المطالبة بتوحيد قوة محركات سيارات الفورمولا

لفت في كل مرة ولدت فيها بطولة جديدة في عالم سباقات السيارات الأحادية المقعد خلال الأعوام القريبة الماضية، أن القيمين اعتمدوا قاعدة مشتركة ترتكز على تزويد كل السيارات بالمحرك نفسه، وذلك لخلق أكبر قدر ممكن من الإثارة، حيث يحصل السائقون على الأفضلية عبر مهاراتهم الشخصية أو الاستراتيجيات التي تعتمدها فرقهم.
هذه الخطوة طبقت في بطولات ناشئة أمثال "أي وان غران بري" وحديثاً "سوبر ليغ فورمولا"، وقد بدا واضحاً في البطولة الأولى تأثير قدرات السائق والاستراتيجيات والتعديلات المعلوماتية على النتائج، والدليل فوز ثلاثة بلدان مختلفة باللقب في المواسم الثلاثة للبطولة.
طبعا، أصاب القيمون على البطولات الجديدة باعتماد هذا المبدأ لأنها تحتاج أصلاً الى الاثارة لجذب انتباه المتابعين، وخصوصاً أولائك الذين ينجذبون إلى سباقات فورمولا وان دون سواها، وقد أشارت الإحصاءات في الفترة الأخيرة إلى أن هذا الجمهور يشتكي من "تكبيل" بطولة الفئة الأولى بالقوانين الكثيرة التي غيبت العديد من جوانب الإثارة، وقد برز تصريح انطوني هاميلتون والد سائق ماكلارين مرسيدس لويس هاميلتون تعليقاً على إنزال عقوبة بحق نجله بسبب طريقة تجاوزه لسائق فيراري بطل العالم الفنلندي كيمي رايكونن في جائزة بلجيكا الكبرى قبل أسبوعين، إذ قال يبدو أن المسؤولين عن فورمولا وان يريدون فقط أن تتبع السيارات بعضها في صف منتظم من دون دخول السائقين في مواجهات مثيرة.
أفكار ثورية

إلا أن القضية الآن لا تنحصر في الموضوع المذكور فقط بل ظهرت أفكار ثورية لإحداث نقلة نوعية في فورمولا وان انطلاقاً من حقائق ملموسة تراكمت مع السنوات وبدت القاسم المشترك في شكل المواسم المتلاحقة، ونعني هنا بالقول الفارق الشاسع بين مستوى الفرق التي أضحت مقسومة إلى ثلاثة مستويات: الأول يضم ثنائي المقدمة لا ثالث ينافسهما، والثاني يجمع الفرق التي تحدث المفاجآت مستفيدة من تعثر فريقي الصف الاول، والثالث يضم اولئك الذين ينشدون حصد اكبر عدد من النقاط في الموسم الطويل.
ولا شك في أن قراءة سريعة للمواسم القريبة الماضية وللموسم الحالي، توضح أن المنافسة على لقبي السائقين والصانعين كانت ثنائية فقط، إذ تحول الصراع مثلا من مواجهة بين رينو وفيراري إلى منازلة مشابهة بين الأخير وماكلارين مرسيدس، وسط ابتعاد هذه الفرق بفارق فني كبير عن المنافسين الآخرين، الذين انتظروا فرصاً قليلة لتعثر سائقي المقدمة من أجل الحصول على فتات النقاط أو تحقيق انجاز مفاجئ تماماً كما فعل الألماني سيباستيان فيتيل سائق "سكوديريا تورو روسو" المزودة أصلاً بمحرك من صناعة حظيرة "الحصان الجامح".
وأثار فوز فيتيل زوبعة من الإثارة والحماسة على حلبة مونزا وفي عالم فورمولا وان بشكل عام، ما غذى فكرة ثورية يناقشها البعض في الكواليس وهي توحيد قوة السيارات لجعل فرص الفوز اكبر أمام الفرق التي قد يدفع اليأس بعضها إلى ترك الحلبات في ظل عدم استطاعتها تحمل النفقات الهائلة المترتبة من دون الحصول على عائد موازن كون الانتصارات ودخول نادي النقاط بشكل دوري يبدوان بعيدين عنها.
اختلاف الإمكانيات

ومعلوم أنه في مركزي فيراري وماكلارين مرسيدس مثلاً يعمل المهندسون كخلية النحل طوال السنة، في سباق لتزويد فريقيهما بأحدث ما توصلوا إليه في التكنولوجيا والمعلوماتية عشية كل موسم جديد، بينما تبقى غالبية الفرق الأصغر منتظرة لشراء "التقنية القديمة" التي استغنت عنها الحظائر الكبرى، ويمكن لمس هذا الأمر في "تورو روسو" المزود من فيراري، مقابل تزويد رينو لشقيقه "ريد بول رايسينغ".
وتشير التوقعات الآن إلى أن عددا لا يستهان به من الفرق المنافسة في الوقت الحالي تخشى أن يكون مصيرها الإفلاس كما حصل مع فريق "سوبر أغوري" الياباني مطلع الموسم الحالي، ما أجبره على الانسحاب، وقد أبدت هذه الفرق امتعاضها من عدم قدرتها على مواكبة التطور الذي قد يجعل غالبيتها بعيدا عن حلبات الفئة الأولى عام 2013 في حال لم تتبدل القوانين الحالية.
سلبيات ضعف المحركات

ومن السلبيات الناتجة عن ضعف محركات الفرق عدم قدرتها على استقطاب سائقي الصف الأول الذين يجذبون بدورهم الرعاة والممولين، والمثال الملموس على هذا الموضوع ما صارح به بطل العالم مرتين فرناندو الونسو بأن قرار مسألة بقائه مع فريقه رينو من عدمها سيستند على مدى التطور الذي يمكن أن يدخله المهندسون إلى محرك السيارة الفرنسية، كون الإسباني يريد العودة إلى دائرة المنافسة على اللقب، وهو أمر يستحيل أن يجده على متن سيارة ضعيفة.
وفي مختلف الأحوال، إذا استطاع الاتحاد الدولي لرياضة السيارات "فيا" اتخاذ قرارات استثنائية تبدل من صورة سباقات الفورمولا واحد، ستكون الايجابيات كثيرة بنظر بعض الفرق الصغيرة لأنها ستقلل من حجم التكاليف، وحتى أيضاً بنظر تلك الكبيرة نها التي ترتقي سلم التطور بقدر ما ترهق