أهالي أحياء الانتحاريين بالدار البيضاء يجهرون برفضهم للإرهاب

أهالي أحياء الانتحاريين بالدار البيضاء يجهرون برفضهم للإرهاب

2008-10-23

أعاد النطق بالحُكم في حق 50 متهما في القضية الإرهابية لخلية عبد الفتاح الرايضي إلى الذاكرة تفجيرات الدار البيضاء عامي 2003 و2007. فقد سعى العديد من الأهالي من قاطني أحياء الإرهابيين إلى محو تلك الصورة السلبية التي ارتبطت بأحيائهم في وسائل الإعلام.

أعد المقال والصور مواسي الحسن من الدار البيضاء لمغاربية- 23-10-08

"المغرب لنا وليس للإرهاب" هذا ما كتبه أطفال في حي الباريو بتطوان على جدرانه.

أعاد انتهاء محاكمة الخلية الإرهابية، المعروفة باسم "خلية عبد الفتاح الرايضي"، الشهيرة في الأسبوع الماضي لأذهان المغاربة ذكرى الأحداث الإرهابية المروعة التي وقعت في الدار البيضاء خلال مايو 2003 ومارس وأبريل من 2007. لكن سكان أكثر الأحياء فقرا في البلاد يعتبرون المحاكمة تعود عليهم بمزيد من الألم لأنها تُذكرهم بارتباط هذه الأحياء بإرهابيين مثل الرايضي.

وبلغ مجموع سنوات الحبس التي حكمت بها محكمة الإرهاب يوم الخميس الماضي 16 أكتوبر على المتهمين البالغ عددهم 50 رجلا وامرأة نحو 260 سنة. وتراوحت الأحكام التي صدرت في حق أفراد الخلية بين البراءة لأربعة متهمين، وأحكام بالحبس النافذ لمدد تتراوح بين سنتين و30 سنة في حق 46 متهما، وحكم بالحبس سنتين مع وقف التنفيذ في حق امرأة مراعاة لوضعها بعد أن وضعت طفلا في السجن خلال فترة الاعتقال الاحتياطي.

وترتبط هذه الخلية بعبد الفتاح الرايضي الذي سبق أن اعتقل على خلفية تفجيرات 16 مايو 2003 في الدار البيضاء، وقام بتفجير نفسه في نادي للانترنيت بعد إطلاق سراحه، في مارس 2007.

ويشعر سكان حي دوار السكويلة الهامشي، الذي ينحدر منه عبد الفتاح الرايضي، بكثير من الأسى والضيم لربط حيهم بالأحداث الإرهابية بسبب انحدار عدد من الانتحاريين الذين شاركوا في تنفيذ تفجيرات الدار البيضاء عام 2003 من هذا الحي، وإصرار وسائل الإعلام على وصفه بحي الانتحاريين.

واعترض عبد اللطيف، وهو بائع سجائر في دوار السكويلة، مصور مغاربية، ونهره على أخذ الصور للبيوت الصفيحية البئيسة، وقال بنبرة فيها الكثير من الغضب والحنق "أعرف لم أنتم هنا، لأن المحكمة قد أدانت أصحاب عبد الفتاح الرايضي، وجئتم لتصوروا حي الانتحاريين".

وأضاف عبد اللطيف "لماذا كلما ذكروا الإرهاب في التلفزيون تأتون لأخذ صورنا وكأننا كلنا إرهابيون مستعدون لتفجير أنفسنا. اتركونا في حالنا".

ويأسف سكان حي السكويلة لتصنيف الإعلام لحيهم بحي الإرهابيين.

السيدة عائشة التي تقطن الحي منذ ولادتها في سنة 1959 لا تستطيع أن تفهم ما الذي يدفع الشباب إلى الإرهاب. وتقول "لا أتصور كيف يمكن لشاب في مقتبل العمر أن يقبل بتفجير نفسه لقتل الآخرين ولو منحوه كل مال الدنيا."

وأضافت "هذا حرام، لقد حرم ربنا القتل، وحرام أن يقتل الإنسان نفسه، وما فعلوه لا علاقة له بالدين. أعتقد أنهم قد غرر بهم". ليس سكان دوار السكويلة وحدهم الذين يشعرون بالظلم بسبب نظرة الناس إليهم منذ تفجيرات الدار البيضاء. ففي مدينة تطوان التي تم فيها تفكيك شبكات تجنيد الانتحاريين وإرسالهم للعراق يحس السكان بنفس الشعور.

ويقول حلحول عبد الحميد من سكان حي الباريو الشعبي في تطوان "لقد أصبت بصدمة كبيرة بسبب الطريقة التي تعاملت بها وسائل الإعلام مع حدث تفكيك الشبكات الإرهابية في تطوان".

وأضاف "كل عناوين الأخبار بدأت تتحدث عن تطوان على أنها وكر ومرتع للخلايا الإرهابية، وأن كل الشباب في تطوان يتوقون إلى الجهاد وتفجير أنفسهم في العراق. هذا ظلم كبير".

وعبر الأطفال في حي الباريو الشعبي بمدينة تطوان عن رفضهم للإرهاب عبر كتابة شعارات ورسوم مناهضة للإرهاب على جدران بعض البيوت.

وقال الباحث السوسيولوجي المغربي محمد العيادي لموقع مغاربية إن الإنتماء للأحياء الهامشية لا يمكن اعتباره خاصية محددة للإرهابيين. وأضاف أن "التركيبة الإجتماعية للخلايا التي تم تفكيكها في المغرب والخارج تبين أن ممارسة الإرهاب ليست مقتصرة على سكان الأحياء الهامشية والفقيرة".

وأضاف "بالعكس من ذلك، فإن الرؤوس المدبرة للإرهاب غالبا ما تنتمي إلى الفئات الميسورة من المجتمع. غير أن الوضعية الإجتماعية الهشة وحالة الفقر المدقع لسكان الأحياء الهامشية يسهل على الآخرين استقطابها واستعمالها كحطب لتنفيذ أعمالهم الإجرامية".

لا يمكن اعتبار الإقامة في أحياء الصفيح صفة مميزة للإرهابيين حسب قول الباحث الاجتماعي محمد العيادي

لذا يرى محمد العيادي أنه من أجل وضع حد للإرهاب على نحو فعال قال العيادي إنه يجب الإهتمام بالأوضاع الإجتماعية لسكان هذه الأحياء ووضع برامج جدية لإدماجهم في المجتمع وتحسين ظروف عيشهم.

وأشاد العيادي بالتدابير التي اتخذها المغرب مؤخرا من أجل صيانة المجال الديني من النزعات الداعية للإرهاب والأفكار المتطرفة. لكن العيادي يتوقع أن هذه السياسة لن يكون لها تاثير كبير على توسع الظاهرة الإرهابية التي تعتمد على قنوات أخرى غير القنوات الرسمية لتمرير خطابها.

فقد تبين دور العلاقات الشخصية بين عدد من المتهمين في قضية الرايضي الذين ينتمون إلى نفس الأسرة.

ولقد تمكنت أجهزة الأمن المغربية منذ 2005 من تفكيك أزيد من 15 خلية إرهابية أبرزها خلايا "قاعدة الجهاد في الغرب الإسلامي"، و"قاعدة الجهاد العربي"، و"أنصار المهدي"، و"جيش التحرير الإسلامي"، وخلية "بلعيرج".

وجدير بالذكر أن محاكمة خلية بلعيرج تجري حاليا في محكمة القضايا الإرهابية بمدينة سلا.