها وأكثرها نفعا في الدين والدنيا وغير ذلك من الثواب المرغب للفطن الحريص على اقتناء ذخائر الأعمال واجتناء الثمرة من نضائر الآمال في العمل المشتمل على هذه الفضائل العظيمة والمناقب الكريمة والفوائد الجمة العميمة التي لا توجد في غيره من الأعمال ولا تعرف في سواه من الأفعال والأقوال صلى الله عليه وسلم تسليما كثيراً. انتهى.
وسنفصل الحديث بحول الله تعالى في جملة من فوائد الصلاة والسلام على سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام مما ذكره العلماء وخصوصاً ابن القيم والفقيه ابن حجر الهيثمي وغيرهم مع بعض التصرف والإضافات والله الموفق:
1- امتثال أمر الله سبحانه وتعالى:
إن الله سبحانه وتعالى أمر بالصلاة والتسليم عليه صلى الله عليه وسلم أمرا مطلقا، ومما يؤيد ذلك أن الله سبحانه وتعالى أمر بالصلاة والتسليم عليه عقب إخباره لهم بأنه وملائكته يصلون عليه، لم يكن مرة وانقطعت بل هي صلاة متكررة، ولهذا ذكرها مبينا بها فضله وشرفه وعلو منزلته عنده، ثم أمر المؤمنين بها فتكرارها في حقهم أحق وآكد لأجل الأمر (جلاء الأفهام لابن القيم ص:233).
وقد ذكر الواحدي عن الأصمعي قال سمعت المهدي على منبر البصرة يقول: إن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه وثنى بملائكة قدسه فقال تشريفا لنبيه وتكريما [إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما] آثره بها من بين الرسل الكرام وأتحفكم بها من بين الأنام فقابلوا نعمه بالشكر وأكثروا من الصلاة عليه في الذكر. (القول البديع للإمام السخاوي الشافعي ص:28).
ولأن الأمر بالصلاة عليه في مقابل إحسانه إلى الأمة وتعليمهم وإرشادهم وهدايتهم، وما حصل لهم ببركته من سعادة الدنيا والآخرة، ومعلوم أن مقابلة مثل هذا الفعل العظيم لا يحصل بالصلاة عليه مرة واحدة في العمر، بل لو صلى العبد عليه بعدد أنفاسه لم يكن موفيا لحقه ولا مؤديا لنعمته فجعل ضابط شكر هذه النعمة بالصلاة عليه عند ذكر اسمه صلى الله عليه وسلم. (جلاء الأفهام: 232-234 ).
2 – موافقته سبحانه وتعالى وموافقة ملائكته في الصلاة عليه صلى الله وسلم عليه:
وان اختلفت الصلاتان، فصلاتنا عليه دعاء وسؤال... وصلاة الله تعالى عليه ثناء وتشريف.... وصلاة الملائكة الدعاء والإستغفار ....
قال الأستاذ المرشد عبد السلام ياسين في (الإحسان :ج 1 ص 300): [من أعظم الأذكار فضلا، وأجلها قدراً، وأوفاها بمقصود المريدين المحبين المتقربين، الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، هي شيخ من لا شيخ له، وهي وسيلتنا إلى ربنا، إذ هي ميثاق وفاء ومحبة، تلتقي صلاتنا عليه بصلاة الله عليه وصلاة ملائكته، فأي فضل أعظم من أن يكون موضوع صلاتنا مطابقا موافقا...] .
3 – أن الصلاة والسلام عليه سبب لصلاة الله وسلامه على العبد:
قال ابن القيم في جلاء الأفهام: وأما صلاة الله سبحانه فنوعان: عامة وخاصة. أما العامة: فهي صلاته على عباده المؤمنين قال تعالى: (هو الذي يصلي عليكم وملائكته) ومنه دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة على آحاد المؤمنين كقوله (اللهم صل على آل أبي أوفي) وفي حديث آخر أن امرأة قالت له: صل علي وعلى زوجي، قال (صلى الله عليك وعلى زوجك).
النوع الثاني: صلاته الخاصة على أنبيائه ورسله خصوصا على خاتمهم وخيرهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
وقال أيضا: أنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم: أنه من صلى عليه مرة صلى الله عليه بها عشرا وأن الله سبحانه قال له: (من صلى عليك من أمتك مرة صليت عليه بها عشراً) وهذا موافق للقاعدة المستقرة في الشريعة أن الجزاء من جنس العمل، فصلاة الله على المصلي على رسوله جزاء لصلاته هو عليه، ومعلوم أن صلاة العبد على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليست هي رحمة من العبد لتكون صلاة الله عليه من جنسها وإنما هي ثناء على الرسول صلى الله عليه وسلم وإرادة من الله أن يعلي ذكره ويزيده تعظيما وتشريفا.
فمن أثنى على رسول الله صلى الله عليه وسلم جزاه الله من جنس عمله بأن يثني عليه ويزيد تشريفه وتكريمه. فصح ارتباط الجزاء بالعمل ومشاكلته له ومناسبته له. [من يسر على معسر يسر الله عليه حسابه. ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة. ومن نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة. والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه] [ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة] [ومن سئل عن علم فكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار] [ ومن صلى على النبي صلى الله عليه وسلم مرة صلى الله عليه بها عشراً] ونظائره كثيرة.
يتبع
جاء في مختارات الأستاذ المرشد عبد السلام ياسين: الآخرة اتباع واستعداد ص 13-14-15 : قول الإمام الشعراني رحمه الله: فاعمل يا أخي على جلاء مرآة قلبك من الصدأ والغبار، وعلى تطهيرك من سائر الرذائل حتى لا يبقى فيك خصلة واحدة تمنعك من دخول حضرة الله تعالى، أو حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإن أكثرت من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم فربما تصل إلى مقام مشاهدته صلى الله عليه وسلم، وهي طريق الشيخ نور الدين الشوني، والشيخ أحمد الزواوي، والشيخ محمد بن داود المنزلاوي، وجماعة من مشايخ اليمن، فلا يزال أحدهم يصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويكثر منها حتى يتطهر من كل الذنوب، ويصير يجتمع به يقظة أي وقت شاء ومشافهة. ومن لم يحصل له هذا الاجتماع فهو إلى الآن لم يكثر من الصلاة والتسليم على رسول الله صلى الله عليه وسلم الإكثار المطلوب ليحصل له هذا المقام.
وسمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول: لا يكمل عبد في مقام العرفان حتى يصير يجتمع برسول الله صلى الله عليه وسلم أي وقت شاء، وممن بلغنا أنه كان يجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم يقظة ومشافهة من السلف: الشيخ أبو مدين شيخ الجماعة، والشيخ عبد الرحيم القناوي، والشيخ موسى الزولي، والشيخ أبو الحسن الشاذلي، والشيخ أبو العباس المرسي، والشيخ أبو السعود بن أبي العشائر، وسيدي ابراهيم المتبولي، والشيخ جلال الدين السيوطي، كان يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم واجتمعت به نيفاً وسبعين مرة.
وأما سيدي إبراهيم المتبولي فلا يحصى اجتماعه به لأنه كان في أحواله كلها ويقول: ليس لي شيخ إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان الشيخ أبو العباس المرسي يقول: لو احتجب عني رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة ما عددت نفسي من جملة المؤمنين.
واعلم أخي أن مقام مجالسة رسول الله صلى الله عليه وسلم عزيزة جداً، وقد جاء شخص إلى سيدي علي المرصفي وأنا حاضر فقال: يا سيدي قد وصلت إلى مقام صرت أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقظة أي وقت شئت، فقال له: يا ولدي بين العبد وبين هذا المقام مائتا ألف مقام وسبعة وأربعون ألف مقام، ومرادنا تتكلم لنا يا ولدي على عشر مقامات منها! فما درى ذلك المدعي ما يقول وافتضح. فاعلم ذلك (والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم).
وفي وصية للأستاذ المرشد عبد السلام ياسين حفظه الله (يوليوز 2001): ووثق علاقتك بالرسول صلى الله عليه وسلم بالإكثار من الصلاة عليه، ودعاؤك مخ العبادة، إذا كان ما بين الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم بدايته وآخره يقبل.
وقال أيضاً في كتاب الإحسان ج 1 ص 180: إن تولي رسول الله صلى الله عليه وسلم، والصلاة عليه الدائمة، وحب آل البيت المطهرين، وتولي صحابته، لَمِما يقرب المسافات للمريد الطالب.
وفي القطوف 1 للأستاذ المرشد عبد السلام ياسين:
افـهـم إذا أسـمعت فـطـ *** ـرتـك العـمـيـقـة يا بـنـي
ما في الوجــود مـعـظـم *** بـعـد الإلاه أجــــل شـيء
إلا الـرســول محــمـد *** أنـشـاه مـن نـسـل قـصـي
ثـم اصـطـفـاه لـنـوره *** رواه مــنــــه أبـــل ري
فـإذا مـحـضـت لـذاتـه *** حـبـا سـقـيـت علـى يـدي
وغـدوت مـن أحـبـابـه *** وبــرأت مـن ريــن وغــي
صـلى عـلـيـه إلاهـنـا *** مـا دام في الأكــوان حـــي
قبول العبادات بحضور الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
لا بد من الإشارة هنا إلى خصوصيتين خصت بهما الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم دون غيرها من العبادات:
قال العلامة الحافظ الشرجي وغيره: (أن جميع الأذكار لا تفيد ولا تقبل إلا مع حضور الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فإنها تقبل مع عدم حضور القلب).
قال الشيخ عبد المجيد العدوي في التحفة المرضية ص 10: وقال بعض الصحابة لرسول صلى الله عليه وسلم: صلاة الله عشراً لمن صلى عليك مرة واحدة، هل ذلك لمن كان حاضر القلب؟ قال: لا، بل هو لكل مصل علي غافل، ويعطيه الله أمثال الجبال والملائكة تدعو له وتستغفر له، وأما إذا كان حاضر القلب وقت الصلاة عليه فلا يعلم قدر ذلك إلا الله تعالى.
وقال السيد محمد علوي المالكي في أبواب الفرج ص 312: (الصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ذكر من الأذكار التي يثاب العبد على لفظها ومعناها. فالمشتغل بها يثاب على مجرد ترديد ألفاظها كما يثاب من يردد لفظ التهليل والتكبير والتحميد والتسبيح، وليس كلامنا في مقدار الثواب بالمقارنة بين هذا وهذا وإنما مقصودنا هو أن نقول: أن المشتغل بالصلاة على المصطفى مثاب على مجرد تكرار ألفاظ الصلاة والسلام كما يثاب من يردد ألفاظ التهليل والتسبيح والتحميد فهو ذكر تعبدي بلفظه ومعناه..)
وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [لا صلاة لمن لم يصل على نبيه صلى الله عليه وسلم] رواه الدارقطني، وفيه عبد المهيمن ليس بالقوي. وفي لفظ من عند الحاكم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: [لا صلاة لمن لم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته] وقال: أخرجه على شرطهما فإنهم لم يخرجا عن عبد المهيمن، قال الفيروز أبادي: وقد وقع لنا هذا الحديث من طريق صحيحة ذكرها أبو موسى المديني في الترغيب والترهيب من حديث أبي عياش بن سهل المديني، وحديثه مخرج في صحيح البخاري وأثنى عليه غير واحد من الأئمة ولله الحمد.
عن ابن مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [من صلى صلاة لم يصل علي فيها ولا على أهل بيتي لم تقبل منه] رواه الدارقطني وفيه جابر الجعفي واختلف فيه. وعن ابن مسعود موقوفا: (ما صليت صلاة لا أصلي فيها على النبي صلى الله عليه وسلم إلا ظننت أن صلاتي لم تتم).
وفي رواية عن سهل [لا وضوء لمن لم يصل على النبي] رواه الطبراني وضعفه في الجامع
وعن عائشة رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: [لا تقبل صلاة إلا بطهور وبالصلاة علي] رواه الدارقطني من حديث عمرو بن سمرة.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [كل أمر ذي بال لم يبدأ فيه بذكر الله تعالى ثم بالصلاة علي فهو أقطع ممحوق من كل بركة] أخرجه السيوطي في الجامع الصغير.
والدعاء بدون الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لا يصعد ولا يقبل ففي حديث سيدنا علي رضي الله عنه [ما من دعاء إلا بينه وبين الله حجاب حتى يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم فإذا صلى على النبي صلى الله عليه وسلم انخرق الحجاب واستجيب الدعاء، وإذا لم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم لم يستجب الدعاء].
قال ابن الجوزي في البستان ص 366: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن العبد يسأل الحاجة فلا يصلي علي عقيب سؤاله، فترجع الحاجة على سحابة، فإذا صلى علي قضيت حاجته، واستجيبت دعوته، وتفتحت له أبواب السماء)، فإذا كانت الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم تقضي في الدنيا الحاجات، فالأولى أن تنجي صاحبها في الآخرة من العذاب والعقوبات، وتدخله الجنات العاليات.
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كل دعاء محجوب دون السماء، فإذا جاءت الصلاة علي صعد الدعاء )، يا أحبائي والله إذا صعد الدعاء، ارتفع البلاء ورضي إله الأرض والسماء).
- (حكاية): حكي أن واحداً من الصلحاء جلس للتشهد ونسي الصلاة على النبي عليه السلام، فرأى رسول الله في نومه فقال له النبي عليه السلام: لم نسيت الصلاة علي؟ فقال : يا رسول الله اشتغلت بثناء الله تعالى وعبادته فنسيت، فقال عليه الصلاة والسلام: ما سمعت قولي الأعمال موقوفة والدعوات محبوسة حتى يصلى علي، وقال : لو جاء عبد يوم القيامة بحسنات أهل الدنيا ولم تكن فيها صلاة علي ردت ولم تقبل. [درة الواعظين عن زبدة الواعظين].
الفوائد والثمرات الحاصلة بالصلاة عليه صلى الله وسلم عليه
قال الإمام الحافظ محمد بن أبي بكر السخاوي الشافعي في القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع ص 101 – 102: ففي ثواب الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمن صلى عليه من صلاة الله عز وجل وملائكته ورسوله وتكفير الخطايا وتزكية الأعمال ورفع الدرجات ومغفرة الذنوب، واستغفارها لقائلها وكتابة قيراط مثل أحد من الأجر والكيل بالمكيال الأوفى وكفاية أمر الدنيا والآخرة لمن جعل صلاته كلها صلاة عليه، ومحو الخطايا وفضلها على عتق الرقاب، والنجاة بها من الأهوال وشهادة الرسول بها، ووجوب الشفاعة ورضى الله عنه ورحمته والأمان من سخطه والدخول تحت العرش، ورجحان الميزان وورود الحوض والأمان من العطش والعتق من النار، والجواز على الصراط ورؤية المقعد المقرب من الجنة قبل الموت، وكثرة الأزواج في الجنة ورجحانها على أكثر من عشرين غزوة، وقيامها مكان الصدقة للمعسر، وأنها زكاة وطهارة، وينمو المال ببركتها، وتنقضي بها من الحوائج مائة بل أكثر، وأنها عبادة، وأحب الأعمال إلى الله، وتزين المجالس، وتنفي الفقر وضيق العيش ويلتمس بها مظان الخير، وأن فاعلها أولى الناس به وينتفع هو وولده وولد ولده بها، ومن اهديت في صحيفته بثوابها، وتقرب إلى الله عز وجل وإلى رسوله، وأنها نور وتنصر على الأعداء وتطهر القلب من النفاق والصدأ وتوجب محبة الناس ورؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، وتمنع من اغتياب صاحبها وهي من أبرك الأعمال وأفضلها وأكثرها نفعا في الدين والدنيا وغير ذلك من الثواب المرغب للفطن الحريص على اقتناء ذخائر الأعمال واجتناء الثمرة من نضائر الآمال في العمل المشتمل على هذه الفضائل العظيمة والمناقب الكريمة والفوائد الجمة العميمة التي لا توجد في غيره من الأعمال ولا تعرف في سواه من الأفعال والأقوال صلى الله عليه وسلم تسليما كثيراً. انتهى.
وسنفصل الحديث بحول الله تعالى في جملة من فوائد الصلاة والسلام على سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام مما ذكره العلماء وخصوصاً ابن القيم والفقيه ابن حجر الهيثمي وغيرهم مع بعض التصرف والإضافات والله الموفق:
1- امتثال أمر الله سبحانه وتعالى:
إن الله سبحانه وتعالى أمر بالصلاة والتسليم عليه صلى الله عليه وسلم أمرا مطلقا، ومما يؤيد ذلك أن الله سبحانه وتعالى أمر بالصلاة والتسليم عليه عقب إخباره لهم بأنه وملائكته يصلون عليه، لم يكن مرة وانقطعت بل هي صلاة متكررة، ولهذا ذكرها مبينا بها فضله وشرفه وعلو منزلته عنده، ثم أمر المؤمنين بها فتكرارها في حقهم أحق وآكد لأجل الأمر (جلاء الأفهام لابن القيم ص:233).
وقد ذكر الواحدي عن الأصمعي قال سمعت المهدي على منبر البصرة يقول: إن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه وثنى بملائكة قدسه فقال تشريفا لنبيه وتكريما [إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما] آثره بها من بين الرسل الكرام وأتحفكم بها من بين الأنام فقابلوا نعمه بالشكر وأكثروا من الصلاة عليه في الذكر. (القول البديع للإمام السخاوي الشافعي ص:28).
ولأن الأمر بالصلاة عليه في مقابل إحسانه إلى الأمة وتعليمهم وإرشادهم وهدايتهم، وما حصل لهم ببركته من سعادة الدنيا والآخرة، ومعلوم أن مقابلة مثل هذا الفعل العظيم لا يحصل بالصلاة عليه مرة واحدة في العمر، بل لو صلى العبد عليه بعدد أنفاسه لم يكن موفيا لحقه ولا مؤديا لنعمته فجعل ضابط شكر هذه النعمة بالصلاة عليه عند ذكر اسمه صلى الله عليه وسلم. (جلاء الأفهام: 232-234 ).
2 – موافقته سبحانه وتعالى وموافقة ملائكته في الصلاة عليه صلى الله وسلم عليه:
وان اختلفت الصلاتان، فصلاتنا عليه دعاء وسؤال... وصلاة الله تعالى عليه ثناء وتشريف.... وصلاة الملائكة الدعاء والإستغفار ....
قال الأستاذ المرشد عبد السلام ياسين في (الإحسان :ج 1 ص 300): [من أعظم الأذكار فضلا، وأجلها قدراً، وأوفاها بمقصود المريدين المحبين المتقربين، الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، هي شيخ من لا شيخ له، وهي وسيلتنا إلى ربنا، إذ هي ميثاق وفاء ومحبة، تلتقي صلاتنا عليه بصلاة الله عليه وصلاة ملائكته، فأي فضل أعظم من أن يكون موضوع صلاتنا مطابقا موافقا...] .
3 – أن الصلاة والسلام عليه سبب لصلاة الله وسلامه على العبد:
قال ابن القيم في جلاء الأفهام: وأما صلاة الله سبحانه فنوعان: عامة وخاصة. أما العامة: فهي صلاته على عباده المؤمنين قال تعالى: (هو الذي يصلي عليكم وملائكته) ومنه دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة على آحاد المؤمنين كقوله (اللهم صل على آل أبي أوفي) وفي حديث آخر أن امرأة قالت له: صل علي وعلى زوجي، قال (صلى الله عليك وعلى زوجك).
النوع الثاني: صلاته الخاصة على أنبيائه ورسله خصوصا على خاتمهم وخيرهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
وقال أيضا: أنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم: أنه من صلى عليه مرة صلى الله عليه بها عشرا وأن الله سبحانه قال له: (من صلى عليك من أمتك مرة صليت عليه بها عشراً) وهذا موافق للقاعدة المستقرة في الشريعة أن الجزاء من جنس العمل، فصلاة الله على المصلي على رسوله جزاء لصلاته هو عليه، ومعلوم أن صلاة العبد على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليست هي رحمة من العبد لتكون صلاة الله عليه من جنسها وإنما هي ثناء على الرسول صلى الله عليه وسلم وإرادة من الله أن يعلي ذكره ويزيده تعظيما وتشريفا.
فمن أثنى على رسول الله صلى الله عليه وسلم جزاه الله من جنس عمله بأن يثني عليه ويزيد تشريفه وتكريمه. فصح ارتباط الجزاء بالعمل ومشاكلته له ومناسبته له. [من يسر على معسر يسر الله عليه حسابه. ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة. ومن نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة. والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه] [ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة] [ومن سئل عن علم فكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار] [ ومن صلى على النبي صلى الله عليه وسلم مرة صلى الله عليه بها عشراً] ونظائره كثيرة.
يتبع
رد: الصلاة عـلى النبي صلى الله عليه وسلم
من صلى علي صلاة صلى الله عليه وملائكته عشرا
أخرج الطبراني من حديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أتاني جبريل آنفا {الآن} عن ربه عز وجل فقال: يا محمد ما على الأرض من مسلم يصلي عليك مرة واحدة إلا صليت عليه أنا وملائكتي عشرا). وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صلى علي صلاة صلى الله عليه وملائكته عشرا، فليكثر عبدا أو ليقل) أخرجه ابن أبي عاصم في فضل الصلاة عليه.
وفي بستان الواعظين لابن الجوزي ص 350-351: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من صلى علي صلت عليه الملائكة، ومن صلت عليه الملائكة صلى عليه ربه، فليقل العبد أو ليكثر) {حديث حسن: ذكره العلجوني في الكشف وعزاه للبيهقي في الشعب، وأحمد في المسند}. واعلموا أن الفاجر الشقي الذي يسمع هذه الفضائل على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وقد حبس لسانه عنها فيجب أن يتعوذ بالله منه. نعوذ بالله من لسان جامد، عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم رسول الملك الماجد، العزيز الفرد الصمد الواحد.
وأنشدوا :
صلوا على النور البهي محمد ***** إن الصلاة عليه تنجي من لظى
فهو الدليل إذا اهتديت بنوره ***** وهو الرسول فذاك مصباح الهدى
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله تعالى وهب ذنوبكم عند الاستغفار، فمن استغفر الله تعالى بنية صادقة غفر له، ومن قال لا إله إلا الله رجح ميزانه، ومن صلى علي كنت شفيعه يوم القيامة). عباد الله ارغبوا في الشفاعة، وتمسكوا بالصلاة على شفيع المذنبين يوم قيام الساعة، وارغبوا إلى مولاكم أن يوفقنا إلى أعمال أهل السنة والجماعة.
وأنشدوا:
من كان يعلم أن الله خالقه ***** ومحمدا قد جاء بالقـرآن
فليكثر التسليم بعد صلاته ***** للطيب المبعوث بالتبـيان
الهاشمي الأبطحي محمد ***** خير الأنام وزين كل مكان
ومن صلت عليه الملائكة دخل الجنة
عن عبد الرحمان بن عوف عن النبي عليه السلام أنه قال: (جاءني جبرائيل وقال: يا محمد لا يصلي عليك أحد إلا صلى عليه سبعون ألف ملك، ومن صلت عليه الملائكة دخل الجنة) [درة الواعظين].
- أن المصلي عليه تصلي عليه الملائكة ولا يبق شىء في الوجود إلا صلى عليه :
وأخرج ابن الملقن عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ( من صلى علي صلت عليه الملائكة ومن صلت عليه الملائكة صلى الله عليه ومن صلى الله عليه لم يبق شيء في السماوات السبع والأرضين السبع والبحار السبع والأشجار والنبات والطيور والسباع والأنعام إلا صلى عليه) كذا في الحقائق [خزينة الأسرار] .
قال ابن الجوزي في بستان الواعظين ص 349-350: ذكر في بعض الأخبار أن العبد المؤمن أو الأمة المؤمنة إذا ابتدأ بالصلاة على محمد فتحت له أبواب السماوات السبع والسرادقات حتى العرش، فلا يبقى ملك في السماوات إلا صلى على محمد صلى الله عليه وسلم، ويستغفرون لذلك العبد أو الأمة مادام العبد أو الأمة يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم.
وأنشدواْ:
صلوا بنا يا معشر الإسلام ***** على النبي الواضح الأحكام
نطق الكتاب بفضله وجلاله ***** وبفضله ننجوا من الإجرام
وأنشدوا :
صلاة رب كريم ماجد صمد ***** على النبي الذي قد نال تفضيلا
صلى عليه إله العرش خالقنا ***** جاء الكتاب بذا وحياً وتنزيـلاً
فهو الدليل لأهل الخير كلهـم ***** لمن أراد إلى الفردوس تحويلا
ومن أراد فـراراً عن تمرده ***** ومن أراد الرحمان توصـيلاً
هذا بيان لأهل الفضل كـلهم يعـجلون لدار الخـلد تعجيلاً
عباد الله ارغبواْ في هذا الملك الجليل، والنعيم الدائم الطويل، بإكثار الصلاة على محمد الأصيل، النبي السيد النبيل، الذي جاء بالوحي والتنزيل، وأوضح بيان التأويل، وجاءه الأمين جبريل، بالتكريم والتفضيل، وأسرى به الجليل، في الليل البهيم الطويل، كشف له عن أعلا الملكوت، وأراه أسنى الجبروت، ونظر إلى الحي الذي لا يموت. فلقد رأى في ليلة الإسراء من آيات ربه الكبرى، وانتهى إلى سدرة المنتهى .
وأنشدواْ :
صلواْ على خير الأنــام محمد ***** فهو الدليل إلى السبيل المرشـد
صلى عليه الرب ما دام الدجـى ***** ومضى النهار وفي الظلام الأسود
من صلى علي صلاة واحدة كتب الله له قيراط ، والقيراط مثل أحد
قال صلى الله عليه وسلم: (من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشراً) صحيح البخاري، مسلم ، أبو داود، الترمذي، النسائي، مصابيح الهدى.
وأخرج الإمام أحمد في مسنده عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من صلى على النبي صلى الله وملائكته عليه سبعين صلاة فليقل عبد من ذلك أو ليكثر) وحسنه المنذري والهيثمي.
وروى ابن عدي في الكامل عن علي رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: (من صلى علي صلاة واحدة كتب الله له قيراط، والقيراط مثل أحد) وحسنه في الجامع وشرحه.
* وقال صاحب السنن والمبتدعات: والجمع بين هذين الحديثين وبين ما تقدم [يعني من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشرا] أنه صلى الله عليه وسلم كان يخبر بالثواب شيئا فشيئا فكلما أعلمه بزيادة ثواب أخبر عنها فهو أخبر بالقليل أولا ثم بالكثير والله أعلم.
وفي كتاب الإحسان ج 1 ص 300 للأستاذ عبد السلام ياسين: أخرج الإمام أحمد وحسنه المنذري عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه وملائكته سبعين صلاة) .
وأخرج أحمد بن حنبل في المسند أنه صلى الله عليه وسلم قال: (من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم واحدة صلى الله وملائكته عليه سبعين صلاة)، قال الشوكاني: وهو من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما كما قال المنذري في الترغيب والترهيب، وأخرجه أحمد بإسناد حسن، وكذلك حسنه الهيثمي، وتمامه: (فليقل عبد من ذلك أو ليكثر).
* والجمع بين هذا الحديث وبين ما تقدم بأنه صلى الله عليه وسلم كان يُعلم بهذا الثواب شيئا فشيئا وكلما علم بشيء قاله، فعلم صلى الله عليه وسلم بأن ثواب من صلى عليه هو ما في الحديث الأول وما ورد في معناه فأخبر به، ثم علم بأن ثوابه هو ما جاء في الحديث الثاني فأخبر به.
من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى
أما حديث الكيل بالمكيال الأوفى فعن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: ( من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى إذا صلى علينا أهل البيت فليقل: اللهم صل على محمد النبي الأمي وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته وأهل بيته كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد) أخرجه مسلم وأبو داود، قال الشوكاني: وأخرجه أيضا من حديث البيهقي، وفيه الترغيب العظيم إلى أن تكون الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم على تلك الصفة، وأصل الحديث ثابت في الصحيحين وغيرهما من الأمهات الست من دون قوله (من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى) فإنه تفرد بذلك مسلم وأبو داود.
قال الحافظ السخاوي الشافعي: قوله في بعض الأحاديث السالفة من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى أي الأجر والثواب فحذف ذلك للعلم به وكنى بذلك عن كثرة الثواب لأن التقدير بالمكيال يكون في الغالب للأشياء الكثيرة والتقدير بالميزان يكون غالباً للأشياء القليلة وأكد ذلك بقوله الأوفى.
عشر حسنات..عشر درجات..عشر رقبات
عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى علي كتب الله له بها عشر حسنات، ومحا عنه بها عشر سيئات، ورفعه بها عشر درجات، وكان له عدل عشر رقبات) ذكره شيخ الإسلام مجد الدين محمد الفيروز في كتابه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشرا) أخرجه مسلم، قال الشوكاني: وأخرجه أيضا من حديثه أبو داود، والنسائي، وابن حبان، وفي بعض ألفاظه: (من صلى علي مرة واحدة كتب الله له بها عشر حسنات) كذا في سنن الترمذي، وفي لفظ للنسائي وأحمد: (من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشر صلوات، وحط عنه بها عشر سيئات، ورفعه بها عشر درجات)، وأخرجه أيضا ابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه، وقال صحيح الإسناد، وأقره الذهبي، وهو عند هؤلاء من حديث أنس رضي الله عنه.
وأخرج أحمد والنسائي عن أبي طلحة الأنصاري رضي الله عنه قال: أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما طيب النفس يرى في وجهه البشر، فقالوا: يا رسول الله إنك أصبحت اليوم طيب النفس يرى البشر في وجهك، قال: (أجل، أتاني آت {أي جبريل} من ربي عز وجل فقال: من صلى عليك من أمتك صلاة صلى الله عليه بها عشر صلوات، ومحا عنه عشر سيئات، ورفع له بها عشر درجات).
وأخرج النسائي، والطبراني والبزار من حديث أبي برده بن نيار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى علي من أمتي صلاة مخلصا قلبه صلى الله عليه بها عشر صلوات، ورفعه بها عشر درجات، وكتب له بها عشر حسنات، ومحا عنه عشر سيئات). وأخرج نحوه ابن أبي عاصم من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه، وزاد: (كن له عدل عشر رقاب)... [تحفة الذاكرين:34 ].
حسنات الحرم
قال ابن الجوزي في بستان الواعظين ص 352: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من صلى علي من أمتي كتبت له عشر حسنات من حسنات الحرم، قيل: يا رسول الله وما حسنات الحرم؟ قال: الحسنة بسبعمائة حسنة) يا أخي هذا والله قول يسير وثواب كبير.
قال الشوكاني: وفي هذه الأحاديث دلالة على شرف هذه العبادة من تضعيف الصلاة وتضعيف الحسنات وتكفير السيئات ورفع الدرجات وأن عتق الرقاب مضاعفة فأكثر من الصلاة على سيد السادات ومعدن أهل السعادات فإنها وسيلة لنيل المسرات وذريعة لأنفس الصلات ومنع المضرات ولك بكل صلاة صليتها عشر صلوات [أو سبعين صلاة] يصليها عليك جبار الأرضين والسماوات مع حط سيئات، ورفع درجات، وصلاة ملائكته الكرام عليك في دار المقام، صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا. [القول البديع..: 138].
فتح أبواب الرحمة والتطهير من النفاق
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا تطهر أحدكم فليذكر إسم الله فإنه يطهر جسده كله، وإن لم يذكر إسم الله على طهوره لم يطهر إلا ما مر عليه ماء، فإذا فرغ أحدكم من طهوره فليشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ثم ليصل علي، فإذا قال ذلك فتحت له أبواب الرحمة) رواه الدارقطني والبيهقي وقالا: ضعيف [ الصلات والبشر: 65].
وقال أبو الشيخ في كتابه عن أبي وائل عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا فرغ أحدكم من طهوره فليقل أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، ثم ليصل علي، فإذا قال ذلك فتحت له أبواب الرحمة) هذا حديث مشهور له طرق عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وعقبة بن عامر، وثوبان، وأنس، ليس في شيء منها ذكر الصلاة إلا هذه الرواية. [جلاء الأفعام :254 ].
* قال شيخ الإسلام مجد الدين محمد الفيروز أبادي صاحب الصلات والبشر: أخبرنا جماعة من أشياخنا وذكر سندا طويلا يرفعه إلى أبي المظفر قال سمعت الخضر وإلياس يقولان: سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من مؤمن صلى على محمد صلى الله عليه وسلم إلا بَصرَ { نضر} به قلبه ونوره الله تعالى).
- وبالإسناد المتقدم عن أبي المظفر قال: سمعت الخضر وإلياس عليهما السلام يقولان: سمعنا رسول الله صلى الله عيه وسلم يقول: (من قال: صلى الله على محمد طَهُرَ قلبه من النفاق كما يطهر الثوب بالماء). وبالإسناد المتقدم عن الخضر وإلياس عليهما السلام قالا: سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر: ( من قال: صلى الله على محمد فقد فتح على نفسه سبعين باباً من الرحمة). وفي روايتين في القول البديع للسخاوي بسند طويل وكذلك في فاتق الرتق ص 300، للشيخ ماء العينين: أنه صلى الله عليه وسلم قال: (من صلى علي طهر الله قلبه من النفاق كما يُطهر الماء الثوب) وعنه كذلك: ( من صلى علي فقد فتح على نفسه سبعين باباً من الرحمة، وألقى الله محبته في قلوب الناس فلا يبغضه إلا من بقلبه نفاق).
قال الإمام الشعراني قال شيخه: هذا الحديث والذي قبله رويناهما عن بعض العارفين عن الخضر عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهما عندنا صحيحان في أعلى درجة وإن لم يثبتهما المحدثون على مقتضى اصطلاحهم والله أعلم.
وبالإسناد عن الخضر وإلياس عليهما السلام قالا: سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من مؤمن يقول: صلى الله على محمد إلا أحبه الناس وإن كانوا أبغضوه، والله لا يحبونه حتى يحبه الله تعالى). وبنفس السند عن الخضر وإلياس عليهما السلام قالا: سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا جلستم مجلسا فقولوا: بسم الله الرحمان الرحيم وصلى الله على محمد يوكل بكم ملكا يمنعكم من الغيبة حتى لا تغتابوا ، فإذا قمتم فقولوا: بسم الله الرحمان الرحيم وصلى الله على محمد فإن الناس لا يغتابوكم ويمنعهم الملك عن ذلك).
يتبع
أخرج الطبراني من حديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أتاني جبريل آنفا {الآن} عن ربه عز وجل فقال: يا محمد ما على الأرض من مسلم يصلي عليك مرة واحدة إلا صليت عليه أنا وملائكتي عشرا). وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صلى علي صلاة صلى الله عليه وملائكته عشرا، فليكثر عبدا أو ليقل) أخرجه ابن أبي عاصم في فضل الصلاة عليه.
وفي بستان الواعظين لابن الجوزي ص 350-351: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من صلى علي صلت عليه الملائكة، ومن صلت عليه الملائكة صلى عليه ربه، فليقل العبد أو ليكثر) {حديث حسن: ذكره العلجوني في الكشف وعزاه للبيهقي في الشعب، وأحمد في المسند}. واعلموا أن الفاجر الشقي الذي يسمع هذه الفضائل على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وقد حبس لسانه عنها فيجب أن يتعوذ بالله منه. نعوذ بالله من لسان جامد، عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم رسول الملك الماجد، العزيز الفرد الصمد الواحد.
وأنشدوا :
صلوا على النور البهي محمد ***** إن الصلاة عليه تنجي من لظى
فهو الدليل إذا اهتديت بنوره ***** وهو الرسول فذاك مصباح الهدى
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله تعالى وهب ذنوبكم عند الاستغفار، فمن استغفر الله تعالى بنية صادقة غفر له، ومن قال لا إله إلا الله رجح ميزانه، ومن صلى علي كنت شفيعه يوم القيامة). عباد الله ارغبوا في الشفاعة، وتمسكوا بالصلاة على شفيع المذنبين يوم قيام الساعة، وارغبوا إلى مولاكم أن يوفقنا إلى أعمال أهل السنة والجماعة.
وأنشدوا:
من كان يعلم أن الله خالقه ***** ومحمدا قد جاء بالقـرآن
فليكثر التسليم بعد صلاته ***** للطيب المبعوث بالتبـيان
الهاشمي الأبطحي محمد ***** خير الأنام وزين كل مكان
ومن صلت عليه الملائكة دخل الجنة
عن عبد الرحمان بن عوف عن النبي عليه السلام أنه قال: (جاءني جبرائيل وقال: يا محمد لا يصلي عليك أحد إلا صلى عليه سبعون ألف ملك، ومن صلت عليه الملائكة دخل الجنة) [درة الواعظين].
- أن المصلي عليه تصلي عليه الملائكة ولا يبق شىء في الوجود إلا صلى عليه :
وأخرج ابن الملقن عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ( من صلى علي صلت عليه الملائكة ومن صلت عليه الملائكة صلى الله عليه ومن صلى الله عليه لم يبق شيء في السماوات السبع والأرضين السبع والبحار السبع والأشجار والنبات والطيور والسباع والأنعام إلا صلى عليه) كذا في الحقائق [خزينة الأسرار] .
قال ابن الجوزي في بستان الواعظين ص 349-350: ذكر في بعض الأخبار أن العبد المؤمن أو الأمة المؤمنة إذا ابتدأ بالصلاة على محمد فتحت له أبواب السماوات السبع والسرادقات حتى العرش، فلا يبقى ملك في السماوات إلا صلى على محمد صلى الله عليه وسلم، ويستغفرون لذلك العبد أو الأمة مادام العبد أو الأمة يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم.
وأنشدواْ:
صلوا بنا يا معشر الإسلام ***** على النبي الواضح الأحكام
نطق الكتاب بفضله وجلاله ***** وبفضله ننجوا من الإجرام
وأنشدوا :
صلاة رب كريم ماجد صمد ***** على النبي الذي قد نال تفضيلا
صلى عليه إله العرش خالقنا ***** جاء الكتاب بذا وحياً وتنزيـلاً
فهو الدليل لأهل الخير كلهـم ***** لمن أراد إلى الفردوس تحويلا
ومن أراد فـراراً عن تمرده ***** ومن أراد الرحمان توصـيلاً
هذا بيان لأهل الفضل كـلهم يعـجلون لدار الخـلد تعجيلاً
عباد الله ارغبواْ في هذا الملك الجليل، والنعيم الدائم الطويل، بإكثار الصلاة على محمد الأصيل، النبي السيد النبيل، الذي جاء بالوحي والتنزيل، وأوضح بيان التأويل، وجاءه الأمين جبريل، بالتكريم والتفضيل، وأسرى به الجليل، في الليل البهيم الطويل، كشف له عن أعلا الملكوت، وأراه أسنى الجبروت، ونظر إلى الحي الذي لا يموت. فلقد رأى في ليلة الإسراء من آيات ربه الكبرى، وانتهى إلى سدرة المنتهى .
وأنشدواْ :
صلواْ على خير الأنــام محمد ***** فهو الدليل إلى السبيل المرشـد
صلى عليه الرب ما دام الدجـى ***** ومضى النهار وفي الظلام الأسود
من صلى علي صلاة واحدة كتب الله له قيراط ، والقيراط مثل أحد
قال صلى الله عليه وسلم: (من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشراً) صحيح البخاري، مسلم ، أبو داود، الترمذي، النسائي، مصابيح الهدى.
وأخرج الإمام أحمد في مسنده عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من صلى على النبي صلى الله وملائكته عليه سبعين صلاة فليقل عبد من ذلك أو ليكثر) وحسنه المنذري والهيثمي.
وروى ابن عدي في الكامل عن علي رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: (من صلى علي صلاة واحدة كتب الله له قيراط، والقيراط مثل أحد) وحسنه في الجامع وشرحه.
* وقال صاحب السنن والمبتدعات: والجمع بين هذين الحديثين وبين ما تقدم [يعني من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشرا] أنه صلى الله عليه وسلم كان يخبر بالثواب شيئا فشيئا فكلما أعلمه بزيادة ثواب أخبر عنها فهو أخبر بالقليل أولا ثم بالكثير والله أعلم.
وفي كتاب الإحسان ج 1 ص 300 للأستاذ عبد السلام ياسين: أخرج الإمام أحمد وحسنه المنذري عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه وملائكته سبعين صلاة) .
وأخرج أحمد بن حنبل في المسند أنه صلى الله عليه وسلم قال: (من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم واحدة صلى الله وملائكته عليه سبعين صلاة)، قال الشوكاني: وهو من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما كما قال المنذري في الترغيب والترهيب، وأخرجه أحمد بإسناد حسن، وكذلك حسنه الهيثمي، وتمامه: (فليقل عبد من ذلك أو ليكثر).
* والجمع بين هذا الحديث وبين ما تقدم بأنه صلى الله عليه وسلم كان يُعلم بهذا الثواب شيئا فشيئا وكلما علم بشيء قاله، فعلم صلى الله عليه وسلم بأن ثواب من صلى عليه هو ما في الحديث الأول وما ورد في معناه فأخبر به، ثم علم بأن ثوابه هو ما جاء في الحديث الثاني فأخبر به.
من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى
أما حديث الكيل بالمكيال الأوفى فعن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: ( من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى إذا صلى علينا أهل البيت فليقل: اللهم صل على محمد النبي الأمي وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته وأهل بيته كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد) أخرجه مسلم وأبو داود، قال الشوكاني: وأخرجه أيضا من حديث البيهقي، وفيه الترغيب العظيم إلى أن تكون الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم على تلك الصفة، وأصل الحديث ثابت في الصحيحين وغيرهما من الأمهات الست من دون قوله (من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى) فإنه تفرد بذلك مسلم وأبو داود.
قال الحافظ السخاوي الشافعي: قوله في بعض الأحاديث السالفة من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى أي الأجر والثواب فحذف ذلك للعلم به وكنى بذلك عن كثرة الثواب لأن التقدير بالمكيال يكون في الغالب للأشياء الكثيرة والتقدير بالميزان يكون غالباً للأشياء القليلة وأكد ذلك بقوله الأوفى.
عشر حسنات..عشر درجات..عشر رقبات
عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى علي كتب الله له بها عشر حسنات، ومحا عنه بها عشر سيئات، ورفعه بها عشر درجات، وكان له عدل عشر رقبات) ذكره شيخ الإسلام مجد الدين محمد الفيروز في كتابه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشرا) أخرجه مسلم، قال الشوكاني: وأخرجه أيضا من حديثه أبو داود، والنسائي، وابن حبان، وفي بعض ألفاظه: (من صلى علي مرة واحدة كتب الله له بها عشر حسنات) كذا في سنن الترمذي، وفي لفظ للنسائي وأحمد: (من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشر صلوات، وحط عنه بها عشر سيئات، ورفعه بها عشر درجات)، وأخرجه أيضا ابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه، وقال صحيح الإسناد، وأقره الذهبي، وهو عند هؤلاء من حديث أنس رضي الله عنه.
وأخرج أحمد والنسائي عن أبي طلحة الأنصاري رضي الله عنه قال: أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما طيب النفس يرى في وجهه البشر، فقالوا: يا رسول الله إنك أصبحت اليوم طيب النفس يرى البشر في وجهك، قال: (أجل، أتاني آت {أي جبريل} من ربي عز وجل فقال: من صلى عليك من أمتك صلاة صلى الله عليه بها عشر صلوات، ومحا عنه عشر سيئات، ورفع له بها عشر درجات).
وأخرج النسائي، والطبراني والبزار من حديث أبي برده بن نيار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى علي من أمتي صلاة مخلصا قلبه صلى الله عليه بها عشر صلوات، ورفعه بها عشر درجات، وكتب له بها عشر حسنات، ومحا عنه عشر سيئات). وأخرج نحوه ابن أبي عاصم من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه، وزاد: (كن له عدل عشر رقاب)... [تحفة الذاكرين:34 ].
حسنات الحرم
قال ابن الجوزي في بستان الواعظين ص 352: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من صلى علي من أمتي كتبت له عشر حسنات من حسنات الحرم، قيل: يا رسول الله وما حسنات الحرم؟ قال: الحسنة بسبعمائة حسنة) يا أخي هذا والله قول يسير وثواب كبير.
قال الشوكاني: وفي هذه الأحاديث دلالة على شرف هذه العبادة من تضعيف الصلاة وتضعيف الحسنات وتكفير السيئات ورفع الدرجات وأن عتق الرقاب مضاعفة فأكثر من الصلاة على سيد السادات ومعدن أهل السعادات فإنها وسيلة لنيل المسرات وذريعة لأنفس الصلات ومنع المضرات ولك بكل صلاة صليتها عشر صلوات [أو سبعين صلاة] يصليها عليك جبار الأرضين والسماوات مع حط سيئات، ورفع درجات، وصلاة ملائكته الكرام عليك في دار المقام، صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا. [القول البديع..: 138].
فتح أبواب الرحمة والتطهير من النفاق
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا تطهر أحدكم فليذكر إسم الله فإنه يطهر جسده كله، وإن لم يذكر إسم الله على طهوره لم يطهر إلا ما مر عليه ماء، فإذا فرغ أحدكم من طهوره فليشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ثم ليصل علي، فإذا قال ذلك فتحت له أبواب الرحمة) رواه الدارقطني والبيهقي وقالا: ضعيف [ الصلات والبشر: 65].
وقال أبو الشيخ في كتابه عن أبي وائل عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا فرغ أحدكم من طهوره فليقل أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، ثم ليصل علي، فإذا قال ذلك فتحت له أبواب الرحمة) هذا حديث مشهور له طرق عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وعقبة بن عامر، وثوبان، وأنس، ليس في شيء منها ذكر الصلاة إلا هذه الرواية. [جلاء الأفعام :254 ].
* قال شيخ الإسلام مجد الدين محمد الفيروز أبادي صاحب الصلات والبشر: أخبرنا جماعة من أشياخنا وذكر سندا طويلا يرفعه إلى أبي المظفر قال سمعت الخضر وإلياس يقولان: سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من مؤمن صلى على محمد صلى الله عليه وسلم إلا بَصرَ { نضر} به قلبه ونوره الله تعالى).
- وبالإسناد المتقدم عن أبي المظفر قال: سمعت الخضر وإلياس عليهما السلام يقولان: سمعنا رسول الله صلى الله عيه وسلم يقول: (من قال: صلى الله على محمد طَهُرَ قلبه من النفاق كما يطهر الثوب بالماء). وبالإسناد المتقدم عن الخضر وإلياس عليهما السلام قالا: سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر: ( من قال: صلى الله على محمد فقد فتح على نفسه سبعين باباً من الرحمة). وفي روايتين في القول البديع للسخاوي بسند طويل وكذلك في فاتق الرتق ص 300، للشيخ ماء العينين: أنه صلى الله عليه وسلم قال: (من صلى علي طهر الله قلبه من النفاق كما يُطهر الماء الثوب) وعنه كذلك: ( من صلى علي فقد فتح على نفسه سبعين باباً من الرحمة، وألقى الله محبته في قلوب الناس فلا يبغضه إلا من بقلبه نفاق).
قال الإمام الشعراني قال شيخه: هذا الحديث والذي قبله رويناهما عن بعض العارفين عن الخضر عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهما عندنا صحيحان في أعلى درجة وإن لم يثبتهما المحدثون على مقتضى اصطلاحهم والله أعلم.
وبالإسناد عن الخضر وإلياس عليهما السلام قالا: سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من مؤمن يقول: صلى الله على محمد إلا أحبه الناس وإن كانوا أبغضوه، والله لا يحبونه حتى يحبه الله تعالى). وبنفس السند عن الخضر وإلياس عليهما السلام قالا: سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا جلستم مجلسا فقولوا: بسم الله الرحمان الرحيم وصلى الله على محمد يوكل بكم ملكا يمنعكم من الغيبة حتى لا تغتابوا ، فإذا قمتم فقولوا: بسم الله الرحمان الرحيم وصلى الله على محمد فإن الناس لا يغتابوكم ويمنعهم الملك عن ذلك).
يتبع
رد: الصلاة عـلى النبي صلى الله عليه وسلم
سبب للبركة والأمان من سخطه سبحانه وتعالى
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (قال جبريل: يا محمد إن الله تعالى يقول: من صلى عليك عشر مرات استوجب الأمان من سخطه). أخرجه ابن بشكوال. [الصلات والبشر: 49 ]. [القول البديع:122 ].
وهي سبب للبركة في ذات المصلي وولده وعمله وعمره وأسباب مصالحه لأن المصلي يدعو ربه أن يبارك عليه وعلى آله، وهذا الدعاء مستجاب والجزاء من جنسه.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (كل أمر ذي بال لم يبدأ فيه بذكر الله تعالى ثم بالصلاة علي فهو أقطع ممحوق من كل بركة).[الصلات والبشر:81].
وصلاة الله وملائكته على العبد المصلي، ودعاء الرسول صلى الله عليه وسلم له حينما تبلغه صلاته وسلامه عليه، سبب في أن تسري بركة الصلاة والدعاء إلى ذات العبد وولده وولد أولاده وعمله وعمره وكل أموره. ففي كتاب الصلات ص:125: روي أن سيدنا حذيفة رضي الله عنه قال:[الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تدرك الرجل وولده وولد ولده] يعني بركتها تسري في ذات الرجل وكل مصالحه وإلى أحفاده من بعده.
"البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي"
قال ابن القيم: ولهذا أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك بتسمية من لم يصل عليه عند ذكره بخيلا، لأن من أحسن إلى العبد الإحسان العظيم، وحصل له به الخير الجسيم ثم يذكر عنده ولا يثني عليه، ولا يبالغ في حمده ومدحه وتمجيده، ويبدأ ذلك ويعيده ويعتذر من التقصير في القيام بشكره وحقه، عدّه الناس بخيلا لئيما كفورا، وقد روى النسائي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلمالبخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي، فإنه من صلى علي مرة صلى الله عليه عشرا) صلى الله عليه وسلم. وهذا إسناد صحيح والأمر ظاهر في الوجوب..
وعن جرير بن حازم قال سمعت الحسن –رضي الله عنه-يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلمبحسب المؤمن من البخل أن أذكر عنده فلم يصل علي) وعن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كفى به شحا أن أذكر عنده فلا يصلي علي) صلى الله عليه وسلم.
.. وفي شرف المصطفى لأبي سعيد الواعظ أن عائشة رضي الله عنها كانت تخيط شيئا في وقت السحر فضلت الإبرة وانطفأ السراج فدخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم فأضاء البيت بضوئه صلى الله عليه وسلم ووجدت الإبرة، فقالت: ما أضوء وجهك يا رسول الله! قالويل لمن لا يراني يوم القيامة، قالت: ومن لا يراك؟ قال:البخيل، قالت: ومن البخيل؟ قال: الذي لا يصلي علي إذا سمع باسمي).
وفي حلية الأولياء لأبي نعيم أن رجلا مر بالنبي صلى الله عليه وسلم ومعه ظبي قد اصطاده، فأنطق الله سبحانه، الذي أنطق كل شيء، الظبي: فقالت يا رسول الله: إن لي أولاداً وأنا أرضعهم وإنهم الآن جياع، فأمر هذا أن يخليني حتى أذهب فأرضع أولادي وأعود، قالفإن لم تعودي، قالت: إن لم أعد فلعنني الله كمن تذكر بين يديه فلا يصلي عليك، أو كنت كمن صلى ولم يدع، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أطلقها وأنا ضامنها فذهبت الظبية ثم عادت، فنزل جبريل عليه السلام وقال: يا محمد، الله يقرئك السلام ويقول لك: وعزتي وجلالي أنا أرحم بأمتك من هذه الظبية بأولادها، وأنا أردهم إليك كما رجعت الظبية إليك) صلى الله عليه وسلم.
وفي شرف المصطفى أيضا عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ألا أدلكم على خير الناس وشر الناس وأبخل الناس وأكسل الناس وألأم وأسرق الناس، قيل يا رسول الله بلى: قال: خير الناس من انتفع به الناس، وشر الناس من يسعى بأخيه المسلم، وأكسل الناس من أرق في ليلة فلم يذكر الله بلسانه وجوارحه، وألأم الناس من إذا ذكرت عنده فلم يصل علي، وأبخل الناس من بخل بالتسليم على الناس، وأسرق الناس من سرق صلاته، قيل: يا رسول الله كيف يسرق صلاته؟ قال: لا يتم ركوعها ولا سجودها).
"رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي"
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلمرغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي، ورغم أنف رجل دخل عليه شهر رمضان فانسلخ قبل أن يغفر له، ورغم أنف رجل أدرك عنده أبواه الكبر فلم يدخلاه الجنة) أخرجه الإمام أحمد، والترمذي، ورواه ابن عباس قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر إذ قال: آمين ثلاث مرات، فذكره. {و} رواه مالك بن الحويرث ولفظه: من ذكرتَ عنده فلم يصل عليك فأبعده الله قل: آمين فقلت آمين، وكذلك في الجميع. [الصلاة والبشر:70].
قال ابن القيم: دعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم برغم أنفه وهو أن يلصق أنف بالرغام وهو التراب لأنه لما ذكر عنده فلم يصل عليه استحق أن يذله الله ويلصق أنفه بالتراب.
"من ذكرت عنده فلم يصل علي فقد خطئ طريق الجنة"
عن جعفر بن محمد عن أبيه {محمد بن علي بن الحسين} –رضي الله عنهم- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من ذكرت عنده فلم يصل علي فقد خطئ طريق الجنة) رواه إسماعيل القاضي هكذا مرسلا وهو إسناد حسن، ورواه الطبراني متصلا [الصلات والبشر:70-71]
فلولا أن الصلاة عليه واجبة عند ذكره لم يكن تاركها مخطئا لطريق الجنة.
الصلاة على النبي تبعد العبد عن الجفاء
ومعنى الجفاء: قوله من الجفا هو بفتح الجيم والمد وهو ترك البر والصلة، ويطلق أيضا على غلظ الطبع، والجفاء البعد عن النبي صلى الله عليه وسلم والله أعلم.
وأيضا فمن ذَكر النبي صلى الله عليه وسلم أو ذكر عنده فلم يصل عليه فقد جفاه ولا يجوز لمسلم جفاؤه صلى الله عليه وسلم. عن قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلممن الجفاء أن أذكر عند الرجل فلا يصلي علي) صلى الله عليه وسلم. وليس هذا المرسل وحده ولكن له أصول وشواهد قد تقدمت من تسمية تارك الصلاة عليه عند ذكره بخيلا، والدعاء عليه بالرغم، وهذا من موجبات جفائه. فجفاؤه مناف لكمال حبه وتقديم محبته على النفس والأهل والمال، وأنه أولى بالمؤمن من نفسه، فإن العبد لا يؤمن حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إليه من نفسه ومن ولده ووالده والناس أجمعين. ومعلوم أن جفاءه صلى الله عليه وسلم ينافي ذلك [جلاء الأفهام:235-236].
الصلاة على النبي سبب لدوام المحبة
قال الفيروز أبادي: وذلك عقد من عقود الإيمان التي لا يتم الإيمان إلا بها، والمقصود أن دوام الذكر سبب لدوام المحبة. فالذكر للقلب كالماء للزرع، بل كالماء للسمك لا حياة له إلا به: فمن دلائل محبة النبي صلى الله عليه وسلم الإكثار من الصلاة والسلام عليه امتثالا لأمر الله تعالى وتشوقا إليه اغتناما لما فيها من الفوائد العظيمة والأجور المضاعفة الجسيمة.
وقال السخاوي: فمن أعظم شعب الإيمان الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم محبة له وأداء لحقه وتوقيرا له وتعظيما، والمواظبة عليها من باب أداء شكره صلى الله عليه وسلم، وشكره واجب لما عظم منه من الإنعام، فإنه سبب نجاتنا من الجحيم {...} فقد قال الفاكهاني أن الصلاة عليه عبادة لنا وزيادة حسنات في أعمالنا. قال: وفيه نكتة بديعة هي أنه أحب الخلق إلى الله، ونحن إنما نذكره بإذكار الله لنا فهو الذاكر في الحقيقة، ومن أحب شيئا أكثر من ذكره. [القول البديع : 13و25 ].
المصلي علي حبيبي
الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم إذا كانت سببا لزيادة محبة المصلي عليه له، فكذلك هي سبب لمحبته هو للمصلي عليه. روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قالأنا حبيب الله تعالى، والمصلي علي حبيبي، فمن أراد أن يكون حبيبا للحبيب فليكثر من الصلاة على الحبيب) كذا في مولد النبي صلى الله عليه وسلم.
وقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيت صلاة المصلين عليك ممن غاب عنك ومن يأتي بعدك ما حالهما عندك؟ فقالأسمع صلاة أهل محبتي وأعرفهم وتعرض علي صلاة غيرهم عرضا).
الواضح من هذا الحديث والله أعلم: أن من يحبون رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكثرون الصلاة عليه فإنه صلى الله عليه وسلم يحبهم ويسمع صلاتهم وسلامهم عليه بلا واسطة بل وقد يحضر مجالسهم. وأما من لا يصلون عليه إلا قليلا فتبلغه صلاتهم بواسطة الملك الموكل بذلك.
هل ترغب في ملك يصلي عليك إلى يوم القيامة؟
قال الفيروز: وشكر له على نعمته التي أنعم الله بها علينا مع أن الذي يستحقه من ذلك لا يحصى علما ولا قدرة ولا إرادة ولكن الله سبحانه رضي من عباده باليسير من شكره وأداء حقه.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلمما من عبد يصلي علي صلاة تعظيما لحقي إلا خلق الله تعالى من ذلك القول ملكا له جناح بالمشرق وجناح بالمغرب ويقول له صلِّ على عبدي كما صلى على نبيي، فهو يصلي عليه إلى يوم القيامة) أخرجه ابن بشكوال، وأبو حفص بن شاهين وزاد: ورجلاه في تخوم الأرض وعنقه ملوي تحت العرش. [الصلات والبشر :42 و50].
قال ابن الجوزي في بستان الواعظين ص:348: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قالمن صلى علي صلاة تعظيماً لحقي، خلق الله تعالى من ذلك القول ملكاً جناحه بالمشرق والآخر بالمغرب ورجلاه مغروزتان في الأرض السابعة السفلى وعنقه ملوي تحت العرش، يقول الله تعالى له: صل على عبدي كما صلى على نبيي محمد، فهو يصلي عليه إلى يوم القيامة). أحبائي تحصنوا من أليم العذاب، وارغبواْ في جزيل الثواب، بالصلاة على النبي الصادق الأوّاب. اعلموا عباد الله أن الله تبارك وتعالى لما اتخذ محمداً صلى الله عليه وسلم حبيباً أقسم بحياته فقال تعالى:{لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون} الحجر:72. فهذه غاية المحبة. ولما أحب الله تعالى أن يصلي العباد على محمد النبي الحبيب بدأ بالصلاة عليه الملك القريب، ثم ثنى بملائكته البعيد منهم والقريب، ثم عرف عباده المؤمنين أنه يصلي على {محمد هو وملائكته، ثم أمر بالصلاة عليه أهل الإيمان، لينجيهم بها من عذاب النيران، فقال الملك الرحمان في محكم القرآن:{إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} الأحزاب:56. فكأنه قال جل وتعالى: عبدي قد أعلمتك أني أصلي على محمد حبيبي وملائكتي تصلي عليه، فمن أكثر الصلاة على محمد الحبيب جعلت له من الجنة أوفر نصيب، وكان رفيقاً وجاراً لأبي القاسم الحبيب. وأنشدوا:
صلى الإله بعظمته وجلاله *** ثم الملائكة الكرام على النبـي
فهو الحبيب لربنا رب العلا *** وهو الـدليل لجنة لا تختـبي
وكان صلى الله عليه وسلم يقولمن قال اللهم صل على محمد وعلى آل محمد صلاة تكون لك رضاء ولحقه أداء وأعطه الوسيلة والمقام المحمود الذي وعدته وجبت له شفاعتي) [فاتق الرتق على راتق الفتق للشيخ ماء العينين].
يتبع
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (قال جبريل: يا محمد إن الله تعالى يقول: من صلى عليك عشر مرات استوجب الأمان من سخطه). أخرجه ابن بشكوال. [الصلات والبشر: 49 ]. [القول البديع:122 ].
وهي سبب للبركة في ذات المصلي وولده وعمله وعمره وأسباب مصالحه لأن المصلي يدعو ربه أن يبارك عليه وعلى آله، وهذا الدعاء مستجاب والجزاء من جنسه.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (كل أمر ذي بال لم يبدأ فيه بذكر الله تعالى ثم بالصلاة علي فهو أقطع ممحوق من كل بركة).[الصلات والبشر:81].
وصلاة الله وملائكته على العبد المصلي، ودعاء الرسول صلى الله عليه وسلم له حينما تبلغه صلاته وسلامه عليه، سبب في أن تسري بركة الصلاة والدعاء إلى ذات العبد وولده وولد أولاده وعمله وعمره وكل أموره. ففي كتاب الصلات ص:125: روي أن سيدنا حذيفة رضي الله عنه قال:[الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تدرك الرجل وولده وولد ولده] يعني بركتها تسري في ذات الرجل وكل مصالحه وإلى أحفاده من بعده.
"البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي"
قال ابن القيم: ولهذا أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك بتسمية من لم يصل عليه عند ذكره بخيلا، لأن من أحسن إلى العبد الإحسان العظيم، وحصل له به الخير الجسيم ثم يذكر عنده ولا يثني عليه، ولا يبالغ في حمده ومدحه وتمجيده، ويبدأ ذلك ويعيده ويعتذر من التقصير في القيام بشكره وحقه، عدّه الناس بخيلا لئيما كفورا، وقد روى النسائي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلمالبخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي، فإنه من صلى علي مرة صلى الله عليه عشرا) صلى الله عليه وسلم. وهذا إسناد صحيح والأمر ظاهر في الوجوب..
وعن جرير بن حازم قال سمعت الحسن –رضي الله عنه-يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلمبحسب المؤمن من البخل أن أذكر عنده فلم يصل علي) وعن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كفى به شحا أن أذكر عنده فلا يصلي علي) صلى الله عليه وسلم.
.. وفي شرف المصطفى لأبي سعيد الواعظ أن عائشة رضي الله عنها كانت تخيط شيئا في وقت السحر فضلت الإبرة وانطفأ السراج فدخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم فأضاء البيت بضوئه صلى الله عليه وسلم ووجدت الإبرة، فقالت: ما أضوء وجهك يا رسول الله! قالويل لمن لا يراني يوم القيامة، قالت: ومن لا يراك؟ قال:البخيل، قالت: ومن البخيل؟ قال: الذي لا يصلي علي إذا سمع باسمي).
وفي حلية الأولياء لأبي نعيم أن رجلا مر بالنبي صلى الله عليه وسلم ومعه ظبي قد اصطاده، فأنطق الله سبحانه، الذي أنطق كل شيء، الظبي: فقالت يا رسول الله: إن لي أولاداً وأنا أرضعهم وإنهم الآن جياع، فأمر هذا أن يخليني حتى أذهب فأرضع أولادي وأعود، قالفإن لم تعودي، قالت: إن لم أعد فلعنني الله كمن تذكر بين يديه فلا يصلي عليك، أو كنت كمن صلى ولم يدع، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أطلقها وأنا ضامنها فذهبت الظبية ثم عادت، فنزل جبريل عليه السلام وقال: يا محمد، الله يقرئك السلام ويقول لك: وعزتي وجلالي أنا أرحم بأمتك من هذه الظبية بأولادها، وأنا أردهم إليك كما رجعت الظبية إليك) صلى الله عليه وسلم.
وفي شرف المصطفى أيضا عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ألا أدلكم على خير الناس وشر الناس وأبخل الناس وأكسل الناس وألأم وأسرق الناس، قيل يا رسول الله بلى: قال: خير الناس من انتفع به الناس، وشر الناس من يسعى بأخيه المسلم، وأكسل الناس من أرق في ليلة فلم يذكر الله بلسانه وجوارحه، وألأم الناس من إذا ذكرت عنده فلم يصل علي، وأبخل الناس من بخل بالتسليم على الناس، وأسرق الناس من سرق صلاته، قيل: يا رسول الله كيف يسرق صلاته؟ قال: لا يتم ركوعها ولا سجودها).
"رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي"
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلمرغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي، ورغم أنف رجل دخل عليه شهر رمضان فانسلخ قبل أن يغفر له، ورغم أنف رجل أدرك عنده أبواه الكبر فلم يدخلاه الجنة) أخرجه الإمام أحمد، والترمذي، ورواه ابن عباس قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر إذ قال: آمين ثلاث مرات، فذكره. {و} رواه مالك بن الحويرث ولفظه: من ذكرتَ عنده فلم يصل عليك فأبعده الله قل: آمين فقلت آمين، وكذلك في الجميع. [الصلاة والبشر:70].
قال ابن القيم: دعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم برغم أنفه وهو أن يلصق أنف بالرغام وهو التراب لأنه لما ذكر عنده فلم يصل عليه استحق أن يذله الله ويلصق أنفه بالتراب.
"من ذكرت عنده فلم يصل علي فقد خطئ طريق الجنة"
عن جعفر بن محمد عن أبيه {محمد بن علي بن الحسين} –رضي الله عنهم- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من ذكرت عنده فلم يصل علي فقد خطئ طريق الجنة) رواه إسماعيل القاضي هكذا مرسلا وهو إسناد حسن، ورواه الطبراني متصلا [الصلات والبشر:70-71]
فلولا أن الصلاة عليه واجبة عند ذكره لم يكن تاركها مخطئا لطريق الجنة.
الصلاة على النبي تبعد العبد عن الجفاء
ومعنى الجفاء: قوله من الجفا هو بفتح الجيم والمد وهو ترك البر والصلة، ويطلق أيضا على غلظ الطبع، والجفاء البعد عن النبي صلى الله عليه وسلم والله أعلم.
وأيضا فمن ذَكر النبي صلى الله عليه وسلم أو ذكر عنده فلم يصل عليه فقد جفاه ولا يجوز لمسلم جفاؤه صلى الله عليه وسلم. عن قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلممن الجفاء أن أذكر عند الرجل فلا يصلي علي) صلى الله عليه وسلم. وليس هذا المرسل وحده ولكن له أصول وشواهد قد تقدمت من تسمية تارك الصلاة عليه عند ذكره بخيلا، والدعاء عليه بالرغم، وهذا من موجبات جفائه. فجفاؤه مناف لكمال حبه وتقديم محبته على النفس والأهل والمال، وأنه أولى بالمؤمن من نفسه، فإن العبد لا يؤمن حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إليه من نفسه ومن ولده ووالده والناس أجمعين. ومعلوم أن جفاءه صلى الله عليه وسلم ينافي ذلك [جلاء الأفهام:235-236].
الصلاة على النبي سبب لدوام المحبة
قال الفيروز أبادي: وذلك عقد من عقود الإيمان التي لا يتم الإيمان إلا بها، والمقصود أن دوام الذكر سبب لدوام المحبة. فالذكر للقلب كالماء للزرع، بل كالماء للسمك لا حياة له إلا به: فمن دلائل محبة النبي صلى الله عليه وسلم الإكثار من الصلاة والسلام عليه امتثالا لأمر الله تعالى وتشوقا إليه اغتناما لما فيها من الفوائد العظيمة والأجور المضاعفة الجسيمة.
وقال السخاوي: فمن أعظم شعب الإيمان الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم محبة له وأداء لحقه وتوقيرا له وتعظيما، والمواظبة عليها من باب أداء شكره صلى الله عليه وسلم، وشكره واجب لما عظم منه من الإنعام، فإنه سبب نجاتنا من الجحيم {...} فقد قال الفاكهاني أن الصلاة عليه عبادة لنا وزيادة حسنات في أعمالنا. قال: وفيه نكتة بديعة هي أنه أحب الخلق إلى الله، ونحن إنما نذكره بإذكار الله لنا فهو الذاكر في الحقيقة، ومن أحب شيئا أكثر من ذكره. [القول البديع : 13و25 ].
المصلي علي حبيبي
الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم إذا كانت سببا لزيادة محبة المصلي عليه له، فكذلك هي سبب لمحبته هو للمصلي عليه. روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قالأنا حبيب الله تعالى، والمصلي علي حبيبي، فمن أراد أن يكون حبيبا للحبيب فليكثر من الصلاة على الحبيب) كذا في مولد النبي صلى الله عليه وسلم.
وقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيت صلاة المصلين عليك ممن غاب عنك ومن يأتي بعدك ما حالهما عندك؟ فقالأسمع صلاة أهل محبتي وأعرفهم وتعرض علي صلاة غيرهم عرضا).
الواضح من هذا الحديث والله أعلم: أن من يحبون رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكثرون الصلاة عليه فإنه صلى الله عليه وسلم يحبهم ويسمع صلاتهم وسلامهم عليه بلا واسطة بل وقد يحضر مجالسهم. وأما من لا يصلون عليه إلا قليلا فتبلغه صلاتهم بواسطة الملك الموكل بذلك.
هل ترغب في ملك يصلي عليك إلى يوم القيامة؟
قال الفيروز: وشكر له على نعمته التي أنعم الله بها علينا مع أن الذي يستحقه من ذلك لا يحصى علما ولا قدرة ولا إرادة ولكن الله سبحانه رضي من عباده باليسير من شكره وأداء حقه.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلمما من عبد يصلي علي صلاة تعظيما لحقي إلا خلق الله تعالى من ذلك القول ملكا له جناح بالمشرق وجناح بالمغرب ويقول له صلِّ على عبدي كما صلى على نبيي، فهو يصلي عليه إلى يوم القيامة) أخرجه ابن بشكوال، وأبو حفص بن شاهين وزاد: ورجلاه في تخوم الأرض وعنقه ملوي تحت العرش. [الصلات والبشر :42 و50].
قال ابن الجوزي في بستان الواعظين ص:348: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قالمن صلى علي صلاة تعظيماً لحقي، خلق الله تعالى من ذلك القول ملكاً جناحه بالمشرق والآخر بالمغرب ورجلاه مغروزتان في الأرض السابعة السفلى وعنقه ملوي تحت العرش، يقول الله تعالى له: صل على عبدي كما صلى على نبيي محمد، فهو يصلي عليه إلى يوم القيامة). أحبائي تحصنوا من أليم العذاب، وارغبواْ في جزيل الثواب، بالصلاة على النبي الصادق الأوّاب. اعلموا عباد الله أن الله تبارك وتعالى لما اتخذ محمداً صلى الله عليه وسلم حبيباً أقسم بحياته فقال تعالى:{لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون} الحجر:72. فهذه غاية المحبة. ولما أحب الله تعالى أن يصلي العباد على محمد النبي الحبيب بدأ بالصلاة عليه الملك القريب، ثم ثنى بملائكته البعيد منهم والقريب، ثم عرف عباده المؤمنين أنه يصلي على {محمد هو وملائكته، ثم أمر بالصلاة عليه أهل الإيمان، لينجيهم بها من عذاب النيران، فقال الملك الرحمان في محكم القرآن:{إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} الأحزاب:56. فكأنه قال جل وتعالى: عبدي قد أعلمتك أني أصلي على محمد حبيبي وملائكتي تصلي عليه، فمن أكثر الصلاة على محمد الحبيب جعلت له من الجنة أوفر نصيب، وكان رفيقاً وجاراً لأبي القاسم الحبيب. وأنشدوا:
صلى الإله بعظمته وجلاله *** ثم الملائكة الكرام على النبـي
فهو الحبيب لربنا رب العلا *** وهو الـدليل لجنة لا تختـبي
وكان صلى الله عليه وسلم يقولمن قال اللهم صل على محمد وعلى آل محمد صلاة تكون لك رضاء ولحقه أداء وأعطه الوسيلة والمقام المحمود الذي وعدته وجبت له شفاعتي) [فاتق الرتق على راتق الفتق للشيخ ماء العينين].
يتبع
رد: الصلاة عـلى النبي صلى الله عليه وسلم
النبي صلى الله عليه وسلم يرد على من سلم عليه
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما من أحد يصلي علي إلا رد الله تعالى علي روحي حتى أرد عليه) وعند الطبراني: (من صلى علي من قريب سمعته، ومن صلى علي من بعيد أبلغته). فأخرج الأول الإمام أحمد وأبو داود في سننه بإسناد صحيح، قال الفيروز أبادي: فإن قلت ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم: رد علي روحي ؟ قلت: ذكر عنه جوابان: أحدهما ذكره البيهقي وهو: أن المعنى إلا وقد رد الله علي روحي يعني: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعدما مات ودفن رد الله عليه روحه لأجل رد سلام من يسلم عليه، واستمرت في جسده صلى الله عليه وسلم. والثاني: ذكره شيخنا أبو الحسن بن عبد الكافي وهو: أنه يحتمل أن يكون ردا معنويا وأن تكون روحه الشريفة مشتغلة بشهود الحضرة الإلهية والملأ الأعلى عن هذا العالم، فإذا سلم عليه أقبلت روحه الشريفة على هذا العالم ليدرك سلام من سلم عليه فترد عليه. والله أعلم.
وأخرج البزار وأبو الشيخ وابن حبان من حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله وكل بقبري ملكا فأعطاه أسماع الخلق { وفي المنذري: أسماء الخلق } فلا يصلي علي أحد إلى يوم القيامة إلا بلغني باسمه واسم أبيه هذا فلان ابن فلان قد صلى عليك) قال الشوكاني: زاد أبو الشيخ (فيصلي الرب تعالى على ذلك الرجل بكل واحدة عشرا) وأخرج الطبراني في الكبير بنحوه. قال ابن حجر: رووه كلهم عن نعيم بن هضيم وفيه خلاف عن عمران الحميري ولا يعرف (قوله: إلا رد الله علي روحي)، لفظ أحمد: إلا رد الله إلي روحي، قال القسطلاني وهو ألطف وأنسب، وبين التعديتين فرق لطيف، فإن رد يتعدى كما قال الراغب: بعَلى في الإهانة، وبإلى في الإكرام، قيل والمراد برد الروح النطق لأنه صلى الله عليه وسلم حي في قبره وروحه لا تفارقه لما صح (إن الأنبياء أحياء في قبورهم). كذا قال ابن الملقن وغيره. وقال ابن حجر: الأحسن أن يؤول رد الروح بحصول الفكر كما قالوه في خبر (يغان على قلبي) وقال الطيبي معناه أنها تكون روحه القدسية في الحضرة الإلهية، فإن بلغه السلام من أحد من الأمة رد الله روحه في تلك الحالة إلى رد (في نسخة: يرد) سلام من يسلم عليه. وفي المقام أجوبة كثيرة، وهذا الذي ذكرنا أحسنها. والاقتصار في الحديث على السلام لا يدل على أن الصلاة ليست كذلك كما ذكرناه في الحديث المتقدم قبل هذا، وكما يفيد ذلك حديث عمار الذي ذكرناه.[تحفة الذاكرين:35-36].
ومن حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم يسلم علي في شرق ولا في غرب إلا وأنا وملائكة ربي نرد عليه السلام، فقال قائل: يا رسول الله ما بال أهل المدينة ؟ قال: وما يقال لكريم في جيرته وجيرانه، إنه مما أمر به من حفظ الجوار وحفظ الجيران) قال محمد بن عثمان الحافظ هذا ومعه العمري وهو كما قال، فإن هذا الإسناد لا يحتمل هذا الحديث.
"إنكم تعرضون علي بأسمائكم وسيماكم"
وكفى بالعبد فضلا أن يذكر باسمه واسم أبيه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
عن مجاهد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنكم تعرضون علي بأسمائكم وسيماكم، فأحسنوا الصلاة علي) رواه الحافظ أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمان النميري في كتاب الإعلام هكذا مرسلا.
وعن عمار بن ياسر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا عمار بن ياسر إن الله أعطى ملكا من الملائكة أسماع الخلائق {وفي لفظ: أسماء الخلائق } وهو قائم على قبري إلى أن تقوم الساعة، ليس أحد من أمتي يصلي علي صلاة إلا قال: يا أحمد، فلان ابن فلان باسمه واسم أبيه صلى عليك كذا {وكذا}، وضمن { لي } الرب عز وجل أنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه عشرا، وإن زاد زاده الله) أخرجه البزار في مسنده، ورواه ابن عساكر من طرق مختلفة وفي لفظ له: (إن الله تعالى أعطاني ملكا من الملائكة، يقوم على قبري إذا أنا مت، فلا يصلي علي أحد إلا قال: فلان ابن فلان باسمه واسم أبيه، فيصلي الله تعالى عليه مكانها عشرا).
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (.... ثم يوكل الله تعالى بذلك ملكا يدخله في قبري كما تدخل عليكم الهدايا، يخبرني من صلى علي باسمه ونسبه إلى عشيرته، فأثبته عندي في صحيفة بيضاء) ذكره البيهقي في الجزء الذي ذكر فيه حياة الأنبياء، وابن بشكوال الحافظ وغيرهما، ورواه أبو اليمن بن عساكر وزاد في آخره: (أن علمي بعد موتي كعلمي في الحياة).
الصلاة على النبي سبب لقبول الدعاء
فإنه يُبتدأ بحمد الله والثناء عليه ثم بالصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم ثم يذكر كلامه بعد ذلك [جلاء الأفهام:261]
عن فضالة بن عبيد [رضي الله عنه] أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يدعو ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (عجل هذا، ثم دعاه فقال له أو لغيره: إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد الله تعالى والثناء عليه ثم ليصل على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ليدع بما شاء) أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات وقال: حسن صحيح على شرط مسلم، ورواه ابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه وقال: صحيح على شرط مسلم، وأخرجه أبو داود وابن خزيمة في صحيحه وقال: الترمذي والحاكم والطوسي: صحيح. [ الصلات والبشر:67]
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كنت أصلي فلما جلست بدأت بالثناء على الله تعالى، ثم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم دعوت لنفسي فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (سل تعطه، سل تعطه). [الصلات والبشر: 84 ].
الصلاة على النبي تقوم مقام الصدقة لذي العسرة
عن أبي سعيد الخدري [ رضي الله عنه ] عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيما رجل مسلم لم يكن عنده صدقة فليقل في دعائه: اللهم صل على محمد عبدك ورسولك، وصل على المؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، فإنها زكاة، وقال: لا يشبع مؤمن من خير حتى يكون منتهاه الجنة) رواه ابن حبان في صحيحه، وترجم الفضل بذكر البيان بأن صلاة الداعي ربه على صفيه صلى الله عليه وسلم في دعائه تكون صدقة له عند عدم القدرة عليها). [ الصلات والبشر:59 ].
وأيضا عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيما عبد اكتسب مالا من حلال فأطعم نفسه أو كساها فمن دونه من خلق الله تعالى فإنه زكاة له، وأيما رجل مؤمن لم يكن عنده صدقة فليقل في دعائه: اللهم صل على محمد عبدك ورسولك، وصل على المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات فإنها كفارة له). رواه ابن بشكوال. [ الصلات: 59 ].
وقد سئل بعضهم عن الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم والصدقة أيهما أفضل ؟ فقال: الصلاة على محمد، فقيل له: سواء كانت الصدقة فرضا أو نفلا ؟ فقال: نعم، لأن الفرض الذي افترضه الله على عباده وفعله هو وملائكته ليس كالفرض الذي على عباده فقط، ولا يخفى رده والله الموفق.
وعن أنس رضي الله عنه يرفعه: (من صلى علي في يوم مائة مرة كتب الله له بها ألف ألف حسنة ومحا عنه ألف ألف سيئة وكتب الله له مائة صدقة مقبولة....). [ القول البديع: 127].
"صلوا علي فإن صلاتكم علي زكاة لكم"
روى الأعمش وبن مردويه عن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قال: (صلوا علي فإن صلاتكم علي زكاة لكم) ذكره في الجامع الصغير وحسنه وشرحه.
وقال أبو الشيخ في كتاب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يرفعه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صلوا علي فإن الصلاة علي زكاة لكم) ورواه ابن أبي شيبة عن ابن فضيل عن ليث عن كعب عن أبي هريرة.
فهذا فيه الإخبار بأن الصلاة زكاة للمصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، والزكاة تتضمن النماء والبركة والطهارة، والذي قبله فيه أنها كفارة وهي تتضمن محو الذنب، فتضمن الحديثان أن بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم تحصل طهارة النفس من رذائلها، ويثبت لها النماء والزيادة في كمالاتها وفضائلها. وإلى هذين الأمرين يرجع كمال النفس، فعلم أنه لا كمال للنفس إلا بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم التي هي من لوازم محبته ومتابعته وتقديمه على كل من سواه من المخلوقين صلى الله عليه وسلم. [جلاء الأفهام:251 ].
يتبع
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما من أحد يصلي علي إلا رد الله تعالى علي روحي حتى أرد عليه) وعند الطبراني: (من صلى علي من قريب سمعته، ومن صلى علي من بعيد أبلغته). فأخرج الأول الإمام أحمد وأبو داود في سننه بإسناد صحيح، قال الفيروز أبادي: فإن قلت ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم: رد علي روحي ؟ قلت: ذكر عنه جوابان: أحدهما ذكره البيهقي وهو: أن المعنى إلا وقد رد الله علي روحي يعني: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعدما مات ودفن رد الله عليه روحه لأجل رد سلام من يسلم عليه، واستمرت في جسده صلى الله عليه وسلم. والثاني: ذكره شيخنا أبو الحسن بن عبد الكافي وهو: أنه يحتمل أن يكون ردا معنويا وأن تكون روحه الشريفة مشتغلة بشهود الحضرة الإلهية والملأ الأعلى عن هذا العالم، فإذا سلم عليه أقبلت روحه الشريفة على هذا العالم ليدرك سلام من سلم عليه فترد عليه. والله أعلم.
وأخرج البزار وأبو الشيخ وابن حبان من حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله وكل بقبري ملكا فأعطاه أسماع الخلق { وفي المنذري: أسماء الخلق } فلا يصلي علي أحد إلى يوم القيامة إلا بلغني باسمه واسم أبيه هذا فلان ابن فلان قد صلى عليك) قال الشوكاني: زاد أبو الشيخ (فيصلي الرب تعالى على ذلك الرجل بكل واحدة عشرا) وأخرج الطبراني في الكبير بنحوه. قال ابن حجر: رووه كلهم عن نعيم بن هضيم وفيه خلاف عن عمران الحميري ولا يعرف (قوله: إلا رد الله علي روحي)، لفظ أحمد: إلا رد الله إلي روحي، قال القسطلاني وهو ألطف وأنسب، وبين التعديتين فرق لطيف، فإن رد يتعدى كما قال الراغب: بعَلى في الإهانة، وبإلى في الإكرام، قيل والمراد برد الروح النطق لأنه صلى الله عليه وسلم حي في قبره وروحه لا تفارقه لما صح (إن الأنبياء أحياء في قبورهم). كذا قال ابن الملقن وغيره. وقال ابن حجر: الأحسن أن يؤول رد الروح بحصول الفكر كما قالوه في خبر (يغان على قلبي) وقال الطيبي معناه أنها تكون روحه القدسية في الحضرة الإلهية، فإن بلغه السلام من أحد من الأمة رد الله روحه في تلك الحالة إلى رد (في نسخة: يرد) سلام من يسلم عليه. وفي المقام أجوبة كثيرة، وهذا الذي ذكرنا أحسنها. والاقتصار في الحديث على السلام لا يدل على أن الصلاة ليست كذلك كما ذكرناه في الحديث المتقدم قبل هذا، وكما يفيد ذلك حديث عمار الذي ذكرناه.[تحفة الذاكرين:35-36].
ومن حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم يسلم علي في شرق ولا في غرب إلا وأنا وملائكة ربي نرد عليه السلام، فقال قائل: يا رسول الله ما بال أهل المدينة ؟ قال: وما يقال لكريم في جيرته وجيرانه، إنه مما أمر به من حفظ الجوار وحفظ الجيران) قال محمد بن عثمان الحافظ هذا ومعه العمري وهو كما قال، فإن هذا الإسناد لا يحتمل هذا الحديث.
"إنكم تعرضون علي بأسمائكم وسيماكم"
وكفى بالعبد فضلا أن يذكر باسمه واسم أبيه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
عن مجاهد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنكم تعرضون علي بأسمائكم وسيماكم، فأحسنوا الصلاة علي) رواه الحافظ أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمان النميري في كتاب الإعلام هكذا مرسلا.
وعن عمار بن ياسر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا عمار بن ياسر إن الله أعطى ملكا من الملائكة أسماع الخلائق {وفي لفظ: أسماء الخلائق } وهو قائم على قبري إلى أن تقوم الساعة، ليس أحد من أمتي يصلي علي صلاة إلا قال: يا أحمد، فلان ابن فلان باسمه واسم أبيه صلى عليك كذا {وكذا}، وضمن { لي } الرب عز وجل أنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه عشرا، وإن زاد زاده الله) أخرجه البزار في مسنده، ورواه ابن عساكر من طرق مختلفة وفي لفظ له: (إن الله تعالى أعطاني ملكا من الملائكة، يقوم على قبري إذا أنا مت، فلا يصلي علي أحد إلا قال: فلان ابن فلان باسمه واسم أبيه، فيصلي الله تعالى عليه مكانها عشرا).
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (.... ثم يوكل الله تعالى بذلك ملكا يدخله في قبري كما تدخل عليكم الهدايا، يخبرني من صلى علي باسمه ونسبه إلى عشيرته، فأثبته عندي في صحيفة بيضاء) ذكره البيهقي في الجزء الذي ذكر فيه حياة الأنبياء، وابن بشكوال الحافظ وغيرهما، ورواه أبو اليمن بن عساكر وزاد في آخره: (أن علمي بعد موتي كعلمي في الحياة).
الصلاة على النبي سبب لقبول الدعاء
فإنه يُبتدأ بحمد الله والثناء عليه ثم بالصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم ثم يذكر كلامه بعد ذلك [جلاء الأفهام:261]
عن فضالة بن عبيد [رضي الله عنه] أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يدعو ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (عجل هذا، ثم دعاه فقال له أو لغيره: إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد الله تعالى والثناء عليه ثم ليصل على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ليدع بما شاء) أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات وقال: حسن صحيح على شرط مسلم، ورواه ابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه وقال: صحيح على شرط مسلم، وأخرجه أبو داود وابن خزيمة في صحيحه وقال: الترمذي والحاكم والطوسي: صحيح. [ الصلات والبشر:67]
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كنت أصلي فلما جلست بدأت بالثناء على الله تعالى، ثم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم دعوت لنفسي فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (سل تعطه، سل تعطه). [الصلات والبشر: 84 ].
الصلاة على النبي تقوم مقام الصدقة لذي العسرة
عن أبي سعيد الخدري [ رضي الله عنه ] عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيما رجل مسلم لم يكن عنده صدقة فليقل في دعائه: اللهم صل على محمد عبدك ورسولك، وصل على المؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، فإنها زكاة، وقال: لا يشبع مؤمن من خير حتى يكون منتهاه الجنة) رواه ابن حبان في صحيحه، وترجم الفضل بذكر البيان بأن صلاة الداعي ربه على صفيه صلى الله عليه وسلم في دعائه تكون صدقة له عند عدم القدرة عليها). [ الصلات والبشر:59 ].
وأيضا عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيما عبد اكتسب مالا من حلال فأطعم نفسه أو كساها فمن دونه من خلق الله تعالى فإنه زكاة له، وأيما رجل مؤمن لم يكن عنده صدقة فليقل في دعائه: اللهم صل على محمد عبدك ورسولك، وصل على المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات فإنها كفارة له). رواه ابن بشكوال. [ الصلات: 59 ].
وقد سئل بعضهم عن الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم والصدقة أيهما أفضل ؟ فقال: الصلاة على محمد، فقيل له: سواء كانت الصدقة فرضا أو نفلا ؟ فقال: نعم، لأن الفرض الذي افترضه الله على عباده وفعله هو وملائكته ليس كالفرض الذي على عباده فقط، ولا يخفى رده والله الموفق.
وعن أنس رضي الله عنه يرفعه: (من صلى علي في يوم مائة مرة كتب الله له بها ألف ألف حسنة ومحا عنه ألف ألف سيئة وكتب الله له مائة صدقة مقبولة....). [ القول البديع: 127].
"صلوا علي فإن صلاتكم علي زكاة لكم"
روى الأعمش وبن مردويه عن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قال: (صلوا علي فإن صلاتكم علي زكاة لكم) ذكره في الجامع الصغير وحسنه وشرحه.
وقال أبو الشيخ في كتاب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يرفعه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صلوا علي فإن الصلاة علي زكاة لكم) ورواه ابن أبي شيبة عن ابن فضيل عن ليث عن كعب عن أبي هريرة.
فهذا فيه الإخبار بأن الصلاة زكاة للمصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، والزكاة تتضمن النماء والبركة والطهارة، والذي قبله فيه أنها كفارة وهي تتضمن محو الذنب، فتضمن الحديثان أن بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم تحصل طهارة النفس من رذائلها، ويثبت لها النماء والزيادة في كمالاتها وفضائلها. وإلى هذين الأمرين يرجع كمال النفس، فعلم أنه لا كمال للنفس إلا بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم التي هي من لوازم محبته ومتابعته وتقديمه على كل من سواه من المخلوقين صلى الله عليه وسلم. [جلاء الأفهام:251 ].
يتبع
رد: الصلاة عـلى النبي صلى الله عليه وسلم
سبب لنفي الفقر وضيق العيش ومظنة الخير
قال أبو نعيم يرفعه، عن سمرة السوائي عن أبيه قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال: ما أقرب الأعمال إلى الله عز وجل؟ قالصدق الحديث وأداء الأمانة، قلت: يا رسول الله زدنا، قال: صلاة الليل وصوم الهواجر، قلت: يا رسول الله زدنا، قال: كثرة الذكر والصلاة علي تنفي الفقر. قلت: يا رسول الله زدنا، قال: من أمّ قوما فليخفف فإن فيهم الكبير والعليل والضعيف وذا الحاجة). [جلاء الأفهام :252].
وعن حسن، أظنه البصري، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلممن قرأ القرآن وحمد ربه وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم فقد التمس الخير من مظانه) وأخرجه النميري هكذا وهو في شعب الإيمان للبيهقي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا (من قرأ القرآن وحمد الرب وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم واستغفر ربه فقد طلب الخير من مظانه) ومسنده ضعيف. [القول البديع: 130].
سبب لتذكرة العبد ما نسي
ذكره أبو موسى المديني، وروى فيه من طريق محمد بن عتاب المروزي يرفعه، عن أنس بن مالك قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قالإذا نسيتم شيئا فصلوا علي تذكروه إن شاء الله) قال الحافظ: وقد ذكرناه من غير هذا الطريق في كتاب الحفظ والنسيان. [جلاء الأفهام:255].
وعن عثمان بن أبي حرب {رضي الله عنه} قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلممن هم بأمر فشاور فيه وفقه الله تعالى لرشد أمره، ومن أراد أن يحدث حديثا فنسيه فليصل علي، فإن{في} صلاته علي خلفا من حديثه، وعسى أن يذكره) رواه ابن بشكوال، وصح عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: من خاف على نفسه النسيان فليكثر الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم. [الصلات:65].
سبب لهداية العبد وحياة قلبه
فأنه كلما أكثر الصلاة عليه وذكره استولت محبته على قلبه، حتى لا يبقى في قلبه معارضة لشيء من أوامره، ولا شك في شيء مما جاء به، بل يصير ما جاء به مكتوبا مسطورا في قلبه لا يزال يقرؤه على تعاقب أحواله، ويقتبس الهدى والفلاح وأنواع العلوم منه، وكلما ازداد في ذلك بصره وقوة معرفته ازدادت صلاته عليه صلى الله عليه وسلم. ولهذا كانت صلاة أهل العلم العارفين بسنته وهديه المتبعين له عليهِ خلاف صلاة العوام عليه، الذين حظهم منها إزعاج أعضائهم بها ورفع أصواتهم، وأما أتباعه العارفون بسنته العاملون بما جاء به فصلاتهم عليه نوع آخر، فكلما ازدادوا فيما جاء به معرفة ازدادوا له محبة ومعرفة بحقيقة الصلاة المطلوبة له من الله.
وهكذا ذكر الله كلما كان العبد به أعرف وله أطوع وإليه أحب كان ذكره غير ذكر الغافلين واللاهين، وهذا أمر إنما يعلم بالحس لا بالخبر، وفرق بين من يذكر صفات محبوبه الذي قد ملك حبه جميع قلبه ويثني عليه بها ويمجده بها، وبين من يذكرها إما آثارا وإما لفظا لا يدري ما معناه لا يطابق فيه قلبه لسانه، كفرق ما بين بكاء النائحة وبكاء الثكلى، فذكره صلى الله عليه وسلم وذكر ما جاء به وحمد الله تعالى على إنعامه علينا ومنته بإرساله هو حياة الوجود وروحه كما قيل:
روح المجالس ذكره وحديثه ******* وهدى لكل مـلذد حـيران
وإذا أضل بذكره في مجـلس ******* فأولـئك الأموات في الحيان
[جلاء الأفهام:268-269].
سبب لصحبته صلى الله عليه وسلم ومحبته والصلة الدائمة به
يشير الأستاذ المرشد عبد السلام ياسين في المنهاج النبوي قائلا: '' ولا يفوتنا كما يفوت الكثيرين أن المقصود من الصلاة عليه والتسليم والإكثار منهما هو صحبته ومحبته، فإننا إن أكثرنا من ذكره كما أمرنا أصبحت صورته ومعناه في قلوبنا بمثابة النور الذي نهتدي به إلى ذكر الله ومحبته، نتيجة الصلاة على المحبوب المجتبى صلى الله عليه وسلم وصلتنا الدائمة به''.
حتى لا يكون المجلس حسرة يوم القيامة
قال صلى الله عليه وسلمما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة وإن دخلوا الجنة للثواب) والحديث شرحه الإمام محمد بن علي الشوكاني في تحفة الذاكرين وقال: أخرجه أبو داود والترمذي وابن حبان كما قال المصنف رحمه الله، وهو من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وأخرجه أيضا أحمد من حديثه. قال المنذري بإسناد صحيح، وأخرجه الحاكم وقال: صحيح على شرط البخاري، وصححه ابن حبان، وأخرجه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن من حديث أبي هريرة أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلمما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم ترة يوم القيامة، فإن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم)، وأخرجه الترمذي أيضا من حديث أبي سعيد رضي الله عنه، وقال حديث حسن، وفي هذا الحديث دليل على أن المجلس الذي لم يذكر الله تعالى فيه، ولم يصل على رسوله فيه يكون حسرة يوم القيامة على أهله لما فاتهم من الأجر والثواب وإن دخلوا الجنة للثواب على أعمالهم مع تفضل الله سبحانه عليهم بدخولها فإنه قد فاتهم ما فيه زيادة الدرجات، وكثرة في المثوبات، ولهذا كان عليهم حسرة يوم القيامة: أي بفوات الثواب بترك الذكر والصلاة. [تحفة الذاكرين:31].
وقد روى عبد الله بن إدريس الأودي عن هشام بن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت:[زينوا مجالسكم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم] ويذكر عن عمر رضي الله عنه.
وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلمما اجتمع قوم ثم تفرقوا من غير ذكر الله عز وجل وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إلا قاموا على أنثن من جيفة، وفي لفظ: عن أنثن من ريح الجيفة). أخرجه النسائي، وإسناده على شرط مسلم وأبو داود الطيالسي. [الصلات والبشر: 62-63 ].
رائحة طيبة
ذكر ابن الجوزي في البستان ص:346: روي عن بعض الصحابة رضي الله عنهم أجمعين أنهم قالوا:[ما من مجلس يصلى فيه على النبي صلى الله عليه وسلم إلا نمت له رائحة طيبة حتى تبلغ إلى عنان السماء فتقول الملائكة هذه رائحة مجلس صلي فيه على النبي محمد صلى الله عليه وسلم] اللهم صل عليه كما تحب أن يصلى عليه صلى الله وسلم عليه. وأنشدوا:
تتعطر الأنفاس ما ذكرت ******* أخباره في المجلس العطر
سبحان باريـه وخالقـه ******* نورا تصور أجمل الصور
المسك منحـدر ببردتـه ******* والوجه منه طلعة القـمر
يا صادقا فيـما يخبـرنا ******* بشهادة الأسماع والنظـر
سبحان من أنشاك من بشر ******* يا سيدا للخلـق والبشـر
القـول تتبعـه شواهـده ******* والخير مقرون مع الخبـر
أنت النبـي بلا مدافعـة ******* والمصطفى من خيرة البُدْرِ
ملائكة يكتبون الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
روي في درة الواعظين أن النبي صلى الله عليه وسلم قالإن الله تعالى خلق ملائكة بأيديهم أقلام من ذهب وقراطيس من فضة لا يكتبون شيئا إلا الصلاة علي وعلى أهل بيتي)
وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قالإذا جلس قوم يصلون علي حفتهم الملائكة من لدن أقدامهم إلى عنان السماء بأيديهم قراطيس الفضة وأقلام الذهب يكتبون الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ويقولون زيدواْ زادكم الله، فإذا استفتحواْ الذكر فتحت لهم أبواب السماء واستجيب لهم الدعاء، وأقبل الله عليهم بوجهه ما لم يخوضواْ في حديث غيره أو يتفرقواْ فإذا تفرقوا انصرف الكتبة يلتمسون حلق الذكر) كذا في فاتق الرتق.
وعن جعفر الصادق رضي الله عنه قال:{إذا كان يوم الخميس عند العصر أهبط الله عز وجل ملائكة من السماء إلى الأرض، ومعها صحائف من فضة، وبأيديها أقلام من ذهب، تكتب الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم، في ذلك اليوم وتلك الليلة، ومن الغد إلى غروب الشمس}.
أوتاد المجالس
وفي بستان ابن الجوزي ص:344: روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلمإن للمجالس أوتادا، جلساؤهم الملائكة، إذا جلسوا لذكر الله حفتهم الملائكة من لدن أقدامهم إلى عنان السماء، بأيديهم قراطيس الفضة وأقلام الذهب يكتبون الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يقولون: أكثروا رحمكم الله، فإذا استفتحوا في الذكر فتحت لهم أبواب الجنة، واستجيب لهم الدعاء، وتطلع عليهم الحور العين، وأقبل الله تعالى عليهم بوجهه الكريم، ما لم يخوضوا في حديث غيره ويتفرقوا).
وأنشدوا:
إذا طـيب الناس المجـالس بينهـم ******* مداما وريحانا فذكرك طيبـنا
ولو كانت الدنـيا نصـيبا لأهلـها ******* فحبك من كل الأماني نصيبنا
وإن كان حب الخلق بعضا لبعضهم ******* فأنت من الخلق الجميع حبيبنا
وأنشدوا أيضا:
إن شئت من بعد الصلاة تهتدي ******* صلي على الهادي البشير محمد
يا فوز من صلى عليـه فإنـه ******* يحوي الأماني بالنعيم السرمدي
يا قومنا صلوا عليه تظفـروا ******* بالبشر والعيش الهني الأرغـد
صلوا عليه وارفعوا أصواتكم ******* يغفر لكم في يومكـم قبل الغـد
ويخصكم رب الأنام بفضلـه ******* والفوز بالجنات يـوم الموعـد
صلى عليه الله جـل جلالـه ******* ما لاح في الآفاق نجـم الفرقـد
الثناء الجميل بين أهل السماء والأرض
من فوائد قوله تعالى{إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} هذه الآية مدنية والمقصود منها أن الله تعالى أخبر عباده بمنزلة نبيه صلى الله عليه وسلم عنده في الملإ الأعلى بأنه يثني عليه عند ملائكته المقربين، وأن الملائكة يصلون عليه ثم أمر أهل العالم السفلي بالصلاة عليه والتسليم ليجتمع الثناء عليه من أهلي العالمين العلوي والسفلي جميعا. [القول البديع:26]. قلت: ومن صلى على النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وملائكته لقوله تعالى:{هو الذي يصلي عليكم وملائكته} الآية:43 من سورة الأحزاب.
قال ابن عطية في معنى صلاة الله على عباده: صلوات الله على عباده عفوه ورحمته وبركته وتشريفه إياهم في الدنيا والآخرة. وقال أيضا: صلاة الله على العبد هي رحمته له وبركته لديه ونشره الثناء الجميل عليه.
يتبع
قال أبو نعيم يرفعه، عن سمرة السوائي عن أبيه قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال: ما أقرب الأعمال إلى الله عز وجل؟ قالصدق الحديث وأداء الأمانة، قلت: يا رسول الله زدنا، قال: صلاة الليل وصوم الهواجر، قلت: يا رسول الله زدنا، قال: كثرة الذكر والصلاة علي تنفي الفقر. قلت: يا رسول الله زدنا، قال: من أمّ قوما فليخفف فإن فيهم الكبير والعليل والضعيف وذا الحاجة). [جلاء الأفهام :252].
وعن حسن، أظنه البصري، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلممن قرأ القرآن وحمد ربه وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم فقد التمس الخير من مظانه) وأخرجه النميري هكذا وهو في شعب الإيمان للبيهقي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا (من قرأ القرآن وحمد الرب وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم واستغفر ربه فقد طلب الخير من مظانه) ومسنده ضعيف. [القول البديع: 130].
سبب لتذكرة العبد ما نسي
ذكره أبو موسى المديني، وروى فيه من طريق محمد بن عتاب المروزي يرفعه، عن أنس بن مالك قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قالإذا نسيتم شيئا فصلوا علي تذكروه إن شاء الله) قال الحافظ: وقد ذكرناه من غير هذا الطريق في كتاب الحفظ والنسيان. [جلاء الأفهام:255].
وعن عثمان بن أبي حرب {رضي الله عنه} قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلممن هم بأمر فشاور فيه وفقه الله تعالى لرشد أمره، ومن أراد أن يحدث حديثا فنسيه فليصل علي، فإن{في} صلاته علي خلفا من حديثه، وعسى أن يذكره) رواه ابن بشكوال، وصح عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: من خاف على نفسه النسيان فليكثر الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم. [الصلات:65].
سبب لهداية العبد وحياة قلبه
فأنه كلما أكثر الصلاة عليه وذكره استولت محبته على قلبه، حتى لا يبقى في قلبه معارضة لشيء من أوامره، ولا شك في شيء مما جاء به، بل يصير ما جاء به مكتوبا مسطورا في قلبه لا يزال يقرؤه على تعاقب أحواله، ويقتبس الهدى والفلاح وأنواع العلوم منه، وكلما ازداد في ذلك بصره وقوة معرفته ازدادت صلاته عليه صلى الله عليه وسلم. ولهذا كانت صلاة أهل العلم العارفين بسنته وهديه المتبعين له عليهِ خلاف صلاة العوام عليه، الذين حظهم منها إزعاج أعضائهم بها ورفع أصواتهم، وأما أتباعه العارفون بسنته العاملون بما جاء به فصلاتهم عليه نوع آخر، فكلما ازدادوا فيما جاء به معرفة ازدادوا له محبة ومعرفة بحقيقة الصلاة المطلوبة له من الله.
وهكذا ذكر الله كلما كان العبد به أعرف وله أطوع وإليه أحب كان ذكره غير ذكر الغافلين واللاهين، وهذا أمر إنما يعلم بالحس لا بالخبر، وفرق بين من يذكر صفات محبوبه الذي قد ملك حبه جميع قلبه ويثني عليه بها ويمجده بها، وبين من يذكرها إما آثارا وإما لفظا لا يدري ما معناه لا يطابق فيه قلبه لسانه، كفرق ما بين بكاء النائحة وبكاء الثكلى، فذكره صلى الله عليه وسلم وذكر ما جاء به وحمد الله تعالى على إنعامه علينا ومنته بإرساله هو حياة الوجود وروحه كما قيل:
روح المجالس ذكره وحديثه ******* وهدى لكل مـلذد حـيران
وإذا أضل بذكره في مجـلس ******* فأولـئك الأموات في الحيان
[جلاء الأفهام:268-269].
سبب لصحبته صلى الله عليه وسلم ومحبته والصلة الدائمة به
يشير الأستاذ المرشد عبد السلام ياسين في المنهاج النبوي قائلا: '' ولا يفوتنا كما يفوت الكثيرين أن المقصود من الصلاة عليه والتسليم والإكثار منهما هو صحبته ومحبته، فإننا إن أكثرنا من ذكره كما أمرنا أصبحت صورته ومعناه في قلوبنا بمثابة النور الذي نهتدي به إلى ذكر الله ومحبته، نتيجة الصلاة على المحبوب المجتبى صلى الله عليه وسلم وصلتنا الدائمة به''.
حتى لا يكون المجلس حسرة يوم القيامة
قال صلى الله عليه وسلمما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة وإن دخلوا الجنة للثواب) والحديث شرحه الإمام محمد بن علي الشوكاني في تحفة الذاكرين وقال: أخرجه أبو داود والترمذي وابن حبان كما قال المصنف رحمه الله، وهو من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وأخرجه أيضا أحمد من حديثه. قال المنذري بإسناد صحيح، وأخرجه الحاكم وقال: صحيح على شرط البخاري، وصححه ابن حبان، وأخرجه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن من حديث أبي هريرة أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلمما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم ترة يوم القيامة، فإن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم)، وأخرجه الترمذي أيضا من حديث أبي سعيد رضي الله عنه، وقال حديث حسن، وفي هذا الحديث دليل على أن المجلس الذي لم يذكر الله تعالى فيه، ولم يصل على رسوله فيه يكون حسرة يوم القيامة على أهله لما فاتهم من الأجر والثواب وإن دخلوا الجنة للثواب على أعمالهم مع تفضل الله سبحانه عليهم بدخولها فإنه قد فاتهم ما فيه زيادة الدرجات، وكثرة في المثوبات، ولهذا كان عليهم حسرة يوم القيامة: أي بفوات الثواب بترك الذكر والصلاة. [تحفة الذاكرين:31].
وقد روى عبد الله بن إدريس الأودي عن هشام بن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت:[زينوا مجالسكم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم] ويذكر عن عمر رضي الله عنه.
وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلمما اجتمع قوم ثم تفرقوا من غير ذكر الله عز وجل وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إلا قاموا على أنثن من جيفة، وفي لفظ: عن أنثن من ريح الجيفة). أخرجه النسائي، وإسناده على شرط مسلم وأبو داود الطيالسي. [الصلات والبشر: 62-63 ].
رائحة طيبة
ذكر ابن الجوزي في البستان ص:346: روي عن بعض الصحابة رضي الله عنهم أجمعين أنهم قالوا:[ما من مجلس يصلى فيه على النبي صلى الله عليه وسلم إلا نمت له رائحة طيبة حتى تبلغ إلى عنان السماء فتقول الملائكة هذه رائحة مجلس صلي فيه على النبي محمد صلى الله عليه وسلم] اللهم صل عليه كما تحب أن يصلى عليه صلى الله وسلم عليه. وأنشدوا:
تتعطر الأنفاس ما ذكرت ******* أخباره في المجلس العطر
سبحان باريـه وخالقـه ******* نورا تصور أجمل الصور
المسك منحـدر ببردتـه ******* والوجه منه طلعة القـمر
يا صادقا فيـما يخبـرنا ******* بشهادة الأسماع والنظـر
سبحان من أنشاك من بشر ******* يا سيدا للخلـق والبشـر
القـول تتبعـه شواهـده ******* والخير مقرون مع الخبـر
أنت النبـي بلا مدافعـة ******* والمصطفى من خيرة البُدْرِ
ملائكة يكتبون الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
روي في درة الواعظين أن النبي صلى الله عليه وسلم قالإن الله تعالى خلق ملائكة بأيديهم أقلام من ذهب وقراطيس من فضة لا يكتبون شيئا إلا الصلاة علي وعلى أهل بيتي)
وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قالإذا جلس قوم يصلون علي حفتهم الملائكة من لدن أقدامهم إلى عنان السماء بأيديهم قراطيس الفضة وأقلام الذهب يكتبون الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ويقولون زيدواْ زادكم الله، فإذا استفتحواْ الذكر فتحت لهم أبواب السماء واستجيب لهم الدعاء، وأقبل الله عليهم بوجهه ما لم يخوضواْ في حديث غيره أو يتفرقواْ فإذا تفرقوا انصرف الكتبة يلتمسون حلق الذكر) كذا في فاتق الرتق.
وعن جعفر الصادق رضي الله عنه قال:{إذا كان يوم الخميس عند العصر أهبط الله عز وجل ملائكة من السماء إلى الأرض، ومعها صحائف من فضة، وبأيديها أقلام من ذهب، تكتب الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم، في ذلك اليوم وتلك الليلة، ومن الغد إلى غروب الشمس}.
أوتاد المجالس
وفي بستان ابن الجوزي ص:344: روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلمإن للمجالس أوتادا، جلساؤهم الملائكة، إذا جلسوا لذكر الله حفتهم الملائكة من لدن أقدامهم إلى عنان السماء، بأيديهم قراطيس الفضة وأقلام الذهب يكتبون الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يقولون: أكثروا رحمكم الله، فإذا استفتحوا في الذكر فتحت لهم أبواب الجنة، واستجيب لهم الدعاء، وتطلع عليهم الحور العين، وأقبل الله تعالى عليهم بوجهه الكريم، ما لم يخوضوا في حديث غيره ويتفرقوا).
وأنشدوا:
إذا طـيب الناس المجـالس بينهـم ******* مداما وريحانا فذكرك طيبـنا
ولو كانت الدنـيا نصـيبا لأهلـها ******* فحبك من كل الأماني نصيبنا
وإن كان حب الخلق بعضا لبعضهم ******* فأنت من الخلق الجميع حبيبنا
وأنشدوا أيضا:
إن شئت من بعد الصلاة تهتدي ******* صلي على الهادي البشير محمد
يا فوز من صلى عليـه فإنـه ******* يحوي الأماني بالنعيم السرمدي
يا قومنا صلوا عليه تظفـروا ******* بالبشر والعيش الهني الأرغـد
صلوا عليه وارفعوا أصواتكم ******* يغفر لكم في يومكـم قبل الغـد
ويخصكم رب الأنام بفضلـه ******* والفوز بالجنات يـوم الموعـد
صلى عليه الله جـل جلالـه ******* ما لاح في الآفاق نجـم الفرقـد
الثناء الجميل بين أهل السماء والأرض
من فوائد قوله تعالى{إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} هذه الآية مدنية والمقصود منها أن الله تعالى أخبر عباده بمنزلة نبيه صلى الله عليه وسلم عنده في الملإ الأعلى بأنه يثني عليه عند ملائكته المقربين، وأن الملائكة يصلون عليه ثم أمر أهل العالم السفلي بالصلاة عليه والتسليم ليجتمع الثناء عليه من أهلي العالمين العلوي والسفلي جميعا. [القول البديع:26]. قلت: ومن صلى على النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وملائكته لقوله تعالى:{هو الذي يصلي عليكم وملائكته} الآية:43 من سورة الأحزاب.
قال ابن عطية في معنى صلاة الله على عباده: صلوات الله على عباده عفوه ورحمته وبركته وتشريفه إياهم في الدنيا والآخرة. وقال أيضا: صلاة الله على العبد هي رحمته له وبركته لديه ونشره الثناء الجميل عليه.
يتبع
رد: الصلاة عـلى النبي صلى الله عليه وسلم
اجعل صلاتك عليه في أول دعائك
لقد أجمع العلماء على استحباب ابتداء الدعاء بالحمد لله تعالى والثناء عليه ثم بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك يختم بها لفظا. قال الإقليشي: ومهما دعوت إلهك فابدأ بالتحميد ثم ثنِّ بالصلاة على نبيك المجيد واجعل صلاتك عليه في أول دعائك وأوسطه وآخره، انشر بثنائك عليه نفائس مفاخره فبذلك تكون ذا دعاء مجاب، يرفع بينك وبينه الحجاب صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا.
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تجعلوني كقدح الراكب، قيل: وما قدح الراكب؟ قال: إن المسافر إذا فرغ من حاجته صب الماء في قدحه فإن كان له إليه حاجة توضأ منه أو شربه وإلا أهرقه، اجعلوني في أول الدعاء وأوسطه وآخره). رواه عبد بن حميد والبزار في مسنديهما وعبد الرزاق في جامعه وابن أبي عاصم في الصلاة له والتيمي في الترغيب والطبراني والبيهقي في الشعب والضياء وأبو نعيم في الحلية .... قال الهروي وتبعه ابن الأثير: أراد: لا تؤخروني في الذكر والراكب يعلق قدحه في آخر رحله ويجعله خلفه [...].
قال ابن الجوزي في البستان ص: 366-367: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تجعلوني كقدح الراكب، فإن الراكب إذا أراد أن ينطلق علق معاليقه، وملأ قدحه، فإذا كانت له حاجة في أن يتوضأ أو يشرب شرب وإلا أهرقه، فاجعلوني في وسط الدعاء وفي أوله وفي آخره). ومعنى الحديث أن يكون الإنسان أبدا لا يفتر عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا أصابته شدة وصلى على محمد عرف صوته ودعاءه، فاستجيب له وكشف عنه الهم والكرب، فيجب على من هو من أهل ملة محمد صلى الله عليه وسلم أن لا يغفل عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أكثروا من الصلاة علي فإنها تهين كيد الشيطان) فأولى أن تدفع عن المصلي عليه آفات الزمان، وتحول بينه وبين عذاب النيران، وتوجب له دار الخلد والأمان وجنة النعيم والرضوان.
وأنشدوا:
امدح نبي الهدى يا أيها الرجـل *** واذكـر فضـائله والدمع منهمر
وصل دهرا على المختار مجتهدا *** تحت الظلام وداجي الليل منسبل
عساك تحظى بدار لا نفـاد لهـا *** نعيـمها دائـم والظل والأكـل
- وعن فضالة بن عبيدة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا دعا أحدكم فليبدأ بحمد الله والثناء عليه ثم ليصل على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ليدع بما شاء ...). وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: [إذا أراد أحدكم أن يسأل الله شيئا فليبدأ بمدحه والثناء عليه بما هو أهله ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ليسأل بعد فإنه أجدر أن ينجح أو يصيب] رواه عبد الرزاق والطبراني في الكبير من طريقه ورجاله رجال الصحيح...
وعن عبد الله ابن بسير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الدعاء كله محجوب حتى يكون أوله ثناء على الله عز وجل وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو فيستجاب لدعائه) رواه النسائي وأبو القاسم ابن بشكوال من طريقه من رواية عمر بن الحمصي عنه.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كل دعاء محجوب حتى يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم) أخرجه الديلمي في مسند االفردوس له. وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (صلاتكم عليَّ مُحررة لدعائكم. الحديث). [.....] وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من دعاء إلا بينه وبين الله حجاب حتى يصلى على محمد وعلى آل محمد فإذا فعل ذلك انخرق الحجاب ودخل الدعاء وإذا لم يفعل رجع الدعاء) رواه البيهقي في الشعب وأبو القاسم التيمي وابن بشكوال وغيرهم من رواية الحارث الأعور...[القول البديع :221-222-223].
وقال أبو سليمان الداراني: من أراد أن يسأل الله حاجته فليكثر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ليسأل الله حاجته، وليختم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فإن الله يقبل الصلاتين وهو أكرم من أن يدع ما بينهما.
وفي الأربعين المدنية عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أن الدعاء بعد الصلاة علي لا يرد).
الصلاة على النبي متضمنة لذكر الله وشكره
إن المصلي عليه صلى الله عليه وسلم قد تضمنت صلاته عليه ذكر الله وذكر رسوله وسؤاله أن يجزيه بصلاته عليه ما هو أهله كما عرّفنا ربنا وأسماءه وصفاته وهدانا إلى طريق مرضاته، وعرّفنا ما لنا بعد الوصول إليه والقدوم عليه. فهي متضمنة لكل الإيمان بل هي متضمنة للإقرار بوجوب الرب المدعو وعلمه وسمعه وقدرته وإرادته وصفاته وكلامه، وإرسال رسوله وتصديقه في أخباره كلها وكمال محبته ولا ريب أن هذه هي أصول الإيمان، فالصلاة عليه صلى الله عليه سلم متضمنة لعلم العبد ذلك، وتصديقه به ومحبته له، فكانت من أفضل الأعمال.[جلاء الأفهام:269-270].
الدعاء نوعان:
- أحدهما: سؤاله حوائجه ومهماته وما ينوبه في الليل والنهار، فهذا دعاء وسؤال وإيثار لمحبوب العبد ومطلوبه.
- والثاني: سؤاله أن يثني على خليله وحبيبه ويزيد في تشريفه وتكريمه وإثارة ذكره، ورفعه. ولا ريب أن الله تعالى يحب ذلك ورسوله يحبه، فالمصلي عليه صلى الله وسلم عليه قد صرف سؤاله ورغبته وطلبه إلى محاب الله ورسوله. وآثر ذلك على طلبه حوائجَه ومحابَّه هو، بل كان هذا المطلوب من أحب الأمور إليه وآثرها عنده، فقد آثر ما يحبه الله ورسوله، فقد آثر الله ومحابَّه على ما سواه والجزاء من جنس العمل. واعتبر بما تجد الناس يعتمدونه عند ملوكهم ورؤسائهم إذا أرادوا التقرب والمنزلة عندهم، فإنهم يسألون المطاع أن ينعم على من يعلمونه أحب رعيته إليه. وكلما سألوه أن يزيد في حبائه وإكرامه وتشريفه علت منزلتهم عنده وازداد قربهم منه وحظوا بهم لديه لأنهم يعلمون منه إرادة الإنعام والتشريف والتكريم لمحبوبه، فأحبهم إليه أشدهم له سؤالا ورغبة أن يتم عليه إنعامه وإحسانه، هذا أمر مشاهد بالحس، ولا تكون منزلة هؤلاء ومنزلة من سأل المطاع حوائجه هو وفارغ من سؤاله تشريف محبوبه والإنعام عليه واحدة، فكيف بأعظم محبوب وأجله وأحقه بمحبة ربه له؟ ولو لم يكن من فوائد الصلاة عليه إلا هذا المطلوب لكفى المؤمن به شرفا.
وهاهنا نكتة حسنة لمن علم أمته دينه وما جاءهم به، ودعاهم إليه وحضهم عليه وصبر على ذلك، وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم له من الأجر الزائد على أجر عمله مثل أجور من اتبعه. فالداعي إلى سنته ودينه، والمعلم الخير للأمة إذا قصد توفير هذا الحظ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وصرفه إليه، وكان مقصودَه بدعاء الخلق إلى التقرب إليه، بإرشاد عباده، توفيرُ أجور المطيعين له على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع توفيتهم أجورهم كاملة كان له الأجر في دعوته وتعليمه بحسب هذه النية، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم. [جلاء الأفهام : 2270-271 ].
الصلاة على النبي سبب لرؤيته صلى الله عليه وسلم في المنام
ذكر الشيخ ماء العينين في فاتق الرتق رواية أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول: (من قال: اللهم صل على روح محمد في الأرواح وعلى جسده في الأجساد وعلى قبره في القبور، رآني في منامه ومن رآني في منامه رآني يوم القيامة ومن رآني يوم القيامة شفعت له، ومن شفعت له شرب من حوضي وحرم الله جسده على النار).
قال الإمام الحافظ شمس الدين محمد السخاوي الشافعي: وعن محمد بن سعيد بن مطرق وكان من الأخيار الصالحين قال: كنت جعلت على نفسي كل ليلة عند النوم إذا آويت إلى مضجعي عددا معلوما أصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، فإني في بعض الليالي قد أكملت العدد فأخذتني عيناي وكنت ساكنا في غرفة وإذا أنا بالنبي صلى الله عليه وسلم قد دخل علي من باب الغرفة فأصاب الغرفة به نور ثم نهض نحوي وقال هات هذا الفم الذي تكثر به الصلاة علي أقبله فكنت أستحي أن أقبله من فيه فاستدرت بوجهي فقبل خدي فانتبهت فزعا من فوري وانتبهت صاحبتي التي بجنبي فإذا بالبيت يفوح مسكا من رائحته صلى الله عليه وسلم وبقيت رائحة المسك من قبلته في خدي نحو ثمانية أيام، تجد زوجتي كل يوم الرائحة في خدي. رواه ابن بشكوال.
أنها سبب لرؤيته صلى الله عليه وسلم في اليقظة لمن أكثر الصلاة عليه
قال سيدي العربي السائح في بغية المستفيد ص:210-211: ... وحكى أيضا،أعني الشيخ جلال الدين السيوطي رحمه الله تعالى في كتابه الذي ترجمه بتنوير الحلك في إمكان رؤية النبي والملك، القول بإمكان رؤيته صلى الله عليه وسلم يقظة. كذلك عن الشيخ أبي بكر ابن العربي المالكي رحمه الله تعالى في كتابه قانون التأويل. وذكر في الجيش الكبير أن اللقاني رحمه الله حكى اتفاق الحفاظ على جواز رؤيته صلى الله عليه وسلم في اليقظة والمنام(...) وقال يعني السيوطي رحمه الله: ولا يمتنع رؤية ذاته الشريفة بجسده وروحه، وذلك لأنه صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء أحياء ردت إليهم أرواحهم بعد ما قبضوا، وأذن لهم في الخروج من قبورهم والتصرف في الملكوت العلوي والسفلي، وقد ألف البيهقي جزءا في حياة الأنبياء، وقد ألفنا فيها جزءا لطيفا "اه". ثم قال: فحصل من مجموع هذه النقول والأحاديث، أن النبي صلى الله عليه وسلم حي بجسده وروحه، وأنه يتصرف ويسير في أقطار الأرض وفي الملكوت، وهو بهيئته التي كان عليها قبل وفاته لم يتبدل منه شيء، وأنه مغيب كما غيبت الملائكة مع كونهم أحياء بأجسادهم فإذا أراد الله رفع الحجاب عمن أراد كرامته رآه على هيئته التي هو عليها لا مانع من ذلك ولا داعي إلى التخصيص برؤية المثال "اه" .(...) وذكر(يعني الإمام السيوطي) في الجيش الكبير أن شيخ مشايخ المالكية أبا الحسن سيدي عليا الأجهوري رحمه الله تعالى نقل هذا التحصيل بلفظه في نوازله فهو قائل به. وقال الإمام الساحلي في بغية السالك بعدما ذكر طبقات الناس في انطباع صورته الشريفة صلى الله عليه وسلم في نفوسهم: ووراء هذا ما هو أعلى درجة منه، وهو أن يراه بعين رأسه عيانا في عالم الحس ولا ننكر هذا، فقد يكرم الله من يشاء من عباده بإقامة صورته الكريمة له يشاهدها، وهذا من جائز الكرامات التي يتحف الله بها أولياءه "اه": نقله في الجيش، ونقل إثره كلام صاحب روضة النسرين في طبقات من انطبعت صورته الكريمة صلى الله عليه سلم في نفوسهم، ونص ما نقله منه:
ومكـثر الصـلاة فيه يشـرق *** في قلـبه نـور لها يحـقــق
والـناس في ذاك لهم مـراتب *** بقدر ما تصـفو لهم مشــارب
لها بـذهن بعضـهم تصـور *** بعـد تأمـل وفـكر يكــثــر
يـراه في المنـام بلا كمـال *** وذو تصـور لدى اعـتـــزال
أحـيان ذكره يفوق من سلف *** وكامـل الرؤيا قـد اتـصــف
ومن إذا يسـد عينا أبصـرا *** نـوما وضـده سـما من غبـرا
فمن بعـيـني رأسـه يـراه *** في عـالـم الحـس لما عــراه
وقال صاحب روضة النسرين في شرحه لهذا البيت: والذي يظهر لي أن بعض الأولياء يرى في اليقظة روحه متشكلة بصورته الشريفة، وأهل المقام الأعلى يرون حقيقة ذاته الشريفة كأنه معه في حياته صلى الله عليه وسلم "اه". وقال يعني صاحب الروضة المذكورة في محل آخر من شرحه : هذا، ومن فوائد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أنها تقرب العبد منه صلى الله عليه وسلم حتى يلتقي معه يقظة وبذلك يأمن من السلب، وقبل التقاء الولي معه يقظة يكون على خوف من السلب، نعوذ بالله "اه".
ومن أراد التوضيح أكثر فليرجع لبغية المستفيد ص:212-213-214-215-216..
يتبع
لقد أجمع العلماء على استحباب ابتداء الدعاء بالحمد لله تعالى والثناء عليه ثم بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك يختم بها لفظا. قال الإقليشي: ومهما دعوت إلهك فابدأ بالتحميد ثم ثنِّ بالصلاة على نبيك المجيد واجعل صلاتك عليه في أول دعائك وأوسطه وآخره، انشر بثنائك عليه نفائس مفاخره فبذلك تكون ذا دعاء مجاب، يرفع بينك وبينه الحجاب صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا.
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تجعلوني كقدح الراكب، قيل: وما قدح الراكب؟ قال: إن المسافر إذا فرغ من حاجته صب الماء في قدحه فإن كان له إليه حاجة توضأ منه أو شربه وإلا أهرقه، اجعلوني في أول الدعاء وأوسطه وآخره). رواه عبد بن حميد والبزار في مسنديهما وعبد الرزاق في جامعه وابن أبي عاصم في الصلاة له والتيمي في الترغيب والطبراني والبيهقي في الشعب والضياء وأبو نعيم في الحلية .... قال الهروي وتبعه ابن الأثير: أراد: لا تؤخروني في الذكر والراكب يعلق قدحه في آخر رحله ويجعله خلفه [...].
قال ابن الجوزي في البستان ص: 366-367: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تجعلوني كقدح الراكب، فإن الراكب إذا أراد أن ينطلق علق معاليقه، وملأ قدحه، فإذا كانت له حاجة في أن يتوضأ أو يشرب شرب وإلا أهرقه، فاجعلوني في وسط الدعاء وفي أوله وفي آخره). ومعنى الحديث أن يكون الإنسان أبدا لا يفتر عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا أصابته شدة وصلى على محمد عرف صوته ودعاءه، فاستجيب له وكشف عنه الهم والكرب، فيجب على من هو من أهل ملة محمد صلى الله عليه وسلم أن لا يغفل عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أكثروا من الصلاة علي فإنها تهين كيد الشيطان) فأولى أن تدفع عن المصلي عليه آفات الزمان، وتحول بينه وبين عذاب النيران، وتوجب له دار الخلد والأمان وجنة النعيم والرضوان.
وأنشدوا:
امدح نبي الهدى يا أيها الرجـل *** واذكـر فضـائله والدمع منهمر
وصل دهرا على المختار مجتهدا *** تحت الظلام وداجي الليل منسبل
عساك تحظى بدار لا نفـاد لهـا *** نعيـمها دائـم والظل والأكـل
- وعن فضالة بن عبيدة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا دعا أحدكم فليبدأ بحمد الله والثناء عليه ثم ليصل على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ليدع بما شاء ...). وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: [إذا أراد أحدكم أن يسأل الله شيئا فليبدأ بمدحه والثناء عليه بما هو أهله ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ليسأل بعد فإنه أجدر أن ينجح أو يصيب] رواه عبد الرزاق والطبراني في الكبير من طريقه ورجاله رجال الصحيح...
وعن عبد الله ابن بسير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الدعاء كله محجوب حتى يكون أوله ثناء على الله عز وجل وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو فيستجاب لدعائه) رواه النسائي وأبو القاسم ابن بشكوال من طريقه من رواية عمر بن الحمصي عنه.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كل دعاء محجوب حتى يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم) أخرجه الديلمي في مسند االفردوس له. وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (صلاتكم عليَّ مُحررة لدعائكم. الحديث). [.....] وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من دعاء إلا بينه وبين الله حجاب حتى يصلى على محمد وعلى آل محمد فإذا فعل ذلك انخرق الحجاب ودخل الدعاء وإذا لم يفعل رجع الدعاء) رواه البيهقي في الشعب وأبو القاسم التيمي وابن بشكوال وغيرهم من رواية الحارث الأعور...[القول البديع :221-222-223].
وقال أبو سليمان الداراني: من أراد أن يسأل الله حاجته فليكثر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ليسأل الله حاجته، وليختم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فإن الله يقبل الصلاتين وهو أكرم من أن يدع ما بينهما.
وفي الأربعين المدنية عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أن الدعاء بعد الصلاة علي لا يرد).
الصلاة على النبي متضمنة لذكر الله وشكره
إن المصلي عليه صلى الله عليه وسلم قد تضمنت صلاته عليه ذكر الله وذكر رسوله وسؤاله أن يجزيه بصلاته عليه ما هو أهله كما عرّفنا ربنا وأسماءه وصفاته وهدانا إلى طريق مرضاته، وعرّفنا ما لنا بعد الوصول إليه والقدوم عليه. فهي متضمنة لكل الإيمان بل هي متضمنة للإقرار بوجوب الرب المدعو وعلمه وسمعه وقدرته وإرادته وصفاته وكلامه، وإرسال رسوله وتصديقه في أخباره كلها وكمال محبته ولا ريب أن هذه هي أصول الإيمان، فالصلاة عليه صلى الله عليه سلم متضمنة لعلم العبد ذلك، وتصديقه به ومحبته له، فكانت من أفضل الأعمال.[جلاء الأفهام:269-270].
الدعاء نوعان:
- أحدهما: سؤاله حوائجه ومهماته وما ينوبه في الليل والنهار، فهذا دعاء وسؤال وإيثار لمحبوب العبد ومطلوبه.
- والثاني: سؤاله أن يثني على خليله وحبيبه ويزيد في تشريفه وتكريمه وإثارة ذكره، ورفعه. ولا ريب أن الله تعالى يحب ذلك ورسوله يحبه، فالمصلي عليه صلى الله وسلم عليه قد صرف سؤاله ورغبته وطلبه إلى محاب الله ورسوله. وآثر ذلك على طلبه حوائجَه ومحابَّه هو، بل كان هذا المطلوب من أحب الأمور إليه وآثرها عنده، فقد آثر ما يحبه الله ورسوله، فقد آثر الله ومحابَّه على ما سواه والجزاء من جنس العمل. واعتبر بما تجد الناس يعتمدونه عند ملوكهم ورؤسائهم إذا أرادوا التقرب والمنزلة عندهم، فإنهم يسألون المطاع أن ينعم على من يعلمونه أحب رعيته إليه. وكلما سألوه أن يزيد في حبائه وإكرامه وتشريفه علت منزلتهم عنده وازداد قربهم منه وحظوا بهم لديه لأنهم يعلمون منه إرادة الإنعام والتشريف والتكريم لمحبوبه، فأحبهم إليه أشدهم له سؤالا ورغبة أن يتم عليه إنعامه وإحسانه، هذا أمر مشاهد بالحس، ولا تكون منزلة هؤلاء ومنزلة من سأل المطاع حوائجه هو وفارغ من سؤاله تشريف محبوبه والإنعام عليه واحدة، فكيف بأعظم محبوب وأجله وأحقه بمحبة ربه له؟ ولو لم يكن من فوائد الصلاة عليه إلا هذا المطلوب لكفى المؤمن به شرفا.
وهاهنا نكتة حسنة لمن علم أمته دينه وما جاءهم به، ودعاهم إليه وحضهم عليه وصبر على ذلك، وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم له من الأجر الزائد على أجر عمله مثل أجور من اتبعه. فالداعي إلى سنته ودينه، والمعلم الخير للأمة إذا قصد توفير هذا الحظ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وصرفه إليه، وكان مقصودَه بدعاء الخلق إلى التقرب إليه، بإرشاد عباده، توفيرُ أجور المطيعين له على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع توفيتهم أجورهم كاملة كان له الأجر في دعوته وتعليمه بحسب هذه النية، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم. [جلاء الأفهام : 2270-271 ].
الصلاة على النبي سبب لرؤيته صلى الله عليه وسلم في المنام
ذكر الشيخ ماء العينين في فاتق الرتق رواية أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول: (من قال: اللهم صل على روح محمد في الأرواح وعلى جسده في الأجساد وعلى قبره في القبور، رآني في منامه ومن رآني في منامه رآني يوم القيامة ومن رآني يوم القيامة شفعت له، ومن شفعت له شرب من حوضي وحرم الله جسده على النار).
قال الإمام الحافظ شمس الدين محمد السخاوي الشافعي: وعن محمد بن سعيد بن مطرق وكان من الأخيار الصالحين قال: كنت جعلت على نفسي كل ليلة عند النوم إذا آويت إلى مضجعي عددا معلوما أصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، فإني في بعض الليالي قد أكملت العدد فأخذتني عيناي وكنت ساكنا في غرفة وإذا أنا بالنبي صلى الله عليه وسلم قد دخل علي من باب الغرفة فأصاب الغرفة به نور ثم نهض نحوي وقال هات هذا الفم الذي تكثر به الصلاة علي أقبله فكنت أستحي أن أقبله من فيه فاستدرت بوجهي فقبل خدي فانتبهت فزعا من فوري وانتبهت صاحبتي التي بجنبي فإذا بالبيت يفوح مسكا من رائحته صلى الله عليه وسلم وبقيت رائحة المسك من قبلته في خدي نحو ثمانية أيام، تجد زوجتي كل يوم الرائحة في خدي. رواه ابن بشكوال.
أنها سبب لرؤيته صلى الله عليه وسلم في اليقظة لمن أكثر الصلاة عليه
قال سيدي العربي السائح في بغية المستفيد ص:210-211: ... وحكى أيضا،أعني الشيخ جلال الدين السيوطي رحمه الله تعالى في كتابه الذي ترجمه بتنوير الحلك في إمكان رؤية النبي والملك، القول بإمكان رؤيته صلى الله عليه وسلم يقظة. كذلك عن الشيخ أبي بكر ابن العربي المالكي رحمه الله تعالى في كتابه قانون التأويل. وذكر في الجيش الكبير أن اللقاني رحمه الله حكى اتفاق الحفاظ على جواز رؤيته صلى الله عليه وسلم في اليقظة والمنام(...) وقال يعني السيوطي رحمه الله: ولا يمتنع رؤية ذاته الشريفة بجسده وروحه، وذلك لأنه صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء أحياء ردت إليهم أرواحهم بعد ما قبضوا، وأذن لهم في الخروج من قبورهم والتصرف في الملكوت العلوي والسفلي، وقد ألف البيهقي جزءا في حياة الأنبياء، وقد ألفنا فيها جزءا لطيفا "اه". ثم قال: فحصل من مجموع هذه النقول والأحاديث، أن النبي صلى الله عليه وسلم حي بجسده وروحه، وأنه يتصرف ويسير في أقطار الأرض وفي الملكوت، وهو بهيئته التي كان عليها قبل وفاته لم يتبدل منه شيء، وأنه مغيب كما غيبت الملائكة مع كونهم أحياء بأجسادهم فإذا أراد الله رفع الحجاب عمن أراد كرامته رآه على هيئته التي هو عليها لا مانع من ذلك ولا داعي إلى التخصيص برؤية المثال "اه" .(...) وذكر(يعني الإمام السيوطي) في الجيش الكبير أن شيخ مشايخ المالكية أبا الحسن سيدي عليا الأجهوري رحمه الله تعالى نقل هذا التحصيل بلفظه في نوازله فهو قائل به. وقال الإمام الساحلي في بغية السالك بعدما ذكر طبقات الناس في انطباع صورته الشريفة صلى الله عليه وسلم في نفوسهم: ووراء هذا ما هو أعلى درجة منه، وهو أن يراه بعين رأسه عيانا في عالم الحس ولا ننكر هذا، فقد يكرم الله من يشاء من عباده بإقامة صورته الكريمة له يشاهدها، وهذا من جائز الكرامات التي يتحف الله بها أولياءه "اه": نقله في الجيش، ونقل إثره كلام صاحب روضة النسرين في طبقات من انطبعت صورته الكريمة صلى الله عليه سلم في نفوسهم، ونص ما نقله منه:
ومكـثر الصـلاة فيه يشـرق *** في قلـبه نـور لها يحـقــق
والـناس في ذاك لهم مـراتب *** بقدر ما تصـفو لهم مشــارب
لها بـذهن بعضـهم تصـور *** بعـد تأمـل وفـكر يكــثــر
يـراه في المنـام بلا كمـال *** وذو تصـور لدى اعـتـــزال
أحـيان ذكره يفوق من سلف *** وكامـل الرؤيا قـد اتـصــف
ومن إذا يسـد عينا أبصـرا *** نـوما وضـده سـما من غبـرا
فمن بعـيـني رأسـه يـراه *** في عـالـم الحـس لما عــراه
وقال صاحب روضة النسرين في شرحه لهذا البيت: والذي يظهر لي أن بعض الأولياء يرى في اليقظة روحه متشكلة بصورته الشريفة، وأهل المقام الأعلى يرون حقيقة ذاته الشريفة كأنه معه في حياته صلى الله عليه وسلم "اه". وقال يعني صاحب الروضة المذكورة في محل آخر من شرحه : هذا، ومن فوائد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أنها تقرب العبد منه صلى الله عليه وسلم حتى يلتقي معه يقظة وبذلك يأمن من السلب، وقبل التقاء الولي معه يقظة يكون على خوف من السلب، نعوذ بالله "اه".
ومن أراد التوضيح أكثر فليرجع لبغية المستفيد ص:212-213-214-215-216..
يتبع
رد: الصلاة عـلى النبي صلى الله عليه وسلم
سبب لتبشير العبد بالجنة قبل موته
روى ابن الغازي من حديث الحكم بن عطية عن ثابت عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى علي في يوم ألف مرة لم يمت حتى يرى مقعده من الجنة –في رواية وقصره-). قال الحافظ أبو عبد الله المقدسي في كتاب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: لا أعرفه إلا من حديث الحكم بن عطية. قال الدارقطني: حدث عن ثابت أحاديث لا يتابع عليها، وقال الإمام أحمد: لا بأس به إلا أن أبا داود الطيالسي روى عنه أحاديث منكرة، وقال وروي عن يحيى بن معين أنه قال: هو ثقة. [جلاء الأفهام: 26]. وفي رواية: (من صلى علي ألف مرة في اليوم لم يمت حتى يبشر بالجنة في اليقظة والنوم).
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى في يوم ألف مرة لم يمت حتى يرى مقعده في الجنة) رواه ابن شاهين في ترغيبه وغيره وابن بشكوال من طريق أبي الشيخ الحافظ وأخرجه الضياء في المختارة وقال: لا أعرفه إلا من حديث الحكم بن عطية. [القول البديع: 126].
قال ابن الجوزي في البستان ص: 363: روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من صلى علي ألف مرة لم يمت حتى يبشر بالجنة). وأبخل الناس رجل ذكر عنده محمد صلى الله عليه وسلم أو سمع بذكره فلا يصلي عليه، وأكسل الناس من سمع المؤذن فلم يقل مثل ما يقول، وأعجز الناس من لم يدْعُ لنفسه دبر كل صلاة. فإذا كان العبد عاجزا لنفسه فهو لغيره أعجز. وأما سلام الرحيم القهار، فهو أن كل من كان مصليا على النبي صلى الله عليه وسلم فهو من أهل الجنة، سلم عليه ربنا ومولانا وهو قوله تعالى: "سلام قولا من رب رحيم" يس: 58. وقوله تعالى: "وتحيتهم فيها سلام" يونس: 10. وقوله تعالى: "ويلقون فيها تحية وسلاما" الفرقان: 75. و "تحيتهم يوم يلقونه سلام" الأحزاب: 44.
تحصل بها الشفاعة لصاحبها عند الموت وبعده
حكي عن فضيل بن عياض عن سفيان الثوري أنه قال: خرجت حاجا فرأيت رجلا في الحرم يصلي على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم حيث كان: في الحرم وطواف البيت وعرفات ومنى، فقلت: أيها الرجل لكل مقام دعاء فما بالك لا تشتغل بالدعاء ولا بالصلاة سوى أنك تصلي على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال: إن لي فيه قصة، فقلت: أخبرني بها، فقال: خرجت من خراسان حاجا إلى هذا البيت ومعي والدي فبلغت الكوفة، فمرض والدي فتوفي فغطيت وجهه بإزار فلما كشفت عن وجهه رأيت صورته كصورة الحمار فحزنت حزناً شديداً وقلت: كيف أظهر للناس هذه الحالة وأن والدي قد صار بهذه الصورة ثم نعست ساعة فرأيت في المنام، دخل علينا رجل صبيح وعليه نقاب وكشف عن وجهه وقال لي: ما هذا الغم العظيم ؟ فقلت: وكيف لا أغتم مع هذه المحنة فانطلق إلى أبي فمسح وجهه فبريء مما ابتلي به فقربت منه وكشفت عن وجهه فنظرت إليه فإذا وجهه كالقمر الطالع يلوح ليلة البدر فقلت له: من أنت ؟ فقال: أنا المصطفى، فلمست طرف ردائه، فقلت: بحق الله أخبرني بالقصة، فقال: كان والدك آكل الربا وإن من حكم الله تعالى أن من أكل الربا يجعل صورته كصورة المتقف إما في الدنيا وإما في الآخرة، وقد جعلها الله تعالى لوالدك في الدنيا، وكان والدك في الدنيا يصلي علي كل لبلة قبل أن يضطجع مائة مرة، فلما عرضت له هذه الحالة، جاء الملك الذي يعرض علي أعمال أمتي فأخبرني بحاله، فسألت الله تعالى فشفعني فيه. تمت القصة. وهي هكذا في درة الواعظين.
سبب لنيل رضى الله ورحمته والنجاة من عذاب جهنم ومن شدة الحساب
قال ابن القيم: لأن الرحمة إما معنى الصلاة كما قاله طائفة، وإما من لوازمها وموجباتها على القول الصحيح فلا بد للمصلي عليه من رحمة تناله. قال إسماعيل حدثنا نصر بن علي حدثنا محمد بن سواء عن جويبر عن الضحاك قال: صلاة الله رحمته وصلاة الملائكة الدعاء. وقال المبرد: أصل الصلاة الرحمة، فهي من الله رحمة ومن الملائكة رقة واستدعاء للرحمة من الله، وهذا القول هو المعروف عند كثير من المتأخرين [جلاء الأفهام: 83].
- وفي ذرة الواعظين: روي أن الله تعالى قال لموسى: "من قدر وعفا نظرت إليه كل يوم سبعين مرة ومن نظرت إليه مرة واحدة لم أعذبه بناري".
- وفي فاتق الرتق ص: 295. للشيخ ماء العينين رواية أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول: (إن الله عز وجل لينظر إلى من يصلي علي، ومن نظر الله إليه لا يعذبه أبداً).
قلت: ولا شك أن من يصلي عليه رب العزة وينظر إليه مرة بعد مرة نظر رحمة و.. و... ويقول له: أصلي عليك يا عبدي وأرحمك و..و.. مرات، فأكيد أن الرحمة ستصيب ذلك العبد وتلازمه أبدا ولن يشقى بعدها أبدا بل لن يسخط عليه سبحانه وتعالى بعدها أبدا لأن قوله تعالى حق ووعده حق وهو أرحم الراحمين.
وقال ابن الجوزي في بستان الواعظين ص:362: ذكر في بعض الأخبار أنه إذا كان في يوم القيامة أمر الجبار جل جلاله أن يؤتى بجهنم، فإذا جىء بها وكانت من الموقف مسيرة خمسمائة عام ونظرت إلى أهل المعاصي اشتد غضبها وتقلب بعضها على بعض، وأخنى بعضها على بعض، وغلا بعضها على بعض، زفرت زفرة فلا يبقى غل ولا قيد ولا سلسلة ولا حية ولا عقرب إلا ألقت الكل على ظهرها، وقلبت الزبانية على وجوههم، وانهزم مالك عليه السلام من بين يديها "مالك: خازن النار وهو على كرسي فوق النار.." فعند ذلك لا يبقى ملك مقرب، ولا نبي مرسل، ولا ولي ولا صفي إلا جثا على ركبتيه، وفر الناس كلهم هاربين، ونبينا صلى الله عليه وسلم قائم عليه حلة خلقها الله تعالى من قبل أن يخلق الخلق بمائة ألف عام، وهو صلى الله عليه وسلم يلوح إليها كمه ويقول: كفي عن أمتي كفي عن أمتي، فعند ذلك يتعلق العبد به صلى الله عليه وسلم وهو يقول: يا نبي الله أنقذني من عذاب الله، فيقول له صلى الله عليه وسلم: ألم أبلغك رسالة ربي فلِمَ عصيت ؟ فبقول: يا رسول الله غلبت علي شقوتي، فيقول صلى الله عليه وسلم: لا شقوة على أحد ممن أكثر الصلاة علي، فيشفع له عند الله تعالى، فإذا رأت جهنم نور وجه المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم خمدت وكفت]. فإذا كانت جهنم أخمدها الجبار، من نور وجه النبي المختار، فكيف لا تطفىء الصلاة عليه عن صاحبها جميع الخطايا والأوزار؟ وإذا كان نور المصطفى أخمد عظيم النيران، فكيف لا توجب الصلاة عليه لصاحبها جزيل الغفران ؟ وإذا كان نور وجه محمد النبي صلى الله عليه وسلم أخمد سموم الجحيم، فكيف لا تورد الصلاة عليه المقام الكريم، والنظر إلى وجه الحكيم العليم ؟
وأنشدوا:
يا من تمرد في الأيام منهـمكا *** صلوا على المصطفى يا أكرم الأمم
صلوا عليه لعل الله يرحمـكم *** يوم الحساب ويوم الكـرب والزحم
إن الصلاة على المختار قارئة *** لقـلب صاحبها جزءاً من الحـكـم
فهو الشهيد لأهل الجمع كلـهم *** وهو الدليل إلى الـفردوس والنـعم
وقال أيضا: روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من صلى علي مائة مرة تزحزحت النار عنه مسيرة خمسمائة عام)، فأكثروا من الصلاة عليه يا أهل ملته. صلى الله عليه وسلم صلاة مقرونة بالكمال، والحسن والجمال، والخير والإفضال.
"حكاية" روي عن أبي الحسن قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت: يا رسول الله بم جوزي الشافعي عنك حيث يقول في كتابه الرسالة: <وصلى الله على محمد كلما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون>؟ فقال صلى الله عليه وسلم: جوزي عني أنه لا يوقف للحساب.
أنها سبب لشفاعته صلى الله عليه وسلم إذا أقرنها بسؤال الوسيلة أو أفردها
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سلوا الله لي الوسيلة لا يسألها لي مسلم أو مؤمن إلا كنت له شهيدا أو شفيعا) رواه اسماعيل القاضي بإسناد حسن. وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته، حلت عليه شفاعتي) رواه "الإمام" أحمد، والبخاري، وأبو داود، وابن ماجة، والترمذي وقال: حسن غريب، وقال: لا نعلم أحدا رواه غير شعيب.
- وروى مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن عمر وأنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي، فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله تعالى وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل الله لي الوسيلة حلت عليه شفاعتي)
- وفي فاتق الرتق ص:296 قال: وجاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله كيف الصلاة عليك ؟ فقال قل: (اللهم صل على محمد وأنزله المقعد المقرب عندك يوم القيامة، فمن قال ذلك وجبت له شفاعتي).
وذكر عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من قال جزى الله عنا محمداً صلى الله عليه وسلم بما هو أهله، اتعب سبعين ملكاً ألف صباح).
- حكاية نافعة:
ذكرها النبهاني في كتابه دليل التجار إلى أخلاق الأخيار ص: 80. قال: قد رأيت أن أختم هذا الفصل بهذه الحكاية النافعة، وإن لم تكن مما نحن فيه، على سبيل الاستطرد لمناسبة كثرة الثواب على العمل القليل، قد زارني في منزلي في بيروت في منتصف شهر شوال سنة 1321 ه الرجل الصالح محمد وحيد أفندي الصابوني الحلبي، وحكى لي عن نفسه حكاية نافعة، فكتبتها عنه بالحال، وهي قوله: رأيت وأنا في حلب منذ أكثر من عشر سنين في بعض الكتب حديثاً: (من قال: جزى الله عنا محمداً بما هو أهله، أتعب سبعين كاتباً ألف صباح) فشككت في صحة هذا الحديث لكثرة الثواب وقلة العمل، ونمت تلك الليلة على نية أن أسأل عنه العلماء في غدها، فرأيت في منامي النبي صلى الله عليه وسلم جالساً على ركبتيه الشريفتين، معمماً بعمامة بيضاء، لابساً جبة سوداء، فقلت له: يا رسول الله ! هل أنت قلت هذا الحديث ؟ وذكرته بلفظه، فوضع يده على صدره الشريف، وقال: نعم، أنا قلته. انتهى ما أخبرني به، والله سبحانه وتعالى أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.
- قال ابن الجوزي في بستان الواعظين ص:339: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: (أكثرواْ من الصلاة علي، فإني أشفع لكم على قدر ذلك) "..." عباد الله تحصنوا من العذاب والويل، بإكثار الصلاة على نبينا محمد "صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم" في النهار والليل، وذكر في بعض الأخبار أن على ساق العرش مكتوبا: من اشتاق إلى رحمتي رحمته، ومن سألني أعطيته، ومن لم يسألني لم أنسه، ومن تقرب إلي بقدر محمد صلى الله عليه وسلم غفرت له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر...فالله الله يا أمة محمد، ويا أحباب محمد، من أصابته نائبة أو وقع في شدة فليتضرع إلى مولاه ويسأله بقدر محمد وبحرمة محمد صلى الله عليه وسلم، فإن قدره عند الله عظيم. فأكثروا عباد الله الكريم، يا معشر من آمن بالله العظيم، الصلاة على محمد الكريم والنبي السيد الرؤوف الرحيم، ينجيكم الله بها من العذاب الأليم، ويدخلكم جنات الخلد والنعيم، إنه هو الحكيم العليم.
قال ابن القيم في بستان الوعظين ص: 368: ومن رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بأمته ما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان في بعض الأيام جالسا فقرأ هذه الآية: "إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم" المائدة: 118. فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزل عليه جبريل عليه السلام فقال له: يا محمد مم بكاؤك ؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (فكرت في أمتي) فقال جبريل: يا محمد الله يقرئك السلام ويقول لك: أنا أسترضيك في أمتك."الحديث رواه ابن أبي حاتم من رواية عبد الله بن عمرو بن العاص، كما في تفسير ابن كثير2/689".
يا أحبائي نبيكم عند مولاكم مكين، ومولاكم ذو القوة المتين، وإنك يا أخي عبد مهين، فهل رأيتم مهينا يعذب بين مكين ومتين ؟ ! مولاكم عظيم ونبيكم كريم، فهل يضيع من يخاف العذاب الأليم بين عظيم وكريم ؟ ! فصلوا عليه كما أمركم مولاكم في القرآن الحكيم. يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم مولاكم لطيف ونبيكم سيد شريف، وأنت يا مؤمن عبد ضعيف، فهل رأيتم ضعيفا يضيع بين لطيف وشريف ؟ !
وأنشدوا:
يا إلهي عسى تكون مجيـري *** بصلاتي على البشير النذيــر
إنني خـائف كئـيب حـزين *** أن أصـلى نـار السـعيــر
أيها الناس بادروا ثم جــدوا *** بصلاة على السـراج المنيـر
ذاك خير الأنام جـاء بصدق *** وكتاب من السميع البصـيــر
فيه أمـر وفيه نهـي وفـيه *** ما يـؤدي إلى النعيم الكبـيـر
لا تملوا من الصـلاة علـيه *** سوف تنجوا من حر نار الزفير
ثم تحـظوا بها بـدار نعيـم *** ليس تبـلى من عند رب قديـر
يتبع
روى ابن الغازي من حديث الحكم بن عطية عن ثابت عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى علي في يوم ألف مرة لم يمت حتى يرى مقعده من الجنة –في رواية وقصره-). قال الحافظ أبو عبد الله المقدسي في كتاب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: لا أعرفه إلا من حديث الحكم بن عطية. قال الدارقطني: حدث عن ثابت أحاديث لا يتابع عليها، وقال الإمام أحمد: لا بأس به إلا أن أبا داود الطيالسي روى عنه أحاديث منكرة، وقال وروي عن يحيى بن معين أنه قال: هو ثقة. [جلاء الأفهام: 26]. وفي رواية: (من صلى علي ألف مرة في اليوم لم يمت حتى يبشر بالجنة في اليقظة والنوم).
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى في يوم ألف مرة لم يمت حتى يرى مقعده في الجنة) رواه ابن شاهين في ترغيبه وغيره وابن بشكوال من طريق أبي الشيخ الحافظ وأخرجه الضياء في المختارة وقال: لا أعرفه إلا من حديث الحكم بن عطية. [القول البديع: 126].
قال ابن الجوزي في البستان ص: 363: روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من صلى علي ألف مرة لم يمت حتى يبشر بالجنة). وأبخل الناس رجل ذكر عنده محمد صلى الله عليه وسلم أو سمع بذكره فلا يصلي عليه، وأكسل الناس من سمع المؤذن فلم يقل مثل ما يقول، وأعجز الناس من لم يدْعُ لنفسه دبر كل صلاة. فإذا كان العبد عاجزا لنفسه فهو لغيره أعجز. وأما سلام الرحيم القهار، فهو أن كل من كان مصليا على النبي صلى الله عليه وسلم فهو من أهل الجنة، سلم عليه ربنا ومولانا وهو قوله تعالى: "سلام قولا من رب رحيم" يس: 58. وقوله تعالى: "وتحيتهم فيها سلام" يونس: 10. وقوله تعالى: "ويلقون فيها تحية وسلاما" الفرقان: 75. و "تحيتهم يوم يلقونه سلام" الأحزاب: 44.
تحصل بها الشفاعة لصاحبها عند الموت وبعده
حكي عن فضيل بن عياض عن سفيان الثوري أنه قال: خرجت حاجا فرأيت رجلا في الحرم يصلي على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم حيث كان: في الحرم وطواف البيت وعرفات ومنى، فقلت: أيها الرجل لكل مقام دعاء فما بالك لا تشتغل بالدعاء ولا بالصلاة سوى أنك تصلي على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال: إن لي فيه قصة، فقلت: أخبرني بها، فقال: خرجت من خراسان حاجا إلى هذا البيت ومعي والدي فبلغت الكوفة، فمرض والدي فتوفي فغطيت وجهه بإزار فلما كشفت عن وجهه رأيت صورته كصورة الحمار فحزنت حزناً شديداً وقلت: كيف أظهر للناس هذه الحالة وأن والدي قد صار بهذه الصورة ثم نعست ساعة فرأيت في المنام، دخل علينا رجل صبيح وعليه نقاب وكشف عن وجهه وقال لي: ما هذا الغم العظيم ؟ فقلت: وكيف لا أغتم مع هذه المحنة فانطلق إلى أبي فمسح وجهه فبريء مما ابتلي به فقربت منه وكشفت عن وجهه فنظرت إليه فإذا وجهه كالقمر الطالع يلوح ليلة البدر فقلت له: من أنت ؟ فقال: أنا المصطفى، فلمست طرف ردائه، فقلت: بحق الله أخبرني بالقصة، فقال: كان والدك آكل الربا وإن من حكم الله تعالى أن من أكل الربا يجعل صورته كصورة المتقف إما في الدنيا وإما في الآخرة، وقد جعلها الله تعالى لوالدك في الدنيا، وكان والدك في الدنيا يصلي علي كل لبلة قبل أن يضطجع مائة مرة، فلما عرضت له هذه الحالة، جاء الملك الذي يعرض علي أعمال أمتي فأخبرني بحاله، فسألت الله تعالى فشفعني فيه. تمت القصة. وهي هكذا في درة الواعظين.
سبب لنيل رضى الله ورحمته والنجاة من عذاب جهنم ومن شدة الحساب
قال ابن القيم: لأن الرحمة إما معنى الصلاة كما قاله طائفة، وإما من لوازمها وموجباتها على القول الصحيح فلا بد للمصلي عليه من رحمة تناله. قال إسماعيل حدثنا نصر بن علي حدثنا محمد بن سواء عن جويبر عن الضحاك قال: صلاة الله رحمته وصلاة الملائكة الدعاء. وقال المبرد: أصل الصلاة الرحمة، فهي من الله رحمة ومن الملائكة رقة واستدعاء للرحمة من الله، وهذا القول هو المعروف عند كثير من المتأخرين [جلاء الأفهام: 83].
- وفي ذرة الواعظين: روي أن الله تعالى قال لموسى: "من قدر وعفا نظرت إليه كل يوم سبعين مرة ومن نظرت إليه مرة واحدة لم أعذبه بناري".
- وفي فاتق الرتق ص: 295. للشيخ ماء العينين رواية أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول: (إن الله عز وجل لينظر إلى من يصلي علي، ومن نظر الله إليه لا يعذبه أبداً).
قلت: ولا شك أن من يصلي عليه رب العزة وينظر إليه مرة بعد مرة نظر رحمة و.. و... ويقول له: أصلي عليك يا عبدي وأرحمك و..و.. مرات، فأكيد أن الرحمة ستصيب ذلك العبد وتلازمه أبدا ولن يشقى بعدها أبدا بل لن يسخط عليه سبحانه وتعالى بعدها أبدا لأن قوله تعالى حق ووعده حق وهو أرحم الراحمين.
وقال ابن الجوزي في بستان الواعظين ص:362: ذكر في بعض الأخبار أنه إذا كان في يوم القيامة أمر الجبار جل جلاله أن يؤتى بجهنم، فإذا جىء بها وكانت من الموقف مسيرة خمسمائة عام ونظرت إلى أهل المعاصي اشتد غضبها وتقلب بعضها على بعض، وأخنى بعضها على بعض، وغلا بعضها على بعض، زفرت زفرة فلا يبقى غل ولا قيد ولا سلسلة ولا حية ولا عقرب إلا ألقت الكل على ظهرها، وقلبت الزبانية على وجوههم، وانهزم مالك عليه السلام من بين يديها "مالك: خازن النار وهو على كرسي فوق النار.." فعند ذلك لا يبقى ملك مقرب، ولا نبي مرسل، ولا ولي ولا صفي إلا جثا على ركبتيه، وفر الناس كلهم هاربين، ونبينا صلى الله عليه وسلم قائم عليه حلة خلقها الله تعالى من قبل أن يخلق الخلق بمائة ألف عام، وهو صلى الله عليه وسلم يلوح إليها كمه ويقول: كفي عن أمتي كفي عن أمتي، فعند ذلك يتعلق العبد به صلى الله عليه وسلم وهو يقول: يا نبي الله أنقذني من عذاب الله، فيقول له صلى الله عليه وسلم: ألم أبلغك رسالة ربي فلِمَ عصيت ؟ فبقول: يا رسول الله غلبت علي شقوتي، فيقول صلى الله عليه وسلم: لا شقوة على أحد ممن أكثر الصلاة علي، فيشفع له عند الله تعالى، فإذا رأت جهنم نور وجه المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم خمدت وكفت]. فإذا كانت جهنم أخمدها الجبار، من نور وجه النبي المختار، فكيف لا تطفىء الصلاة عليه عن صاحبها جميع الخطايا والأوزار؟ وإذا كان نور المصطفى أخمد عظيم النيران، فكيف لا توجب الصلاة عليه لصاحبها جزيل الغفران ؟ وإذا كان نور وجه محمد النبي صلى الله عليه وسلم أخمد سموم الجحيم، فكيف لا تورد الصلاة عليه المقام الكريم، والنظر إلى وجه الحكيم العليم ؟
وأنشدوا:
يا من تمرد في الأيام منهـمكا *** صلوا على المصطفى يا أكرم الأمم
صلوا عليه لعل الله يرحمـكم *** يوم الحساب ويوم الكـرب والزحم
إن الصلاة على المختار قارئة *** لقـلب صاحبها جزءاً من الحـكـم
فهو الشهيد لأهل الجمع كلـهم *** وهو الدليل إلى الـفردوس والنـعم
وقال أيضا: روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من صلى علي مائة مرة تزحزحت النار عنه مسيرة خمسمائة عام)، فأكثروا من الصلاة عليه يا أهل ملته. صلى الله عليه وسلم صلاة مقرونة بالكمال، والحسن والجمال، والخير والإفضال.
"حكاية" روي عن أبي الحسن قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت: يا رسول الله بم جوزي الشافعي عنك حيث يقول في كتابه الرسالة: <وصلى الله على محمد كلما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون>؟ فقال صلى الله عليه وسلم: جوزي عني أنه لا يوقف للحساب.
أنها سبب لشفاعته صلى الله عليه وسلم إذا أقرنها بسؤال الوسيلة أو أفردها
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سلوا الله لي الوسيلة لا يسألها لي مسلم أو مؤمن إلا كنت له شهيدا أو شفيعا) رواه اسماعيل القاضي بإسناد حسن. وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته، حلت عليه شفاعتي) رواه "الإمام" أحمد، والبخاري، وأبو داود، وابن ماجة، والترمذي وقال: حسن غريب، وقال: لا نعلم أحدا رواه غير شعيب.
- وروى مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن عمر وأنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي، فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله تعالى وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل الله لي الوسيلة حلت عليه شفاعتي)
- وفي فاتق الرتق ص:296 قال: وجاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله كيف الصلاة عليك ؟ فقال قل: (اللهم صل على محمد وأنزله المقعد المقرب عندك يوم القيامة، فمن قال ذلك وجبت له شفاعتي).
وذكر عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من قال جزى الله عنا محمداً صلى الله عليه وسلم بما هو أهله، اتعب سبعين ملكاً ألف صباح).
- حكاية نافعة:
ذكرها النبهاني في كتابه دليل التجار إلى أخلاق الأخيار ص: 80. قال: قد رأيت أن أختم هذا الفصل بهذه الحكاية النافعة، وإن لم تكن مما نحن فيه، على سبيل الاستطرد لمناسبة كثرة الثواب على العمل القليل، قد زارني في منزلي في بيروت في منتصف شهر شوال سنة 1321 ه الرجل الصالح محمد وحيد أفندي الصابوني الحلبي، وحكى لي عن نفسه حكاية نافعة، فكتبتها عنه بالحال، وهي قوله: رأيت وأنا في حلب منذ أكثر من عشر سنين في بعض الكتب حديثاً: (من قال: جزى الله عنا محمداً بما هو أهله، أتعب سبعين كاتباً ألف صباح) فشككت في صحة هذا الحديث لكثرة الثواب وقلة العمل، ونمت تلك الليلة على نية أن أسأل عنه العلماء في غدها، فرأيت في منامي النبي صلى الله عليه وسلم جالساً على ركبتيه الشريفتين، معمماً بعمامة بيضاء، لابساً جبة سوداء، فقلت له: يا رسول الله ! هل أنت قلت هذا الحديث ؟ وذكرته بلفظه، فوضع يده على صدره الشريف، وقال: نعم، أنا قلته. انتهى ما أخبرني به، والله سبحانه وتعالى أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.
- قال ابن الجوزي في بستان الواعظين ص:339: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: (أكثرواْ من الصلاة علي، فإني أشفع لكم على قدر ذلك) "..." عباد الله تحصنوا من العذاب والويل، بإكثار الصلاة على نبينا محمد "صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم" في النهار والليل، وذكر في بعض الأخبار أن على ساق العرش مكتوبا: من اشتاق إلى رحمتي رحمته، ومن سألني أعطيته، ومن لم يسألني لم أنسه، ومن تقرب إلي بقدر محمد صلى الله عليه وسلم غفرت له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر...فالله الله يا أمة محمد، ويا أحباب محمد، من أصابته نائبة أو وقع في شدة فليتضرع إلى مولاه ويسأله بقدر محمد وبحرمة محمد صلى الله عليه وسلم، فإن قدره عند الله عظيم. فأكثروا عباد الله الكريم، يا معشر من آمن بالله العظيم، الصلاة على محمد الكريم والنبي السيد الرؤوف الرحيم، ينجيكم الله بها من العذاب الأليم، ويدخلكم جنات الخلد والنعيم، إنه هو الحكيم العليم.
قال ابن القيم في بستان الوعظين ص: 368: ومن رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بأمته ما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان في بعض الأيام جالسا فقرأ هذه الآية: "إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم" المائدة: 118. فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزل عليه جبريل عليه السلام فقال له: يا محمد مم بكاؤك ؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (فكرت في أمتي) فقال جبريل: يا محمد الله يقرئك السلام ويقول لك: أنا أسترضيك في أمتك."الحديث رواه ابن أبي حاتم من رواية عبد الله بن عمرو بن العاص، كما في تفسير ابن كثير2/689".
يا أحبائي نبيكم عند مولاكم مكين، ومولاكم ذو القوة المتين، وإنك يا أخي عبد مهين، فهل رأيتم مهينا يعذب بين مكين ومتين ؟ ! مولاكم عظيم ونبيكم كريم، فهل يضيع من يخاف العذاب الأليم بين عظيم وكريم ؟ ! فصلوا عليه كما أمركم مولاكم في القرآن الحكيم. يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم مولاكم لطيف ونبيكم سيد شريف، وأنت يا مؤمن عبد ضعيف، فهل رأيتم ضعيفا يضيع بين لطيف وشريف ؟ !
وأنشدوا:
يا إلهي عسى تكون مجيـري *** بصلاتي على البشير النذيــر
إنني خـائف كئـيب حـزين *** أن أصـلى نـار السـعيــر
أيها الناس بادروا ثم جــدوا *** بصلاة على السـراج المنيـر
ذاك خير الأنام جـاء بصدق *** وكتاب من السميع البصـيــر
فيه أمـر وفيه نهـي وفـيه *** ما يـؤدي إلى النعيم الكبـيـر
لا تملوا من الصـلاة علـيه *** سوف تنجوا من حر نار الزفير
ثم تحـظوا بها بـدار نعيـم *** ليس تبـلى من عند رب قديـر
يتبع
رد: الصلاة عـلى النبي صلى الله عليه وسلم
سبب القرب منه يوم القيامة
في حديث أوس بن أوس عن أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قالأكثروا علي من الصلاة في كل يوم جمعة، فإن صلاة أمتي تعرض علي في كل يوم جمعة فمن كان أكثرهم علي صلاة كان أقربهم مني منزلة "صلى الله عليه وسلم") رواه البيهقي.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قالأولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة) أخرجه أبو داود والترمذي وابن حبان. قال الشوكاني: قال الترمذي بعد إخراجه حديث حسن غريب، وقال ابن حبان صحيح،{....} و{قوله أولى الناس بي يوم القيامة} أي أولاهم بشفاعتي وأحقهم بالقرب مني أكثرهم علي صلاة في الدنيا، لأن هذا الذي استكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. قد توسل إلى شفاعته بوسيلة مرعية، وتقرب بقربة مرضية، ولو لم يكن في ذلك إلا ما سيأتي من أنه من صلى عليه مرة صلى الله عليه بها عشرا، فإن هذه المكافأة من رب العزة سبحانه مستلزمة للثواب الأكثر.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلمإن أقربكم مني يوم القيامة في كل موطن أكثركم علي صلاة في الدنيا) ذكره البيهقي في الجزء الذي ذكر فيه حياة الأنبياء وابن بشكوال والحافظ وغيرهما.
قال ابن الجوزي في بستان الواعظين ص:347-348: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قالأنجاكم يوم القيامة من أهوالها ومن مواطنها أكثركم علي صلاة).
عباد الله الملك الديان، يا أهل الإسلام والإيمان صلوا بنا على سيدنا محمد رسول الملك الرحمان، لعله يخلصنا من عذاب النيران.
وأنشدوا:
صلوا على ماجد جلـت مآثـره ******* وأكثر الخلق إفضالاً وإحساناً
أتى العباد وقد ضلت مسالكهـم ******* فأوضح الحق تبياناً وبرهـاناً
وبين الدين بالتذكيـر مجتـهـداً ******* وأظهر الشرع أحكاماً وقرآناً
وأنقذ الخلق من نار السموم لظى ******* وأورد الناس جنات ورضواناً
لا تبغ طيباً إذا ما كنت ذاكـره ******* ولا ترد بعده روحاً وريحـاناً
فيه الجنان وفيه الحسن مجتمع ******* والنبل والظرف أشكالا وألواناً
فالحمد لله إذ كـنا لـه تبـعـاً ******* لقد تفـضل بالخيرات مـولانا
سبب لمصافحته صلى الله عليه وسلم ومهر أزواج الجنة
روى ابن بشكوال من طريق أبي المظفر عبد الرحمان بن عيسى قال: قال النبي صلى الله عليه وسلممن صلى علي في يوم خمسين مرة صافحته يوم القيامة) انتهى.
و يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قالأكثركم علي صلاة أكثركم أزواجا في الجنة) ذكره صاحب الدر المنظوم. وذكره الإمام ابن الجوزي في البستان، وقال:فالله الله يا معشر المؤمنين أكثروا من الصلاة على سيد المرسلين، وخاتم النبيين، وارعوا في المقام الأمين، والتمتع بالحور العين، والنظر إلى وجه مولانا رب العالمين.
- الصلاة عليه مهر حواء أم البشر ومهر الحور العين:
قال ابن الجوزي في البستان ص:370: ذكر في بعض الأخبار أن آدم عليه السلام رفع رأسه فنظر على ساق العرش: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فقال آدم: يا رب من هذا الذي كتبت اسمه مع اسمك؟ فقال الله تعالى: يا آدم هو نبيي وصفيي وهو حبيبي، ولولاه ما خلقتك ولا خلقت جنة ولا ناراً. فلما خلق الله سبحانه حواء نظر آدم إليها فقال: يا رب زوجني منها، فقال الله تعالى: وما مهرها يا آدم؟ فقال : يا رب ما أعلم، قال الله تبارك وتعالى: يا آدم صلّ على محمد عشر مرات، فصلى آدم عليه كما أمره الجبار جل جلاله، فزوجه الله سبحانه منها وكان صداقها الصلاة على محمد المختار مهراً لأمة الملك الجبار، فكيف لا تكون صلاتنا عليه مهراً للحور العين في دار القرار، ومن دخل دار القرار نجا من عذاب النار، لأنه قال صلى الله عليه وسلمأكثركم علي صلاة أكثركم أزواجاً في الجنة).
- وعن عبد الله بن جراد رضي الله عنه قال: شهدت النبي صلى الله عليه وسلم فقالحجوا الفرائض فإنها أعظم من عشرين غزوة في سبيل الله وإن الصلاة علي تعدل ذالك كله) أخرجه الديلمي في مسند الفردوس عن طريق أبي نعيم بسند ضعيف.
-
نور لصاحبها وتنجي من أهوال القيامة
عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قالإن أنجاكم يوم القيامة من أهوالها ومواطنها أكثركم علي صلاة في دار الدنيا، أنه قد كان في الله وملائكته كفاية قال تعالى:{إن الله وملائكته يصلون على النبي، يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما}) خص بذلك المؤمنين ليثيبهم عليه.[الصلات والبشر:87].
وعن أنس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاليا أيها الناس إن أنجاكم يوم القيامة من أهوالها ومواطنها أكثركم علي صلاة في دار الدنيا).
وفي الجامع برمز الديلمي في مسند الفردوس قال صلى الله عليه وآله وسلمزينوا مجالسكم بالصلاة علي فإن الصلاة علي نور لكم يوم القيامة).
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلممن صلى علي يوم الجمعة مائة مرة جاء يوم القيامة ومعه نور لو قسم ذلك النور بين الخلائق كلهم لوسعهم) ذكر هذا الحديث الإمام الجزولي في الدلائل.
ينشئها الله شخصا ينجيك به من الكرب
يحكى عن الشبلي رضي الله عنه قال: مات رجل من جيراني فرأيته في المنام فقلت: ما فعل الله بك؟ فقال: يا شبلي مرت بي أهوال عظيمة وذلك أنه ارتج علي عند السؤال فقلت في نفسي: من أين أُتِيََ علي ألم أمت على الإسلام؟ فنوديت هذه عقوبة إهمالك للسانك في الدنيا، فلما همَّ بي الملكان حال بيني وبينهما رجل جميل الشخص طيب الرائحة فذكرني بحجتي فذكرتها، فقلت من أنت يرحمك الله؟ قال: أنا شخص خلقت من كثرة صلاتك على النبي صلى الله عليه وسلم، وأمرت أن أنصرك في كل كرب. ذكره ابن بشكوال. [القول البديع:121].
سبب لدخول الجنة وبراءة من النفاق والنار
قال النبي صلى الله عليه وسلممن صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه عشرا، ومن صلى علي عشرا صلى الله عليه مائة، ومن صلى علي مائة كتب الله بين عينيه براءة من النفاق وبراءة من النار وأسكنه يوم القيامة مع الشهداء) رواه الطبري في الأوسط والصغير عن أنس بن مالك رضي الله عنه. [ورد الصالحين:40].
وقال صلى الله عليه وسلممن صلى علي واحدة صلى الله عليه عشرا، ومن صلى علي عشرا صلى الله عليه مائة، ومن صلى علي مائة صلى الله عليه ألفا، ومن صلى علي ألفا زاحمت كتفي كتفه يوم القيامة على باب الجنة، وحرم الله جسده على النار) وكفى بهذه المزية شرفا لمن وفقه الله للصلاة على المصطفى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.
وعن أبي عبد الرحمان المقري قال بلغني أن خلاد بن كثير كان في النزع فوجد تحت رأسه رقعة مكتوب فيها: هذه براءة من النار لخلاد بن كثير. فسألواْ أهله ما كان عمله فقال أهله: كان يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم كل جمعة ألف مرة.[القول البديع:197].
سبب للدخول تحت ظل العرش
ويروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قالثلاثة تحت ظل عرش الله يوم القيامة يوم لا ظل إلا ظله. قيل من هم يا رسول الله؟ قال: من فرج عن مكروب من أمتي وأحيى سنتي وأكثر الصلاة علي) ذكره صاحب الدر المنظم ولم أقف على أصل معتمد إلا أن صاحب الفردوس عزاه لأنس بن مالك ولم يسند ولده، وعزاه غيره لفوائد الخلعي من حديث أبي هريرة .والله أعلم.[القول البديع:123].
وفي بستان الواعظين لابن الجوزي ص:345 : روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قالثلاثة يوم القيامة تحت عرش الله يوم لا ظل إلا ظله، قيل من هم يا رسول الله؟ قال: من فرج عن مكروب أمتي، ومن أحيى سنتي، ومن أكثر الصلاة علي){رواه الترمذي 484 في الوتر، وقال: حسن غريب، وانظر ضعيف الجامع1821}
فاجتهدوا رحمكم الله في التفريج لهموم المكروبين، وفي إحياء سنة خاتم النبيين، وفي الصلاة على سيد المرسلين وأكرم الخلق على رب العالمين.
وأنشدوا:
صلوا على خير الأنام كرامـة ******* وجلالة يا معشـر الإسـلام
فهو النبي المصطفى علم الهدى ******* وأدل من يدعو لسبـل قـوام
نطق الكتاب بفضلـه وجلالـه ******* وبفضله ننجو مـن الأسقـام
صلوا على خير البريـة كلهـا ******* ما لاح بدر تحت جنح ظلام
فهو السبيل لدار كـل كرامـة ******* وهو الدليل لجنـة وسـلام
وهو الشفيع لمن يديـن بدينـه ******* ولمن يلوذ بملـة الإسـلام
يتبع
في حديث أوس بن أوس عن أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قالأكثروا علي من الصلاة في كل يوم جمعة، فإن صلاة أمتي تعرض علي في كل يوم جمعة فمن كان أكثرهم علي صلاة كان أقربهم مني منزلة "صلى الله عليه وسلم") رواه البيهقي.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قالأولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة) أخرجه أبو داود والترمذي وابن حبان. قال الشوكاني: قال الترمذي بعد إخراجه حديث حسن غريب، وقال ابن حبان صحيح،{....} و{قوله أولى الناس بي يوم القيامة} أي أولاهم بشفاعتي وأحقهم بالقرب مني أكثرهم علي صلاة في الدنيا، لأن هذا الذي استكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. قد توسل إلى شفاعته بوسيلة مرعية، وتقرب بقربة مرضية، ولو لم يكن في ذلك إلا ما سيأتي من أنه من صلى عليه مرة صلى الله عليه بها عشرا، فإن هذه المكافأة من رب العزة سبحانه مستلزمة للثواب الأكثر.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلمإن أقربكم مني يوم القيامة في كل موطن أكثركم علي صلاة في الدنيا) ذكره البيهقي في الجزء الذي ذكر فيه حياة الأنبياء وابن بشكوال والحافظ وغيرهما.
قال ابن الجوزي في بستان الواعظين ص:347-348: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قالأنجاكم يوم القيامة من أهوالها ومن مواطنها أكثركم علي صلاة).
عباد الله الملك الديان، يا أهل الإسلام والإيمان صلوا بنا على سيدنا محمد رسول الملك الرحمان، لعله يخلصنا من عذاب النيران.
وأنشدوا:
صلوا على ماجد جلـت مآثـره ******* وأكثر الخلق إفضالاً وإحساناً
أتى العباد وقد ضلت مسالكهـم ******* فأوضح الحق تبياناً وبرهـاناً
وبين الدين بالتذكيـر مجتـهـداً ******* وأظهر الشرع أحكاماً وقرآناً
وأنقذ الخلق من نار السموم لظى ******* وأورد الناس جنات ورضواناً
لا تبغ طيباً إذا ما كنت ذاكـره ******* ولا ترد بعده روحاً وريحـاناً
فيه الجنان وفيه الحسن مجتمع ******* والنبل والظرف أشكالا وألواناً
فالحمد لله إذ كـنا لـه تبـعـاً ******* لقد تفـضل بالخيرات مـولانا
سبب لمصافحته صلى الله عليه وسلم ومهر أزواج الجنة
روى ابن بشكوال من طريق أبي المظفر عبد الرحمان بن عيسى قال: قال النبي صلى الله عليه وسلممن صلى علي في يوم خمسين مرة صافحته يوم القيامة) انتهى.
و يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قالأكثركم علي صلاة أكثركم أزواجا في الجنة) ذكره صاحب الدر المنظوم. وذكره الإمام ابن الجوزي في البستان، وقال:فالله الله يا معشر المؤمنين أكثروا من الصلاة على سيد المرسلين، وخاتم النبيين، وارعوا في المقام الأمين، والتمتع بالحور العين، والنظر إلى وجه مولانا رب العالمين.
- الصلاة عليه مهر حواء أم البشر ومهر الحور العين:
قال ابن الجوزي في البستان ص:370: ذكر في بعض الأخبار أن آدم عليه السلام رفع رأسه فنظر على ساق العرش: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فقال آدم: يا رب من هذا الذي كتبت اسمه مع اسمك؟ فقال الله تعالى: يا آدم هو نبيي وصفيي وهو حبيبي، ولولاه ما خلقتك ولا خلقت جنة ولا ناراً. فلما خلق الله سبحانه حواء نظر آدم إليها فقال: يا رب زوجني منها، فقال الله تعالى: وما مهرها يا آدم؟ فقال : يا رب ما أعلم، قال الله تبارك وتعالى: يا آدم صلّ على محمد عشر مرات، فصلى آدم عليه كما أمره الجبار جل جلاله، فزوجه الله سبحانه منها وكان صداقها الصلاة على محمد المختار مهراً لأمة الملك الجبار، فكيف لا تكون صلاتنا عليه مهراً للحور العين في دار القرار، ومن دخل دار القرار نجا من عذاب النار، لأنه قال صلى الله عليه وسلمأكثركم علي صلاة أكثركم أزواجاً في الجنة).
- وعن عبد الله بن جراد رضي الله عنه قال: شهدت النبي صلى الله عليه وسلم فقالحجوا الفرائض فإنها أعظم من عشرين غزوة في سبيل الله وإن الصلاة علي تعدل ذالك كله) أخرجه الديلمي في مسند الفردوس عن طريق أبي نعيم بسند ضعيف.
-
نور لصاحبها وتنجي من أهوال القيامة
عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قالإن أنجاكم يوم القيامة من أهوالها ومواطنها أكثركم علي صلاة في دار الدنيا، أنه قد كان في الله وملائكته كفاية قال تعالى:{إن الله وملائكته يصلون على النبي، يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما}) خص بذلك المؤمنين ليثيبهم عليه.[الصلات والبشر:87].
وعن أنس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاليا أيها الناس إن أنجاكم يوم القيامة من أهوالها ومواطنها أكثركم علي صلاة في دار الدنيا).
وفي الجامع برمز الديلمي في مسند الفردوس قال صلى الله عليه وآله وسلمزينوا مجالسكم بالصلاة علي فإن الصلاة علي نور لكم يوم القيامة).
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلممن صلى علي يوم الجمعة مائة مرة جاء يوم القيامة ومعه نور لو قسم ذلك النور بين الخلائق كلهم لوسعهم) ذكر هذا الحديث الإمام الجزولي في الدلائل.
ينشئها الله شخصا ينجيك به من الكرب
يحكى عن الشبلي رضي الله عنه قال: مات رجل من جيراني فرأيته في المنام فقلت: ما فعل الله بك؟ فقال: يا شبلي مرت بي أهوال عظيمة وذلك أنه ارتج علي عند السؤال فقلت في نفسي: من أين أُتِيََ علي ألم أمت على الإسلام؟ فنوديت هذه عقوبة إهمالك للسانك في الدنيا، فلما همَّ بي الملكان حال بيني وبينهما رجل جميل الشخص طيب الرائحة فذكرني بحجتي فذكرتها، فقلت من أنت يرحمك الله؟ قال: أنا شخص خلقت من كثرة صلاتك على النبي صلى الله عليه وسلم، وأمرت أن أنصرك في كل كرب. ذكره ابن بشكوال. [القول البديع:121].
سبب لدخول الجنة وبراءة من النفاق والنار
قال النبي صلى الله عليه وسلممن صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه عشرا، ومن صلى علي عشرا صلى الله عليه مائة، ومن صلى علي مائة كتب الله بين عينيه براءة من النفاق وبراءة من النار وأسكنه يوم القيامة مع الشهداء) رواه الطبري في الأوسط والصغير عن أنس بن مالك رضي الله عنه. [ورد الصالحين:40].
وقال صلى الله عليه وسلممن صلى علي واحدة صلى الله عليه عشرا، ومن صلى علي عشرا صلى الله عليه مائة، ومن صلى علي مائة صلى الله عليه ألفا، ومن صلى علي ألفا زاحمت كتفي كتفه يوم القيامة على باب الجنة، وحرم الله جسده على النار) وكفى بهذه المزية شرفا لمن وفقه الله للصلاة على المصطفى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.
وعن أبي عبد الرحمان المقري قال بلغني أن خلاد بن كثير كان في النزع فوجد تحت رأسه رقعة مكتوب فيها: هذه براءة من النار لخلاد بن كثير. فسألواْ أهله ما كان عمله فقال أهله: كان يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم كل جمعة ألف مرة.[القول البديع:197].
سبب للدخول تحت ظل العرش
ويروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قالثلاثة تحت ظل عرش الله يوم القيامة يوم لا ظل إلا ظله. قيل من هم يا رسول الله؟ قال: من فرج عن مكروب من أمتي وأحيى سنتي وأكثر الصلاة علي) ذكره صاحب الدر المنظم ولم أقف على أصل معتمد إلا أن صاحب الفردوس عزاه لأنس بن مالك ولم يسند ولده، وعزاه غيره لفوائد الخلعي من حديث أبي هريرة .والله أعلم.[القول البديع:123].
وفي بستان الواعظين لابن الجوزي ص:345 : روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قالثلاثة يوم القيامة تحت عرش الله يوم لا ظل إلا ظله، قيل من هم يا رسول الله؟ قال: من فرج عن مكروب أمتي، ومن أحيى سنتي، ومن أكثر الصلاة علي){رواه الترمذي 484 في الوتر، وقال: حسن غريب، وانظر ضعيف الجامع1821}
فاجتهدوا رحمكم الله في التفريج لهموم المكروبين، وفي إحياء سنة خاتم النبيين، وفي الصلاة على سيد المرسلين وأكرم الخلق على رب العالمين.
وأنشدوا:
صلوا على خير الأنام كرامـة ******* وجلالة يا معشـر الإسـلام
فهو النبي المصطفى علم الهدى ******* وأدل من يدعو لسبـل قـوام
نطق الكتاب بفضلـه وجلالـه ******* وبفضله ننجو مـن الأسقـام
صلوا على خير البريـة كلهـا ******* ما لاح بدر تحت جنح ظلام
فهو السبيل لدار كـل كرامـة ******* وهو الدليل لجنـة وسـلام
وهو الشفيع لمن يديـن بدينـه ******* ولمن يلوذ بملـة الإسـلام
يتبع
رد: الصلاة عـلى النبي صلى الله عليه وسلم
سبب لورود الحوض والأمان من العطش
قال صاحب القول البديع ص 123-124: وفي بعض الآثار مما لم أقف على سنده: ( ليردن الحوض علي أقوام ما أعرفهم إلا بكثرة الصلاة علي ) صلى الله عليه وسلم.
وعن كعب الأحبار قال: أوصى الله عز وجل إلى موسى عليه السلام في بعض ما أوصى إليه: { يا موسى من يحمدني ما أنزلت من السماء قطرة ولا أنبت من الأرض ورقة، يا موسى لولا من يعبدني ما أمهلت من يعصيني طرفة عين، يا موسى لولا من يشهد أن لا إله إلا الله لسيلت جهنم على الدنيا، يا موسى إذا لقيت المساكين فسألهم كما تسأل الأغنياء فإن لم تفعل ذلك فاجعل كل شيء علمت أو قال عملت تحت التراب، يا موسى أتحب أن لا ينالك من عطش يوم القيامة؟ قال: إلهي نعم، قال: فأكثر الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم } رواه أبو القاسم التيمي في ترغيبه.
سبب لرجحان الميزان وحديث البطاقة
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: إن لآدم من الله موقفا في فسيح العرش عليه ثوبان أخضران كأنه نخلة سحوق [ أي طويلة بعد ثمرها عن المجتنى ] ينظر إلى من ينطلق به من ولده إلى الجنة وينظر إلى من لم ينطلق به من ولده إلى النار، قال: فبينما آدم على ذلك إذ نظر إلى رجل من أمة محمد صلى الله عليه وسلم منطلق به إلى النار، فينادي آدم يا أحمد، يا أحمد، فيقول: لبيك يا أبا البشر، فيقول: هذا رجل من أمتك منطلق به إلى النار، فأشد الميزر وأسرع في أثر الملائكة وأقول: يا رسل ربي قفوا، فيقولون: نحن الغلاظ الشداد الذين لا نعصي الله ما أمرنا ونفعل ما نؤمر، فإذا آيس النبي صلى الله عليه وسلم قبض على لحيته بيده اليسرى واستقبل العرش بيده فيقول: يا رب أليس قد وعدتني أن لا تخزيني في أمتي فيأتي النداء من عند العرش: أطيعوا محمدا وردوا هذا العبد إلى المقام، فاخرج من حجري بطاقة بيضاء كالأنملة فألقيها في كفة الميزان اليمنى وأنا أقول بسم الله فترجح الحسنات على السيئات فينادي سعد وسعد جده وثقلت موازينه انطلقوا به إلى الجنة فيقول العبد: يا رسل ربي قفوا حتى أكلم هذا العبد الكريم على ربه، فيقول: بأبي وأمي ما أحسن وجهك وأحسن خلقك فقد أقلتني عثرتي ورحمت عبرتي، فيقول: أنا نبيك محمد وهذه صلاتك التي كنت تصليها علي وقد وفتك أحوج ما كنت إليها) أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب من طريق كثير بن مرة الحضرمي عن عبد الله ومن طريق النميري وذكره ابن البنا وسنده هالك. [ القول البديع: 123 ].
وعند القرطبي في التذكرة، وفي الخبر: إذا خفت حسنات المؤمن أخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بطاقة كالأنملة فيلقيها في كفة الميزان اليمنى التي فيها حسناته فترجح الحسنات فيقول ذلك العبد المؤمن للنبي صلى الله عليه وسلم: بأبي أنت وأمي ما أحسن وجهك وما أحسن خلقك فمن أنت؟ فيقول: ( أنا نبيك محمد وهذه صلاتك علي التي كنت تصلي علي قد وفيتك إياها أحوج ما تكون إليها) ذكره القشيري في تفسيره.
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم..... ونصبت الموازين ودعي العباد إلى الحساب، فإذا دعي العبد أكثر الصلاة علي في دار الدنيا ووضع في كفة الميزان فيخف الميزان، وأقول للوزان: أرفق يرحمك الله فإن له عندي وديعة وصنيعة والكتب معي فيقول الوزان: يا حبيب الله أنت اليوم مطاع، ثم أجد فيك كتاب من الله براءة باسمه واسم أبيه وجده فأضعه في كفة الميزان فأدعو الله أن يرجح ميزانه) رواه أبو سعد في الوفا بشرف المصطفى.
سبب لتثبيت القدم على الصراط والجواز عليه
لحديث عبد الرحمان بن سمرة الذي رواه عنه سعيد بن المسيب في رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم: (.... ورأيت رجلا من أمتي يزحف على الصراط ويحبو أحيانا ويتعلق أحيانا، فجاءته صلاته علي فأقامته على قدميه وأنقذته) رواه أبو موسى المديني وبنى عليه كتابه في الترغيب والترهيب وقال: هذا حديث حسن جدا.
وفي تمام هذا الحديث من كتاب القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع 125: يقول صلى الله عليه وسلم: (.... ورأيت رجلا من أمتي يرعد على الصراط كما ترعد السعفة فجاءته صلاته علي فسكنت من رعدته ....).
وأنشد أعرابي يقول:
أنت النبي الذي ترجى شفاعته ****** عند الصراط إذا ما زلت القدم.
سبب لوفور نور العبد على الصراط
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( للمصلي علي نور على الصراط، ومن كان من أهل النور لم يكن من أهل النار).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الصلاة علي نور على الصراط، فمن صلى علي يوم الجمعة ثمانين مرة غفرت له ذنوب ثمانين عاما) أخرجه ابن شاهين، والحافظ ضياء الدين بسنده عن الدارقطني، وأورده السيوطي في الجامع الصغير5191 وعزاه للأزدي في الضعفاء والدارقطني في الأفراد عن أبي هريرة ورمز له بالحسن.
قال صاحب القول البديع ص 44: ويروى عنه صلى الله عليه وسلم مما لم أقف عليه أنه قال: ( الصلاة علي نور يوم القيامة عند ظلمة الصراط ومن أراد أن يكتال له بالمكيال الأوفى يوم القيامة فليكثر من الصلاة علي) ذكره صاحب الدر المنظم وعن يزيد بن عبد الله أنهم كانوا يستحبون أن يقولوا: اللهم صل على محمد النبي الأمي عليه السلام. أخرجه إسماعيل القاضي. قلت: ولا نغفل عن صلاة المكيال الأوفى [ يعني من الصلاة والأجر والثواب والرحمة والمغفرة ...] التي أوصى بها صلى الله عليه وآله وسلم لأنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
أنها نور لقائلها يوم القيامة ونور لوجه قائلها على الصراط
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( زينوا مجالسكم بالصلاة علي فإن صلاتكم علي نور لكم يوم القيامة) أخرجه الديلمي بسند ضعيف.
وقال الديلمي [445-509] في مسند الفردوس يرفعه: عن ابن عمر {رضي الله عنهما} قال: جاؤواْ برجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فشهدواْ عليه أنه سرق ناقة لهم، فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم فولى الرجل وهو يقول: اللهم صل على محمد حتى لا يبقى من صلاتك شيء، وبارك على محمد حتى لا يبقى من بركاتك شيء، وسلم على محمد حتى لا يبقى من سلامك شيء. فتكلم الجمل فقال: يا محمد، بريء من سرقتي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من يأتيني بالرجل؟ فابتدره سبعون من أهل المسجد، فجاؤواْ به إلى النبي، فقال [ رسول الله صلى الله عليه وسلم]: ما هذا ما قلت آنفاً وأنت مدبر؟ فأخبره بما قال، فقال النبي: لذلك نظرت إلى الملائكة يخترقون سِكك المدينة كادواْ يحولون بيني وبينك، ثم قال له: لتردن علي الصراط ووجهك أضوأ من القمر ليلة البدر) ذكره الإمام السيوطي.
يتبع
قال صاحب القول البديع ص 123-124: وفي بعض الآثار مما لم أقف على سنده: ( ليردن الحوض علي أقوام ما أعرفهم إلا بكثرة الصلاة علي ) صلى الله عليه وسلم.
وعن كعب الأحبار قال: أوصى الله عز وجل إلى موسى عليه السلام في بعض ما أوصى إليه: { يا موسى من يحمدني ما أنزلت من السماء قطرة ولا أنبت من الأرض ورقة، يا موسى لولا من يعبدني ما أمهلت من يعصيني طرفة عين، يا موسى لولا من يشهد أن لا إله إلا الله لسيلت جهنم على الدنيا، يا موسى إذا لقيت المساكين فسألهم كما تسأل الأغنياء فإن لم تفعل ذلك فاجعل كل شيء علمت أو قال عملت تحت التراب، يا موسى أتحب أن لا ينالك من عطش يوم القيامة؟ قال: إلهي نعم، قال: فأكثر الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم } رواه أبو القاسم التيمي في ترغيبه.
سبب لرجحان الميزان وحديث البطاقة
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: إن لآدم من الله موقفا في فسيح العرش عليه ثوبان أخضران كأنه نخلة سحوق [ أي طويلة بعد ثمرها عن المجتنى ] ينظر إلى من ينطلق به من ولده إلى الجنة وينظر إلى من لم ينطلق به من ولده إلى النار، قال: فبينما آدم على ذلك إذ نظر إلى رجل من أمة محمد صلى الله عليه وسلم منطلق به إلى النار، فينادي آدم يا أحمد، يا أحمد، فيقول: لبيك يا أبا البشر، فيقول: هذا رجل من أمتك منطلق به إلى النار، فأشد الميزر وأسرع في أثر الملائكة وأقول: يا رسل ربي قفوا، فيقولون: نحن الغلاظ الشداد الذين لا نعصي الله ما أمرنا ونفعل ما نؤمر، فإذا آيس النبي صلى الله عليه وسلم قبض على لحيته بيده اليسرى واستقبل العرش بيده فيقول: يا رب أليس قد وعدتني أن لا تخزيني في أمتي فيأتي النداء من عند العرش: أطيعوا محمدا وردوا هذا العبد إلى المقام، فاخرج من حجري بطاقة بيضاء كالأنملة فألقيها في كفة الميزان اليمنى وأنا أقول بسم الله فترجح الحسنات على السيئات فينادي سعد وسعد جده وثقلت موازينه انطلقوا به إلى الجنة فيقول العبد: يا رسل ربي قفوا حتى أكلم هذا العبد الكريم على ربه، فيقول: بأبي وأمي ما أحسن وجهك وأحسن خلقك فقد أقلتني عثرتي ورحمت عبرتي، فيقول: أنا نبيك محمد وهذه صلاتك التي كنت تصليها علي وقد وفتك أحوج ما كنت إليها) أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب من طريق كثير بن مرة الحضرمي عن عبد الله ومن طريق النميري وذكره ابن البنا وسنده هالك. [ القول البديع: 123 ].
وعند القرطبي في التذكرة، وفي الخبر: إذا خفت حسنات المؤمن أخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بطاقة كالأنملة فيلقيها في كفة الميزان اليمنى التي فيها حسناته فترجح الحسنات فيقول ذلك العبد المؤمن للنبي صلى الله عليه وسلم: بأبي أنت وأمي ما أحسن وجهك وما أحسن خلقك فمن أنت؟ فيقول: ( أنا نبيك محمد وهذه صلاتك علي التي كنت تصلي علي قد وفيتك إياها أحوج ما تكون إليها) ذكره القشيري في تفسيره.
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم..... ونصبت الموازين ودعي العباد إلى الحساب، فإذا دعي العبد أكثر الصلاة علي في دار الدنيا ووضع في كفة الميزان فيخف الميزان، وأقول للوزان: أرفق يرحمك الله فإن له عندي وديعة وصنيعة والكتب معي فيقول الوزان: يا حبيب الله أنت اليوم مطاع، ثم أجد فيك كتاب من الله براءة باسمه واسم أبيه وجده فأضعه في كفة الميزان فأدعو الله أن يرجح ميزانه) رواه أبو سعد في الوفا بشرف المصطفى.
سبب لتثبيت القدم على الصراط والجواز عليه
لحديث عبد الرحمان بن سمرة الذي رواه عنه سعيد بن المسيب في رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم: (.... ورأيت رجلا من أمتي يزحف على الصراط ويحبو أحيانا ويتعلق أحيانا، فجاءته صلاته علي فأقامته على قدميه وأنقذته) رواه أبو موسى المديني وبنى عليه كتابه في الترغيب والترهيب وقال: هذا حديث حسن جدا.
وفي تمام هذا الحديث من كتاب القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع 125: يقول صلى الله عليه وسلم: (.... ورأيت رجلا من أمتي يرعد على الصراط كما ترعد السعفة فجاءته صلاته علي فسكنت من رعدته ....).
وأنشد أعرابي يقول:
أنت النبي الذي ترجى شفاعته ****** عند الصراط إذا ما زلت القدم.
سبب لوفور نور العبد على الصراط
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( للمصلي علي نور على الصراط، ومن كان من أهل النور لم يكن من أهل النار).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الصلاة علي نور على الصراط، فمن صلى علي يوم الجمعة ثمانين مرة غفرت له ذنوب ثمانين عاما) أخرجه ابن شاهين، والحافظ ضياء الدين بسنده عن الدارقطني، وأورده السيوطي في الجامع الصغير5191 وعزاه للأزدي في الضعفاء والدارقطني في الأفراد عن أبي هريرة ورمز له بالحسن.
قال صاحب القول البديع ص 44: ويروى عنه صلى الله عليه وسلم مما لم أقف عليه أنه قال: ( الصلاة علي نور يوم القيامة عند ظلمة الصراط ومن أراد أن يكتال له بالمكيال الأوفى يوم القيامة فليكثر من الصلاة علي) ذكره صاحب الدر المنظم وعن يزيد بن عبد الله أنهم كانوا يستحبون أن يقولوا: اللهم صل على محمد النبي الأمي عليه السلام. أخرجه إسماعيل القاضي. قلت: ولا نغفل عن صلاة المكيال الأوفى [ يعني من الصلاة والأجر والثواب والرحمة والمغفرة ...] التي أوصى بها صلى الله عليه وآله وسلم لأنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
أنها نور لقائلها يوم القيامة ونور لوجه قائلها على الصراط
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( زينوا مجالسكم بالصلاة علي فإن صلاتكم علي نور لكم يوم القيامة) أخرجه الديلمي بسند ضعيف.
وقال الديلمي [445-509] في مسند الفردوس يرفعه: عن ابن عمر {رضي الله عنهما} قال: جاؤواْ برجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فشهدواْ عليه أنه سرق ناقة لهم، فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم فولى الرجل وهو يقول: اللهم صل على محمد حتى لا يبقى من صلاتك شيء، وبارك على محمد حتى لا يبقى من بركاتك شيء، وسلم على محمد حتى لا يبقى من سلامك شيء. فتكلم الجمل فقال: يا محمد، بريء من سرقتي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من يأتيني بالرجل؟ فابتدره سبعون من أهل المسجد، فجاؤواْ به إلى النبي، فقال [ رسول الله صلى الله عليه وسلم]: ما هذا ما قلت آنفاً وأنت مدبر؟ فأخبره بما قال، فقال النبي: لذلك نظرت إلى الملائكة يخترقون سِكك المدينة كادواْ يحولون بيني وبينك، ثم قال له: لتردن علي الصراط ووجهك أضوأ من القمر ليلة البدر) ذكره الإمام السيوطي.
يتبع
رد: الصلاة عـلى النبي صلى الله عليه وسلم
تغفر الذنوب وتكفّر الخطايا
قال ابن الجوزي في البستان ص:358: وأما محو الخطايا والأوزار: فما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلممن صلى علي في يوم الجمعة مائة مرة غفرت له ذنوب ثمانين سنة)، وقال صلى الله عليه وآله وصحبه وسلممن صلى علي مرة واحدة أمر الله حافظيه أن لا يكتبا عليه ذنباً ثلاثة أيام).
وعن أبي كاهل وله صحبة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلميا أبا كاهل من صلى علي كل يوم ثلاث مرات وكل ليلة ثلاث مرات حبا لي وشوقا إلي، كان حقا على الله أن يغفر له ذنوبه تلك الليلة وذلك اليوم) أخرجه ابن أبي عاصم في فضل الصلاة له والطبراني في حديث طويل.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلمإن لله سيارة من الملائكة إذا مروا بحلق الذكر قال بعضهم لبعض اقعدوا، فإذا دعا القوم أمّنوا على دعائهم، فإذا صلوا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلوا معهم حتى تفرقوا، ثم يقول بعضهم لبعض طوبى لهؤلاء يرجعون مغفورا لهم) رواه أبو القاسم التيمي في ترغيبه.
وفي التحفة المرضية في الأخبار القدسية والأحاديث النبوية: قيل أنه من صلى على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قائم غفر له قبل أن يجلس، ومن صلى عليه وهو جالس غفر له قبل أن يقوم، ومن صلى عليه وهو نائم غفر له قبل أن يستيقظ من منامه، وذلك أن العبد إذا عاش ما شاء الله وهو على غير التوحيد فإذا أراد الله به خيرا ألهمه التوحيد وكلمة الشهادة، فأتى إلى بعض المسلمين يلقنه الشهادة ويكررها عليه، ثم يقول بعد ذلك: صل على النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا فعل ذلك وحسن إسلامه وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، فإن كان قائما غفر له قبل أن يجلس، وإن كان قاعدا غفر له قبل أن يقوم:
صلوا على خير الأنـام محمـد ***** إن الصلاة عليه نـور يعقد
من كان صلى عليه قائما يغفر له ***** قبل القعود وللمتاب يجـدد
وكذاك إن صلـى عليـه قاعـدا ***** يغفر له قبل القيام ويرشـد
{حكاية}: قيل إن امرأة كان لها ولد مسرف على نفسه، وكانت أمه تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر، والقضاء والقدر غالبان عليه، فمات وهو مصر على ذلك فحزنت أمه عليه حيث مات من غير توبة، فطلبت من الله أن تراه في المنام فرأته وهو يعذب، فازدادت عليه حزنا، فلما كانت بعد مدة رأته وهو على هيئة حسنة وهو فرح مسرور، فسألته عن حاله وقالت له: رأيتك تعذب ثم رأيتك تنعم، فبم نلت هذا؟ فقال مرّ رجل مسرف على نفسه بالقرافة التي أنا فيها، فنظر إلى القبور وتفكر في البعث والنشور، واعتبر بالموتى فبكى على زلته، وندم علىخطيئته، وتاب إلى الله تعالى وعقد التوبة على أن لا يعود ففرحت بتوبته ملائكة السماء، ثم إنه لما تاب وعلم الله صدق نيته قرأ شيئا من القرآن وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم عشر مرات، ثم صلى الحادية عشرة وأهدى ثوابها لأهل القرافة، فقسم ثوابها علينا، فنابني من ذلك جزء، فغفر الله لي وحصل لي من الخير ما ترين، فاعلمي يا أماه أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم نور في القبر، وتكفير للذنوب، ورحمة للأحياء والأموات.
وقيل إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يزل يسأل في أمته حتى قيل له: أما ترضى وقد أنزل الله عليك{وإن الله لذو مغفرة للناس على ظلمهم} فقد كان رسول الله مشغولا بنا أيام حياته وبعد وفاته حيث لم يترك شيئا يقرب أمته إلى الله ويبعدها عن النار إلا أمرها به، فكيف بالعبد لا يشتغل طول حياته بالصلاة عليه صلى الله وسلم عليه.
تكشف الكروب وتكثر الأرزاق
قال صاحب خزينة الأسرار ص:201-202: وأخرج ابن منده عن جابر رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلممن صلى علي كل يوم مائة مرة {وفي رواية: من صلى علي في اليوم مائة مرة} قضى الله له مائة حاجة، سبعين في الآخرة وثلاثين في الدنيا).
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قالمن أكثر الصلاة علي أغناه الله تعالى غنى لا فقر بعده)، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قالمن صلى علي كل يوم خمسمائة مرة لم يفتقر أبدا)، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قالأكثروا من الصلاة علي فإنها تحل العقد وتفرج الكروب) كذا في النزهة...
وروي أنه صلى الله عليه وسلم قالمن عسرت عليه حاجة {وفي رواية: حاجته} فليكثر بالصلاة علي. {وفي رواية: فأكثر بالصلاة علي} فإنها تكشف الهموم والغموم والكروب وتكثر الأرزاق وتقضي الحوائج)، وقال الإمام السيوطي إن هذه الأحاديث صحيحة، وإن كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تكثر الأرزاق والبركات وتقضي الحوائج وتكشف الهموم والغموم والكروب، كلها بالمشاهدة والتجربة بين السلف والخلف، وأن التوسل بالصلاة والسلام على سيد الأنام في الأمور كلها واقع بين الإنس والجن والملائكة كما دلت عليه الآيات والأحاديث المذكورة، كما ورد في الحديث بإسناده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قالرأيت ليلة المعراج ملكا ساقطا على وجهه منزوع الأجنحة، متغير الصورة، فقلت: يا جبريل من هذا الملك وما شأنه؟ قال: هذا الملك كان من المقربين، بعثه الله تعالى إلى هلاك قوم، فاستبطأ شفقة عليهم، فغضب الله عليه من أربعة آلاف سنة، كما ترى، فقلت: ما له من توبة؟ فأوحى الله تعالى إلي: أن توبته أن يصلي عليك عشر مرات، فصلى الملك عليه عشر مرات، فعاد الملك إلى مقامه الأول{...}) كذا في بحر الأنوار.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قالجاءني جبريل بنضرة وبشاشة، فقلت: يا جبريل ما رأيت مثل ما رأيت الآن، فقال: يا رسول الله ألا أخبرك بعجائب؟ قلت: نعم، قال: لما بلغت إلى جبل قاف، سمعت أنينا وبكاء وتضرعا من ورائه، فذهبت إليه، رأيت ملكا إذ هو ملك مقرب كسر جناحاه، فوجهه مطين بدموع عينيه وجرى مجراه الدم، فعرفني وعرفته فإنه ملك مقرب في السماء على سريره وحوله سبعون ألف ملك صفا يخدمون ذلك الملك، وكان كل نفس من نفسه يخلق الله تعالى منه ملكا، فقلت له ما جرمك؟ قال لما جاء صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج، فاستقبل وقام له أهل السماء إكراما له، فأنا مشغول بما وكلت به فإكرامي إليه لم يكن تماما{وفي رواية: وأنا على سريري فمرّ بي محمد صلى الله عليه وسلم فما قمت له} فعاقبني الله بهذه العقوبة وجعلني في هذا المكان كما ترى، فتضرعت إلى الله تعالى وشفعته{وفي رواية: فأردت أن أشفعه} فقال رب العالمين: لا أقبل شفاعتك حتى تصلي على حبيبي محمد صلى الله عليه وسلم عشر مرات، فعفا الله عنه البلاء وأنبت جناحه ببركة الصلاة عليك وأعطاه المنزل الأول).
وكذلك إذا ابتلي المؤمن بالمصائب والأمراض والغموم والكروب، أو بطلب المناصب والجاه، أو ابتلي بالفقر والذلة وغيرها، أو بعزل عن منصب وهو يريد أن يناله، أو بنزول الآفات السماوية وظهور البلايا الأرضية وهو يريد دفعها، فليكثر من الصلاة والسلام على سيد الأنام في الليالي والأيام فإنه ببركتها ينال مرامه والمقام. كذا ذكره الإمام الدينوري في المجالسة، ومذكور في حياة القلوب والمرآة ودرة الواعظين.
قال الإمام الجزولي في الدلائل أنه صلى الله عليه وسلم قالمن عسرت عليه حاجة فليكثر بالصلاة علي فإنها تكشف الهموم والغموم والكروب وتكثر الأرزاق وتقضي الحوائج).
وقال ابن الجوزي: وأما قضاء الحوائج والأوطار: فمما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قالمن عسرت عليه حاجة فليكثر من الصلاة علي فإنها تحل العقد، وتكشف الهم والحزن، وتكثر الأرزاق).
وأنشدوا:
كم بالصلاة عليه فاز من رجـل ***** وكم رأيت بها في الشدة الفرجا.
وقال أيضا: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قالمن عسر عليه شيء فليكثر من الصلاة علي فإنها تحل العقد، وتكشف الكرب)، في دار الامتحان، فأولى أن تنجي في الآخرة من النيران في الدار الباقية.
{حكاية}: قال الفيروز أبادي في كتاب الصلات والبشر: أخبرني العلامة أبو عبد الله محمد بن يوسف بن الحسن محدث مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم مشافهة قال: نقل الإمام عمر بن علي اللخمي المالكي قال: أخبرني الشيخ الصالح موسى الضرير: أنه ركب في مركب في البحر المالح، قال: وقامت علينا ريح تسمى الإقلابية قلّ من ينجو منها من الغرق، فضج الناس خوفا من الغرق، قال: فغلبتني عيناي فنمت، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: قل لأهل المركب يقولوا ألف مرة:{اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد صلاة تنجينا بها من جميع الأهوال والآفات، وتقضي لنا بها جميع الحاجات، وتطهرنا بها من جميع السيئات، وترفعنا بها أعلى الدرجات، وتبلغنا بها أقصى الغايات من جميع الخيرات في الحياة وبعد الممات} قال: فاستيقظت وأعلمت أهل المركب بالرؤيا، فصلينا نحو ثلاثمائة مرة ففرج الله عنا، هذا أو قريبا منه.
قال ابن الجوزي في البستان ص:358: وأما محو الخطايا والأوزار: فما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلممن صلى علي في يوم الجمعة مائة مرة غفرت له ذنوب ثمانين سنة)، وقال صلى الله عليه وآله وصحبه وسلممن صلى علي مرة واحدة أمر الله حافظيه أن لا يكتبا عليه ذنباً ثلاثة أيام).
وعن أبي كاهل وله صحبة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلميا أبا كاهل من صلى علي كل يوم ثلاث مرات وكل ليلة ثلاث مرات حبا لي وشوقا إلي، كان حقا على الله أن يغفر له ذنوبه تلك الليلة وذلك اليوم) أخرجه ابن أبي عاصم في فضل الصلاة له والطبراني في حديث طويل.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلمإن لله سيارة من الملائكة إذا مروا بحلق الذكر قال بعضهم لبعض اقعدوا، فإذا دعا القوم أمّنوا على دعائهم، فإذا صلوا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلوا معهم حتى تفرقوا، ثم يقول بعضهم لبعض طوبى لهؤلاء يرجعون مغفورا لهم) رواه أبو القاسم التيمي في ترغيبه.
وفي التحفة المرضية في الأخبار القدسية والأحاديث النبوية: قيل أنه من صلى على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قائم غفر له قبل أن يجلس، ومن صلى عليه وهو جالس غفر له قبل أن يقوم، ومن صلى عليه وهو نائم غفر له قبل أن يستيقظ من منامه، وذلك أن العبد إذا عاش ما شاء الله وهو على غير التوحيد فإذا أراد الله به خيرا ألهمه التوحيد وكلمة الشهادة، فأتى إلى بعض المسلمين يلقنه الشهادة ويكررها عليه، ثم يقول بعد ذلك: صل على النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا فعل ذلك وحسن إسلامه وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، فإن كان قائما غفر له قبل أن يجلس، وإن كان قاعدا غفر له قبل أن يقوم:
صلوا على خير الأنـام محمـد ***** إن الصلاة عليه نـور يعقد
من كان صلى عليه قائما يغفر له ***** قبل القعود وللمتاب يجـدد
وكذاك إن صلـى عليـه قاعـدا ***** يغفر له قبل القيام ويرشـد
{حكاية}: قيل إن امرأة كان لها ولد مسرف على نفسه، وكانت أمه تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر، والقضاء والقدر غالبان عليه، فمات وهو مصر على ذلك فحزنت أمه عليه حيث مات من غير توبة، فطلبت من الله أن تراه في المنام فرأته وهو يعذب، فازدادت عليه حزنا، فلما كانت بعد مدة رأته وهو على هيئة حسنة وهو فرح مسرور، فسألته عن حاله وقالت له: رأيتك تعذب ثم رأيتك تنعم، فبم نلت هذا؟ فقال مرّ رجل مسرف على نفسه بالقرافة التي أنا فيها، فنظر إلى القبور وتفكر في البعث والنشور، واعتبر بالموتى فبكى على زلته، وندم علىخطيئته، وتاب إلى الله تعالى وعقد التوبة على أن لا يعود ففرحت بتوبته ملائكة السماء، ثم إنه لما تاب وعلم الله صدق نيته قرأ شيئا من القرآن وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم عشر مرات، ثم صلى الحادية عشرة وأهدى ثوابها لأهل القرافة، فقسم ثوابها علينا، فنابني من ذلك جزء، فغفر الله لي وحصل لي من الخير ما ترين، فاعلمي يا أماه أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم نور في القبر، وتكفير للذنوب، ورحمة للأحياء والأموات.
وقيل إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يزل يسأل في أمته حتى قيل له: أما ترضى وقد أنزل الله عليك{وإن الله لذو مغفرة للناس على ظلمهم} فقد كان رسول الله مشغولا بنا أيام حياته وبعد وفاته حيث لم يترك شيئا يقرب أمته إلى الله ويبعدها عن النار إلا أمرها به، فكيف بالعبد لا يشتغل طول حياته بالصلاة عليه صلى الله وسلم عليه.
تكشف الكروب وتكثر الأرزاق
قال صاحب خزينة الأسرار ص:201-202: وأخرج ابن منده عن جابر رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلممن صلى علي كل يوم مائة مرة {وفي رواية: من صلى علي في اليوم مائة مرة} قضى الله له مائة حاجة، سبعين في الآخرة وثلاثين في الدنيا).
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قالمن أكثر الصلاة علي أغناه الله تعالى غنى لا فقر بعده)، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قالمن صلى علي كل يوم خمسمائة مرة لم يفتقر أبدا)، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قالأكثروا من الصلاة علي فإنها تحل العقد وتفرج الكروب) كذا في النزهة...
وروي أنه صلى الله عليه وسلم قالمن عسرت عليه حاجة {وفي رواية: حاجته} فليكثر بالصلاة علي. {وفي رواية: فأكثر بالصلاة علي} فإنها تكشف الهموم والغموم والكروب وتكثر الأرزاق وتقضي الحوائج)، وقال الإمام السيوطي إن هذه الأحاديث صحيحة، وإن كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تكثر الأرزاق والبركات وتقضي الحوائج وتكشف الهموم والغموم والكروب، كلها بالمشاهدة والتجربة بين السلف والخلف، وأن التوسل بالصلاة والسلام على سيد الأنام في الأمور كلها واقع بين الإنس والجن والملائكة كما دلت عليه الآيات والأحاديث المذكورة، كما ورد في الحديث بإسناده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قالرأيت ليلة المعراج ملكا ساقطا على وجهه منزوع الأجنحة، متغير الصورة، فقلت: يا جبريل من هذا الملك وما شأنه؟ قال: هذا الملك كان من المقربين، بعثه الله تعالى إلى هلاك قوم، فاستبطأ شفقة عليهم، فغضب الله عليه من أربعة آلاف سنة، كما ترى، فقلت: ما له من توبة؟ فأوحى الله تعالى إلي: أن توبته أن يصلي عليك عشر مرات، فصلى الملك عليه عشر مرات، فعاد الملك إلى مقامه الأول{...}) كذا في بحر الأنوار.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قالجاءني جبريل بنضرة وبشاشة، فقلت: يا جبريل ما رأيت مثل ما رأيت الآن، فقال: يا رسول الله ألا أخبرك بعجائب؟ قلت: نعم، قال: لما بلغت إلى جبل قاف، سمعت أنينا وبكاء وتضرعا من ورائه، فذهبت إليه، رأيت ملكا إذ هو ملك مقرب كسر جناحاه، فوجهه مطين بدموع عينيه وجرى مجراه الدم، فعرفني وعرفته فإنه ملك مقرب في السماء على سريره وحوله سبعون ألف ملك صفا يخدمون ذلك الملك، وكان كل نفس من نفسه يخلق الله تعالى منه ملكا، فقلت له ما جرمك؟ قال لما جاء صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج، فاستقبل وقام له أهل السماء إكراما له، فأنا مشغول بما وكلت به فإكرامي إليه لم يكن تماما{وفي رواية: وأنا على سريري فمرّ بي محمد صلى الله عليه وسلم فما قمت له} فعاقبني الله بهذه العقوبة وجعلني في هذا المكان كما ترى، فتضرعت إلى الله تعالى وشفعته{وفي رواية: فأردت أن أشفعه} فقال رب العالمين: لا أقبل شفاعتك حتى تصلي على حبيبي محمد صلى الله عليه وسلم عشر مرات، فعفا الله عنه البلاء وأنبت جناحه ببركة الصلاة عليك وأعطاه المنزل الأول).
وكذلك إذا ابتلي المؤمن بالمصائب والأمراض والغموم والكروب، أو بطلب المناصب والجاه، أو ابتلي بالفقر والذلة وغيرها، أو بعزل عن منصب وهو يريد أن يناله، أو بنزول الآفات السماوية وظهور البلايا الأرضية وهو يريد دفعها، فليكثر من الصلاة والسلام على سيد الأنام في الليالي والأيام فإنه ببركتها ينال مرامه والمقام. كذا ذكره الإمام الدينوري في المجالسة، ومذكور في حياة القلوب والمرآة ودرة الواعظين.
قال الإمام الجزولي في الدلائل أنه صلى الله عليه وسلم قالمن عسرت عليه حاجة فليكثر بالصلاة علي فإنها تكشف الهموم والغموم والكروب وتكثر الأرزاق وتقضي الحوائج).
وقال ابن الجوزي: وأما قضاء الحوائج والأوطار: فمما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قالمن عسرت عليه حاجة فليكثر من الصلاة علي فإنها تحل العقد، وتكشف الهم والحزن، وتكثر الأرزاق).
وأنشدوا:
كم بالصلاة عليه فاز من رجـل ***** وكم رأيت بها في الشدة الفرجا.
وقال أيضا: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قالمن عسر عليه شيء فليكثر من الصلاة علي فإنها تحل العقد، وتكشف الكرب)، في دار الامتحان، فأولى أن تنجي في الآخرة من النيران في الدار الباقية.
{حكاية}: قال الفيروز أبادي في كتاب الصلات والبشر: أخبرني العلامة أبو عبد الله محمد بن يوسف بن الحسن محدث مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم مشافهة قال: نقل الإمام عمر بن علي اللخمي المالكي قال: أخبرني الشيخ الصالح موسى الضرير: أنه ركب في مركب في البحر المالح، قال: وقامت علينا ريح تسمى الإقلابية قلّ من ينجو منها من الغرق، فضج الناس خوفا من الغرق، قال: فغلبتني عيناي فنمت، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: قل لأهل المركب يقولوا ألف مرة:{اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد صلاة تنجينا بها من جميع الأهوال والآفات، وتقضي لنا بها جميع الحاجات، وتطهرنا بها من جميع السيئات، وترفعنا بها أعلى الدرجات، وتبلغنا بها أقصى الغايات من جميع الخيرات في الحياة وبعد الممات} قال: فاستيقظت وأعلمت أهل المركب بالرؤيا، فصلينا نحو ثلاثمائة مرة ففرج الله عنا، هذا أو قريبا منه.
رد: الصلاة عـلى النبي صلى الله عليه وسلم
سبب لقضاء الحوائج وتقضى بها مائة من حوائج الدنيا والآخرة بل أكثر
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من صلى علي يوم الجمعة وليلة الجمعة مائة مرة قضى الله تعالى له مائة حاجة: سبعين من حوائج الآخرة وثلاثين من حوائج الدنيا، ثم يوكل الله تعالى بذلك ملكا يدخله في قبري كما تدخل عليكم الهدايا، يخبرني من صلى علي باسمه ونسبه إلى عشيرته، فأثبته عندي في صحيفة بيضاء ) ذكره البيهقي في الجزء الذي ذكر فيه حياة الأنبياء، وابن بشكوال الحافظ وغيرهما.
قال أحمد بن موسى الحافظ يرفعه.. عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من صلى علي مائة صلاة حين يصلي الصبح قبل أن يتكلم قضى الله له مائة حاجة عجل له منها ثلاثين حاجة وأخر له سبعين، وفي المغرب مثل ذلك. قالوا: وكيف الصلاة عليك يا رسول الله؟ قال: إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما اللهم صل عليه، حتى تعد مائة ).
وروى الشيخ أبو جعفر بن وداعة أنه صلى الله عليه وسلم قال: ( من جعل عبادته كلها صلاة علي قضى الله له حوائج الدنيا والآخرة ). ثم قال: وأمر النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه أن يجعلوا أورادهم صلاة عليه لما علم في ذلك من الفضل والثواب.
وقال الطبراني يرفعه.. حدثنا عبد الله بن أبي أوفي قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ( من كان له إلى الله عز وجل حاجة فليتوضأ وليحسن وضوءه وليركع ركعتين وليثن على الله عز وجل وليصل على النبي صلى الله عليه وسلم وليقل: لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله سبحان الله رب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين، أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل ذنب، لا تدع لي هما إلا فرجته، ولا تدع لي ذنبا إلا غفرته ولا حاجة لك فيها رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين).
وقال إبراهيم بن الجنيد يرفعه.. عن ابن مسعود قال: [ إذا أردت أن تسأل حاجة فابدأ بالمدحة والتحميد والثناء على الله عز وجل بما هو أهله، ثم صل على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ادع بعد، فإن ذلك أحرى أن تصيب حاجتك ] . [جلاء الأفهام: 256-257].
قال ابن الجوزي في البستان ص355: روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أنه قال: ( من عسرت عليه حاجة من أمر دينه أو دنياه فليكثر من الصلاة علي، فإن الله يستحي أن يرد عبده في حاجة إذا كان دعاءه بين صلاتين علي، صلاة قبل السؤال وصلاة بعد السؤال ) وهذا والله غاية الجاه والحب لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم. اللهم صل على محمد صلاة تزلف بها مثواه، وتشرف بها عقباه، وتبلغه بها يوم القيامة من الشفاعة رضاه ومناه.
قال أيضا: وأما قضاء الحوائج والأوطار، فمما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: ( الدعاء بين الصلاتين لا يرد ). وروي أن رجلا قال: يا رسول الله أي الدعاء أفضل؟ قال: ( الصلاة علي، قال: أجعل ثلث عبادتي الصلاة عليك؟ قال صلى الله عليه وسلم: إذا كُـفيت، قال: أجعل جميع عبادتي الصلاة عليك؟ قال: من جعل جميع عبادته الصلاة علي قضى الله له جميع حوائج الدنيا والآخرة ) {أخرجه الترمذي 2457 وقال: حسن صحيح، الحاكم2/421 في مستدركه، وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي وهو كما قالا }. وهذا كله مع أداء الفرائض.
سبب لكفاية العبد كل ما أهمه من هموم الدنيا والآخرة
من أعظم أبواب الفرج الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم دائما أبدا، وقد بين صلى الله عليه وسلم ذلك بنفسه كما جاء في الحديث عن أبي كعب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ثلثا [ وفي رواية: ربع ] الليل قام فقال: ( أيها الناس اذكروا الله، اذكروا الله، جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه، جاء الموت بما فيه، قال: أبي بن كعب فقلت: يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي؟ قال: ما شئت، قلت: الربع؟ قال: ما شئت، وإن زدت فهو خير لك. قلت: النصف ؟ قال: ما شئت، وإن زدت فهو خير لك. قلت: الثلثين ؟ قال: ما شئت، وإن زدت فهو خير لك. قلت: أجعل { لك } صلاتي كلها ؟ قال: إذا {يكفى} تكفى همك ويغفر لك ذنبك ) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح والحاكم صححه ووافقه الذهبي.{ لأن من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم صلاة صلى الله عليه بها عشرا، ومن صلى الله عليه كفاه همه وغفر له ذنبه } هذا معنى كلام ابن تيمية رحمه الله في تفسير { إذا تكفى همك ويغفر ذنبك }.
وفي رواية للإمام أحمد عنه قال: قال رجل: يا رسول الله أرأيت إن جعلت صلاتي كلها عليك؟ قال: ( إذا يكفيك الله تبارك وتعالى ما أهمك من دنياك وآخرتك ) وإسناد هذه جيد. قوله أكثر الصلاة فكم أجعل لك من صلاتي؟ معناه أكثر الدعاء فكم أجعل لك من دعائي صلاة عليك؟.
وعن محمد بن يحيى بن حبان عن أبيه عن جده رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله أجعل ثلث صلاتي عليك؟ قال: نعم إن شئت، قال: الثلثين؟ قال: نعم إن شئت، قال: فصلاتي كلها؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا يكفيك الله ما أهمك من أمر دنياك وآخرتك ) رواه الطبراني بإسناد حسن.
وعن يعقوب بن زيد بن طلحة التيمي يرفعه: ( أتاني آت من ربي فقال: يا رسول الله أجعل نصف دعائي لك؟ قال: إن شئت، قال ثلثي دعائي؟ قال: إن شئت، قال: أجعل دعائي لك كله؟ قال: ( إذا يكفيك الله هم الدنيا والآخرة ) رواه إسماعيل القاضي وابن عاصم، وهو صحيح مرسل الإسناد.
وأخرج الإمام أحمد والحاكم والبيهقي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ( يا رسول الله أفلا أجعل ثلث دعائي في الصلاة عليك؟ قال: فإن زدت فهو أفضل، قال: أجعل الثلثين؟ قال: فإن زدت فهو أفضل، قال بأبي وأمي يا رسول الله أجعل دعائي كله الصلاة عليك؟ قال: إذن يكفيك الله أمرك من دنياك وآخرتك ) كذا في بحر الأنوار.
قال صاحب أبواب الفرج السيد الحسني المالكي: ومعلوم أن العبد إذا كفاه الله ما أهمه من أمور دنياه فقد دخل في دائرة الألطاف، وأمن من كل ما يخاف، وحصلت له الوقاية التامة من جميع الآفات، وحمل في سفينة النجاة، ومعنى ذلك: أنه يحفظ من كل ما يوجب الهم من فقر ودين وقهر وذل ومرض وخوف وغير ذلك من العوارض والنوازل، ويكون حينئذ قد ضمن صلاح أموره الدنيوية، وإذا كان له مع ذلك مغفرة الذنوب التي تكون بها النجاة من كل سوء في مواقف يوم القيامة حتى يدخل الجنة بسلام، فيكون قد ضمن صلاح أموره الأخروية. وما الذي يرجوه العبد فوق ذلك، وهذا كله يناله ببركة الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو صلاح أموره الدنيوية والأخروية.
حكايات وروايات وردت في أنها سبب في النجاة من بلاء الدنيا وعذاب الآخرة
حكي أن يهوديا كان ادعى بسرقة جمل على رجل مسلم فشهد عليه شاهدان من المنافقين زورا فحكم النبي عليه السلام بالجمل لليهودي وقطع يد المسلم، فتحير المسلم فرفع رأسه إلى السماء فقال: إلهي ومولاي أنت تعلم بأني لم أسرق هذا الجمل ثم قال: يا رسول الله إن حكمك حق ولكن استخبر عني هذا الجمل، فقال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم: يا جمل لمن أنت؟ فقال الجمل بلسان فصيح: يا رسول الله أنا لهذا المسلم وإن هؤلاء الشهود لكاذبون، فقال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم: يا مسلم أخبرني ماذا تفعل حتى أنطق الله تعالى الجمل في حقك؟ فقال المسلم: يا رسول الله أنا لا أنام الليل حتى أصلي عليك عشر صلوات فقال النبي عليه السلام: نجوت من القطع في الدنيا وتنجو من عذاب الآخرة في العقبى ببركة صلاتك علي ) [ذرة الواعظين ] .
ذكر الإمام الحافظ جلال الدين السيوطي في الباهر: قال الطبراني [260-360] في الكبير: يرفعه: قال زيد بن ثابت: غدونا يوما مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى كنا في مجمع طرق المدينة فبَصُرنا بأعرابي أخذ بخِطام بعيره حتى وقف على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ونحن حوله، فقال: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، فرد النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: فكيف أصبحت ؟ ورغا البعير وجاء رجل [كان حرسيا ] فقال: [ الحرسي ] يا رسول الله، هذا الأعرابي سرق البعير فرَغا ساعةً وحن، فأنصت له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فسمع رغاءه وحنينه، فلما سكن هذا البعير، أقبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم على الحرسي فقال: انصرف عنه فإن البعير شهد عليك أنك كاذب. فانصرف الحرسي وأقبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم على الأعرابي فقال: أي شيء قلت حين جئتني؟ قال: قلت بأبي أنت وأمي:{ اللهم صل على محمد حتى لا تبقى صلاة، اللهم وبارك على محمد حتى لا تبقى بركة، اللهم وسلم على محمد حتى لا يبقى سلام، اللهم وارحم محمدا حتى لا تبقى رحمة } فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أن الله عز وجل أبداها لي، والبعير ينطق بعذره، وإن الملائكة قد سدوا الأفق ).
وقال: قال الحاكم [321-405] في المستدرك يرفعه: عن عبد الله بن عمر{رضي الله عنهما} قال: كنا جلوسا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ دخل أعرابي جوهري، بدوي يماني، على ناقة حمراء، فأناخ بباب المسجد فدخل فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قعد. فلما قضى تحيته قالواْ: يا رسول الله إن الناقة التي تحت الأعرابي سَرِقَةٌ، قال: أثم بينة؟ قالواْ نعم يا رسول الله، قال: يا علي، خذ حق الله من الأعرابي إن قامت عليه البينة، وإن لم تقم فرده إلي، فأطرق الأعرابي ساعة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: قم يا أعرابي لأمر الله وإلا فأدل بحجتك، فقالت الناقة من خلف الباب: والذي بعثك بالكرامة يا رسول الله، إن هذا ما سرقني، ولا ملكني أحد سواه. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: يا أعرابي بالذي أنطقها بعذرك ما الذي قلت؟ قال: قلت: { اللهم إنك لست برب استحدثناك ولا معك إله أعانك على خلقنا ولا معك رب فنشك في ربوبيتك، أنت ربنا كما نقول وفوق ما يقول القائلون، أسألك أن تصلي على محمد وأن تبرئني ببراءتي }، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: والذي بعثني بالكرامة يا أعرابي لقد رأيت الملائكة يبتدرون أفواه الأزقة يكتبون مقالتك، فأكثر الصلاة علي).
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من صلى علي يوم الجمعة وليلة الجمعة مائة مرة قضى الله تعالى له مائة حاجة: سبعين من حوائج الآخرة وثلاثين من حوائج الدنيا، ثم يوكل الله تعالى بذلك ملكا يدخله في قبري كما تدخل عليكم الهدايا، يخبرني من صلى علي باسمه ونسبه إلى عشيرته، فأثبته عندي في صحيفة بيضاء ) ذكره البيهقي في الجزء الذي ذكر فيه حياة الأنبياء، وابن بشكوال الحافظ وغيرهما.
قال أحمد بن موسى الحافظ يرفعه.. عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من صلى علي مائة صلاة حين يصلي الصبح قبل أن يتكلم قضى الله له مائة حاجة عجل له منها ثلاثين حاجة وأخر له سبعين، وفي المغرب مثل ذلك. قالوا: وكيف الصلاة عليك يا رسول الله؟ قال: إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما اللهم صل عليه، حتى تعد مائة ).
وروى الشيخ أبو جعفر بن وداعة أنه صلى الله عليه وسلم قال: ( من جعل عبادته كلها صلاة علي قضى الله له حوائج الدنيا والآخرة ). ثم قال: وأمر النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه أن يجعلوا أورادهم صلاة عليه لما علم في ذلك من الفضل والثواب.
وقال الطبراني يرفعه.. حدثنا عبد الله بن أبي أوفي قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ( من كان له إلى الله عز وجل حاجة فليتوضأ وليحسن وضوءه وليركع ركعتين وليثن على الله عز وجل وليصل على النبي صلى الله عليه وسلم وليقل: لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله سبحان الله رب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين، أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل ذنب، لا تدع لي هما إلا فرجته، ولا تدع لي ذنبا إلا غفرته ولا حاجة لك فيها رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين).
وقال إبراهيم بن الجنيد يرفعه.. عن ابن مسعود قال: [ إذا أردت أن تسأل حاجة فابدأ بالمدحة والتحميد والثناء على الله عز وجل بما هو أهله، ثم صل على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ادع بعد، فإن ذلك أحرى أن تصيب حاجتك ] . [جلاء الأفهام: 256-257].
قال ابن الجوزي في البستان ص355: روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أنه قال: ( من عسرت عليه حاجة من أمر دينه أو دنياه فليكثر من الصلاة علي، فإن الله يستحي أن يرد عبده في حاجة إذا كان دعاءه بين صلاتين علي، صلاة قبل السؤال وصلاة بعد السؤال ) وهذا والله غاية الجاه والحب لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم. اللهم صل على محمد صلاة تزلف بها مثواه، وتشرف بها عقباه، وتبلغه بها يوم القيامة من الشفاعة رضاه ومناه.
قال أيضا: وأما قضاء الحوائج والأوطار، فمما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: ( الدعاء بين الصلاتين لا يرد ). وروي أن رجلا قال: يا رسول الله أي الدعاء أفضل؟ قال: ( الصلاة علي، قال: أجعل ثلث عبادتي الصلاة عليك؟ قال صلى الله عليه وسلم: إذا كُـفيت، قال: أجعل جميع عبادتي الصلاة عليك؟ قال: من جعل جميع عبادته الصلاة علي قضى الله له جميع حوائج الدنيا والآخرة ) {أخرجه الترمذي 2457 وقال: حسن صحيح، الحاكم2/421 في مستدركه، وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي وهو كما قالا }. وهذا كله مع أداء الفرائض.
سبب لكفاية العبد كل ما أهمه من هموم الدنيا والآخرة
من أعظم أبواب الفرج الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم دائما أبدا، وقد بين صلى الله عليه وسلم ذلك بنفسه كما جاء في الحديث عن أبي كعب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ثلثا [ وفي رواية: ربع ] الليل قام فقال: ( أيها الناس اذكروا الله، اذكروا الله، جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه، جاء الموت بما فيه، قال: أبي بن كعب فقلت: يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي؟ قال: ما شئت، قلت: الربع؟ قال: ما شئت، وإن زدت فهو خير لك. قلت: النصف ؟ قال: ما شئت، وإن زدت فهو خير لك. قلت: الثلثين ؟ قال: ما شئت، وإن زدت فهو خير لك. قلت: أجعل { لك } صلاتي كلها ؟ قال: إذا {يكفى} تكفى همك ويغفر لك ذنبك ) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح والحاكم صححه ووافقه الذهبي.{ لأن من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم صلاة صلى الله عليه بها عشرا، ومن صلى الله عليه كفاه همه وغفر له ذنبه } هذا معنى كلام ابن تيمية رحمه الله في تفسير { إذا تكفى همك ويغفر ذنبك }.
وفي رواية للإمام أحمد عنه قال: قال رجل: يا رسول الله أرأيت إن جعلت صلاتي كلها عليك؟ قال: ( إذا يكفيك الله تبارك وتعالى ما أهمك من دنياك وآخرتك ) وإسناد هذه جيد. قوله أكثر الصلاة فكم أجعل لك من صلاتي؟ معناه أكثر الدعاء فكم أجعل لك من دعائي صلاة عليك؟.
وعن محمد بن يحيى بن حبان عن أبيه عن جده رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله أجعل ثلث صلاتي عليك؟ قال: نعم إن شئت، قال: الثلثين؟ قال: نعم إن شئت، قال: فصلاتي كلها؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا يكفيك الله ما أهمك من أمر دنياك وآخرتك ) رواه الطبراني بإسناد حسن.
وعن يعقوب بن زيد بن طلحة التيمي يرفعه: ( أتاني آت من ربي فقال: يا رسول الله أجعل نصف دعائي لك؟ قال: إن شئت، قال ثلثي دعائي؟ قال: إن شئت، قال: أجعل دعائي لك كله؟ قال: ( إذا يكفيك الله هم الدنيا والآخرة ) رواه إسماعيل القاضي وابن عاصم، وهو صحيح مرسل الإسناد.
وأخرج الإمام أحمد والحاكم والبيهقي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ( يا رسول الله أفلا أجعل ثلث دعائي في الصلاة عليك؟ قال: فإن زدت فهو أفضل، قال: أجعل الثلثين؟ قال: فإن زدت فهو أفضل، قال بأبي وأمي يا رسول الله أجعل دعائي كله الصلاة عليك؟ قال: إذن يكفيك الله أمرك من دنياك وآخرتك ) كذا في بحر الأنوار.
قال صاحب أبواب الفرج السيد الحسني المالكي: ومعلوم أن العبد إذا كفاه الله ما أهمه من أمور دنياه فقد دخل في دائرة الألطاف، وأمن من كل ما يخاف، وحصلت له الوقاية التامة من جميع الآفات، وحمل في سفينة النجاة، ومعنى ذلك: أنه يحفظ من كل ما يوجب الهم من فقر ودين وقهر وذل ومرض وخوف وغير ذلك من العوارض والنوازل، ويكون حينئذ قد ضمن صلاح أموره الدنيوية، وإذا كان له مع ذلك مغفرة الذنوب التي تكون بها النجاة من كل سوء في مواقف يوم القيامة حتى يدخل الجنة بسلام، فيكون قد ضمن صلاح أموره الأخروية. وما الذي يرجوه العبد فوق ذلك، وهذا كله يناله ببركة الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو صلاح أموره الدنيوية والأخروية.
حكايات وروايات وردت في أنها سبب في النجاة من بلاء الدنيا وعذاب الآخرة
حكي أن يهوديا كان ادعى بسرقة جمل على رجل مسلم فشهد عليه شاهدان من المنافقين زورا فحكم النبي عليه السلام بالجمل لليهودي وقطع يد المسلم، فتحير المسلم فرفع رأسه إلى السماء فقال: إلهي ومولاي أنت تعلم بأني لم أسرق هذا الجمل ثم قال: يا رسول الله إن حكمك حق ولكن استخبر عني هذا الجمل، فقال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم: يا جمل لمن أنت؟ فقال الجمل بلسان فصيح: يا رسول الله أنا لهذا المسلم وإن هؤلاء الشهود لكاذبون، فقال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم: يا مسلم أخبرني ماذا تفعل حتى أنطق الله تعالى الجمل في حقك؟ فقال المسلم: يا رسول الله أنا لا أنام الليل حتى أصلي عليك عشر صلوات فقال النبي عليه السلام: نجوت من القطع في الدنيا وتنجو من عذاب الآخرة في العقبى ببركة صلاتك علي ) [ذرة الواعظين ] .
ذكر الإمام الحافظ جلال الدين السيوطي في الباهر: قال الطبراني [260-360] في الكبير: يرفعه: قال زيد بن ثابت: غدونا يوما مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى كنا في مجمع طرق المدينة فبَصُرنا بأعرابي أخذ بخِطام بعيره حتى وقف على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ونحن حوله، فقال: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، فرد النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: فكيف أصبحت ؟ ورغا البعير وجاء رجل [كان حرسيا ] فقال: [ الحرسي ] يا رسول الله، هذا الأعرابي سرق البعير فرَغا ساعةً وحن، فأنصت له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فسمع رغاءه وحنينه، فلما سكن هذا البعير، أقبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم على الحرسي فقال: انصرف عنه فإن البعير شهد عليك أنك كاذب. فانصرف الحرسي وأقبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم على الأعرابي فقال: أي شيء قلت حين جئتني؟ قال: قلت بأبي أنت وأمي:{ اللهم صل على محمد حتى لا تبقى صلاة، اللهم وبارك على محمد حتى لا تبقى بركة، اللهم وسلم على محمد حتى لا يبقى سلام، اللهم وارحم محمدا حتى لا تبقى رحمة } فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أن الله عز وجل أبداها لي، والبعير ينطق بعذره، وإن الملائكة قد سدوا الأفق ).
وقال: قال الحاكم [321-405] في المستدرك يرفعه: عن عبد الله بن عمر{رضي الله عنهما} قال: كنا جلوسا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ دخل أعرابي جوهري، بدوي يماني، على ناقة حمراء، فأناخ بباب المسجد فدخل فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قعد. فلما قضى تحيته قالواْ: يا رسول الله إن الناقة التي تحت الأعرابي سَرِقَةٌ، قال: أثم بينة؟ قالواْ نعم يا رسول الله، قال: يا علي، خذ حق الله من الأعرابي إن قامت عليه البينة، وإن لم تقم فرده إلي، فأطرق الأعرابي ساعة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: قم يا أعرابي لأمر الله وإلا فأدل بحجتك، فقالت الناقة من خلف الباب: والذي بعثك بالكرامة يا رسول الله، إن هذا ما سرقني، ولا ملكني أحد سواه. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: يا أعرابي بالذي أنطقها بعذرك ما الذي قلت؟ قال: قلت: { اللهم إنك لست برب استحدثناك ولا معك إله أعانك على خلقنا ولا معك رب فنشك في ربوبيتك، أنت ربنا كما نقول وفوق ما يقول القائلون، أسألك أن تصلي على محمد وأن تبرئني ببراءتي }، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: والذي بعثني بالكرامة يا أعرابي لقد رأيت الملائكة يبتدرون أفواه الأزقة يكتبون مقالتك، فأكثر الصلاة علي).
رد: الصلاة عـلى النبي صلى الله عليه وسلم
ذكر المواطن التي يتأكد ويستحب فيها الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم
1- بعد إجابة المؤذن: عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: (الدعاء لا يرد بين الآذان والإقامة فادعوا ) رواه ابن خزيمة وابن حبان وصححاه وأقراه.
عن رويفع بن ثابت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: ( من قال: اللهم صل على محمد وأنزله المقعد المقرب عندك يوم القيامة وجبت له الشفاعة ) رواه إسماعيل القاضي وأحمد والبزار والطبراني في المعجم الكبير.
وفي جلاء الأفهام للإمام ابن القيم روى مسلم في صحيحه من حديث عبد الله ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: ( إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي، فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله تعالى وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل الله لي الوسيلة حلت عليه شفاعتي).
قال ابن القيم: وفي إجابة المؤذن خمس سنن عن رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: قد اشتمل حديث عبد الله بن عمرو على ثلاثة منها، والرابعة: أن يقول ما رواه مسلم عن سعد بن أبي وقاص عن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: ( من قال حين يسمع المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، رضيت بالله ربا، وبمحمد رسولا، وبالإسلام دينا، إلا غفر له ذنبه)، والخامسة: أن يدعو بعد إجابة المؤذن، وصلاته على رسوله، وسؤاله له الوسيلة، لما في سنن أبي دواد والنسائي من حديث عبد الله بن عمرو أن رجلا قال: يا رسول الله إن المؤذنين يفضلوننا فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: ( من قال حين ينادي المنادي: اللهم رب هذه الدعوة القائمة، والصلاة النافعة، صل على محمد وارض عنه رضى لا سخط بعده، استجاب الله دعوته).
قال ابن القيم: فهذه خمسة وعشرون سنة في اليوم والليلة لا يحافظ عليها إلا السابقون.
وذكر في كتابه أسرار الصلاة ص 114-115 : سنن الآذان الخمس:
أ – أن يقول كما يقول المؤذن.
ب - وأن يقول: رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد {صلى الله عليه وسلم} رسولا.
د - وأن يسأل الله لرسوله الوسيلة والفضيلة، وأن يبعثه المقام المحمود.
ذ - ثم ليصل عليه {صلى الله وسلم عليه }.
ج – ثم ليسأل حاجته { وتختم بالصلاة عليه صلى الله وسلم عليه }.
قال: فهذه خمس سنن في إجابة المؤذن لا ينبغي الغفلة عنها.
2 – بعد الإقامة: ( اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، صل على محمد، وآته سؤله يوم القيامة) موقوفة على أبي هريرة. [ وقال الحسن بن عرفة يرفعه، عن الحسن قال: من قال مثل ما يقول المؤذن، فإذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة، قال: اللهم رب هذه الدعوة الصادقة والصلاة القائمة صل على محمد عبدك ورسولك وأبلغه درجة الوسيلة في الجنة، دخل في شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم]. وقال يوسف بن أسباط: بلغني أن الرجل إذا أقيمت الصلاة فلم يقل: [ اللهم رب هذه الدعوة المستمعة، المستجاب لها، صل على محمد وآل محمد، وزوجنا من الحور العين، قلن: ما أزهدك فينا].
3 - بعد الفراغ من الوضوء وقيل يستحب بعد التيمم والغسل: قال أبو الشيخ في كتابه عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: ( إذا فرغ أحدكم من طهوره فليقل: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، ثم ليصل علي، [قلت: يعني أن تقول: صلى الله عليه وآله وسلم] ، فإذا قال ذلك فتحت له أبواب الرحمة ) قال ابن القيم: هذا حديث مشهور له طرق عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وغيره.
وعن سهل بن سعد أنه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قال: ( لا وضوء لمن لم يصل على النبي) رواه الطبراني، وضعفه في الجامع. قال السخاوي: والمعنى والله أعلم: لا وضوء كامل الفضيلة. وأما التيمم والغسل من الجنابة وغيرهما فقد أشار النووي في الأذكار إلى استحبابها فيهما، ولم يذكر دليلا.
4 – عند الدخول للمسجد والخروج منه وعند رؤية المساجد والمرور عليها: وفي المسند، والترمذي، وسنن ابن ماجة من حديث فاطمة بنت الحسين عن جدتها فاطمة الكبرى قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم إذا دخل المسجد قال: اللهم صل على محمد وسلم، اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك. وإذا خرج قال: اللهم صل على محمد وسلم، اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب فضلك ). قال القاضي إسماعيل في كتابه عن علي بن حسين قال [ قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه إذا مررتم بالمسجد فصلوا على النبي صلى الله عليه وسلم تسليما ].
5 – في التشهد الأول وفي الصلاة عموما وعقيب الصلوات: استحبه الشافعي وهو المشهور من مذهبه بما رواه الدارقطني عن عمر قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد: التحيات الطيبات الزكيات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم [ أي أن تقول: صلى الله عليه وآله وسلم ] ).
وعن عبد الله ابن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: ( يا بريدة إذا جلست في صلاتك فلا تتركن الصلاة علي فيها فإنها زكاة الصلاة، وسلم علي وسلم على جميع أنبياء الله ورسله، وسلم على عباد الله الصالحين ) رواه الدارقطني بسند ضعيف.
– روى إسماعيل بن إسحاق عن الحسن قال: [ إذا مر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم { يعني في قراءته في الصلاة } فليقف وليصل عليه في التطوع ]. ونص الإمام أحمد على ذلك فقال: [ إذا مر المصلي بآية فيها ذكر النبي {صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم} فإن كان في نفل صلى عليه، صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ]. قال السخاوي: واعلم أن كيفية الصلاة هنا للقارئ وكذا لسامعه من المصلين أن يقول: صلى الله عليه وسلم، ولا يقول : اللهم صل على محمد لأنه ركن قولي والركن إذا نقل عن محله وهو التشهد ففي إبطال الصلاة خلاف والله أعلم.
- ذكر الحافظ أبو موسى وغيره عن عبد الغني بن سعيد قال: [ عن أبو بكر محمد بن عمر قال: كنت عند أبي بكر بن مجاهد فجاء الشبلي فقام إليه أبو بكر بن مجاهد فعانقه، وقبل بين عينيه. فقلت له: تفعل هذا بالشبلي وأنت وجميع من ببغداد يتصور أنه مجنون؟ فقال لي: فعلت به كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل به، وذلك أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وقد أقبل الشبلي، فقام إليه وقبل بين عينيه، فقلت: يا رسول الله أتفعل هذا بالشبلي؟ فقال: هذا يقرأ بعد صلاته {لقد جاءكم رسول من أنفسكم } إلى آخرها ويتبعها بالصلاة علي ] وفي رواية : [ أنه لم يصل صلاة فريضة إلا ويقرأ خلفها { لقد جاءكم رسول من أنفسكم } إلى آخر السورة ويقول ثلاث مرات صلى الله عليك يا محمد ] قال: فلما دخل الشبلي سألته عما يذكر بعد الصلاة فذكر مثله ].
1- بعد إجابة المؤذن: عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: (الدعاء لا يرد بين الآذان والإقامة فادعوا ) رواه ابن خزيمة وابن حبان وصححاه وأقراه.
عن رويفع بن ثابت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: ( من قال: اللهم صل على محمد وأنزله المقعد المقرب عندك يوم القيامة وجبت له الشفاعة ) رواه إسماعيل القاضي وأحمد والبزار والطبراني في المعجم الكبير.
وفي جلاء الأفهام للإمام ابن القيم روى مسلم في صحيحه من حديث عبد الله ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: ( إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي، فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله تعالى وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل الله لي الوسيلة حلت عليه شفاعتي).
قال ابن القيم: وفي إجابة المؤذن خمس سنن عن رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: قد اشتمل حديث عبد الله بن عمرو على ثلاثة منها، والرابعة: أن يقول ما رواه مسلم عن سعد بن أبي وقاص عن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: ( من قال حين يسمع المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، رضيت بالله ربا، وبمحمد رسولا، وبالإسلام دينا، إلا غفر له ذنبه)، والخامسة: أن يدعو بعد إجابة المؤذن، وصلاته على رسوله، وسؤاله له الوسيلة، لما في سنن أبي دواد والنسائي من حديث عبد الله بن عمرو أن رجلا قال: يا رسول الله إن المؤذنين يفضلوننا فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: ( من قال حين ينادي المنادي: اللهم رب هذه الدعوة القائمة، والصلاة النافعة، صل على محمد وارض عنه رضى لا سخط بعده، استجاب الله دعوته).
قال ابن القيم: فهذه خمسة وعشرون سنة في اليوم والليلة لا يحافظ عليها إلا السابقون.
وذكر في كتابه أسرار الصلاة ص 114-115 : سنن الآذان الخمس:
أ – أن يقول كما يقول المؤذن.
ب - وأن يقول: رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد {صلى الله عليه وسلم} رسولا.
د - وأن يسأل الله لرسوله الوسيلة والفضيلة، وأن يبعثه المقام المحمود.
ذ - ثم ليصل عليه {صلى الله وسلم عليه }.
ج – ثم ليسأل حاجته { وتختم بالصلاة عليه صلى الله وسلم عليه }.
قال: فهذه خمس سنن في إجابة المؤذن لا ينبغي الغفلة عنها.
2 – بعد الإقامة: ( اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، صل على محمد، وآته سؤله يوم القيامة) موقوفة على أبي هريرة. [ وقال الحسن بن عرفة يرفعه، عن الحسن قال: من قال مثل ما يقول المؤذن، فإذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة، قال: اللهم رب هذه الدعوة الصادقة والصلاة القائمة صل على محمد عبدك ورسولك وأبلغه درجة الوسيلة في الجنة، دخل في شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم]. وقال يوسف بن أسباط: بلغني أن الرجل إذا أقيمت الصلاة فلم يقل: [ اللهم رب هذه الدعوة المستمعة، المستجاب لها، صل على محمد وآل محمد، وزوجنا من الحور العين، قلن: ما أزهدك فينا].
3 - بعد الفراغ من الوضوء وقيل يستحب بعد التيمم والغسل: قال أبو الشيخ في كتابه عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: ( إذا فرغ أحدكم من طهوره فليقل: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، ثم ليصل علي، [قلت: يعني أن تقول: صلى الله عليه وآله وسلم] ، فإذا قال ذلك فتحت له أبواب الرحمة ) قال ابن القيم: هذا حديث مشهور له طرق عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وغيره.
وعن سهل بن سعد أنه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قال: ( لا وضوء لمن لم يصل على النبي) رواه الطبراني، وضعفه في الجامع. قال السخاوي: والمعنى والله أعلم: لا وضوء كامل الفضيلة. وأما التيمم والغسل من الجنابة وغيرهما فقد أشار النووي في الأذكار إلى استحبابها فيهما، ولم يذكر دليلا.
4 – عند الدخول للمسجد والخروج منه وعند رؤية المساجد والمرور عليها: وفي المسند، والترمذي، وسنن ابن ماجة من حديث فاطمة بنت الحسين عن جدتها فاطمة الكبرى قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم إذا دخل المسجد قال: اللهم صل على محمد وسلم، اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك. وإذا خرج قال: اللهم صل على محمد وسلم، اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب فضلك ). قال القاضي إسماعيل في كتابه عن علي بن حسين قال [ قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه إذا مررتم بالمسجد فصلوا على النبي صلى الله عليه وسلم تسليما ].
5 – في التشهد الأول وفي الصلاة عموما وعقيب الصلوات: استحبه الشافعي وهو المشهور من مذهبه بما رواه الدارقطني عن عمر قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد: التحيات الطيبات الزكيات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم [ أي أن تقول: صلى الله عليه وآله وسلم ] ).
وعن عبد الله ابن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: ( يا بريدة إذا جلست في صلاتك فلا تتركن الصلاة علي فيها فإنها زكاة الصلاة، وسلم علي وسلم على جميع أنبياء الله ورسله، وسلم على عباد الله الصالحين ) رواه الدارقطني بسند ضعيف.
– روى إسماعيل بن إسحاق عن الحسن قال: [ إذا مر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم { يعني في قراءته في الصلاة } فليقف وليصل عليه في التطوع ]. ونص الإمام أحمد على ذلك فقال: [ إذا مر المصلي بآية فيها ذكر النبي {صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم} فإن كان في نفل صلى عليه، صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ]. قال السخاوي: واعلم أن كيفية الصلاة هنا للقارئ وكذا لسامعه من المصلين أن يقول: صلى الله عليه وسلم، ولا يقول : اللهم صل على محمد لأنه ركن قولي والركن إذا نقل عن محله وهو التشهد ففي إبطال الصلاة خلاف والله أعلم.
- ذكر الحافظ أبو موسى وغيره عن عبد الغني بن سعيد قال: [ عن أبو بكر محمد بن عمر قال: كنت عند أبي بكر بن مجاهد فجاء الشبلي فقام إليه أبو بكر بن مجاهد فعانقه، وقبل بين عينيه. فقلت له: تفعل هذا بالشبلي وأنت وجميع من ببغداد يتصور أنه مجنون؟ فقال لي: فعلت به كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل به، وذلك أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وقد أقبل الشبلي، فقام إليه وقبل بين عينيه، فقلت: يا رسول الله أتفعل هذا بالشبلي؟ فقال: هذا يقرأ بعد صلاته {لقد جاءكم رسول من أنفسكم } إلى آخرها ويتبعها بالصلاة علي ] وفي رواية : [ أنه لم يصل صلاة فريضة إلا ويقرأ خلفها { لقد جاءكم رسول من أنفسكم } إلى آخر السورة ويقول ثلاث مرات صلى الله عليك يا محمد ] قال: فلما دخل الشبلي سألته عما يذكر بعد الصلاة فذكر مثله ].
رد: الصلاة عـلى النبي صلى الله عليه وسلم
ذكر المواطن التي يتأكد ويستحب فيها الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم
6- الصلاة عليه أول الدعاء وأوسطه وآخره ، وله ثلاث مراتب:
- الأولى: أن يصلى عليه صلى الله وسلم عليه، قبل الدعاء، وبعد حمد الله تعالى: لحديث فضالة بن عبيد وقول النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: ( إذا دعا أحدكم فليبدأ بتحميد الله والثناء عليه، ثم ليصل على النبي {صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم}، ثم ليدع بما شاء ). وروى الترمذي عن عبد الله قال: [ كنت أصلي، والنبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، وأبو بكر وعمر معه، فلما جلست بدأت بالثناء على الله، ثم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، ثم دعوت لنفسي، فقال النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم : ( سل تعطه ).
- الثانية: أن يصلى عليه صلى الله وسلم عليه، في أول الدعاء وأوسطه وآخره: لرواية عبد الرزاق عن جابر عن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: ( لا تجعلوني كقدح الراكب {فذكر الحديث } وقال: اجعلوني في وسط الدعاء وفي أوله وفي آخره).
- الثالثة: أن يصلى عليه صلى الله وسلم عليه، في أول الدعاء وآخره ويجعل حاجته متوسطة بينهما: لقول أحمد بن أبي الحوراء سمعت أبا سليمان يقول: [ من أراد أن يسأل الله حاجته، فليبدأ بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، وليسأل حاجته، وليختم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، فإن الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم مقبولة، والله أكرم أن يرد ما بينهما ]. والله سبحانه وتعالى أعلم.
وروى الطبراني عن عبد الله بن بشر عنه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: (من استفتح أول نهاره بخير، وختمه بخير، قال الله عز وجل لملائكته: لا تكتبوا عليه ما بين ذلك من الذنوب).
قال ابن القيم: والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم للدعاء مثل الفاتحة من الصلاة. وهذه المواطن التي تقدمت كلها شرعت الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم فيها أمام الدعاء. فمفتاح الدعاء الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم كما أن مفتاح الصلاة الطهور.
7 – عند كل مجلس يجتمع فيه لذكر الله وعند القيام منه: لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أنه قال: ( إن لله سيارة من الملائكة إذا مرواْ بحلق الذكر قال بعضهم لبعض: اقعدواْ، فإذا دعا القوم أمنواْ على دعائهم، فإذا صلواْ على النبي صلى الله عليه وسلم، صلواْ معهم، حتى يفرغواْ، ثم يقول بعضهم لبعض طوبى لهؤلاء يرجعون مغفوراً لهم ) وأصل الحديث عند مسلم، وهذا سياق مسلم عن إبراهيم الكشي. قال عبد الرحمان بن أبي حاتم عن عثمان بن عمر قال: سمعت سفيان بن سعيد ما أحصي إذا أراد القيام يقول: صلى الله وملائكته على محمد وعلى أنبياء الله وملائكته.
8 – عقيب ختم القرآن: قال ابن القيم: وهذا لأن المحل محل دعاء وقد نص الإمام أحمد رحمه الله تعالى على الدعاء عقيب الختمة فقال في رواية أبي الحارث: [ كان انس إذا ختم القرآن جمع أهله وولده ]، وقال في رواية يوسف بن موسى، وقد سئل عن الرجل يختم القرآن فيجتمع إليه قوم فيدعون. قال: نعم، رأيت معمراً يفعله إذا ختم.
روى ابن أبي داود في فضائل القرآن عن الحكم قال: [ أرسل إلى مجاهد وعنده ابن أبي لبابة، أرسلنا إليك، إنا نريد أن نختم القرآن، وكان يقول: إن الدعاء يستجاب عند ختم القرآن ثم يدعو بدعوات]. وروى أيضا في كتابه عن ابن مسعود أنه قل: [ من ختم القرآن فله دعوة مستجابة ].
وعن مجاهد قال: [ تنزل الرحمة عند ختم القرآن ]. ونص أحمد رحمه الله تعالى على استحباب ذلك في التراويح. قال حنبل: سمعت أحمد يقول في ختم القرآن: [ إذا فرغت من قراءتك* قل أعوذ برب الناس* فارفع يديك في الدعاء قبل الركوع. قلت إلى أي شىء تذهب في هذا؟ قا : رأيت أهل مكة يفعلونه ]. وكان سفيان بن عيينة يفعله معهم.
قال عباس بن عبد العظيم: [ وكذلك أدركت الناس بالبصرة وبمكة، ويروي أهل المدينة في هذا أشياء...].
قال ابن القيم: وإذا كان هذا من آكد مواطن الدعاء وأحقها بالإجابة فهو من آكد مواطن الصلاة على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم.
9 – في صلاة الجنازة: كما في مسند الإمام الشافعي قال: [ إن السنة في الصلاة على الجنازة في التكبيرات أن يكبر الإمام، ثم يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى سرا في نفسه، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ويخلص الدعاء للجنازة في التكبيرات لا يقرأ في شيء منهن ثم يسلم سرا في نفسه ] ولا خلاف في مشروعيتها والخلاف ما بين واجبة ومستحبة.
وعن ابن مسعود رضي الله أنه كان إذا أتى بجنازة استقبل الناس، وقال: ( يا أيها الناس سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم يقول: كل مائة أمة، ولن تجتمع مائة لميت فيجتهدون له في الدعاء إلا وهب الله ذنوبه لهم ) وإنكم جئتم شفعاء لأخيكم فاجتهدوا في الدعاء. وقيل عند إدخال الميت واستدلوا بما رواه أبو داود والترمذي وحسنه من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم كان إذا وضع الميت في قبره قال: ( بسم الله وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم).
ذكر المواطن التي يتأكد ويستحب فيها الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم
10 – بين تكبيرات العيد: قالوا يقال: سبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، اللهم اغفر لي وارحمني. قال الحافظ ابن كثير نقلا عن القاضي إسماعيل أن ابن مسعود وأبا موسى وحذيفة خرج عليهم الوليد بن عقبة يوما قبل العيد فقال لهم: إن هذا العيد قد دنا فكيف التكبير فيه؟ قال عبد الله: تبدأ فتكبر تكبيرة تفتتح بها الصلاة، وتحمد وتكبر ربك وتصلي على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ثم تدعو وتكبر وتفعل مثل ذلك إلخ. ثم قال إسناد صحيح.
11 – في القنوت: لما رواه أهل السنن وغيرهم عن الحسن بن علي قال: ( علمني رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم كلمات أقولهن في الوتر: اللهم اهدني فيمن هديت...) زاد النسائي في سننه (وصلى الله على محمد ) استحبه الشافعي ومن وافقه، وقال النووي في الأذكار وغيره ويستحب أن يقول عقب هذا الدعاء، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وسلم. انتهى.
12 – في الخطب: كخطبة الجمعة والعيدين والاستسقاء وغيرها: قال ابن القيم: وهذا واجب في الخطبة قطعا بل هو ركنها الأعظم.
وقد روى أبو داود وأحمد وغيرهما عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قال: ( كل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء ) واليد الجذماء المقطوعة. فمن أوجب الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم في الخطبة دون التشهد فقوله في غاية الضعف.
وقد روى يونس عن شيبان عن قتادة { ورفعنا لك ذكرذك } فقال: [ رفع الله ذكره في الدنيا والآخرة، فليس خطيب ولا متشهد ولا صاحب صلاة إلا ابتدأها: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ] صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.
13 –عند تبليغ العلم للناس، عند التذكير والقصص، وإلقاء الدروس وتعليم العلم، في أول ذلك وآخره: قال إسماعيل بن إسحاق في كتابه عن جعفر بن برقان قال: كتب عمر بن عبد العزيز: ( أما بعد فإن أناسا من الناس قد التمسوا الدنيا بعمل الآخرة، وإن من القصاص قد أحدثوا في الصلاة على خلفائهم وأمرائهم عدل صلاتهم على النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا جاء كتابي هذا، فمرهم أن تكون صلاتهم على النبيين ودعائهم للمسلمين عامة ويدعو ما سوى ذلك {...}.
في جلاء الأفهام ص 249 مقتطفات من كلام قيم لابن القيم: قال تعالى: { قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني } فمن دعا إلى الله تعالى فهو على سبيل رسوله صلى الله عليه وسلم وهو على بصيرة، وهو من أتباعه. وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتبليغ عنه ولو آية، ودعا لمن بلغ عنه ولو حديثاً، وتبليغ سنته إلى الأمة أفضل من تبليغ السهام إلى نحور العدو، ولأن ذلك التبليغ يفعله كثير من الناس، وأما تبليغ السنن فلا يقوم به إلا ورثة الأنبياء وخلفاؤهم في أممهم.. وهم كما قال فيهم عمر بن الخطاب في خطبته التي ذكرها ابن وضاح في كتاب الحوادث والبدع له قال: [ الحمد لله الذي امتن على العباد بأن جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى ويصبرون منهم على الأذى، ويحيون بكتاب الله أهل العمى، كم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وضال تائه قد هدوه، بذلواْ دماءهم وأموالهم دون هلكة العباد. فما أحسن أثرهم على الناس وأقبح أثر الناس عليهم، يقبلونهم في سالف الدهر وإلى يومنا هذا، فما نسيهم ربك، وما كان ربك نسيا. جعل قصصهم هدى وأخبر عن حسن مقالتهم. فلا تقصر عنهم. فإنهم في منزلة رفيعة وإن أصابتهم الوضيعة ].
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: [ إن لله عند كل بدعة كيد بها الإسلام ولياً من أوليائه يذب عنها وينطق بعلامتها فاغتنمواْ حضور تلك المواطن، وتوكلواْ على الله ].
قال ابن القيم: فحقيق بالمبلغ عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم الذي أقامه الله في هذا المقام أن يفتتح كلامه بحمد الله تعالى والثناء عليه وتمجيده والاعتراف له بالوحدانية، وتعريف حقوقه على العباد، ثم بالصلاة على رسول الله تعالى صلى الله عليه وسلم وتمجيده والثناء عليه، وأن يختمه أيضاً بالصلاة عليه صلى الله تعالى عليه وسلم تسليماً.
14 – عند سماع ذكره: وقد تقدم الحديث عنه: ففي الحديث: ( من ترك الصلاة علي إذا ذكرت عنده أسحقه الله وأبعده ). وروى الديلمي: ( من ذكرت عنده فلم يصل علي دخل النار). وأخرج أبو سعيد من جملة حديث: ( ألأم الناس من إذا ذكرت عنده فلم يصل علي ) وروي عنه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: ( من لم يصل علي فلا دين له ).
- وعند كتابة اسمه وتكتب معه الصلاة عليه: وقد تقدم أنه من كتب الصلاة عليه في كتاب لم تزل الصلاة جارية له مادام اسمه صلى الله عليه وسلم في ذلك الكتاب.
وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من كتب عني عِلماً وكتب معه صلاة علي لم يزل في أجر ما قرئ في ذلك الكتاب ) رواه الحافظ ابن بشكوال، وابن عدي عن المحاربي، وأبو عباس المرهبي في كتاب العلم بلفظ: ( من كتب عني علما فكتب فيه صلاتا علي لم يزل في أجر ما قرئ ذلك أو عمل بذلك العلم).
وعن بعض الصالحين أنه قال: كان لي جار نساخ فمات فرأيته في المنام، فقلت له: ما فعل الله بك؟ فقال: غفر لي، فقلت فبم ذلك؟ فقال: كنت إذا كتبت اسم محمد صلى الله عليه وسلم في كتاب صليت عليه فأعطاني ربي ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
وقال سفيان بن عيينة: حدثنا خلف صاحب الخلفان قال: كان لي صديق رضي الله عنه يطلب معي الحديث فمات، فرأيته في منامي وعليه ثياب خضر يجول فيها، فقلت: ألست كنت معي تطلب الحديث؟ قال: بلى، قلت: فما الذي أصارك إلى هذا؟ أو كما قال، قال: كان لا يمر حديث فيه ذكر محمد صلى الله عليه وسلم إلا كتبت في أسفله: صلى الله عليه وسلم، فكافأني ربي هذا الذي ترى علي. وقال سفيان الثوري: لو لم يكن لصاحب الحديث فائدة إلا الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه يصلى عليه ما دام في ذلك الكتاب صلى الله عليه وسلم .
15 – تخصيص يوم الخميس بعد العصر وليلة الجمعة ويومها للصلاة عليه صلى الله وسلم عليه وقد تقدم.
6- الصلاة عليه أول الدعاء وأوسطه وآخره ، وله ثلاث مراتب:
- الأولى: أن يصلى عليه صلى الله وسلم عليه، قبل الدعاء، وبعد حمد الله تعالى: لحديث فضالة بن عبيد وقول النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: ( إذا دعا أحدكم فليبدأ بتحميد الله والثناء عليه، ثم ليصل على النبي {صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم}، ثم ليدع بما شاء ). وروى الترمذي عن عبد الله قال: [ كنت أصلي، والنبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، وأبو بكر وعمر معه، فلما جلست بدأت بالثناء على الله، ثم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، ثم دعوت لنفسي، فقال النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم : ( سل تعطه ).
- الثانية: أن يصلى عليه صلى الله وسلم عليه، في أول الدعاء وأوسطه وآخره: لرواية عبد الرزاق عن جابر عن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: ( لا تجعلوني كقدح الراكب {فذكر الحديث } وقال: اجعلوني في وسط الدعاء وفي أوله وفي آخره).
- الثالثة: أن يصلى عليه صلى الله وسلم عليه، في أول الدعاء وآخره ويجعل حاجته متوسطة بينهما: لقول أحمد بن أبي الحوراء سمعت أبا سليمان يقول: [ من أراد أن يسأل الله حاجته، فليبدأ بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، وليسأل حاجته، وليختم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، فإن الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم مقبولة، والله أكرم أن يرد ما بينهما ]. والله سبحانه وتعالى أعلم.
وروى الطبراني عن عبد الله بن بشر عنه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: (من استفتح أول نهاره بخير، وختمه بخير، قال الله عز وجل لملائكته: لا تكتبوا عليه ما بين ذلك من الذنوب).
قال ابن القيم: والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم للدعاء مثل الفاتحة من الصلاة. وهذه المواطن التي تقدمت كلها شرعت الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم فيها أمام الدعاء. فمفتاح الدعاء الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم كما أن مفتاح الصلاة الطهور.
7 – عند كل مجلس يجتمع فيه لذكر الله وعند القيام منه: لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أنه قال: ( إن لله سيارة من الملائكة إذا مرواْ بحلق الذكر قال بعضهم لبعض: اقعدواْ، فإذا دعا القوم أمنواْ على دعائهم، فإذا صلواْ على النبي صلى الله عليه وسلم، صلواْ معهم، حتى يفرغواْ، ثم يقول بعضهم لبعض طوبى لهؤلاء يرجعون مغفوراً لهم ) وأصل الحديث عند مسلم، وهذا سياق مسلم عن إبراهيم الكشي. قال عبد الرحمان بن أبي حاتم عن عثمان بن عمر قال: سمعت سفيان بن سعيد ما أحصي إذا أراد القيام يقول: صلى الله وملائكته على محمد وعلى أنبياء الله وملائكته.
8 – عقيب ختم القرآن: قال ابن القيم: وهذا لأن المحل محل دعاء وقد نص الإمام أحمد رحمه الله تعالى على الدعاء عقيب الختمة فقال في رواية أبي الحارث: [ كان انس إذا ختم القرآن جمع أهله وولده ]، وقال في رواية يوسف بن موسى، وقد سئل عن الرجل يختم القرآن فيجتمع إليه قوم فيدعون. قال: نعم، رأيت معمراً يفعله إذا ختم.
روى ابن أبي داود في فضائل القرآن عن الحكم قال: [ أرسل إلى مجاهد وعنده ابن أبي لبابة، أرسلنا إليك، إنا نريد أن نختم القرآن، وكان يقول: إن الدعاء يستجاب عند ختم القرآن ثم يدعو بدعوات]. وروى أيضا في كتابه عن ابن مسعود أنه قل: [ من ختم القرآن فله دعوة مستجابة ].
وعن مجاهد قال: [ تنزل الرحمة عند ختم القرآن ]. ونص أحمد رحمه الله تعالى على استحباب ذلك في التراويح. قال حنبل: سمعت أحمد يقول في ختم القرآن: [ إذا فرغت من قراءتك* قل أعوذ برب الناس* فارفع يديك في الدعاء قبل الركوع. قلت إلى أي شىء تذهب في هذا؟ قا : رأيت أهل مكة يفعلونه ]. وكان سفيان بن عيينة يفعله معهم.
قال عباس بن عبد العظيم: [ وكذلك أدركت الناس بالبصرة وبمكة، ويروي أهل المدينة في هذا أشياء...].
قال ابن القيم: وإذا كان هذا من آكد مواطن الدعاء وأحقها بالإجابة فهو من آكد مواطن الصلاة على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم.
9 – في صلاة الجنازة: كما في مسند الإمام الشافعي قال: [ إن السنة في الصلاة على الجنازة في التكبيرات أن يكبر الإمام، ثم يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى سرا في نفسه، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ويخلص الدعاء للجنازة في التكبيرات لا يقرأ في شيء منهن ثم يسلم سرا في نفسه ] ولا خلاف في مشروعيتها والخلاف ما بين واجبة ومستحبة.
وعن ابن مسعود رضي الله أنه كان إذا أتى بجنازة استقبل الناس، وقال: ( يا أيها الناس سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم يقول: كل مائة أمة، ولن تجتمع مائة لميت فيجتهدون له في الدعاء إلا وهب الله ذنوبه لهم ) وإنكم جئتم شفعاء لأخيكم فاجتهدوا في الدعاء. وقيل عند إدخال الميت واستدلوا بما رواه أبو داود والترمذي وحسنه من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم كان إذا وضع الميت في قبره قال: ( بسم الله وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم).
ذكر المواطن التي يتأكد ويستحب فيها الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم
10 – بين تكبيرات العيد: قالوا يقال: سبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، اللهم اغفر لي وارحمني. قال الحافظ ابن كثير نقلا عن القاضي إسماعيل أن ابن مسعود وأبا موسى وحذيفة خرج عليهم الوليد بن عقبة يوما قبل العيد فقال لهم: إن هذا العيد قد دنا فكيف التكبير فيه؟ قال عبد الله: تبدأ فتكبر تكبيرة تفتتح بها الصلاة، وتحمد وتكبر ربك وتصلي على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ثم تدعو وتكبر وتفعل مثل ذلك إلخ. ثم قال إسناد صحيح.
11 – في القنوت: لما رواه أهل السنن وغيرهم عن الحسن بن علي قال: ( علمني رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم كلمات أقولهن في الوتر: اللهم اهدني فيمن هديت...) زاد النسائي في سننه (وصلى الله على محمد ) استحبه الشافعي ومن وافقه، وقال النووي في الأذكار وغيره ويستحب أن يقول عقب هذا الدعاء، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وسلم. انتهى.
12 – في الخطب: كخطبة الجمعة والعيدين والاستسقاء وغيرها: قال ابن القيم: وهذا واجب في الخطبة قطعا بل هو ركنها الأعظم.
وقد روى أبو داود وأحمد وغيرهما عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قال: ( كل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء ) واليد الجذماء المقطوعة. فمن أوجب الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم في الخطبة دون التشهد فقوله في غاية الضعف.
وقد روى يونس عن شيبان عن قتادة { ورفعنا لك ذكرذك } فقال: [ رفع الله ذكره في الدنيا والآخرة، فليس خطيب ولا متشهد ولا صاحب صلاة إلا ابتدأها: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ] صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.
13 –عند تبليغ العلم للناس، عند التذكير والقصص، وإلقاء الدروس وتعليم العلم، في أول ذلك وآخره: قال إسماعيل بن إسحاق في كتابه عن جعفر بن برقان قال: كتب عمر بن عبد العزيز: ( أما بعد فإن أناسا من الناس قد التمسوا الدنيا بعمل الآخرة، وإن من القصاص قد أحدثوا في الصلاة على خلفائهم وأمرائهم عدل صلاتهم على النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا جاء كتابي هذا، فمرهم أن تكون صلاتهم على النبيين ودعائهم للمسلمين عامة ويدعو ما سوى ذلك {...}.
في جلاء الأفهام ص 249 مقتطفات من كلام قيم لابن القيم: قال تعالى: { قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني } فمن دعا إلى الله تعالى فهو على سبيل رسوله صلى الله عليه وسلم وهو على بصيرة، وهو من أتباعه. وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتبليغ عنه ولو آية، ودعا لمن بلغ عنه ولو حديثاً، وتبليغ سنته إلى الأمة أفضل من تبليغ السهام إلى نحور العدو، ولأن ذلك التبليغ يفعله كثير من الناس، وأما تبليغ السنن فلا يقوم به إلا ورثة الأنبياء وخلفاؤهم في أممهم.. وهم كما قال فيهم عمر بن الخطاب في خطبته التي ذكرها ابن وضاح في كتاب الحوادث والبدع له قال: [ الحمد لله الذي امتن على العباد بأن جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى ويصبرون منهم على الأذى، ويحيون بكتاب الله أهل العمى، كم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وضال تائه قد هدوه، بذلواْ دماءهم وأموالهم دون هلكة العباد. فما أحسن أثرهم على الناس وأقبح أثر الناس عليهم، يقبلونهم في سالف الدهر وإلى يومنا هذا، فما نسيهم ربك، وما كان ربك نسيا. جعل قصصهم هدى وأخبر عن حسن مقالتهم. فلا تقصر عنهم. فإنهم في منزلة رفيعة وإن أصابتهم الوضيعة ].
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: [ إن لله عند كل بدعة كيد بها الإسلام ولياً من أوليائه يذب عنها وينطق بعلامتها فاغتنمواْ حضور تلك المواطن، وتوكلواْ على الله ].
قال ابن القيم: فحقيق بالمبلغ عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم الذي أقامه الله في هذا المقام أن يفتتح كلامه بحمد الله تعالى والثناء عليه وتمجيده والاعتراف له بالوحدانية، وتعريف حقوقه على العباد، ثم بالصلاة على رسول الله تعالى صلى الله عليه وسلم وتمجيده والثناء عليه، وأن يختمه أيضاً بالصلاة عليه صلى الله تعالى عليه وسلم تسليماً.
14 – عند سماع ذكره: وقد تقدم الحديث عنه: ففي الحديث: ( من ترك الصلاة علي إذا ذكرت عنده أسحقه الله وأبعده ). وروى الديلمي: ( من ذكرت عنده فلم يصل علي دخل النار). وأخرج أبو سعيد من جملة حديث: ( ألأم الناس من إذا ذكرت عنده فلم يصل علي ) وروي عنه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: ( من لم يصل علي فلا دين له ).
- وعند كتابة اسمه وتكتب معه الصلاة عليه: وقد تقدم أنه من كتب الصلاة عليه في كتاب لم تزل الصلاة جارية له مادام اسمه صلى الله عليه وسلم في ذلك الكتاب.
وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من كتب عني عِلماً وكتب معه صلاة علي لم يزل في أجر ما قرئ في ذلك الكتاب ) رواه الحافظ ابن بشكوال، وابن عدي عن المحاربي، وأبو عباس المرهبي في كتاب العلم بلفظ: ( من كتب عني علما فكتب فيه صلاتا علي لم يزل في أجر ما قرئ ذلك أو عمل بذلك العلم).
وعن بعض الصالحين أنه قال: كان لي جار نساخ فمات فرأيته في المنام، فقلت له: ما فعل الله بك؟ فقال: غفر لي، فقلت فبم ذلك؟ فقال: كنت إذا كتبت اسم محمد صلى الله عليه وسلم في كتاب صليت عليه فأعطاني ربي ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
وقال سفيان بن عيينة: حدثنا خلف صاحب الخلفان قال: كان لي صديق رضي الله عنه يطلب معي الحديث فمات، فرأيته في منامي وعليه ثياب خضر يجول فيها، فقلت: ألست كنت معي تطلب الحديث؟ قال: بلى، قلت: فما الذي أصارك إلى هذا؟ أو كما قال، قال: كان لا يمر حديث فيه ذكر محمد صلى الله عليه وسلم إلا كتبت في أسفله: صلى الله عليه وسلم، فكافأني ربي هذا الذي ترى علي. وقال سفيان الثوري: لو لم يكن لصاحب الحديث فائدة إلا الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه يصلى عليه ما دام في ذلك الكتاب صلى الله عليه وسلم .
15 – تخصيص يوم الخميس بعد العصر وليلة الجمعة ويومها للصلاة عليه صلى الله وسلم عليه وقد تقدم.
رد: الصلاة عـلى النبي صلى الله عليه وسلم
ذكر المواطن التي يتأكد ويستحب فيها الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم-2-
16 – عند إلمام الفقر والحاجة أو خوف وقوعه: روى أبو نعيم عن جابر بن سمرة السوائي والد جابر رضي الله عنهما قالكنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل فقال: يا رسول الله ما أقرب الأعمال إلى الله؟ قال: صدق الحديث وأداء الأمانة. قلت يا رسول الله زدنا، قال: صلاة الليل وصوم الهواجر، قلت يا رسول الله زدنا، قال كثرة الذكر والصلاة علي تنفي الفقر. قلت يا رسول الله زدنا، قال: من أم قوماً فليخفف، فإن فيهم الكبير والعليل والصغير وذا الحاجة) قال السخاوي: أخرجه أبو نعيم بسند وأخرجه القرطبي بلا إسناد من حديث أبي بكر الصديق وجابر بن عبد الله ويحتاج ذلك إلى تحرير.
وقال أيضا: وحكى عبد الله القسطلاني أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فشكا إليه الفقر فقال له: قل اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وهب لنا من رزقك الحلال الطيب المبارك ما نصون به وجوهنا عن التعرض إلى أحد من خلقك، واجعل لنا اللهم إليه طريقاً سهلا من غير تعب ولا نصب ولا منة ولا تبعة وجنبنا اللهم الحرام حيث كان وأين كان وعند من كان وحل بيننا وبين أهله واقبض عنا أيديهم واصرف عنا قلوبهم حتى لا تنقلب إلا فيما يرضيك ولا نستعين بنعمتك إلا على ما تحب يا أرحم الراحمين.
17 – عند افتتاح الكلام وعند كل أمر ذي بال: روي عن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قالكل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله تعالى والصلاة علي فهو أقطع ممحوق من كل بركة) ذكره في الجامع عن الرهاوي وسكت.
18 – عند طنين الأذن وخدر الرجل: لما ذكره في الجامع الصغيرإذا طنت أذن أحدكم فليذكرني وليصل علي، وليقل ذكر الله من ذكرني بخير) ثم قال الترمذي وابن السني ورمز للعقيلي والطبراني وابن عدي عن أبي رافع وعنه وقال شارحه هو حديث حسن.
وأما الصلاة عليه عند خدر الرجل فرواه ابن السني من طريق الهيثم بن حنش وابن بشكوال من طريق أبي سعيد قال كنا عند ابن عمر رضي الله عنهما فخدرت رجله فقال له رجل أذكر أحب الناس إليك، فقال: يا محمد صلى الله عليك وسلم، فكأنما نشط من عقال. قلت وفيه روايات عديدة.
19 – عند العطاس: قال السخاوي وأما الصلاة عليه عند العطاس فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قالمن عطس فقال الحمد لله على كل حال ما كان من حال وصلى الله على محمد وعلى أهل بيته أخرج الله من منخره الأيسر طائراً يقول اللهم اغفر لقائلها) أخرجه الديلمي في مسند الفردوس له بسند ضعيف.
وعند ابن بشكوال من حديث ابن عباس مرفوعاً مثله إلى قوله: الأيسر وقال بعدهطيراً أكبر من الذباب وأصغر من الجراد يرفرف تحت العرش يقول اللهم اغفر لقائلها). وسنده كما قال المجد اللغوي لا بأس به سوى أن فيه يزيد بن أبي زياد وقد ضعفه كثيرون لكن أخرج له مسلم متابعة والله أعلم.
20 – عند الشدائد والهموم والكروب والمضايق: وقد تقدم الحديث عنه.
21 – عقب الذنب إذا أراد أن يكفر عنه: عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلوا علي فإن الصلاة علي كفارة لكم فمن صلى علي صلى الله عليه عشراً)
وحديث أبي كاهليا أبا كاهل من صلى علي كل يوم ثلاث مرات وكل ليلة ثلاث مرات حباً أو شوقاً إلي كان حقاً على الله أن يغفر له ذنوبه تلك الليلة أو ذلك اليوم).
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلمصلواْ علي فإن الصلاة علي زكاة لكم). قال ابن القيم: والزكاة تتضمن النماء والبركة والطهارة، والذي قبله فيه أنها كفارة وهي تتضمن محو الذنوب، فتضمن الحديثان أن بالصلاة عليه صلى الله وسلم عليه تحصل طهارة النفس من رذائلها ويثبت لها النماء والزيادة في كمالاتها وفضائلها، وإلى هذين الأمرين يرجع كمال النفس، فعلم أنه لا كمال للنفس إلا بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم التي هي من لوازم محبته ومتابعته وتقديمه على من سواه من المخلوقين صلى الله عليه وسلم.
22 - في الصباح والمساء: لحديث أبي الدرداء أنه صلى الله عليه وسلم قالمن صلى علي حين يصبح عشراً وحين يمسي عشراً أدركته شفاعتي يوم القيامة) ذكره في الجامع برمز الطبراني وحسنه .
وروي عنه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم مما لم أقف له على أصلمن صلى علي مساء غفر له قبل أن يصبح ومن صلى عليه صباحا غفر له قبل أن يمسي).
23 – إذا نسي الشيء وأراد ذكره: ذكره الحافظ أبو موسى المديني وروى فيه من طريق محمد بن عتاب المروزي أنبأ أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلمإذا نسيتم شيئاً فصلواْ علي تذكروه إن شاء الله) قال الحافظ وذكرناه من غير هذا الطريق في كتاب الحفظ والنسيان.
24 – عند لقاء الإخوان: لحديث أنس رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وآله وسلم قالما من عبدين متحابين في الله يستقبل أحدهما صاحبه فيصافحه ويصليان على النبي صلى الله عليه وسلم إلا لم يتفرقا حتى يغفر لهما ذنوبهما ما تقدم منها وما تأخر) رواه ابن السني وذكره الحافظ رشيد الدين. وفي لفظما من مسلمين يلتقيان...ما تقدم منها وما تأخر). رواه ابن بشكوال وهو غريب في ذكر ما تأخر.
25 – عند زيارته صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: فعن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قالما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام) صححه النووي في الأذكار وقال ابن حجر رواته ثقات. قال الإمام الحافظ السخاوي الشافعي: قال شيخ الإسلام أبو الحسن السبكي في شفاء الأسقام له: اعتمد جماعة من الأئمة على هذا الحديث يعني:" ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي" الحديث، في استحباب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم، قال: وهو اعتماد صحيح لأن الزائر إذا سلم وقع الرد عليه عن قرب وتلك فضيلة مطلوبة يسرها الله لنا عودا على بدءٍ
وذكر أيضاً: ويستحب لقاصده صلى الله عليه وسلم إذا وقع بصره على معاهد المدينة وحرمها ونخيلها وأماكنها الإكثار من الصلاة عليه والتسليم{ ويضاعف ذلك}، وكلما قرب من المدينة وعمرانها زاد من ذلك، ويستحضر تعظيم عرصاتها، وتبجيل منازلها ورحباتها، فإن المواطن عمرت بالوحي والتنزيل، وكثر فيها ترداد أبي الفتوح جبريل، وأبي الغنائم ميكائيل، واشتملت تربتها على سيد البشر، وانتشر عنها من دين الله تعالى وسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما انتشر، فهي مشاهد الفضائل والخيرات، ومعاهد البراهين والمعجزات، وليملأ قلبه من هيبته وتعظيمه وإجلاله ومحبته كأنه يراه ويشاهده محققاً أنه يسمع سلامه وفي الشدائد يساعده وليتجنب الخصام والخوض فيما لا ينبغي من الفعل والكلام.
وقد قال بعض المتأخرين أنه يستحب لمن مر بمنزل نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم أو موضع جلس فيه أن يصلي ويسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، واستأنس لذلك بما أخرجه البخاري من حديث عبد الله مولى أسماء أنه كان يسمع أسماء تقول كلما مرت بالحجون: "صلى الله على رسوله لقد نزلنا معه ها هنا ونحن خفاف الحقائب". الحديث
وجاء في قصة العتبى الذي قال كنت جالساً عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فجاء أعرابي فقال: السلام عليك يا رسول الله، سمعت الله يقول:{ولو أنهم إذ ظلمواْ أنفسهم جاؤوك فاستغفرواْ الله واستغفر لهم الرسول لوجدواْ الله تواباً رحيماً} وقد جئتك مستغفراً لذنبي مستشفعاً بك إلى ربي، وأنشد يقول:
يا خير من دفنت بالقاع أعظمه ***** فطاب من طيبهن القاع والأكم
نفسي الفـداء لقبر أنت ساكنه ***** فيه العفاف وفيه الجود والكرم
ثم انصرف الأعرابي، فغلبتني عيني فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فقالاِلحق الأعرابي فبشره أن الله قد غفر له). وهذه القصة ذكرها العديد من فحول العلماء، والمروي عن علماء الأمة في صيغ زيارته كثير جداً
قال ابن أبي فديك سمعت بعض من أدركت يقول: بلغنا أنه من وقف عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فتلى:{إن الله وملائكته يصلون على النبي} الآية ثم قال: صلى الله عليك يا محمد حتى يقولها سبعين مرة، ناداه ملك: صلى الله عليك يا فلان لم تسقط لك حاجة]. أخرجه البيهقي أيضاً من طريق ابن أبي الدنيا
16 – عند إلمام الفقر والحاجة أو خوف وقوعه: روى أبو نعيم عن جابر بن سمرة السوائي والد جابر رضي الله عنهما قالكنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل فقال: يا رسول الله ما أقرب الأعمال إلى الله؟ قال: صدق الحديث وأداء الأمانة. قلت يا رسول الله زدنا، قال: صلاة الليل وصوم الهواجر، قلت يا رسول الله زدنا، قال كثرة الذكر والصلاة علي تنفي الفقر. قلت يا رسول الله زدنا، قال: من أم قوماً فليخفف، فإن فيهم الكبير والعليل والصغير وذا الحاجة) قال السخاوي: أخرجه أبو نعيم بسند وأخرجه القرطبي بلا إسناد من حديث أبي بكر الصديق وجابر بن عبد الله ويحتاج ذلك إلى تحرير.
وقال أيضا: وحكى عبد الله القسطلاني أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فشكا إليه الفقر فقال له: قل اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وهب لنا من رزقك الحلال الطيب المبارك ما نصون به وجوهنا عن التعرض إلى أحد من خلقك، واجعل لنا اللهم إليه طريقاً سهلا من غير تعب ولا نصب ولا منة ولا تبعة وجنبنا اللهم الحرام حيث كان وأين كان وعند من كان وحل بيننا وبين أهله واقبض عنا أيديهم واصرف عنا قلوبهم حتى لا تنقلب إلا فيما يرضيك ولا نستعين بنعمتك إلا على ما تحب يا أرحم الراحمين.
17 – عند افتتاح الكلام وعند كل أمر ذي بال: روي عن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قالكل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله تعالى والصلاة علي فهو أقطع ممحوق من كل بركة) ذكره في الجامع عن الرهاوي وسكت.
18 – عند طنين الأذن وخدر الرجل: لما ذكره في الجامع الصغيرإذا طنت أذن أحدكم فليذكرني وليصل علي، وليقل ذكر الله من ذكرني بخير) ثم قال الترمذي وابن السني ورمز للعقيلي والطبراني وابن عدي عن أبي رافع وعنه وقال شارحه هو حديث حسن.
وأما الصلاة عليه عند خدر الرجل فرواه ابن السني من طريق الهيثم بن حنش وابن بشكوال من طريق أبي سعيد قال كنا عند ابن عمر رضي الله عنهما فخدرت رجله فقال له رجل أذكر أحب الناس إليك، فقال: يا محمد صلى الله عليك وسلم، فكأنما نشط من عقال. قلت وفيه روايات عديدة.
19 – عند العطاس: قال السخاوي وأما الصلاة عليه عند العطاس فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قالمن عطس فقال الحمد لله على كل حال ما كان من حال وصلى الله على محمد وعلى أهل بيته أخرج الله من منخره الأيسر طائراً يقول اللهم اغفر لقائلها) أخرجه الديلمي في مسند الفردوس له بسند ضعيف.
وعند ابن بشكوال من حديث ابن عباس مرفوعاً مثله إلى قوله: الأيسر وقال بعدهطيراً أكبر من الذباب وأصغر من الجراد يرفرف تحت العرش يقول اللهم اغفر لقائلها). وسنده كما قال المجد اللغوي لا بأس به سوى أن فيه يزيد بن أبي زياد وقد ضعفه كثيرون لكن أخرج له مسلم متابعة والله أعلم.
20 – عند الشدائد والهموم والكروب والمضايق: وقد تقدم الحديث عنه.
21 – عقب الذنب إذا أراد أن يكفر عنه: عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلوا علي فإن الصلاة علي كفارة لكم فمن صلى علي صلى الله عليه عشراً)
وحديث أبي كاهليا أبا كاهل من صلى علي كل يوم ثلاث مرات وكل ليلة ثلاث مرات حباً أو شوقاً إلي كان حقاً على الله أن يغفر له ذنوبه تلك الليلة أو ذلك اليوم).
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلمصلواْ علي فإن الصلاة علي زكاة لكم). قال ابن القيم: والزكاة تتضمن النماء والبركة والطهارة، والذي قبله فيه أنها كفارة وهي تتضمن محو الذنوب، فتضمن الحديثان أن بالصلاة عليه صلى الله وسلم عليه تحصل طهارة النفس من رذائلها ويثبت لها النماء والزيادة في كمالاتها وفضائلها، وإلى هذين الأمرين يرجع كمال النفس، فعلم أنه لا كمال للنفس إلا بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم التي هي من لوازم محبته ومتابعته وتقديمه على من سواه من المخلوقين صلى الله عليه وسلم.
22 - في الصباح والمساء: لحديث أبي الدرداء أنه صلى الله عليه وسلم قالمن صلى علي حين يصبح عشراً وحين يمسي عشراً أدركته شفاعتي يوم القيامة) ذكره في الجامع برمز الطبراني وحسنه .
وروي عنه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم مما لم أقف له على أصلمن صلى علي مساء غفر له قبل أن يصبح ومن صلى عليه صباحا غفر له قبل أن يمسي).
23 – إذا نسي الشيء وأراد ذكره: ذكره الحافظ أبو موسى المديني وروى فيه من طريق محمد بن عتاب المروزي أنبأ أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلمإذا نسيتم شيئاً فصلواْ علي تذكروه إن شاء الله) قال الحافظ وذكرناه من غير هذا الطريق في كتاب الحفظ والنسيان.
24 – عند لقاء الإخوان: لحديث أنس رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وآله وسلم قالما من عبدين متحابين في الله يستقبل أحدهما صاحبه فيصافحه ويصليان على النبي صلى الله عليه وسلم إلا لم يتفرقا حتى يغفر لهما ذنوبهما ما تقدم منها وما تأخر) رواه ابن السني وذكره الحافظ رشيد الدين. وفي لفظما من مسلمين يلتقيان...ما تقدم منها وما تأخر). رواه ابن بشكوال وهو غريب في ذكر ما تأخر.
25 – عند زيارته صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: فعن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قالما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام) صححه النووي في الأذكار وقال ابن حجر رواته ثقات. قال الإمام الحافظ السخاوي الشافعي: قال شيخ الإسلام أبو الحسن السبكي في شفاء الأسقام له: اعتمد جماعة من الأئمة على هذا الحديث يعني:" ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي" الحديث، في استحباب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم، قال: وهو اعتماد صحيح لأن الزائر إذا سلم وقع الرد عليه عن قرب وتلك فضيلة مطلوبة يسرها الله لنا عودا على بدءٍ
وذكر أيضاً: ويستحب لقاصده صلى الله عليه وسلم إذا وقع بصره على معاهد المدينة وحرمها ونخيلها وأماكنها الإكثار من الصلاة عليه والتسليم{ ويضاعف ذلك}، وكلما قرب من المدينة وعمرانها زاد من ذلك، ويستحضر تعظيم عرصاتها، وتبجيل منازلها ورحباتها، فإن المواطن عمرت بالوحي والتنزيل، وكثر فيها ترداد أبي الفتوح جبريل، وأبي الغنائم ميكائيل، واشتملت تربتها على سيد البشر، وانتشر عنها من دين الله تعالى وسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما انتشر، فهي مشاهد الفضائل والخيرات، ومعاهد البراهين والمعجزات، وليملأ قلبه من هيبته وتعظيمه وإجلاله ومحبته كأنه يراه ويشاهده محققاً أنه يسمع سلامه وفي الشدائد يساعده وليتجنب الخصام والخوض فيما لا ينبغي من الفعل والكلام.
وقد قال بعض المتأخرين أنه يستحب لمن مر بمنزل نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم أو موضع جلس فيه أن يصلي ويسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، واستأنس لذلك بما أخرجه البخاري من حديث عبد الله مولى أسماء أنه كان يسمع أسماء تقول كلما مرت بالحجون: "صلى الله على رسوله لقد نزلنا معه ها هنا ونحن خفاف الحقائب". الحديث
وجاء في قصة العتبى الذي قال كنت جالساً عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فجاء أعرابي فقال: السلام عليك يا رسول الله، سمعت الله يقول:{ولو أنهم إذ ظلمواْ أنفسهم جاؤوك فاستغفرواْ الله واستغفر لهم الرسول لوجدواْ الله تواباً رحيماً} وقد جئتك مستغفراً لذنبي مستشفعاً بك إلى ربي، وأنشد يقول:
يا خير من دفنت بالقاع أعظمه ***** فطاب من طيبهن القاع والأكم
نفسي الفـداء لقبر أنت ساكنه ***** فيه العفاف وفيه الجود والكرم
ثم انصرف الأعرابي، فغلبتني عيني فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فقالاِلحق الأعرابي فبشره أن الله قد غفر له). وهذه القصة ذكرها العديد من فحول العلماء، والمروي عن علماء الأمة في صيغ زيارته كثير جداً
قال ابن أبي فديك سمعت بعض من أدركت يقول: بلغنا أنه من وقف عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فتلى:{إن الله وملائكته يصلون على النبي} الآية ثم قال: صلى الله عليك يا محمد حتى يقولها سبعين مرة، ناداه ملك: صلى الله عليك يا فلان لم تسقط لك حاجة]. أخرجه البيهقي أيضاً من طريق ابن أبي الدنيا
رد: الصلاة عـلى النبي صلى الله عليه وسلم
ذكر المواطن التي يتأكد ويستحب فيها الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم-3-
26 – بعد التلبية والطواف على الصفا والمروة: لما رواه الشافعي والدارقطني عن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق قال:[كان يؤمر الرجل إذا فرغ من تلبيته أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم على كل حال] وذكره أيضا ابن كثير.
فعن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه أنه خطب الناس بمكة فقال:[إذا قدم الرجل منكم حاجاًّ فليطف بالبيت سبعاً وليصل عند المقام ركعتين ثم ليبدأ بالصفا فيستقبل البيت فيكبر سبع تكبيرات بين كل تكبيرتين حمد لله وثناء عليه وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ومسألة لنفسك، وعلى المروة مثل ذلك] أخرجه البيهقي وإسماعيل القاضي وأبو ذر الهروي وإسناده قوي. وعن ابن عمر أنه كان يكبر على الصفا ويقول:[لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو ويطيل القيام والدعاء ثم يفعل على المروة مثل ذلك] أخرجه إسماعيل القاضي.
27 – عند استلام الحجر الأسود: قال أبو ذر الهروي: كان ابن عمر رضي الله عنهما إذا أراد أن يستلم الحجر الأسود قال:[اللهم إيمانا بك وتصديقاً بكتابك وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم].
28 – في الموقف بعرفات: عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلمما من مسلم يقف عشية عرفة في الموقف فيستقبل القبلة بوجهه يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مائة مرة، ثم يقرأ قل هو الله أحد مائة مرة، ثم يقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد وعلينا معهم، مائة مرة، إلا قال الله تعالى: يا ملائكتي ما جزاء عبدي هذا؟ سبّحني وهلّلني وكبّرني وعظّمني وعرفني وأثنى علي وصلى على نبيي، اشهدواْ {يا} ملائكتي أني قد غفرت له وشفّعته في نفسه، ولو سألني عبدي هذا لشفّعته في أهل الموقف كلهم) رواه البيهقي وقال: متن غريب ليس في إسناده من ينسب إلى الوضع. وذكره النووي في الأذكار وغيره في الدعاء المأثور في الملتزم ما بين الباب والحجر: اللهم صل وسلم على محمد وعلى آل محمد. والله أعلم
29 – عند خطبة الرجل المرأة في التزويج: روى إسماعيل بن أبي زياد عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى:{إن الله وملائكته يصلون على النبي} الآية، قال: يعني أن الله تعالى يثني على نبيكم ويغفر له، وأمر الملائكة بالاستغفار له. {يا أيها الذين آمنواْ صلواْ عليه وسلمواْ تسليماً} أثنواْ عليه في صلاتكم وفي مساجدكم وفي كل موطن، وفي خطبة النساء فلا تنسوه. وجاء في روايةمن أكثر الصلاة علي عند خطبة النكاح أعطي القبول والسماح).
وروي عن أبي بكر بن حفص قال: كان ابن عمر رضي الله عنهما إذا دعي إلى نكاح قال:[لا تزحمواْ علينا الناس، الحمد لله وصلى الله على محمد، إن فلاناً خطب إليكم فإن أنكحتموه فالحمد لله وإن رددتموه فسبحان الله]. وعن العتبى عن أبيه قال: خطبنا عمر بن عبد العزيز في نكاح امرأة من أهله فقال: الحمد لله ذي العزة والكبرياء وصلى الله على محمد خاتم الأنبياء أما بعد فإن الرغبة منك دعتك إلينا، والرغبة منا فيك أجابتك، وقد أحسن ظناً بك من أودعك كريمته واختارك لحرمته، وقد زوجناك على ما أمر الله به من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.
30 – عند إرادة السفر وركوب الدابة: فعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قالمن قال إذا ركب دابة: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء، سبحانه ليس له مسمى، سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعليه السلام، قالت الدابة: بارك الله عليك من مؤمن خففت عن ظهري وأطعت ربك وأحسنت إلى نفسك بارك الله لك في سفرك وأنجح حاجتك) أخرجه الطبراني في الدعاء.
31 – عند دخول المنزل: ذكره الحافظ أبو موسى المديني عن سهل بن سعد قال:[جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فشكا إليه الفقر وضيق العيش أو المعاش، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلمإذا دخلت منزلك فسلم إن فيه أحد أو لم يكن فيه أحد، ثم سلم علي، واقرأ قل هو الله أحد مرة واحدة) ففعل الرجل فأدرّ الله عليه الرزق حتى أفاض على جيرانه وقرابته].
32 – عند الحاجة تعرض للعبد وعقب صلاة الصبح والمغرب: روى أحمد بن موسى الحافظ عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلممن صلى علي مائة صلاة حين يصلي الصبح قبل أن يتكلم قضى الله له مائة حاجة، عجل له منها ثلاثين حاجة وأخّر له سبعين، وفي المغرب مثل ذلك، قالواْ: وكيف الصلاة عليك يا رسول الله؟ قال: إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنواْ صلواْ عليه وسلمواْ تسليما، اللهم صل عليه[في رواية: اللهم صل على محمد] حتى تعد منها مائة).
وأما صلاة الحاجة: فقال الطبراني: عن عبد الله بن أُبَيْ قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالمن كان له إلى الله حاجة فليتوضأ وليحسن وضوءه وليركع ركعتين وليثن على الله عز وجل وليصل على النبي صلى الله عليه وسلم، وليقل: لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله سبحان الله رب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين، أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل ذنب، لا تدع لي هماً إلا فرجته، ولا تدع لي ذنباً إلا غفرته، ولا حاجة لك فيها رضاً إلا قضيتها يا أرحم الراحمين).
وعن عثمان بن حنيف رضي الله عنه قال:[سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاءه رجل ضرير فشكا إليه ذهاب بصره فقال: يا رسول الله ليس لي قائد وقد شق علي، فقال صلى الله عليه وسلمائت الميضاء فتوضأ ثم صل ركعتين ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك فيجلي لي عن بصري، اللهم شفعه في وشفعني في نفسي)، قال عثمان: فو الله ما تفرقنا ولا طال بنا الحديث حتى دخل الرجل وكأنه لم يكن به ضرّ]. قال الحاكم هذا حديث صحيح ولم يخرجاه، وقال الذهبي إنه صحيح، ورواه الترمذي والمنذري والنسائي وابن ماجة في ص
26 – بعد التلبية والطواف على الصفا والمروة: لما رواه الشافعي والدارقطني عن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق قال:[كان يؤمر الرجل إذا فرغ من تلبيته أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم على كل حال] وذكره أيضا ابن كثير.
فعن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه أنه خطب الناس بمكة فقال:[إذا قدم الرجل منكم حاجاًّ فليطف بالبيت سبعاً وليصل عند المقام ركعتين ثم ليبدأ بالصفا فيستقبل البيت فيكبر سبع تكبيرات بين كل تكبيرتين حمد لله وثناء عليه وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ومسألة لنفسك، وعلى المروة مثل ذلك] أخرجه البيهقي وإسماعيل القاضي وأبو ذر الهروي وإسناده قوي. وعن ابن عمر أنه كان يكبر على الصفا ويقول:[لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو ويطيل القيام والدعاء ثم يفعل على المروة مثل ذلك] أخرجه إسماعيل القاضي.
27 – عند استلام الحجر الأسود: قال أبو ذر الهروي: كان ابن عمر رضي الله عنهما إذا أراد أن يستلم الحجر الأسود قال:[اللهم إيمانا بك وتصديقاً بكتابك وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم].
28 – في الموقف بعرفات: عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلمما من مسلم يقف عشية عرفة في الموقف فيستقبل القبلة بوجهه يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مائة مرة، ثم يقرأ قل هو الله أحد مائة مرة، ثم يقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد وعلينا معهم، مائة مرة، إلا قال الله تعالى: يا ملائكتي ما جزاء عبدي هذا؟ سبّحني وهلّلني وكبّرني وعظّمني وعرفني وأثنى علي وصلى على نبيي، اشهدواْ {يا} ملائكتي أني قد غفرت له وشفّعته في نفسه، ولو سألني عبدي هذا لشفّعته في أهل الموقف كلهم) رواه البيهقي وقال: متن غريب ليس في إسناده من ينسب إلى الوضع. وذكره النووي في الأذكار وغيره في الدعاء المأثور في الملتزم ما بين الباب والحجر: اللهم صل وسلم على محمد وعلى آل محمد. والله أعلم
29 – عند خطبة الرجل المرأة في التزويج: روى إسماعيل بن أبي زياد عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى:{إن الله وملائكته يصلون على النبي} الآية، قال: يعني أن الله تعالى يثني على نبيكم ويغفر له، وأمر الملائكة بالاستغفار له. {يا أيها الذين آمنواْ صلواْ عليه وسلمواْ تسليماً} أثنواْ عليه في صلاتكم وفي مساجدكم وفي كل موطن، وفي خطبة النساء فلا تنسوه. وجاء في روايةمن أكثر الصلاة علي عند خطبة النكاح أعطي القبول والسماح).
وروي عن أبي بكر بن حفص قال: كان ابن عمر رضي الله عنهما إذا دعي إلى نكاح قال:[لا تزحمواْ علينا الناس، الحمد لله وصلى الله على محمد، إن فلاناً خطب إليكم فإن أنكحتموه فالحمد لله وإن رددتموه فسبحان الله]. وعن العتبى عن أبيه قال: خطبنا عمر بن عبد العزيز في نكاح امرأة من أهله فقال: الحمد لله ذي العزة والكبرياء وصلى الله على محمد خاتم الأنبياء أما بعد فإن الرغبة منك دعتك إلينا، والرغبة منا فيك أجابتك، وقد أحسن ظناً بك من أودعك كريمته واختارك لحرمته، وقد زوجناك على ما أمر الله به من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.
30 – عند إرادة السفر وركوب الدابة: فعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قالمن قال إذا ركب دابة: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء، سبحانه ليس له مسمى، سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعليه السلام، قالت الدابة: بارك الله عليك من مؤمن خففت عن ظهري وأطعت ربك وأحسنت إلى نفسك بارك الله لك في سفرك وأنجح حاجتك) أخرجه الطبراني في الدعاء.
31 – عند دخول المنزل: ذكره الحافظ أبو موسى المديني عن سهل بن سعد قال:[جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فشكا إليه الفقر وضيق العيش أو المعاش، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلمإذا دخلت منزلك فسلم إن فيه أحد أو لم يكن فيه أحد، ثم سلم علي، واقرأ قل هو الله أحد مرة واحدة) ففعل الرجل فأدرّ الله عليه الرزق حتى أفاض على جيرانه وقرابته].
32 – عند الحاجة تعرض للعبد وعقب صلاة الصبح والمغرب: روى أحمد بن موسى الحافظ عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلممن صلى علي مائة صلاة حين يصلي الصبح قبل أن يتكلم قضى الله له مائة حاجة، عجل له منها ثلاثين حاجة وأخّر له سبعين، وفي المغرب مثل ذلك، قالواْ: وكيف الصلاة عليك يا رسول الله؟ قال: إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنواْ صلواْ عليه وسلمواْ تسليما، اللهم صل عليه[في رواية: اللهم صل على محمد] حتى تعد منها مائة).
وأما صلاة الحاجة: فقال الطبراني: عن عبد الله بن أُبَيْ قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالمن كان له إلى الله حاجة فليتوضأ وليحسن وضوءه وليركع ركعتين وليثن على الله عز وجل وليصل على النبي صلى الله عليه وسلم، وليقل: لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله سبحان الله رب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين، أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل ذنب، لا تدع لي هماً إلا فرجته، ولا تدع لي ذنباً إلا غفرته، ولا حاجة لك فيها رضاً إلا قضيتها يا أرحم الراحمين).
وعن عثمان بن حنيف رضي الله عنه قال:[سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاءه رجل ضرير فشكا إليه ذهاب بصره فقال: يا رسول الله ليس لي قائد وقد شق علي، فقال صلى الله عليه وسلمائت الميضاء فتوضأ ثم صل ركعتين ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك فيجلي لي عن بصري، اللهم شفعه في وشفعني في نفسي)، قال عثمان: فو الله ما تفرقنا ولا طال بنا الحديث حتى دخل الرجل وكأنه لم يكن به ضرّ]. قال الحاكم هذا حديث صحيح ولم يخرجاه، وقال الذهبي إنه صحيح، ورواه الترمذي والمنذري والنسائي وابن ماجة في ص
رد: الصلاة عـلى النبي صلى الله عليه وسلم
ذكر المواطن التي يتأكد ويستحب فيها الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم-4-
34 – عند الذبيحة: وقد اختلف في هذه المسألة فاستحبها ابن شاقلا والشافعي. قال الشافعي: والتسمية على الذبيحة بسم الله، فإن زاد بعد ذلك شيئا من ذكر الله تعالى فالزيادة خير، ولا إكراه مع تسميته على الذبيحة أن يقول: صلى الله على رسول الله، بل أحبه له، وأحب أن يكثر الصلاة عليه على كل الحالات، لأن ذكر الله بالصلاة عليه إيمان بالله وعبادة له يؤجر عليها إن شاء الله تعالى من قالها.
وقال ابن القيم: أما حديث معاذ بن جبل.. ( موطنان لا حظ لي فيهما عند العطاس والذبح ) أنه لم يثبت لثلاث علل وذكرها.
35 – لمن لم يكن له مال فتجزئ الصلاة عليه عن الصدقة للمعسر: عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أيما رجل لم يكن عنده صدقة فليقل في دعائه: اللهم صل على محمد عبدك ورسولك وصل على المومنين والمومنات والمسلمين والمسلمات، فإنها زكاة ) وقد تقدم ذكر هذا الحديث.
36 – عند النوم: قال أبو الشيخ في كتابه: قال أبو قرصافة سمعت رسول اله صلى الله عليه وسلم يقول: ( من آوى إلى فراشه ثم قرأ تبارك الذي بيده الملك ثم قال: اللهم رب الحل والحرام ورب الركن والمقام، ورب المشعر الحرام، بحق كل آية أنزلتها في شهر رمضان، بلغ روح محمد صلى الله عليه وسلم مني تحية وسلاماً. أربع مرات، وكل الله تعالى الملكين حتى يأتيا محمدا صلى الله عليه وسلم فيقولان له يا محمد إن فلان ابن فلان يقرأ عليك السلام ورحمة الله، فيقول: وعلى فلان مني السلام ورحمة الله وبركاته ) قال السخاوي: رواه أبو الشيخ ومن طريقه الديلمي في مسند الفردوس وكذا الضياء في المختارة وقال: لا أعرف هذا الحديث إلا بهذه الطرق. وهو غريب جدا، وفي رواته من فيه بعض المقال.
37 – عند القيام من النوم وبعد الفراغ من التهجد: قال النسائي في سننه الكبير عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: ( يضحك الله عز وجل إلى رجلين، رجل لقي العدو هو على فرس من أمثل خيل أصحابه فانهزمواْ وثبت، فإن قتل استشهد، وإن بقي فذلك الذي يضحك الله إليه، ورجل قام في جوف الليل، لا يعلم به أحد فتوضأ وأسبغ الوضوء، ثم حمد الله ومجده وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم واستفتح القرآن، فذلك الذي يضحك إليه، يقول: أنظرواْ إلى عبدي قائماً لا يراه أحد غيري ) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: [ من قام من الليل فتوضأ فأحسن الوضوء ثم كبر عشراً وسبح عشراً وتبرأ من الحول والقوة على ذلك ثم صلى على النبي صلى الله عليه وسلم فأحسن الصلاة لم يسأل الله تعالى شيئاً إلا أعطاه الله إياه من الدنيا والآخرة ] أخرجه عبد الملك بن حبيب.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من قرأ القرآن، وحمد الرب، وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، واستغفر ربه، فقد طلب الخير مكانه ) رواه البيهقي في الشعب وفيه أبار بن عياش وهو ضعيف.
38 – عند شم الورد الأحمر: لرواية ذكرها بن عظوم المغربي في تنبيه الأنام: ( من شم الورد الأحمر ولم يصل علي فقد جفاني ).
39 – في شعبان شهر رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الحافظ السخاوي في القـول البديع: فعقد له ابن أبي الصيف الفقيه اليمني في جزء له في فضل شعبان باباً قال فيه: روي عن جعغر الصادق رضي الله عنه أنه قال: [ من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم في شعبان كل يوم سبعمائة مرة يوكل الله تعالى ملائكة ليوصلوها إليه وتفرح روح محمد صلى الله عليه وسلم بذلك ثم يأمر الله أن يستغفرواْ له إلى يوم القيامة ].
ثم قال: وروي عن طاوس اليماني أنه قال سألت الحسن بن علي رضي الله عنهما عن ليلة الصك يعني ليلة النصف من شعبان وعن العمل فيها فقال: [ أنا أجعلها أثلاثاً فثلث أصلي فيه على جدي النبي صلى الله عليه وسلم ائتماراً لأمر الله عز وجل حيث يقول: { يا أيها الذين آمنواْ صلواْ عليه وسلمواْ تسليماً }، وثلث أستغفر الله تعالى فيه مثنى مثنى لقوله تعالى: { وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون }، وثلث أركع فيه وأسجد لقوله تعالى: { واسجد واقترب }. فقلت وما ثواب من فعل ذلك؟ قال سمعت أبي يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من أحيى ليلة الصك كتب من المقربين ) يعني الذين في قوله تعالى: { فأما إن كان من المقربين }. قال السخاوي: ولم أقف له على أصل أعتمده والله أعلم.
40 – في الرسائل وبعد البسملة وعند كتابة الفتيا: أما الصلاة عليه في الرسائل وبعد البسملة من سنة الخلفاء الراشدين أمر بها سيد المرسلين عليه أفضل الصلاة والتسليم. ذكره الحافظ أبو الربيع وغيره عن ردة بني سليم أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كتب إلى طريفة ابن حاجز عامله عليهم: بسم الله الرحمان الرحيم من أبي بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى طرفة بن حاجز سلام عليك فإني أحمد إليك الذي لا إله إلا هو وأسأله أن يصلي على محمد صلى الله عليه وسلم، أما بعد إلى آخر الكتاب. وقد مضى عليه عمل الأمة في أقطار الأرض من أول ولاية بني هاشم ولم ينكر ذلك ومنهم من يختم به الكتاب.
وقال النووي رحمه الله في الروضة من زوائده يستحب عند إرادة الإفتاء أن يستعيذ بالله من الشيطان ويسمي الله تعالى ويحمده ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويقول لا حول ولا قوة إلا بالله ويقول: رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهواْ قولي ...]. واستحبواْ الصلاة عليه عند كتابة الوصية وعند عقد البيع.
41 – عند وقوع الطاعون: نقل ابن أبي حجلة عن ابن خطيب يبرود أن رجلا من الصالحين أخبره أن كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تدفع الطاعون وقال أعني ابن حجلة أنه تلقى ذلك بالقبول وأنه جعل في كل حين يقوم يقول: [ اللهم صل على محمد وعلى آل محمد صلاة تعصمنا بها من الأهوال والآفات وتطهرنا بها من جميع السيئات ] ثم استدل على أصل المسألة بأمور خمسة أحدها: قوله في الحديث: ( إذا تكفى همك )، وثانيها: قوله في قصة الجمل المسروق: ( نجوت من عذاب الدنيا والآخرة )، وثالثها: [ أن الصلاة من الله رحمة وأما الطاعون فهو وإن كان في حق المومنين شهادة ورحمة فقد كان في الأصل رجز وعذاب والرحمة والعذاب ضدان فلا يجتمعان ]، رابعها: قوله في الحديث: ( إن أنجاكم من أحوالها ومواطنها يوم القيامة أكثركم علي صلاة في الدنيا ) فإذا كانت تدفع أهوال يوم القيامة، فدفعها للطاعون الذي هو من أهوال الدنيا من باب أولى، خامسها قوله: ( إن المدينة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال ) إنما كان سببه بركته صلى الله عليه وسلم، فكانت الصلاة عليه أيضاً سبباً لرفعه.
42 – الصلاة عليه في كل موضع وفي الأحوال كلها:
روح المجالس ذكره وحديثه * * * * وهـدى لكل متـلذذ حيران
وإذا أخل بذكره في مجلـس * * * * فأولئك الأموات في الحيـان
( الحكاية الأولى ) حكى الشيخ أبو حفص عمر بن الحسن السمرقندي فيما روى عن بعض أستاذيه عن أبيه قال سمعت رجلا في الحرم وهو كثير الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم حيث كان من الحرم والبيت وعرفة ومنى فقلت أيها الرجل إن لكل مقام مقالا فما بالك لا تشتغل بالدعاء ولا بالتطوع ولا بالصلاة سوى انك تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: [ خرجت من خراسان حاجاً إلى البيت وكان والدي معي، فلما بلغنا الكوفة اعتل والدي وقويت عليه العلة فمات، فلما مات غطيت وجهه بإزار ثم غبت عنه، وجئت إليه فكشفت وجهه لأراه فإذا صورته كصورة المتقف، فحين رأيت ذلك عظم عندي وتشوشت بسببه وحزنت حزناً شديداً وقلت في نفسي: كيف أظهر للناس بهذا الحال الذي صار والدي فيه وقعدت عنده مهموماً فأخذتني سنة من النوم فنمت فبينما أنا نائم إذ رأيت في منامي كأن رجلا دخل علينا وجاء إلى عند والدي وكشف عن وجهه فنظر إليه ثم غطاه ثم قال لي: ما هذا الغم العظيم الذي أنت فيه؟ فقلت: وكيف لا أغتم وقد صار والدي بهذه المحنة، فقال: أبشر إن الله قد أزال عن والدك هذه المحنة، قال: ثم كشفت عن وجهه فإذا هو كالقمر الطالع، فقلت للرجل: بالله عليك من أنت فقد كان قدومك مباركاً؟ فقال: أنا المصطفى، فلما قال ذلك فرحت فرحاً عظيماً وأخذت بطرف ردائه فلففته على يدي وقلت بحق الله يا سيدي يا رسول الله إلا أخبرتني بالقصة، فقال: إن والدك آكل الربا وإن من حكم الله عز وجل أن من أكل الربا يحول الله صورته عند الموت كصورة حمار إما في الدنيا وإما في الآخرة، ولكن كان من عادة والدك أن يصلي علي كل ليلة قبل أن يضطجع على فراشه مائة مرة، فلما عرضت له هذه المحنة من أكل الربا جاء الملك الذي يعرض علي أعمال أمتي فأخبرني بحالة والدك، فسألت الله فشفعني فيه. قال: فاستيقظت فكشفت عن وجه والدي فإذا هو كالقمر ليلة بدره، فحمدت الله وشكرته، وجهزته ودفنته وجلست عند قبره ساعة، فبينما أنا بين النائم واليقظان، إذا أنا بهاتف يقول لي: أتعرف بهذه العناية التي حفت والدك ما كان سببها؟ قلت: لا، قال: كان سببها الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فآليت على نفسي أنني لا أترك الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم على أي حال وفي أي مكان كنت.
( حكاية) ونحوه عند ابن بشكوال عن عبد الواحد بن زيد قال: خرجت حاجاً فصحبني رجل، فكان لا يقوم ولا يقعد ولا يذهب ولا يجيء إلا صلى على النبي صلى الله عليه وسلم فقلت له في ذلك، فقال أخبرك عن ذلك: خرجت منذ سنيات إلى مكة ومعي أبي، فلما انصرفنا قِلْنا في بعض المنازل، فبينما أنا نائم إذ أتاني آت فقال لي: قم أمات الله أباك وسود وجهه! قال: فقمت مذعوراً فكشفت الثوب عن وجه أبي فإذا هو ميت أسود الوجه، فدخلني من ذلك رعب، فبينما أنا على ذلك من الغم إذ غلبتني عيناي فنمت فإذا أنا على رأس أبي بأربعة سودان معهم أعمدة من حديد عند رأسه وعند رجليه وعن يمينه وعن شماله، إذ أقبل رجل يمشي حسن الوجه بين ثوبين أخضرين فقال لهم: تنحواْ، فرفع الثوب عن وجهه، فمسح وجهه بيديه ثم أتاني فقال لي: قم فقد بيض الله وجه أبيك، فقلت من أنت بأبي وأمي؟ قال: أنا محمد صلى الله عليه وسلم، فكشفت الثوب عن وجه أبي فإذا هو أبيض الوجه، فأصلحت من شأنه ودفنته.
(حكاية) ومما يقرب من هذه الحكاية ما حكاه سفيان الثوري قال: [ رأيت رجلا من أهل الحج يكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فقلت له: هذا موضع الثناء على الله عز وجل فقال: ألا أخبرك أنني كنت في بلدي ولي أخ قد حضرته الوفاة فنظرته فإذا وجهه قد اسود وتخيلت أن البيت قد أظلم فأحزنني ما رأيت من حال أخي فبينما أنا كذلك إذ دخل علي رجل البيت وجاء إلى أخي، ووجهُ الرجل كأنه السراج المضيء فكشف عن وجه أخي ومسه بيده فزال ذلك السواد وصار وجهه كالقمر فلما رأيت ذلك فرحت، قلت له: من أنت جزاك الله خيراً عما صنعت؟ فقال: أنا ملك موكل بمن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم افعل به هكذا وقد كان أخوك يكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وكان قد حصلت له محنة فعوقب بسواد الوجه ثم أدركه الله عز وجل ببركة صلواته على النبي صلى الله عليه وسلم فأزال عنه ذلك السواد وكساه هذا.
( حكاية ) وروى أبو نعيم وابن بشكوال عن سفيان الثوري أيضاً قال: [ بينما أن حاج إذ دخل على شاب لا يرفع قدماً ولا يضع أخرى إلا وهو يقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد. فقلت له: أبعلمٍ تقول هذا ؟ قال: نعم، ثم قال: من أنت؟ قلت: سفيان الثوري، قال: العراقي، قلت: نعم، قال: هل عرفت الله؟ قلت: نعم، قال: كيف عرفته؟ قلت: بأنه يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل ويصور الولد في الرحم، قال: يا سفيان ما عرفت الله حق معرفته، قلت: وكيف تعرفه؟ قال: بفسخ العزم والهم ونقض العزيمة، هممت ففسخ همتي وعزمت فنقض عزمي فعرفت أن لي رباً يدبرني، قال قلت: فما صلواتك على النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: كنت حاجاً ومعي والدتي فسألتني أن أدخلها البيت ففعلت فوقعت وتورم بطنها واسود وجهها، قال: فجلست عندها وأنا حزين فرفعت يدي نحو السماء فقلت: يا رب هكذا تفعل بمن دخل بيتك؟! فإذا بغمامة قد ارتفعت من قبل تهامة وإذا رجل عليه ثياب بيض فدخل البيت وأَمَر يده على وجهها فابيض وأمر يده على بطنها فابيض فسكن المرض، ثم مضى ليخرج فتعلقت بثوبه فقلت من أنت الذي فرجت عني؟ قال: أنا نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، قلت: يا رسول الله فأوصني، قال : لا ترفع قدماً ولا تضع أخرى إلا وأنت تصلي على محمد وعلى آل محمد صلى الله عليه وسلم ].
قال الإمام الحافظ السخاوي الشافعي في القول البديع: وأما الصلاة في الأحوال كلها ومن تشفع بجاهه صلى الله عليه وسلم، وتوسل بالصلاة عليه، بلغ مراده وأنجح قصده. وقد أفردواْ ذلك بالتصنيف ومن ذلك حديث عثمان بن حنيف وغيره، وهذه من المعجزات الباقية على ممر الدهور والأعوام وتعاقب العصور والأيام، ولو قيل إن إجابات المتوسلين بجاهه عقب توسلهم يتضمن معجزات كثيرة بعدد توسلاتهم لكان أحسن، فلا يطمع حينئذ في عد معجزاته حاصر، فإنه لو بلغ ما بلغ منها حاسر قاصر، وقد انتدب لها بعض العلماء الأعلام فبلغ ألفاً، وايم والله أنه لو أمعن النظر زاد منها آلافاً تلفى، صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً، وحسبك قصة المهاجرة التي مات ولدها ثم أحياه الله عز وجل لما توسلت بجنابه الكريم ]. ويدخل ههنا حديث أبي بن كعب وغيره من الأحاديث السالفة الذكر حيث قال فيها: (إذا تكفى همك ويغفر ذنبك ). وقد تقدم الحديث عن هذا بما فيه الكفاية، ولله الحمد.
انتهى الموضوع والحمد لله وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه وإخوانه وحزبه.
34 – عند الذبيحة: وقد اختلف في هذه المسألة فاستحبها ابن شاقلا والشافعي. قال الشافعي: والتسمية على الذبيحة بسم الله، فإن زاد بعد ذلك شيئا من ذكر الله تعالى فالزيادة خير، ولا إكراه مع تسميته على الذبيحة أن يقول: صلى الله على رسول الله، بل أحبه له، وأحب أن يكثر الصلاة عليه على كل الحالات، لأن ذكر الله بالصلاة عليه إيمان بالله وعبادة له يؤجر عليها إن شاء الله تعالى من قالها.
وقال ابن القيم: أما حديث معاذ بن جبل.. ( موطنان لا حظ لي فيهما عند العطاس والذبح ) أنه لم يثبت لثلاث علل وذكرها.
35 – لمن لم يكن له مال فتجزئ الصلاة عليه عن الصدقة للمعسر: عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أيما رجل لم يكن عنده صدقة فليقل في دعائه: اللهم صل على محمد عبدك ورسولك وصل على المومنين والمومنات والمسلمين والمسلمات، فإنها زكاة ) وقد تقدم ذكر هذا الحديث.
36 – عند النوم: قال أبو الشيخ في كتابه: قال أبو قرصافة سمعت رسول اله صلى الله عليه وسلم يقول: ( من آوى إلى فراشه ثم قرأ تبارك الذي بيده الملك ثم قال: اللهم رب الحل والحرام ورب الركن والمقام، ورب المشعر الحرام، بحق كل آية أنزلتها في شهر رمضان، بلغ روح محمد صلى الله عليه وسلم مني تحية وسلاماً. أربع مرات، وكل الله تعالى الملكين حتى يأتيا محمدا صلى الله عليه وسلم فيقولان له يا محمد إن فلان ابن فلان يقرأ عليك السلام ورحمة الله، فيقول: وعلى فلان مني السلام ورحمة الله وبركاته ) قال السخاوي: رواه أبو الشيخ ومن طريقه الديلمي في مسند الفردوس وكذا الضياء في المختارة وقال: لا أعرف هذا الحديث إلا بهذه الطرق. وهو غريب جدا، وفي رواته من فيه بعض المقال.
37 – عند القيام من النوم وبعد الفراغ من التهجد: قال النسائي في سننه الكبير عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: ( يضحك الله عز وجل إلى رجلين، رجل لقي العدو هو على فرس من أمثل خيل أصحابه فانهزمواْ وثبت، فإن قتل استشهد، وإن بقي فذلك الذي يضحك الله إليه، ورجل قام في جوف الليل، لا يعلم به أحد فتوضأ وأسبغ الوضوء، ثم حمد الله ومجده وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم واستفتح القرآن، فذلك الذي يضحك إليه، يقول: أنظرواْ إلى عبدي قائماً لا يراه أحد غيري ) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: [ من قام من الليل فتوضأ فأحسن الوضوء ثم كبر عشراً وسبح عشراً وتبرأ من الحول والقوة على ذلك ثم صلى على النبي صلى الله عليه وسلم فأحسن الصلاة لم يسأل الله تعالى شيئاً إلا أعطاه الله إياه من الدنيا والآخرة ] أخرجه عبد الملك بن حبيب.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من قرأ القرآن، وحمد الرب، وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، واستغفر ربه، فقد طلب الخير مكانه ) رواه البيهقي في الشعب وفيه أبار بن عياش وهو ضعيف.
38 – عند شم الورد الأحمر: لرواية ذكرها بن عظوم المغربي في تنبيه الأنام: ( من شم الورد الأحمر ولم يصل علي فقد جفاني ).
39 – في شعبان شهر رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الحافظ السخاوي في القـول البديع: فعقد له ابن أبي الصيف الفقيه اليمني في جزء له في فضل شعبان باباً قال فيه: روي عن جعغر الصادق رضي الله عنه أنه قال: [ من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم في شعبان كل يوم سبعمائة مرة يوكل الله تعالى ملائكة ليوصلوها إليه وتفرح روح محمد صلى الله عليه وسلم بذلك ثم يأمر الله أن يستغفرواْ له إلى يوم القيامة ].
ثم قال: وروي عن طاوس اليماني أنه قال سألت الحسن بن علي رضي الله عنهما عن ليلة الصك يعني ليلة النصف من شعبان وعن العمل فيها فقال: [ أنا أجعلها أثلاثاً فثلث أصلي فيه على جدي النبي صلى الله عليه وسلم ائتماراً لأمر الله عز وجل حيث يقول: { يا أيها الذين آمنواْ صلواْ عليه وسلمواْ تسليماً }، وثلث أستغفر الله تعالى فيه مثنى مثنى لقوله تعالى: { وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون }، وثلث أركع فيه وأسجد لقوله تعالى: { واسجد واقترب }. فقلت وما ثواب من فعل ذلك؟ قال سمعت أبي يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من أحيى ليلة الصك كتب من المقربين ) يعني الذين في قوله تعالى: { فأما إن كان من المقربين }. قال السخاوي: ولم أقف له على أصل أعتمده والله أعلم.
40 – في الرسائل وبعد البسملة وعند كتابة الفتيا: أما الصلاة عليه في الرسائل وبعد البسملة من سنة الخلفاء الراشدين أمر بها سيد المرسلين عليه أفضل الصلاة والتسليم. ذكره الحافظ أبو الربيع وغيره عن ردة بني سليم أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كتب إلى طريفة ابن حاجز عامله عليهم: بسم الله الرحمان الرحيم من أبي بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى طرفة بن حاجز سلام عليك فإني أحمد إليك الذي لا إله إلا هو وأسأله أن يصلي على محمد صلى الله عليه وسلم، أما بعد إلى آخر الكتاب. وقد مضى عليه عمل الأمة في أقطار الأرض من أول ولاية بني هاشم ولم ينكر ذلك ومنهم من يختم به الكتاب.
وقال النووي رحمه الله في الروضة من زوائده يستحب عند إرادة الإفتاء أن يستعيذ بالله من الشيطان ويسمي الله تعالى ويحمده ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويقول لا حول ولا قوة إلا بالله ويقول: رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهواْ قولي ...]. واستحبواْ الصلاة عليه عند كتابة الوصية وعند عقد البيع.
41 – عند وقوع الطاعون: نقل ابن أبي حجلة عن ابن خطيب يبرود أن رجلا من الصالحين أخبره أن كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تدفع الطاعون وقال أعني ابن حجلة أنه تلقى ذلك بالقبول وأنه جعل في كل حين يقوم يقول: [ اللهم صل على محمد وعلى آل محمد صلاة تعصمنا بها من الأهوال والآفات وتطهرنا بها من جميع السيئات ] ثم استدل على أصل المسألة بأمور خمسة أحدها: قوله في الحديث: ( إذا تكفى همك )، وثانيها: قوله في قصة الجمل المسروق: ( نجوت من عذاب الدنيا والآخرة )، وثالثها: [ أن الصلاة من الله رحمة وأما الطاعون فهو وإن كان في حق المومنين شهادة ورحمة فقد كان في الأصل رجز وعذاب والرحمة والعذاب ضدان فلا يجتمعان ]، رابعها: قوله في الحديث: ( إن أنجاكم من أحوالها ومواطنها يوم القيامة أكثركم علي صلاة في الدنيا ) فإذا كانت تدفع أهوال يوم القيامة، فدفعها للطاعون الذي هو من أهوال الدنيا من باب أولى، خامسها قوله: ( إن المدينة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال ) إنما كان سببه بركته صلى الله عليه وسلم، فكانت الصلاة عليه أيضاً سبباً لرفعه.
42 – الصلاة عليه في كل موضع وفي الأحوال كلها:
روح المجالس ذكره وحديثه * * * * وهـدى لكل متـلذذ حيران
وإذا أخل بذكره في مجلـس * * * * فأولئك الأموات في الحيـان
( الحكاية الأولى ) حكى الشيخ أبو حفص عمر بن الحسن السمرقندي فيما روى عن بعض أستاذيه عن أبيه قال سمعت رجلا في الحرم وهو كثير الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم حيث كان من الحرم والبيت وعرفة ومنى فقلت أيها الرجل إن لكل مقام مقالا فما بالك لا تشتغل بالدعاء ولا بالتطوع ولا بالصلاة سوى انك تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: [ خرجت من خراسان حاجاً إلى البيت وكان والدي معي، فلما بلغنا الكوفة اعتل والدي وقويت عليه العلة فمات، فلما مات غطيت وجهه بإزار ثم غبت عنه، وجئت إليه فكشفت وجهه لأراه فإذا صورته كصورة المتقف، فحين رأيت ذلك عظم عندي وتشوشت بسببه وحزنت حزناً شديداً وقلت في نفسي: كيف أظهر للناس بهذا الحال الذي صار والدي فيه وقعدت عنده مهموماً فأخذتني سنة من النوم فنمت فبينما أنا نائم إذ رأيت في منامي كأن رجلا دخل علينا وجاء إلى عند والدي وكشف عن وجهه فنظر إليه ثم غطاه ثم قال لي: ما هذا الغم العظيم الذي أنت فيه؟ فقلت: وكيف لا أغتم وقد صار والدي بهذه المحنة، فقال: أبشر إن الله قد أزال عن والدك هذه المحنة، قال: ثم كشفت عن وجهه فإذا هو كالقمر الطالع، فقلت للرجل: بالله عليك من أنت فقد كان قدومك مباركاً؟ فقال: أنا المصطفى، فلما قال ذلك فرحت فرحاً عظيماً وأخذت بطرف ردائه فلففته على يدي وقلت بحق الله يا سيدي يا رسول الله إلا أخبرتني بالقصة، فقال: إن والدك آكل الربا وإن من حكم الله عز وجل أن من أكل الربا يحول الله صورته عند الموت كصورة حمار إما في الدنيا وإما في الآخرة، ولكن كان من عادة والدك أن يصلي علي كل ليلة قبل أن يضطجع على فراشه مائة مرة، فلما عرضت له هذه المحنة من أكل الربا جاء الملك الذي يعرض علي أعمال أمتي فأخبرني بحالة والدك، فسألت الله فشفعني فيه. قال: فاستيقظت فكشفت عن وجه والدي فإذا هو كالقمر ليلة بدره، فحمدت الله وشكرته، وجهزته ودفنته وجلست عند قبره ساعة، فبينما أنا بين النائم واليقظان، إذا أنا بهاتف يقول لي: أتعرف بهذه العناية التي حفت والدك ما كان سببها؟ قلت: لا، قال: كان سببها الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فآليت على نفسي أنني لا أترك الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم على أي حال وفي أي مكان كنت.
( حكاية) ونحوه عند ابن بشكوال عن عبد الواحد بن زيد قال: خرجت حاجاً فصحبني رجل، فكان لا يقوم ولا يقعد ولا يذهب ولا يجيء إلا صلى على النبي صلى الله عليه وسلم فقلت له في ذلك، فقال أخبرك عن ذلك: خرجت منذ سنيات إلى مكة ومعي أبي، فلما انصرفنا قِلْنا في بعض المنازل، فبينما أنا نائم إذ أتاني آت فقال لي: قم أمات الله أباك وسود وجهه! قال: فقمت مذعوراً فكشفت الثوب عن وجه أبي فإذا هو ميت أسود الوجه، فدخلني من ذلك رعب، فبينما أنا على ذلك من الغم إذ غلبتني عيناي فنمت فإذا أنا على رأس أبي بأربعة سودان معهم أعمدة من حديد عند رأسه وعند رجليه وعن يمينه وعن شماله، إذ أقبل رجل يمشي حسن الوجه بين ثوبين أخضرين فقال لهم: تنحواْ، فرفع الثوب عن وجهه، فمسح وجهه بيديه ثم أتاني فقال لي: قم فقد بيض الله وجه أبيك، فقلت من أنت بأبي وأمي؟ قال: أنا محمد صلى الله عليه وسلم، فكشفت الثوب عن وجه أبي فإذا هو أبيض الوجه، فأصلحت من شأنه ودفنته.
(حكاية) ومما يقرب من هذه الحكاية ما حكاه سفيان الثوري قال: [ رأيت رجلا من أهل الحج يكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فقلت له: هذا موضع الثناء على الله عز وجل فقال: ألا أخبرك أنني كنت في بلدي ولي أخ قد حضرته الوفاة فنظرته فإذا وجهه قد اسود وتخيلت أن البيت قد أظلم فأحزنني ما رأيت من حال أخي فبينما أنا كذلك إذ دخل علي رجل البيت وجاء إلى أخي، ووجهُ الرجل كأنه السراج المضيء فكشف عن وجه أخي ومسه بيده فزال ذلك السواد وصار وجهه كالقمر فلما رأيت ذلك فرحت، قلت له: من أنت جزاك الله خيراً عما صنعت؟ فقال: أنا ملك موكل بمن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم افعل به هكذا وقد كان أخوك يكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وكان قد حصلت له محنة فعوقب بسواد الوجه ثم أدركه الله عز وجل ببركة صلواته على النبي صلى الله عليه وسلم فأزال عنه ذلك السواد وكساه هذا.
( حكاية ) وروى أبو نعيم وابن بشكوال عن سفيان الثوري أيضاً قال: [ بينما أن حاج إذ دخل على شاب لا يرفع قدماً ولا يضع أخرى إلا وهو يقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد. فقلت له: أبعلمٍ تقول هذا ؟ قال: نعم، ثم قال: من أنت؟ قلت: سفيان الثوري، قال: العراقي، قلت: نعم، قال: هل عرفت الله؟ قلت: نعم، قال: كيف عرفته؟ قلت: بأنه يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل ويصور الولد في الرحم، قال: يا سفيان ما عرفت الله حق معرفته، قلت: وكيف تعرفه؟ قال: بفسخ العزم والهم ونقض العزيمة، هممت ففسخ همتي وعزمت فنقض عزمي فعرفت أن لي رباً يدبرني، قال قلت: فما صلواتك على النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: كنت حاجاً ومعي والدتي فسألتني أن أدخلها البيت ففعلت فوقعت وتورم بطنها واسود وجهها، قال: فجلست عندها وأنا حزين فرفعت يدي نحو السماء فقلت: يا رب هكذا تفعل بمن دخل بيتك؟! فإذا بغمامة قد ارتفعت من قبل تهامة وإذا رجل عليه ثياب بيض فدخل البيت وأَمَر يده على وجهها فابيض وأمر يده على بطنها فابيض فسكن المرض، ثم مضى ليخرج فتعلقت بثوبه فقلت من أنت الذي فرجت عني؟ قال: أنا نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، قلت: يا رسول الله فأوصني، قال : لا ترفع قدماً ولا تضع أخرى إلا وأنت تصلي على محمد وعلى آل محمد صلى الله عليه وسلم ].
قال الإمام الحافظ السخاوي الشافعي في القول البديع: وأما الصلاة في الأحوال كلها ومن تشفع بجاهه صلى الله عليه وسلم، وتوسل بالصلاة عليه، بلغ مراده وأنجح قصده. وقد أفردواْ ذلك بالتصنيف ومن ذلك حديث عثمان بن حنيف وغيره، وهذه من المعجزات الباقية على ممر الدهور والأعوام وتعاقب العصور والأيام، ولو قيل إن إجابات المتوسلين بجاهه عقب توسلهم يتضمن معجزات كثيرة بعدد توسلاتهم لكان أحسن، فلا يطمع حينئذ في عد معجزاته حاصر، فإنه لو بلغ ما بلغ منها حاسر قاصر، وقد انتدب لها بعض العلماء الأعلام فبلغ ألفاً، وايم والله أنه لو أمعن النظر زاد منها آلافاً تلفى، صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً، وحسبك قصة المهاجرة التي مات ولدها ثم أحياه الله عز وجل لما توسلت بجنابه الكريم ]. ويدخل ههنا حديث أبي بن كعب وغيره من الأحاديث السالفة الذكر حيث قال فيها: (إذا تكفى همك ويغفر ذنبك ). وقد تقدم الحديث عن هذا بما فيه الكفاية، ولله الحمد.
انتهى الموضوع والحمد لله وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه وإخوانه وحزبه.
رد: الصلاة عـلى النبي صلى الله عليه وسلم
وبارك الله فيك على هذااا الخير ان شاء الله نستفيذ منه كما يجب
مواضيع مماثلة
» محبة النبي- صلى الله عليه وسلم-
» من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم
» النبي - صلى الله عليه وسلم- زوجاً
» قصص رواها النبي صلى الله عليه وسلم
» *صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم*بالصور* هام
» من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم
» النبي - صلى الله عليه وسلم- زوجاً
» قصص رواها النبي صلى الله عليه وسلم
» *صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم*بالصور* هام
الصويرة مدينتنا ESSAOUIRA Notre Ville :: صور ومقاطع فيديو :: صورIMAGE :: قسم للمقترحات الجديدة والشكاوي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 8 نوفمبر - 8:48 من طرف سماسيمو
» شركة تصميم وتركيب كوارتزو كوريان رخام صناعى مطابخ - خصم 15 % - الديب ماربل
الخميس 7 نوفمبر - 16:21 من طرف nadia
» طاولات رخام وجرانيت - الديب ماربل
الخميس 7 نوفمبر - 15:57 من طرف nadia
» شاومي و احدث هواتفها Xiaomi Redmi 14C
الخميس 7 نوفمبر - 15:55 من طرف omnia10
» شركة جلى بلاط بالقاهرة - تلميع بلاط باهت - الديب
الخميس 7 نوفمبر - 15:42 من طرف nadia
» احدث هواتف انفينكس Infinix Hot 50
الخميس 7 نوفمبر - 15:40 من طرف omnia10
» مقابر الفيوم مسجلة بالشهر العقاري - أفضل الأسعار - شركة الحرمين
الخميس 7 نوفمبر - 15:39 من طرف ندا عمر
» افضل الهواتف من اوبو Oppo A3x
الخميس 7 نوفمبر - 15:31 من طرف omnia10
» شركة تركيب مطابخ رخام وجرانيت - باسينز مارت
الخميس 7 نوفمبر - 15:27 من طرف nadia
» مقابر طريق الواحات 20% خصم - شركة الحرمين
الخميس 7 نوفمبر - 15:23 من طرف ندا عمر
» سامسونج Samsung Galaxy A16
الخميس 7 نوفمبر - 15:22 من طرف omnia10
» شاور رخام اشكال متنوعة - باسينز مارت
الخميس 7 نوفمبر - 15:14 من طرف nadia
» موبي برايس ماركات الموبايلات
الخميس 7 نوفمبر - 15:13 من طرف omnia10
» مقابر وادى الراحة مضمونة 100% - شركة الحرمين
الخميس 7 نوفمبر - 15:10 من طرف ندا عمر
» افضل شركة تنظيف منازل بالكويت باقل الاسعار
الخميس 7 نوفمبر - 15:01 من طرف omnia10
» افضل شركة شراء و بيع اثاث مستعمل بالكويت
الخميس 7 نوفمبر - 14:51 من طرف omnia10
» مقابر للبيع طريق العين السخنة 20% خصم - شركة الحرمين لبيع وبناء المقابر
الخميس 7 نوفمبر - 14:49 من طرف ندا عمر
» كراتين للبيع بالكويت- افضل انواع الكراتين
الخميس 7 نوفمبر - 14:38 من طرف omnia10
» مقابر القاهرة الجديدة للبيع بمساحات مختلفة - شركة الحرمين لبيع وبناء المقابر
الخميس 7 نوفمبر - 14:26 من طرف ندا عمر
» افضل صباغ بالكويت
الخميس 7 نوفمبر - 14:14 من طرف omnia10