ملاك

كانت طفلة صغيرة، جميلة الوجه، عيناها بحر من البراءة، دائما كنت تراها تدلس قرب سور منزلها الريفي، تشاهد هؤلاء الصبية يلعبون الكرة هنا، و الفتيات هناك يقفزن على الحبل، لم تتجرأ أبدا أن تتقدم خطوة نحوهم كانت تخاف من الكل، شيء ما بداخلها يحذرها من الآخرين كلمات أمها وهي تحذر و تصرخ "إياك و الآخرين"لم تحدد للفتاة الصغيرة من هم الآخرون، جعلتها تبتعد عن الكل.
في كل أمسية من ليلة السبت، تذهب عائلة ملاك (الطفلة اسمها ملاك)، إلى منزل العم "فراس" لتناول العشاء، كانت الجميلة ملاك لا تحب ذلك الرجل، لم تكن تكرهه حتى، بل كانت تخافه... كانت تناديه في داخلها الأقرع فراس...كانت المسكينة مجبرة على الاستماع إلى أحاديث الكبار المملة، و تفا هات العم الكريه..كانت ترفض دائما مرافقته إلى محرفه القديم، حيث يضع كل أدواته الغير الصالحة للاستعمال..

و مــــرت السنين

دخلت المستشفى كعادتي، كنت أظنه كباقي الأيام....
بينما أتفقد المرضى، مرضاي النفسانيين، أو المجانين كما يسموهم ذوو العقول المريضة، رأيت شابة، و يالها من فتاة، شعر أسود منسدل على الجبين و خصلات منسابة على أطراف الوجه، شيء ما بداخلي دفعني للتقرب منها، ليس دافعا مهنيا، لا أدري ما هو،،، اقتربت منها بحذر، رفقت رأسها، و يا ليتني لم أفعل، إنا تجلس في ركن الغرفة وحيدة، بعيدة عن كل المرضى... منعزلة خائفة.. عيناها بحر من الحزن و الخوف، إنها ملاك، لكن الآن أراها شبح ملاك.


أمسكت بيدها، و أخذتها معي إلى مكتبي، تبعتني لم ترفض، أخرجت علبة شوكولاطة من درج مكتبي، أعطيتها قطعة، نظرت إليها طويلا، ثم نظرت إلي.. فارتمت المسكينة في حضني و هي تئن، نعم تذكرتني،ذكرتها قطعة الشوكولاطة بي، عندما كانت صغيرة، أمر أمامها، و أضع قربها واحدة، و أراقبها من بعيد، فأراها تأكلها... لم تكن تخافني ...
سألتها لما هي هنا، لم تستطع الكلام، أو حتى البكاء، فقط أنين يخرج من صدرها، و ارتعش يلف جسدها، كل ما استطاعت أن تفعله، أنها أخذت ورقة و قلم، رسمت طفلة جميلة ذات شعر طويل منسدل على ظهرها، و جسدا نحيفا، ذو وجه شيطاني، و رأس أقرع، و مرآة محطمة بين رجلي الطفلة البريئة...
ضممتها إلي بقوة..و تذكرتني عندما كنت طفلة صغيرة.....

شكرا جزيلا لفاطمة الزهراء بنت مدينتي

قلم رائع بل كلماتكي اروع وتعبير جميل

كم نحن في حاجة الى مثل هذه المشاركات اختي

تحية لكي

بالتوفيق

شكرا جزيلا لفاطمة الزهراء
تحية لكي

بالتوفيق